logo
مياه الربيع العربي!!

بقلم : عبله عبد الرحمن  ... 26.10.2011

كثير من استهلاك القهوة، وكثير من استهلاك التدخين، وكثير من تعاطي الإعلام المرئي والمسموع، والمحكي، إلى حد أن صباحاتنا ومساءاتنا وجلساتنا باتت لها ذات النكهة، ايما كانت انتماءاتنا، الكل بات يتكلم بلسان واحد والكل يستمع بأذن واحدة، والأغلب منا على حالة وفاق فيما يذهبون به من شطحات وإصدار أحكام، وهذه ربما تكون ميزة من مميزات الربيع العربي.
جميعنا بات على قلب واحد ولسان واحد، نساءا ورجالا شبابا وشيبا، يخيل لي لو أن لقاء عاطفيا جمع بين حبيبين لكان الحديث سيأخذ سمة السياسة أيضا عن انعدام الإنسانية خلال التعاطي بحدث وقوع الديكتاتور الملون بثيابه المزركشة في يد الثوار، ولكان سيدور الحوار بينهما يمينا وشمالا حول الشك في الدور الذي تقوم به قناة الجزيرة بمصاحبة قناة العربية في تعظيم الأحداث لجهات غير مرئية.
الأبشع من كل هذا أن تكون توقعات الأغلب منا هي الترحم على ما فات إبان حكم هؤلاء الطغاة، ولكن مهلا هل كان الشعب الليبي سيترحم على الرفاهية والعمران والتعليم والحرية التي كان ينعم بها، أم انه سيترحم على أن بطش الحاكم الديكتاتور لم تعرف طريقه، وهل ترحم الشعب التونسي على أيام زين العابدين، أو ترحم الشعب المصري على السنوات العجاف إبان حكم حسني مبارك، أثناء نهب هؤلاء الطغاة لثروات بلادهم.
يقول السياسي المخضرم محمد حسنين هيكل أن ما يشهده العالم العربي الآن ليس ربيعا وإنما هو تقسيم سايكس بيكو جديد، وتلك القوى لا نقول بأنها جديدة علينا فقد عرفناها حتى ألفناها ودرسنا عنها في كتب التاريخ كما احتفلنا وما زلنا في يوم استقلالنا عنها، وربما ما قاله ذكرني بما سمعته من سائق السرفيس، إذ كان هو كذلك على درجة من الوعي وإذ كان محذرا مما سينالنا بعد زوال حكم الطغاة. لا ادري لماذا لم تعجبني النتائج التي توصلا إليها كلاهما، لا ادري لماذا ما زلت متفائلة بالربيع العربي، ولا ادري لماذا لم يعجبني حين قال بأن ثوراتنا تلك ما هي إلا ثورات تسليم المفتاح، ولا ادري لماذا لم أتحمس لفكرة بأننا لن نجني من ثوراتنا إلا ما جنيناه إبان الانتداب الأول بالفارق بينهما على شكل الاحتلال الجديد بأنه لا يعدو أن يكون تسليم موارد ومواقع.
المعركة لم تحسم بعد، والشعوب العربية ليست هي ذاتها، فلديها من الوعي والقوة وإرادة التغيير ما يجعل المستعمر الذي عاد التفافا ودخل من النافذة أن يفكر مرات كثيرة بمشاريع النهب وتحصيل الثروات باسم المؤسسات الدولية والشرعية على أيدي بررة بهم ممن يعملون بعقليتهم.
مياه الربيع العربي وان جرت فأنها تجري لأيام آخر، لأيام من الحرية والديمقراطية، ودولة القانون التي تصون كرامة الوطن والمواطن.
لا نريد أن نترحم على الأيام التي كنا نستهلك فيها الساعات بمشاهدة المسلسلات التركية،لان الشعوب خرجت من غرف العناية الحثيثة وافترشت الشوارع والميادين واعتلت سقف الحرية، سقف الأمل لحياة تستحق ان تعاش، حين ساهمت بإنهاء الاستبداد، لسنوات عجاف طويلة، أوان الخنوع ولت، ومياه الربيع ستجري وأيام السعادة لا بد قادمة.


www.deyaralnagab.com