ستبقى مصر وطنًا لكل المصريين!!
بقلم : يسرية سلامة ... 08.01.2011
لاتزال مصر مهبط الأديان السماوية، ومهد الحضارات الإنسانية ورابطة المشرق بالمغرب، نموذج للتآلف والتسامح والمثل والمحبة والتعاون والتآزر، وكم أثبتت الأحداث أن المسلمين والمسيحين يعيشون في سلام وأمن مشترك، وجميعهم على قلب رجل واحد. وكم حاولت خفافيش الظلام والأفاعى الحاقدة للنيل من هذا التآخي، لكنها فشلت بسبب وحدة شعبنا وإدراكه العميق لحجم المؤامرة وأهداف المتآمرين على مصر، وقد عكس الحادث الإجرامي الأخير بالإسكندرية تصاعد وتيرة المؤامرة، وحرص الذين يقفون وراء الحادث على تنغيص فرحة مصر والمصريين في الإحتفال بالعام الميلادي الجديد، حيث قامت أيدي خفية بتفجير عبوة ناسفة كان ضحيتها مقتل وإصابة أشقاء لنا من المسلمين والمسيحين. ولهذا كان هذا اللقاء مع أصحاب الفكر المستنير، محمد عبد المطلب نقيب محامي الإسكندرية، ومحمد عبد الوهاب عضو النقابة.
* ما تقديركم لما حدث وقد قرأه البعض قراءة سياسية باعتباره ردًا من الموساد؟!
أيًا كان رأي البعض سواءً تمت رداً على عملية الموساد أو عمليات خارجية تستهدف أمن مصر فالعملية إرهابية إلا أنها تمت ونفذت داخل مصر بشكل إجرامي سافر، وهو عمل آثم ومرفوض من كل طوائف الشعب المصري وفئاته ورد الفعل لم يكن بقدر النتيجة التي أرادها الإرهاب. هناك إدانة جماعية لهيئة العمل من الشعب المصري بكامله، والآثار المترتبة على ذلك ستجعلنا أكثر إصرارًا وتصميمًا على المضى قدمًا في مواجهة الإرهاب والتصدي له في تحدي وعزم وسنكون أكثر مما كنا عليه من نسيج واحد لشعب واحد.
* سيادة النقيب هل ترى وجود نسبة وتناسب في صرف تعويضات لمصابي سمك القرش وأسر ضحايا الحادث الأليم وهو الدم المصري الثمين؟
لا توجد نسبة ولا يوجد تناسب بين ما صُرف تعويضًا عن إصابة سمك القرش لبعض السواح وعن المبالغ التي صرفت بوجه سريع لأسر الضحايا، وقد تكون الحكمة هي محاولة مراضاة بعض السياح حتى لا تتأثر حركة السياحة لكن بالقطع وباليقين الدم المصري أغلى من هذا بكثير. وسيتم تشكيل لجنة من المحامين مسلمين ومسيحين لمتابعة التحقيقات وملاحقة المتسببين في هذا الحادث والوصول بأسر الضحايا إلى التعويض المُرضي الجابر، والذي أراه قد تحقق معنويًا في رفض الشعب بأكمله لهذا العمل المشين، لقد تحدثت بخصوص هذه اللجنة مع زميلي المحامي سمير منصور (عضو المجلس الملي) الذي وافق عليها وأبدى ارتياحه وتشجيعه لهذا الاجراء.
* هل أعتبر ما ذكرته آنفًا هو الدور الذي ستقوم به النقابة في تلك الأزمة؟
دور النقابات لن يقف عند هذا الحد بل سيتعدى الشجب والإستنكار والتنديد لأنني بصدد إنشاء لجنة قومية لمكافحة الإرهاب وتم الاتفاق عليها مع الزميلين: عبد الحليم علام عضو مجلس النقابة العامة ووكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، ومحمد عبد الوهاب عضو مجلس النقابة العامة عن محكمة الاسكندرية الابتدائية، وستمثل هذه اللجنة بعد الإعلان عنها من كافة الطوائف والمهنين والسياسين ورموز العمل العام والعمل النقابي والإجتماعي والسياسي لأن هذه اللجنة سيستمر دورها حتى يتم إجتثاث الإرهاب من جذوره وقد اخترت أن تكون قاعدتها من نقابة المحامين لما لهم من دراية قانونية في مواجهة كل حدث وتداعياته وسيعلن عنها في القريب العاجل وفي خلال ساعات. فضلاً عن أن هناك بيان جاري إعداده يعبر عن موقف ورأي ودور نقابة المحامين باعتبارها صوت هذا الشعب وضمير هذه الأمة، وهي في الوجه الآخر مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني.
