بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 12.01.2012

يبدو اننا ومنذ امد قد تعودنا على حاله فريده من نوعها في التاريخ الفلسطيني والعربي بشكل عام الى حد اننا قلبنا الامور والامثال والاقاويل على عقب ولم تعد مقولة اكذب ومن ثم اكذب حتى يصدقك الناس ساريه و تنطبق على مسلكية سلطة رام الله ومشتقاتها بل ماهو جاري ان الامر صار اكذب فاكذب حتى تخترع الكذبه القادمه ولا تهتم بتاتا بقضية ان صدقك الناس ام لم يصدقوك فهم بالاصل لم يصدقوك ولم ينتخبوك ممثلا لهم ولا ناطقا باسمهم, فأنت هذا هو الذي قلد نفسه وثلته المناصب والالقاب من فخامة الرئيس وحتى سيادة الوزير اللذي لا يتمتع بالسياده لا على الطاوله الذي يجلس عليها ولا على رقعة الارض اللتي تجلس عليها الطاوله..كل شئ مُحتل وكل امر مُختَّل من القاب الرئيس بدون دوله ومرورا بالوزير الموزَّر وحتى الوكيل الموقَّر.. القاب والعاب ودنيا شعلانه بالخطابات الناريه التي تحدد هذا الموعد او ذاك كموعد نهائي للمفاوضات مع سلطات الاحتلال وبعدها ان لم يحدث شيئا سيكون الطوفان وهو الطوفان والتسونامي المعكوس والمقلوب الذي يتجلى بموجات المد الاستيطاني الصهيوني الذي ضاعف وجوده وحدودة اضعاف الاضعاف في فلسطين منذ ان خلقت امريكا له دايه ومطيه اسمتها سلطه فلسطينيه لا سلطه لها ولا حيله لها حتى في تحصيل راتب موظفيها التي تدفعه امريكا واوروبا حلفاء الاحتلال وممولي استيطانه والته العسكريه الذي يقمع بها الشعب الفلسطيني...مفارقة مصدر راتب موظفي السلطه وثمن الرصاص الذي يخترق صدور الشعب الفلسطيني.. مفارقه دفع الراتب ودفع الثمن..امريكا تدفع الراتب والشعب الفلسطيني يدفع الثمن غاليا من دمه وارضه ووجوده ومستقبله..امريكا تلعب لعبة الراتب والمفاوضات كشرط حتى تتيح للاحتلال مزيدا من الوقت في الوقت التي تضاعَّف فيه عدد المستوطنات الصهيونيه واعداد المستوطنين في الضفه والقدس في فترة ما بعد اتفاق "أوسلو" عام 1993، عشرات المرات.. قبل عشرين عامًا لم يتجاوز عدد المستعمرين" المستوطنين" في الضفه والقدس مائة وخمسة آلاف مغتصب، في حين أن القدس وحدها اليوم 2012 تحوي مائتي ألف مستعمر صهيوني، إضافة إلى ثلاثمائة ألف آخرين في الضفة.. ومع كل هذا وعلى مدى العشرون عام العجاف ما زالت السلطه الفلسطينيه تفاوض..
