من ألعابنا الشعبية في البادية!!
بقلم : موسى الحجوج ... 14.10.2010
البادية من أروع وأجمل ارض الله في هذه المعمورة ,لها نكهتها الخاصة بها ولها ذلك الجمال الطيب الحنون الذي لا يشعر به احد إلا من عاش سحر الصحراء وأصالتها وطيبها.والألعاب الشعبية في البادية هي العاب توارثها الأبناء عن الأجداد وانتقلت من جيل لأخر , والألعاب هي جزء هام من ذكريات الطفولة العذبة حيث ربطت وكونت علاقات اجتماعية متينة قوية الرباط بيننا نحن الأطفال الذين عشنا تلك الأيام بحلاوتها وقساوتها ,حيث علمتنا هذه الألعاب التي ورثناها عن أبائنا وأجدادنا الطيبون رحمهم الله المحبة والصدق والشجاعة والصبر واحترام الغير ,فكانت هناك العاب خاصة بالكبار والعاب أخرى يختص بها الأطفال وهناك من الألعاب التي تلعب ليلا وأخرى التي تلعب في وضح النهار وأخرى تلعب في كل أيام السنة وأوقات اليوم.
وهنا سأورد قسم من الألعاب التي كنت قد شاركت فيها في منطقة عوجان جنوب اللقية ايام الطفولة العذبة السمحة التي تعادل في طياتها حياة أمم وشعوب
1 لعبة الكيس :- كانت هذه اللعبة نلعبها في وسط النهار أو في الصباح ومع ساعات العصر حيث كنا نجتمع ثمانية أولاد أو أكثر من ذلك وكان كل واحد منا يحمل في يده كيس قد حصل عليه من بيتهم أو من عند صديق له , فكان هناك الحكم الذي يفصل بين المتسابقين ويقرر من الفائز في نهاية اللعبة ,فيرسم الحكم خطا مستقيما لكي تبدأ اللعبة وعليه تكون نقطة انطلاق ألاعبين ويتفق الجميع على مسار السباق من البداية للنهاية واذكر انه كان الفريقان يقدمان كل واحد منهما لاعب يتفقا عليه ليبدأ السباق وأحياناً يختارون مجموعة وذلك بحسب الاتفاق . ويلبس كل من ألاعبين كيسه بحيث يدخل جسده في الكيس والناحية المغلقة من الكيس تكون في القدمين أما الجهة المفتوحة من الكيس تكون في يدا ألاعب ويُخرج رأسه من الكيس , وبعد أن يشير الحكم لهم بالبدء في السباق فان ألاعبين يبدؤون السباق عن طريق القفز ويتسابقون من الإشارة التي حددها الحكم حتى النهاية المتفق عليها ومن يسبق أولاً هو الفائز , واذكر أن احدهم كان يسقط وهو يقفز فكان عليه أن يستمر في السباق وإلا فقد يقرر الحكم خروجه من اللعبة والمنافسة , وهناك من كان لا يقوى على القفز كثيرا فكان يمسك بيداه المتسابقين حينها يخرجه الحكم من المسابقة .
لم تكن جوائز ولكن كانت هذه اللعبة تقربنا من بعضنا البعض وتساعدنا من ناحية جسمانية واذكر انه كانت هناك مواسم للألعاب فهناك العاب مميزة وخاصة بالصيف وأخرى للربيع وهكذا.
2 البراميل :- والبرميل بلغة أهل البادية هو وعاء حديدي بطول متر ونصف كان أهلنا يضعون فيه الماء أو الطحين ونحو ذلك وعندما يخرج البرميل من الخدمة فقد كان الأطفال يستعملونه في ألعابهم الشعبية بكثرة حيث يقوم الأولاد وعن طريق القرعة بإلقاء البرميل على ظهر الأرض ومن ثم يعتلي عليه ويبدأ بالتدحرج من على وفوق ظهر البرميل بواسطة أرجله ويستمر بالسير على ظهر البرميل بشكل معاكس حتى يهوي على الأرض ساقطا أو من شدة التعب أو نتيجة لفقدان وزنه ومن ثم يبدأ دور الأخر الذي وقعت عليه القرعة , وهناك أيضا استعمال أخر للعبة البرميل فاذكر إن الأولاد وبحسب القُرعة يدخل رأسه في البرميل ويرفعه بعد أن اتفق الطرفان على أن يصل لمكان ما اتفقوا عليه مسبقا فيقوم الولد منا بحمل البرميل بواسطة يداه وهو داخله ويسير حسب الخطة وصوب الهدف الذي تم الاتفاق عليه وهناك من كان ينجح في الأمر ويصل الهدف لكن هناك من يتعب ويصيبه الإرهاق الشديد ويسقط في منتصف الطريق بسبب ثقل البرميل , واذكر إن البرميل كان عبارة عن مخبأ لنا إثناء لعبنا لعبة بطخ زنزن.