* يقول البعض الشعب المصري ليس بعفريت نحضره وقت ما نشاء ونصرفه وقت ما نشاء بل لابد من تواجده في جميع الأحوال مشيرًا إلى الإنتخابات البرلمانية ما رأيكم في هذا؟
مخطئ من يظن أن المواطن المصري يمكن التأثير عليه أو إملاء وجهات النظر والرؤى وفقًا لمقتضيات معينة. فالانتخابات التشريعية السابقة حتى لو كان البعض ينعى عليها ثمة تجاوزات إلا أنها قد أفرزت مجلسًا نيابيًا بشكل معين في مواجهة كافة الأحزاب والقوى التي اشتركت بمحض إرادتها وشاركت في هذه الانتخابات ثم عدلت في بعض الأوقات، ونحن نتمنى أن تكون هناك أحزاب قوية وفاعلة ولها وجودها وأن يمثل الجميع في مجلس يعبر عن الشعب ويتحقق له الدور الرقابي والتشريعي.
* بالنسبه "للأستاذ" المندس في الجماعات السلفية الذى ذكره الجاسوس المصري لصالح الموساد هل ترى أنه وأمثاله نجح في بث أفكاره الإرهابية الهدامة وصنع أجنحة للإرهاب داخل مصر؟
دائمًا وأبدًا لا تجد الأفكار المتخلفة التآمرية ولا أصحابها ولا من يبيع نفسه للشيطان على حساب أمن مصر القومي، لاتجد كل هذه الأشياء ضالتها إلا من خلال ضعاف النفوس مزعزعي العقيدة. أنا لا أعلم ولم أطلع على أوراق التحقيق حتى أقطع بصحة ما قيل على لسان الشاب الجاسوس من عدمه، لكن من خلال ثوابت لا يمكن التفريط ولا الحيدة عنها توارثناها منها أن أمن مصر القومي لا يجوز المساس به أو التفريط فيه بأي حال من الأحوال وهو مقدم على أي وكل اعتبار ومصلحة، وأن من تسول له نفسه بأن يعبث بهذا الأمن يتعين مواجهته وإلحاق العقاب اللازم والقاسي عليه، لأن تراب الوطن ليس ملكًا إلا لهذا الشعب وللأجيال القادمة.
* ما هي رؤيتكم في ما يذاع عن إقامة شرق أوسط جديد وزرع فتيل الفتنة في العراق ولبنان والسودان وصولا إلى مصر تمهيدًا لإعادة تقسيم المنطقة العربية؟
هناك أخطار خارجية ناتجة عن مخططات للمنطقة العربية من المحيط للخليج لما لهذه المنطقة من أهمية استراتيجية بإعتبارها همزة وصل بين الشرق والغرب، ولما تمثله هذه المنطقة من ثروات، ولوجود اسرائيل الذي يعنيها في المقام الأول إضعاف الدور القومي العربي وكان المخطط أن تكون هناك دويلات بدلاً من وطن واحد وأن تنشغل كل دولة بصراعاتها الداخلية، وما حدث في العراق وما يحدث في السودان وما نراه من بعض الدول العربية أكبر دليل على ذلك، ولكن التجربة أثبتت تاريخيًا أنه إذا قويت مصر قوى العرب وإذا ضعفت مصر ضعف العرب. لذلك كان يتعين النظر إلى الأمن القومي العربي بعين الإعتبار وأنه جزء لا يتجزأ من الأمن القومي لأي دولة عربية يؤثر ويتأثر بالأمن القومي للدولة العربية المجاورة، وهذا ما تعمل المخططات أيًا كانت غربية أو إسرائيلية على إضعاف هذا الأمن وزعزعته، بهدف أن اتحاد العرب تهديد لأمن إسرائيل القومي.
