ما الذي قتلته حماس في غزة؟!
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 02.08.2011
في وضح النهار، ودون رحمة أو سابق إنذار، أطلقت حركة حماس النار على العشائرية في قطاع غزة، وقامت بتصفية النعرة العائلية التي استشرت بين صفوف شعبنا فترة من الزمن، لقد ماتت برصاص حركة حماس تلك القبلية المقيتة؛ التي وجدت من يعززها بين الناس في فترات خلت، ووجدت من يبعثها من رقادها لهدف في نفس يعقوب، حتى صارت كل أسرة صغيرة في قطاع غزة مكونة من عشرين فرداً أو أقل، يطلقون على أنفسهم (آل) تمشياً مع الوضع السائد بين الناس، وتعظيماً للشأن العائلي على حساب وحدة المجتمع والعقيدة، وتمهيداً للتمزق المقيت على حساب وحدة الوطن!.
لقد ظل شأن العائلات يتعاظم في قطاع غزة حتى وصل إلى حد الاشتباكات العسكرية المسلحة بين بعض العائلات، بل راحت بعض العائلات تجمع السلاح، وتحشد الرجال لبعضها البعض، وتقوم بالتدريبات العسكرية لبعضها البعض، وتعبئ الأجيال الشابة على الحقد والكراهية للعائلة الأخرى، حتى صار مألوفاً سقوط الأبرياء ضحايا من جراء المعارك التي تدور بين عائلة س وعائلة ص، لقد مثلت العائلية تاريخاً مخزياً، ينم على فعل مؤسسة سياسية فلسطينية لا تفكر في وطن مغتصب، ولا يشغلها مصير أرض محتلة، بمقدار ما كانت تفكر في دوام سيطرتها، وبسط هيمنتها، وفرض سيادتها على رقاب العباد.
لم ينس أهل غزة ذلك، يذكرونه بمرارة حزينة، وهم يتابعون مستجدات الحدث على الساحة الفلسطينية، ويحمدون الله على خلاصهم، وعبورهم من زمن الجاهلية السياسية إلى زمن الإسلام السياسي، حين صار الولاء لله والوطن فوق كل ولاء، وصار الانتماء لفلسطين أكبر من كل انتماء، هذه الفضلى غير المرئية والمحسوسة قد تكون من روائع الحياة في قطاع غزة، إلى الحد الذي ارتقى فيه الناس في حل خلافاتهم، وإنهاء مشاكلهم باللجوء إلى الشرطة، والركون إلى المحاكم المدنية لفض النزاعات، ولم يعد المواطن بحاجة إلى فزعة عائلية، كي يحفظ حقوقه، ويصون ممتلكاته، ويردع كارهيه، لقد كبرت عائلة الوطن في عهد حركة حماس حتى صارت حية موسى التي ابتلعت جميع الحيات.
أسجل هذه المأثرة للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، وأنا أتابع عمل جهاز الشرطة، وقد أكد لي مدير مركزها في خان يونس عملياً: أن لا فرق بين عربي في التعامل وبين أعجمي إلا بإبراز الحق، والعمل الصالح، وتقوى الله.
www.deyaralnagab.com
|