3لعبة العود :- كنا نجتمع في بداية الليل حول موقدة النار وخاصة في فترة فصل الشتاء , والبادية في فصل الشتاء بردها قارس وقاتل ولا يرحم واذكر إننا كنا مجموعة من الأولاد كنا ندفئ أجسامنا الصغيرة من برودة الطقس وننتظر أمهاتنا رحمهن الله أن يحدثن قصة من قصص البادية واذكر إننا كنا نلعب لعبة العود, ولعبة العود كانت أن يقوم احد الأولاد ويضع عود رفيع في النار حتى تشتد فيه نار صغيرة ومن ثم نمرره على الآخرين بالترتيب حسب موقع جلوسنا وكان العود يبقى مشتعلا حتى يصل احدهم فينطفئ عنده وكان من شروط اللعبة أن الذي ينطفئ عنده العود نلقي عليه مهمة عليه أن يقوم بها ونحو ذلك من الأمور او نسأله أسئلة وعليه أن يجيب عليها وإذا فشل يخرج من اللعبة .
4لعبة الطيارة :- وهذه اللعبة مازلت أشاهدها حتى في أيامنا هذه وكانت هذه اللعبة من أجمل الألعاب الشعبية المنتشرة في البادية حيث يقوم الأطفال بصناعة لعبة حيث يصنعونها بأشكال مختلفة وأحجام مختلفة منها مثلثة الشكل أو مربعة الشكل وهكذا , فقد كنا نأتي بقطعة نيلون متينة وكبيرة نسبيا وكنا نضع فيها عيدان نبتة "الصوي" التي تنبت في الجبال وحول خيامنا واذكر إننا كنا نربط العيدان بحبال متينة من جميع الاتجاهات مع النيلون وبعد كنا نأتي بحبل متين وقوي وطويل يصل أحيانا إلى عشرات الأمتار ومن ثم ننتظر أن يهب الريح في ساعات العصر في فصل الصيف وما أن تبدأ نسمات ريح البادية بالنشوب حتى نطلق العنان لطائراتنا لتسابق الريح وتتحداه وهي تطير عاليا ..عالياً وحولها العديد من طائرات بقية رفاقنا وكان المشهد رائعا وخلابا حيث تجد المنطقة امتلأت بالطائرات في الفضاء واذكر انه هناك من كان يلون الطائرة التي له بألوان جميلة وكان يحدث أن تتشابك الطائرات في بعضها البعض مع الحبال فتهوي أرضا ويقوم الأولاد وبسرعة شديدة بفك الحبال من بعضها البعض والابتعاد قدر الإمكان عن بعضهم البعض . كما اذكر انه يحدث أن ينقطع الحبل فتأخذ الريح الطيارة بعيدا وتسقط في مكان بعيد جدا ويشاهد ذلك أطفال من منطقة مجاورة فيهجمون عليه ويحملونها لهم ليعيدوا لها سباق الفضاء بلعبتهم الجميلة. كانت أعيننا مشدوهة مغروسة في السماء الكل يراقب طائرته التي صنعها كما إن لعبة الطيارة كانت في الصيف وأيضا أثناء رعينا للأغنام في الجبال والسهول والأودية
هذه الألعاب وغيرها انقرضت في اغلبها من البادية ولعبة الطيارة وان وجدت اليوم لكن ليس بنفس زخم الماضي الحزين , أصبحت هذه الألعاب من ذاكرة الأيام ولم يعد لها ذلك الجمال الخلاب المغروس في ذاكرة أطفال اليوم , لكن سيبقى ماضينا وبإذن الله ذلك الصرح الشامخ الذي كلما ضمئنا نعود نشرب منه لنرتوي به أفكارنا وخيالنا لننقله للأجيال القادمة بكل صدق ومحبة وخير
عوجان اللقية
www.deyaralnagab.com
|