الارض عند البدو.. تفاصيلها.. مسمياتها وانواعها!! "1"
بقلم : زهير ابن عياد ... 16.12.2010
انه لفي وقت قد أثرت المدينة على التوازن بين الصحراء وابنها في اشكاليات متغيرة اصابت الهيكلية الاجتماعية للبدو في الصميم ، اذ انقسموا الى اقسام عدة بعضهم امّ القرى ورضي بالعيش في قطع صغيرة وتخلّى عن المراعي والسهول , وبعضهم ما زال يقارع معاول الهدم والتطهير ، في هذه الصورة تتجلى اهمية الارض عند البدو ، تلك التي لم تكن تُعار بأي اهمية قديما وكانت تعطى هبات لاشخاص كقولهم " شكارة فرس " فالبدوي صاحب حلّ وترحال باحث على الخضار والعشب فمرة يطلب مراعي الشمال ومرة مراعي الجنوب , ولم تكن القبائل تحدد اراضيها بتلك الصورة النمطيّة الحاضرة , والارض جرت عندهم على مسميات وانواع هي نفسها مستقاة عن النظام الجاهلي الذي كان يولي لمسيل الماء وارض الماء اهمية خاصة والاراضي التي عرفها بدو النقب هي :
• ارض مِسكن : بحيث تكون هي المقر الدائم له يسكنها , وحتى لو حصل ان تركها للبحث على المراعي فهو يعود اليها .
• ارض رهن : وهي ارض تُرهن لقاء دين او سداد ما .
• ارض ملك : وهي تكون ملك وخاصة لصاحبها ورثها او اشتراها .
• ارض حجر : وهي تورث عن الاباء والاجداد وهي ارض عرفها الجاهليون كثيرا ودخلت كلمة حجر في لغتهم ، ويقول بدو النقب " بلاد حجر " ومحجور تعني ممنوع ، أي ان بلادهم ممنوعة ، او قد منعوها عن الغريب وحموها ويقول النابغة في ذات المعنى :
يقول راكبها الجنيّ مرتفقاً هذا لكُنّ ولحم الشاه المحجور
• ارض أميريّه : وهي ارض تكون من املاك الدولة .
• ارض مشتأ : أي انهم يقضوا فصل الشتاء فيها وخلافها ارض المقيظ.
• ارض مشاع : وهي ملك عام للقبيلة باجمعها .
• ارض متروكه : وتكون عبارة عن بور لا يسكنها احد او تركها اهلها
هذه هي اغلب انواع الارض عند البدو , اما نظام التقسيم والحدود والتحديد فتكون بوضع رجوم من الاحجار وتقسيمها الى ما يسمونه مارس وهي قطع صغيرة , وتكون احيانا الحدود على وصف سيّال ميّ أي موقع انحدار وبداية مسيل الماء ، واحيانا يكون " الحداد " أي شيء ظاهر للعيان كالوديان والجبال والتلال.
عرف البدو كما نظرائهم الجاهليون اراضي المرعى من سهل وسهوب وصفوح الجبال ,والجبل عندهم مقسم الى راس وظهر وصفحه او بطن وقعر وخشم الجبل ورقبة الجبل
، وعرفوا منابت العشب ومواقع القطر ، واشتركوا في مسمى ارض بور وهي التي تُزهر في الربيع بأنواع الورد والزهر والاعشاب بكمها وانواعها وقد حمدوا هذا المرعى وأحبوه ، وسموه بور لانه ربيعه يبور ويرجع كما قولهم بارت النجوم اذا اختفت اخر الليل .فالارض عندهم ترعة وسطح ووديان وجبال وهي في لغة النقب بطنان وسهول واوعار ، وكما عرف الجاهليون ايضا طرق الصحراء ومفاوزها واطلقوا عليها مسميات ما زالت سائرة عند عربان النقب ومنها :
الشعب : وهو الطريق في الجبل وكانوا بدو النقب يستدلوا بهذه اللفظة على كثرة العشائر فيقولوا قوم ابو فلان " بدّبوا شعبين ".
تفردّ في شعب عجوز ازاءها ثلاثة اشباح تخالهم بهما
وعرفوا الشعيب وهو مجرى السيل ويكون اصغر من الوادي .
اللقلوق : اصغر من الشعيب ويحفره السل .
الوادي : معروف واحتل مكانة بارزة لدى الثقافات البدوية ولا يخفى علينا اهميته جاهليا
وعرفوا العروض وهي النواحي والافاق ، وجاهليا اطلقوا على بلاد اليمامة والبحرين وما والاها لفظة العروض وهي المناطق الشرقية من جزيرة العرب .
