نسخة اخرى من المفتاح تنقذ الحضارة!!
بقلم : خالدة خليل ... 28.09.2010
ما الذي يدفع الشعوب نحو الحضارة والتمدن والرقي سوى العمل الفعلي ببنود ومواثيق حقوق الإنسان القائم على عدم التمييز في الجنس واللون والدين والانتماء، والعمل بهذه المبادئ يدفعنا أولا الى الاعتراف بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل في مناحي الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية على حد سواء.
لطالما خضعت المرأة لسلطة سيف مستقر فوق رقبتها على اعتبارها مخلوقا أدنى او أنها ظل محض للرجل. وهناك شيء آخر يدهشني من قرارات بعينها تعتمدها دول بعينها بهدف كبح عجلة نهوض المرأة بعد سبات طويل وتغييب عن أنماط الحياة و الحضارة كلها، ليبقيها كائنا تنحصر وظيفته على تربية الأطفال او العمل على خدمة زوج لا يجيد وظيفة الزوج ويتمادى في تنفيذ دور السيد.
التصويت ضد تسنم المرأة أي منصب سياسي على سبيل المثال هو إجحاف بحقها وظلم لمقدراتها الذهنية، لا سيما وأن المرأة نفسها كانت أثبتت على مدى عصور إمكانيتها في تسلم زمام الأمور في ميادين مختلفة ومنها الميدان السياسي وفي أعلى سلطاته. وتصل دهشتي حد اللاتصديق عندما أسمع بأن ثمة بقع في العالم لا يسمح فيها للمرأة بحيازة إجازة لقيادة سيارة ؟!! فضلا عن إقصائها عن العديد من المهن والحرف لا لسبب معقول سوى أنها ليست رجلا بل امرأة! ويستتبع ذلك حتما تعتيم على دورها الثقافي والاجتماعي وكيف لا وهي تستبعد عن سلم التحصيل الدراسي الى درجاته العليا، كل هذا يستفزني للكتابة ويستفزني ما هو اكثر وأنا أشاهد مواقع على الانترنيت تتعمد تهميش المرأة من خلال تخصيص قسم للرجال لا يجوز للمرأة الاطلاع عليه أو أشاهد مواقع أخرى ثقافية لا تنشر فيه النساء كتاباتهن بأسمائهن الصريحة ويكتفين بأسماء مستعارة أو كنى كأم فلان أو أم علان والحديث عن الشواهد يطول ....
وهنا علي أن أقول بان الحفاظ على المرأة من حيث أنها كائن عاطفي رقيق لا يوجب بالضرورة إقصاءها عن ممارسة دورها المشاركة بدفع عجلة التقدم إلى الأمام مع صنوها الرجل كما قد يتوهم البعض وهم للأسف في شرقنا كثيرون، انطلاقا من مفاهيم خاطئة تبيح للرجل فقط ما تبيح على أساس بايولوجي تمثله عضلاته القوية. فالعجلة لا تدفع بقوة المادة وإنما بقوة الروح والفكر.
لي ان أقول هنا ان شعوب الشرق لا يمكن ان تنال حظها من هذا التسارع النبضي الذي يدفعه الغرب باتجاه كواكب أخرى، بحثا عن علامات حياة في المريخ، فيما نواصل نحن سباق السلحفاة و الأرنب، ولا وجود لأرنب بل مركبات فضائية وتقارير علمية متسارعة.
ولي أيضا أن أقول إن مفتاح التقدم يجب ان يكون بنسختين، واحد بيد المرأة والآخر بيد الرجل، أما أن يبقى المفتاح حكرا على الرجل وتبقى المرأة خارج المسكن حتى يتكرم الرجل بفتح الباب لها فهذا ما قد يقتلها إذا ما طال الوقت وهي تنتظر في ظروف جوية قاسية ان كان الشتاء على أبواب هذه الحضارة.
ما أتطلع إليه أولا هو أزالة سوط التمييز والتهميش عن روح المرأة وفكرها وجسدها، فذلك هو الحجر الأساس ونقطة ارتكاز في تقديري لبداية التغيير.
وعلى اعتبار ان المراة المثقفة هي من تتولى كبح جماح هذا العنف القائم ضدها فانها بالتاكيد تناضل سواء بالكتابة او التوعية عن طريق مؤسسات ذات العلاقة ، من هنا كان للمراة الكاتبة او الاديبة الكشف عن الاقنعة المتوارية التي يقف اصحابها عثرة في طريق التقدم الحضاري .
ومع انني لست مع التفريق بين مايسمى بالادب النسائي او الادب الذكوري الا مايخص بالتعبير عن معاناتها ضد تهميش دورها كونها انثى والتشكيك بقدرة المخيلة لديها فالمراة ليست ذات مخيلة اقل خصبا من مخيلة الرجل ولكن اقول ان هناك بعض القوالب والمحددات التي عليها ان تصب مخيلتها فيها لانتاج قيمة فكرية لاتتعارض مع تقاليد وتابوات الشرق التي تحرمها من الاطلاق في فضاء اكثر رحابة وحرية قياسا بالمراة الغربية التي لم تنلها الا بعد نضال وتضحيات فالقيود الصارمة لاتتفق مع المعطيات الحداثوية في التقدم وبذلك يكون الرجل بين نارين اولها هو اعطاء الحق للمراة بتبوء مكانتها الحقيقة وبين التقاليد.
هذا الفكر الذكوري المتارجح لايعطي الاصورة مشوهة لامراة يعتقد بانها قد نالت حريتها
هذا الطلاء على الجدران المهترئة ربما يتناثر بعد وقت قصير من طليه اذن يتوجب على الرجل المثقف اولا هدم هذا البناء الايل للسقوط وبناء اسس اخرى تتفق مع الحضارة الحديثة التي نقف خلف ابوابها املا في طرق الباب بعد سنوات .
المصدر : مركز مساواة المرأه
www.deyaralnagab.com
|