أين أرقامها؟!
بقلم : ريم عبيدات ... 26.10.2010
ملتاعة دوماً بأزمات الدنيا، كل الدنيا . وحاملة أبداً لجرحها في ظروف الرفاه وفي ظروف العوز . . وهي المنسية في أفراح الأمم والمدعوة دوماً في أحزانها . ومطرودة من الجنة حين تزهر الأشجار، ومطلوبة أولى وأحياناً وحيدة للعمل حين تتكسر تلك الأشجار، فلا التنمية أنصفتها ولا الحاجة رحمتها، متشظية دوماً في العوز أو في الرفاه .
لا تتأثر حياتها بالشروق كثيراً إذا ما وصل معدل النماء الاقتصادي إلى أعلى معدلاته، بل يسلبها ذلك أدوات التحقق، وينفيها من الحياة العامة والتأثير، بذريعة انتفاء الحاجة، والمقولة الأبدية عن الأولوية المنزلية، ولا تتورع معدلات النمو الهزيلة عن سحقها والافتئات على فرصتها، لصالح سد الرمق، وتحقيق الحدود الدنيا من الحياة فيما تواصل العقبات المختلفة التداعي على رأسها .
وحسب تقارير التنمية العربية، وبالذات الرابع الذي تصدى لدراسة تفاصيل واقع المرأة في منطقتنا، إشارات عدة لشيء من التقدم المحرز في عدد من وجوه الحالة الأنثى، كحالة التحسن النسبية في عدد من قوانين الأحوال الشخصية كحقي الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية التي أفسحت المجال أمام عدد من النساء لتولي مناصب برلمانية وتشريعية كما وزارية أيضاً . ولكن هل يمكن التعاطي مع هذه الزاوية المربكة للاحتفاء بحالة تقدم المرأة بصورة جادة وحقيقية؟
صحيح أن معظم الحكومات العربية أقدمت على تعيين نساء في مناصب وزارية، وفرضت نظام “الكوتا” حلاً لمشكلة إحجام الناخب العربي عن انتخاب وترشيح النساء . لكن ذلك لم يترافق مع نظرة شمولية مؤسسية لتنمية المرأة بصورة عميقة وجادة . كالعمل على الأسئلة الاجتماعية المعقدة، والبناءات التربوية المعمقة للمجتمع وما أفرزته من تخلف في أوضاع النساء جر المنطقة بأسرها إلى أتون متواصل من الخيبات .
فأين هي مثلاً أرقام البطالة والعمالة التي تأتي على المزيد من النساء تهميشاً وإفقاراً ونفياً؟ وأين هي أرقام الطلاق والعزوبية المرتفعة وانعكاسات ذلك الفائقة للألم؟ وأين هي أرقام التعليم وخباياه الكثيرة؟
فمعدلات الأمية بين النساء في الوطن العربي هي من أعلى النسب عالمياً - وإن لم تحرم النساء مباشرة فهناك حرمانات أخرى كثيرة تتمثل في أنماط التعليم، وأماكنه وسوياته واختصاصاته .
الإشكالية في قضايا المرأة في هذا الإقليم تتكثف في فجوة مروعة بين مكتسباتها ومنجزاتها من جهة وبين نظيراتها في مناطق أخرى من العالم، ليعد بالمزيد من التهميش لها ولمنتجاتها التي هي المجتمع بأسره، فهل سيظل هذا المجتمع بأسره يمارس على نفسه عنفاً مباشراً ومضاداً؟
www.deyaralnagab.com
|