على ماذا تفاوض !..تفاوض ببساطه من اجل توفير الراتب لموظفيها..امريكا والغرب يقولون فاوضُوا ولوكذبا تقبضوا راتبا..ان لم تفعلوا هذا لا راتب..نُو راتب. ولهذا يصرح البهلوان المخضرم المدعو نبيل ابوردينه مؤخرا" بأن اللقاءات الفلسطينية الاسرائيلية ستستمر حتى نهاية يناير كانون الثاني الجاري لبحث ايجاد أرضية لاسئتناف المفاوضات المباشرة المتوقفة منذ ما يزيد عن العام. ويزعم ابوردينه بان "اللقاءات استكشافية وليس مفاوضات"... طبعا هذا البهلوان الكبير في الكذب والفبركه يريد اقناعنا بان الامر يتعلق باستكشاف وليس مفاوضات وامنيات وليست افعال وشروط... ابوردينه يستكشف الكذب بالكذب ويتمنى ان توقف اسرائيل الاستيطان في القدس وترضى بحل الدولتين على حدود عام 1967 بالرغم من الاحتلال لم يبقي لا خط اخضر ولا حدود 67 لابل انه الان يتوغل في حدود ما بعد بعد القدس ورام الله والخليل.. مستوطنات الاحتلال تقع الان خلف الطاوله والمكتب الذي يجلس عليه ابوردينه ورئيس سلطته...صار الاحتلال خلفه وامامه وبجانبه وما زال ابوردينه يستكشف الحاله الاسرائيليه ويطالب اللجنه الرباعيه بلجم اسرائيل ووقف الاستيطان.. اللجنه الرباعيه هي بالمناسبه الوجه الاخر والبشع لعُملة الاحتلال والذي يرأسها مجرم الحرب توني بلير الذي طالب الفلسطينيون بعظمة لسانهم قبل فتره اقالته من رئاسة اللجنه الرباعيه بسبب انحيازه لاسرائيل!!
..ابوردينه وجماعته يريدون استكشاف الموقف رغم انه من غير الوارد ان توقف اسرائيل المدعومه امريكيا الاستيطان او الزحف على القدس ولا القبول بعودة اللاجئين لابل لن توقف اسرائيل حفرياتها تحت الاقصى الايل للسقوط جراء الحفريات الاسرائيليه..ماهذا الكذب والدجل الفلسطيني في السلطتين غربا وشرقا..الشق الشرقي يستكشف والشق الغربي يتبنى النضال السلمي والمظاهرات..المظاهرات ضد من؟..غزه لايوجد فيها احتلال ولا حتى نقاط تماس مع الاحتلال..منطقه مغلقه ومحاصره.. زمَّاره وناقوس..زمارة مفاوضات وناقوس خطر المظاهرات السلميه الزاحفه من الغرب الفلسطيني نحو الشرق..طبعا مع تصريح اسرائيلي.. تصريح للمظاهره والمرور ايضا...العرس في رام الله والرزعه في غزه...الرئيس الشرقي داير.. ورئيس الوزراء الغربي في زيارات رسميه خارج الوطن...واحد بفاوض في عمان..بيستكشف!... والاخر شطَّاح بين انقره وتونس الخضراء وسوَّاح في الخرطوم.. دولة رام الله ودولة غزه..زيادة الخير خير..دولتين.. وحده على راس الجبل. والاخرى على شاطئ البحر!!
بالمناسبه نحن في وضع مصالحه ووئام فقط الى عند حدود العاصمه المصريه.. مساحة القاهره.. وبعدها وعلى حدود الوطن بتعود الامور وبتفرط وبتعود الاتهامات المتبادله..انتم اعتقلتُم.. لا انتم اعتقلتُم من جماعتنا..طبعا المقصود جماعة رام الله وغزه...هاذول الجماعتين ببساطه اعتقلوا الوطن الفلسطيني وسجنوا الشعب الفلسطيني والقوا به في جب التاريخ...اعوذ بالله من الشيطان الرجيم...اعوذ بالله من الباطل والكذب الفلسطيني الغربي والشرقي.. بحر من الكذب والدجل.. الكذب يتساقط على رؤوس الشعب الفلسطيني كالمطر..غرب وشرق وشمال وجنوب.. كذب مستمر منذ عقود..كذب صار يطرز التاريخ الفلسطيني.. ثوب كامل مُطرَّز بالكذب.. وين على رام الله.. وين على غزه.. الرحله الى القدس من رام الله صارت شاقه وشبه مستحيله..