فجر منقوش على لوح الروح !
بقلم : ايناس البدران ... 1.8.07
ايها الطريق .. رفقا بأجساد متعبة تنقل خطاها بتؤدة نحو ... المذبح .
- لاشيء يشبهني الان كالخريف .. صرت شراعا مشرعا لبرد اهوائه وصدى لصدأ دهشته .
- حين ترسمك الايام غيمة اتعبها الرحيل .. وتخلفك وحيدا كنخلة في ثمود .. كرمح في قلب عدو .. يوم لايفتقدك من يفترض ان يفتقدك .. وتشعر بالكاد بحاجتك للاخرين .. فأعلم انك انما تخوض مخاضك الاخير وصولا .. اليك .
- يدهشني ما اراه مختبئا خلف حدقات العيون وما بين السطور !
- يوم تخبرك النظرات بأكثر مما تريد .. وتفتح كوى من احزمة ضوئية في حجيرات عقلك .. ويصبح قط او مذياع رفيقك في هذا العالم اللامبالي الذي هو دائما على عجل .. ستطوي بلا ندم البوم صورك الحائلة ، وتعمل اناملك على عقص نهايات القصص المهترئة .. وتنزع عنك اوسمة بلهاء علقتها رمزا لمعارك منسية .. ويكف لسانك عن لوك انتصارات وهمية لاتهم احدا . ولا حتى انت .. عندها ستكون قد اقتربت كثيرا .. منك . عيناه تدوران في محجريهما كذباب حائم في زجاجة فيما اصابعه مشغولة بأشعال سيجارة ترتعش بين شفتيه ، اخذ منها نفسا عميقا وقال عبر دخانها المتقطع :
- بات جسدي مثخنا بالعذاب .. لم يعد من مكان لجرح جديد .
- يوم تزول جراح سطحية وغائرة ليصبح جسدك كله جرحا يبسم للالم .. ستجز حبلا كان يربطك الى حضيرة خوف عائمة فوق بركة آسنة من خنوع ، وتعلم أنك لست مضطرا للعب دور البهلوان في حضرة السلطان ، وستلقي بمشاعل غضبك النبيل الى اغوار نفس سحيقة لتحرق بلهيبها الاخضر جثة عشش فيها العفن طويلا وتتابع بنشوة – لاتخلو من تشف – تطاير مستصغر الشرر منها بعدها ستخرج من رمادك كيوم ولدتك أمك . افلتت منه بسمة وتمتم بسخرية .
- بفم مكمم اعيش مؤامرة الايام .. صرت اسمع سنة حلوة ! يا ... ؟مع كل دورة عام بقلب يقطر مرارة .
- الاجدر ان تسمعها باسما لأنك اصبحت أعلم من سواك كم هو الربيع قصيروماكر كثعلب .. يتخفى فيه البعد باللقاء والظمأ بالارتواء وان كل البدايات فيه الى انتهاء .
- اعلن الجسد علي الاحكام العرفية وبت سجين زنزانة نفسي الانفرادية ألوذ منها بالزحام رأفة بها .
- يوم تعود الى العالم الذي ولد معك .. ووئد معك ، الى نفسك التي امعنت في طمسها وتدليسها .. الى اناك التي اضعتها وسط ضجيج الزحام .. يوم كانت الارصفة عشبا والمديات حقول تشب فيها ازهار البنفسج والبابونج المشبوبة . والليل عشق سماوي مشغولا بقبلات النجوم .. قبل ان تقلم ( المدنية ) اظفار الرجولة وتحيل نمرها الى قط مدجن وانسانيته الى ديناصورات للفرجة خلف زجاج متاحف التاريخ الطبيعي ، ونسله الى فئران تجارب في المختبرات ( المعقمة ) لتعود فتبصقه حيث الازقة القذرة لتتقاذفه الجدران الصماء قبل ان يبتلعه النسيان . يوم تذوب عن عقلك البدايات وتنتهي كل النهايات الى حلقة االابدية وتصبح اللحظة الراهنة رهانك الاخير وخيارك الوحيد .. عندها يشف احساسك بكل نعمة لك او عليك .. ويصبح القليل كثيرا بل اكثر مما يجب وتخاطب يومك قائلا :
- ايها الغد كن ماشئت ، لقد عشت يومي كاملا .
- كل ايامي متشابهة ككتيبة زنوج اتحدت ضدي ، صارت المخدة اسخى بالحنان من اي حضن .. أتراني بعت وريدي لمن امتلك بدل القلب سكينا ؟
- يوم يتوقف بحثك اللامجدي عن الحب المستحيل ذلك المخدر الذي يغشي بسرابه قلبك البريء عن نصله البارد .. وتكف عن اللهاث وراء بريق الغريزة الخداع .. يصبح الامساك بجمرة الحكمة وتقليبها على كافة وجوهها أمرا ممكنا بل ممتعا في آن واحد .. وستنفض عنك ثياب الممثل الملفقة لتتحد بجلدك من جديد ، وتستبدل وجهه الشمعي بصدق التجاعيد وتستعيض عن شعره المستعار بخيوط الفضة وبريق الماس. - لاشيء يشبهني اليوم كالخريف ..
- حين تكتسي بألقه وتتخضب بشفيف حنائه ايامك ، يصبح للمنبه دورغير ايقاظك من النوم ، وللموسيقى عطر الانتشاء ، للوجع لون الرفقة ، لبخار الشاي دفء اللمسة ، للدمع نهكة الصبر ، وللحب طعم الشهادة ، ويصبح عمر بكامله أقصر مما ينبغي . همس بصوت مخنوق :
- بت أشعر انني اقرب الى هناك مني الى هنا .
- فأعلم اذن ان ذاك الفجر هو آخر اقدارنا .. نقش على لوح الروح منذ الازل .. فأذا ما نادتك الارض الطيبة الى احضانها من جديد .. لتدوس بأقدامك العارية تربتها اللينة عابرا قارات الشمس .. كسهم ناري الى شلالات النور الابدية .. فأياك ان تخاف أو تأسى على حلم صحا من غفوة موت .. او تذرف الدمع على نثيث كتبك بأصابع من ماء . الا اذا كنت تجد في الدمع .. ايناسا .
www.deyaralnagab.com
|