وقالوا عن الارض الكبيرة جدا : بلاد ! وسموها ايضا الارض وللارض ايضا اسماء عندهم ومن ذلك قولهم الشهبة على لونها الاشهب ، واحيانا يسموالارض بالوسيعة , والبدو ربطت الارض بالشرف وقرنوها به فقالوا الارض زي العرض .ومما قالوا عن الارض انك اذا سألت بدويا من النقب اين رعيت او اين كنت فيجيب " كنت في عرظها" وقصد بعرضها الارض وهي لفظة قديمة يقول حطاب بن المعلي:
لكن لي مضطرب واسع في الارض ذات الطول والعرض
وفي لغة شيبان النقب ما زالت تردد لفظة النجود او الانجاد وعنوا بها المرتفعات والاغوار والجرف والهضاب والتلال والسهول والجبال والجوّ والنجد هو المكان المشرف ومشهور في ذلك بلاد نجد في الجزيره العربيه مهد القبائل العربيه الاصيله ,وعندنا في النقب هناك منطقه تقع في البلاد القبليّه مسماه بنجد .وعرف بدو النقب كذلك الجو وهو الهواء وتعني ايضا المنخفض المطمئن من الارض وقيل :
عرفت بجو عارمة المقاما لسلمى او عرفت لها علاما
هذا وهناك العديد من التواصيف والاسماء التي وردت في بيئة الجاهلية بين عرب الحجاز ونجد اسماء لا غنى للبدو عنها فهي تأتي كتحديد للمراعي والمساكن ووصف لبيئة البراري والصحاري التي عرفوا ايضا من اسمائها البيد والفيافي والفلاة والخلأ والبر .... ومما عرفوا ايضا الهضاب وهي المرتفعات من الارض والاكام وهي جمع هضبة قال عامر :
والمرء زيدا قد نزلت بقوده نحو الهضاب ودونها القصد
وقالوا ايضا مطارح وواحدتها مطرح لان الانسان بستطل ويطرح نفسه بها وقالو الثنوة وجمعها الثنايا وهي الطرق الملتوية في الصحراء .وعرفوا الحنوة وهي مشابه , والكتره وهي التلال الصغيره , والعجره وهي من التلال ايضا , وقالوا عن المشراف والمشاريف ايضا الراس لعلوه او الصعافيق , او الشرفه وهي ذاتها المشراف وعرفوا الفرعه او الفريعه وكذلك, والربوه وهي المكان المرتفع , واللفقه والعراقيب والقردود والذرأ والسد والهجاف والدمثة والدقعة , وقالوا ايضا التلعه , والحدر من المنحدر وعرفوا كذلك الجرف والجوف والغور"وهو اسم قديم لبلاد تهامه ", والطور والطيران والكثبان والمراقيب والحفر والنقر والقاعه والحماده والحماد والتلاع والظهره والبطن والمسناد والقاع والسهل والوعر والقعر والنقب والعدنه والفلوج والفجوج" وهي الطرق الواسعه بين جبلين" , وعرفوا الهيش وهي مواقع الشجر والشجيرات في المناطق الخاليه , وعرفوا من الارض البقيعه تصغير لبقعه وعندهم في النقب بلاد كبيره تسمى البقيعه , وعرفوا الغارب والغارب اعلى كل شيء والبداع يقول " واخيك ع الغارب بيغز شداده , والغارب لفظة قديمه يقول فرعان بن الاعرف :
لربّيته حتى اذا اض شيظما _ يكاد يساوي غارب الفحل غاربه
, وعرفوا ايضا الجرون والمرعى والحزون" وهي المرتفعات" والواحه والرياض
والبريه . ولهم في الباب نفسه ايضا تواصيف عديده من ذلك اقوالهم ما عندهم ان
بعض الارض مذموم فيقولون للهمل الفاسدين شغلين
الذواليق وهي الزوايا او القرن والمغاور او المغر ، لانها تكون غائرة في بطن الجبل .. وعرفوا الجخنوب , وعرفوا الجرون وهي اماكن الغلّة الناتجة عند الحصيد ، وعرفوا من الارض المراعي والمسراح ، ويقولون ايضا عن الارض التراب ، ومن التراب عرفوا الثرى والطين والبصة ، والارض الجلدة ، والصحاصيح وقالوا عن المنخفض الحضيض قرار الارض , ونقول ايضا حافة الارض أي حدها ومنتهى النظر ، يقول الاعشى :
وبلدة مثل ظهر الترس موحشة للجن بالليل في حافاتها زجل
ومما نقول ايضا طرف البلاد او اطرافها وهي عربية جاهلية في قول الطرماح :
معاليات عن الارياف مسكنها اطراف نجد بأرض الطلح والكنب
وعرفوا ايضا الارض اليابسة التي لا تنبت والتي لا تصلح بها الامطار ، كما يدعي شيبان النقب بأن صحراء النقب كذلك ، وان الخير والخصب في الشمال وهذا المعنى عرفه الجاهليون بقولهم ارض كنوة.
www.deyaralnagab.com
|