logo
مدينة اللد بين هدم الماضي والحاضر!

بقلم : إبراهيم حسين أبو صعلوك ... 3.9.07

تعتبر مدينة اللد التي تقع في وسط البلاد من المدن ذات الماضي العريق، حيث يتجسد ماضيها المتمثل في شموخ أحيائها القديمة ومعالمها الأثرية، ككنيستها، ومسجدها الكبير، وخان الحلو، وبئر الزئبق، وجسر جنداس وغيرها من المعالم، وان لم يبقى منها إلا القليل بعد أن نهشتها جرافات السلطات الإسرائيلية لسحق هذا الماضي، الذي يدل على إيباء سكانها الذي بلغ عددهم قبل قيام دولة إسرائيل حوالي 18000 نسمة من العرب حيث لم يساكنهم فيها سواهم.
لقد نسفت قوات الانتداب البريطاني عام 1936 بعض بيوت المدينة التي كان يبلغ عددها حوالي 2475 بيتا ولم تثنيهم هذه العملية عن صمودهم والاستمرار في العيش بكرامة، هذا الصمود، والعزم على الاستمرار في العيش بكرامة، اللذان انتقلا إلى القلة الباقية من هؤلاء السكان، الذين شرد أغلبهم على أيدي القوات الإسرائيلية عام 1948، والى من انضم إليهم من السكان العرب، ممن شردوا من قراهم ومدنهم أيضا ليكونا عونا لهم جميعا في مواجهة أوامر الهدم التي تتعرض لها بيوتهم من قبل السلطات في السنوات الاخيرة على الرغم من الأوضاع المزرية التي تعيشها الأحياء التي يسكنوها بسبب انعدام التخطيط والبنية التحتية والمواصلات العامة النابع من تقصير السلطات نفسها بما في ذلك رؤساء البلدية تجاه هؤلاء السكان، لكن هذا التقصير لم يمنع هذه السلطات وخاصة رؤساء البلدية المتعاقبين من ملاحقة هؤلاء السكان واتخاذ هدم بيوتهم كبطاقة لإثبات ولائهم ووفائهم لمنتخبيهم وإرضاء اليمين المتطرف ويأتي هذا كله بدعم وتأيد وتشجيع من بعض رؤساء حكومات إسرائيل،- واحة الديمقراطية - كشارون، رئيس الوزراء السابق، على سبيل المثال لا الحصر، مما يدل على أن ما يحرك متخذي القرار هو حرصهم على إبقاء الأحياء العربية في المدينة على حالها دون تطوير وتخطيط لإجبار سكانها على مغادرتها وبالتالي يتم طمس ماضيها العربي حين تفرغ من المعالم والإنسان . ومما يؤكد هذا أن مدينة اللد كانت تنعم قبل حوالي العقدين بالرغم من وجود البناء غير المرخص الذي اخذ ينتشر بشكل اضطراري على مسمع ومرأى من السلطات على اختلاف أنواعها بحياة هادئة خالية من آليات الهدم التي أصبحت خلال السنوات العشر الأخيرة تغزو الأحياء العربية بين الفينة والأخرى.لقد شكل سكوت السلطات وتغاضيها عن البناء غير المرخص نوع من الموافقة عليه نظرا لاعتبار السكان العرب هذا السكوت تعاطفا منها معهم بسبب أوضاعهم السكنية المزرية أو تكفيرا منها عن الإجحاف الذي لحق بهم بسبب تقصيرها في تطوير أحيائهم وتخصيص أراض للبناء لهم. ولم تثر قضية البناء غير المرخص في التجمعات السكنية العربية في البلاد عامة واللد خاصة التي حظيت بحصة الأسد من هدم البيوت مقارنة مع أخواتها من المدن المختلطة كالرملة، يافا، حيفا، وعكا، بشكل قوي وواضح إلا انه عندما أقدمت الحكومة الإسرائيلية على إخلاء بعض البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة والقطاع علما أن هذه المستوطنات نفسها غير قانونية وغير شرعية لكن صدق من قال "القوي عايب" فلما أثيرت قضية هذه البؤر اخذ اليمين الإسرائيلي المتطرف بإثارة قضية البناء غير المرخص في الوسط العربي في إسرائيل وكأن فرص التخطيط والترخيص وتخصيص الأراضي متكافئة فعلى سبيل المثال تم في اللد بناء حي لليهود المتدينين ممن اخلوا من المستوطنات يشمل جميع الاحتياجات واللوازم من بنية تحتية ومرافق عامة وسبل الراحة بتكلفة 7 شيكل لقسيمة البناء الواحدة في الحين الذي يمنع سكان اللد العرب، سكان البلاد الاصليين، حتى من شراء بيوت في الأحياء اليهودية في المدينة لكي لا يضطروا إلى اللجوء إلى البناء غير المرخص في ظل عدم تخصيص أراض للبناء لهم يمكنها تخفيف الاكتظاظ السكاني في أحيائهم بما يتناسب مع ازديادهم الطبيعي على الأقل وتأتي هذه السياسة لتعزيز وتكثيف وجود السكان اليهود في المدينة ليتناسب مع جنوحها الملموس نحو اليمين الإسرائيلي بشكل سريع خلال السنوات الأخيرة حيث حصلت الأحزاب اليمينية المتطرفة في انتخابات البلدية على نسبة ملموسة من مجموع الأصوات وعلت بعض الأصوات أيضا ضد الوجود العربي في المدينة ناهيك عن اللقاء الذي عقد الشهر الماضي في اللد لمناقشة وثيقة التصور المستقبلي للعرب في إسرائيل بحضور عضو الكنيست اريه ايلداد، من كتلة ايحود لئومي – مفدال ويسرائيل حسون، من حزب يسرائيل بيتنو اليميني (اسرائيل بيتنا! (. مما يثبت أن الوجود العربي في اللد يتعرض لهدم الماضي والحاضر على سواء واحد !!

*كاتب فلسطيني من مدينة اللد

www.deyaralnagab.com