* ما هي تنبؤاتكم للأحداث القادمة؟
أنا غير قلق بالنسبة للموقف الراهن الآن لأن التجربة أثبتت أن كل المجالات التي أرادها البعض سواء من الداخل أو الخارج للوقيعة بين أبناء هذا الوطن باءت بالفشل، وما يطمئنى أن كل المكالمات التليفونية وكل من تقابلت معه من الجمعية العمومية من المحامين مسلمين وأقباط كانوا على مستوى الحدث ولديهم الوعى الكامل وعلى دراية بأبعاد المخطط، فالإرهاب لا يفرق بين أخ وأخيه أو مسلم ومسيحي. ولقد تجلى ذلك بالأمس القريب في برج العرب حينما شاهدت الكافة يرفضون هذا العمل الإجرامي الآثم، وهذا العمل سيكون له رادع بعد أن تنتهي النيابة من تحقيقاتها سيتم حتمًا معرفة من وراء هذا العمل الإجرام الآثم.
وتمنى محمد عبد المطلب _نقيب محامين الإسكندرية_أن يكون هذا الحدث الغادر منطلقًا لتحدي قوى الغدر وتقوية روح الإنتماء للوطن لتجسيد المحبة بين شقيقي مصر.
ومن جانبه قال محمد عبد الوهاب عضو نقابة المحامين " بادرنا بالإتصال بالزملاء المسيحين من أجل تقديم التعازي ووجدنا تفهم كامل لدور نقابة المحامين، بلا شك فهو عمل مدبر لا ينسب إلى المسلمين بل المقصود منه الإضرار بالاقتصاد المصري، والذي ظهر في إلغاء أكثر من رحلة طيران وفوج سياحي قادم إلى مصر على إثر هذاالحادث الأليم"، وردا على أسئلتنا أجاب بالاتي :
* بإعتبارك تنتمي للجيل الحديث ما هو شعور زملائك الشباب إبان تلك الأحداث؟
الزملاء الشباب متفهمين لهذه المشكلة بل بالعكس بادر العديد من الشباب بالتوجه للتبرع بالدم، وتم تجميع أسماء عشرات الزملاء المحامين من فصائل الدم النادرة وقامو بالتبرع فور وقوع الحادث مباشرة وقام شباب المحامين بتنظيم أسماء السادة الزملاء الذين سوف يقومون بحماية الكنائس ليلة عيد الأقباط، وستضم اللجان الشباب المسلم من أجل أن يكون هناك نواة لوحدة صف المحامين وستتواجد يوم العيد لتأمين سلامة الإخوة الأقباط.
* هل تلاحظ ثمة تعصب من الإخوة الأقباط الشباب على وجه الخصوص؟
من الطبيعي أن يوجد تعصب عند بعض الشباب كنتيجة طبيعية للأحداث السابقة لكن سرعان ما سنتنهي بإجتياز تلك الأزمة.
ومن الجدير بالذكر أنه توجد ضحايا للحادث الأليم من المسلمين والمسيحين لأن الكنيسة يقابلها مسجد والألم والحزن يسود أبناء الوطن جميعًا ويدمي قلب مصر.
من ناحيته يرى محمد عبد الوهاب أن هذا المخطط الإرهابي لا يمكن أن يكون صادر عن مواطن مصري بل ناتج عن تخطيط لجهات أجنبية في مؤامرة مكشوفة ركزت على بنيان مصر الثقافي والإجتماعي واستقرارها واقتصادها، وعلى زعزعة دورها القومي، بهدف اخراجها من دائرة الصراع، وتعطيل دورها المعهود في أن تكون ضمانة للنصر.
استهداف مصر وهي البلد الآمن يعني استهداف البعد الإنساني لرسالة السماء قبل أن يكون استهداف للتعايش والتسامح وزرع الفرقة بين المصريين لإفساد روح الحب بين الأقباط والمسلمين. بالاضافة إلى استهداف اقتصاد مصر وهو في المقام الاول، فما يحدث في السودان من محاولات لتفتيت وتقسيم الشمال والجنوب يؤكد أن هناك مخطط تم خارج مصر واستهدف الفتنة والدعوى إلى الإنقسام. مما يجعلنا الآن نحتاج إلى التكاتف والتراص دفاعا عن وحدتنا الوطنية وعن دولتنا المدنية وعن مبادئنا الراسخة، في وجه كل دعاوى الفرقة والانقسام، وفي وجه كل محاولات التخريب والإرهاب.
www.deyaralnagab.com
|