حواجز.. تصاريح.. اسوار.. حيطان عازله.. .شرطه.. عن استحالة الرحله من غزه الى القدس حدث بلا حرج...طبعا ما زلنا نغني بالملايين عالقدس رايحين...كيف..بالمفاوضات..بالاستكشاف..بالمظاهرات.. اه.. تذكرت الان اغنيه من ايام الثوره...من اجل حيفا نمشي.. ومن اجل عكا نمشي.. وكي نمشي وكي نمشي. حتى القدس!.. بعدنا ما وصلنا لا حيفا ولا عكا ولا على الطريق الى القدس...مشغولين بالانشقاقات والمفاوضات وكمان الراتب...بدنا نعيش.. مش نحن...هُم: جماعة الراتب والمقاومه السلميه..مات زيد وضاعت اخبار الوطن بين حانا ومانا..حانا الراتب وكذب القيادات الفلسطينيه.. كذب السلطه الفلسطينيه..السلطات الفلسطينيه..فن تطريز الكذب.. الشعب الفلسطيني يشتهر بمهنة التطريز وتطريز الاثواب واللوحات الفنيه والتراثيه الجميله بينما سلطة اوسلو امتهنت مهنة تطريز الكذب..السلطه التطريزيه الفلسطينيه..لوحة كذب مفتوحه ومفضوحه...سلام مزعوم.. خرائط طريق مزعومه..مبادرات.. لجان..طلبات عضويه دوله.. الرئيس.. الوزير..جعجعه بلا طحين.. وين دولتك يافخامة الرئيس او افضل فخامة الروَّيس!.. قصَّاص الاثر وقصاص الكذب.. حتى لقصاص الكذب لسنا بحاجه لان اثار الكذب واثره واضحه وتتجلى بوضوح في حالة الشعب الفلسطيني...ياريت يطل الرئيس ومعه ابوردينه من شباك المقاطعه في رام الله ويشوف اللي جرى للقدس.. ويشوف[يرى] ماذا فعل الجدار العازل باحشاء الضفه الفلسطينيه.. قطعها اربا اربا وقرية قريه ومدينه مدينه وجبل جبل وسهل سهل..!!
منطق مقلوب هذا الجاري في فلسطين واكثر من مقلوب هذا الجاري في القدس التي تتعرض الى ابشع اشكال التهويد والتطهير العرقي في حين تلعب السلطه التطريزيه الفلسطينيه بمزيد من الزمن وتهدر المزيد من الوقت في تطريز المزيد من الكذب والتضليل وتنتقل من طور الى طور من الفشل ومفاوضات فارغه وفارعه وغير مضبوطه بالمطلق.. الذي يضبط ايقاع لعبة المفاوضات التضليليه هو الاحتلال الاسرائيلي وامريكا بينما السلطه الفلسطينيه منهمكه فقط في التصديق على هذا التضليل الذي الحق بالشعب الفلسطيني اضرار جسيمه جغرافيا وديموغرافيا ووطنيا وسياسيا.. ان ماهو جاري في فلسطين ليس مفاوضات ولا سلام لا بل هو خليط من الكذب والتضليل الذي يمنح الاحتلال الاسرائيلي المزيد من الاحتلال..نعم المزيد من الاحتلال والاستيطان والمشكله لا تكمن في عودة المفاوضات من عدمها لا بل في استحالة استمرارها في ظل الشروط الاسرائيليه وفي ظل الواقع المر الذي يعيشه الشعب الفلسطيني جراء نهج السلطه التطريزيه والتفريطيه التي لم تطرح على مدى عقدين من الفشل بديلا واحدا سوى الكذب والاستمرار في تأمين الراتب لموظفيها...الوطن مقابل الراتب...الوطن في مرمى الراتب والتضليل...مفاوضات وجعجعات اعلاميه بلا طحين.. لا شئ...سوى استمرارية الكذب الفلسطيني السلطوي واستمرار الاستيطان الاحلالي الصهيوني..!!
لم تعد الامور تتحمل اكثر من ماهي عليه والشعب الفلسطيني اليوم يعاني وطنا ومهجرا من الاحتلال والاهمال الى حد ان حالة المخيمات الفلسطينيه صارت مهلهله في الوطن والمهجر..في الوطن وقطاع غزه تغرقها الامطار والطين وفي لبنان يحلم المخيم بكيس من الاسمنت لاصلاح البيوت والمنازل الخربه وفي القدس يُقطع الاستيطان الصهيوني الاحياء العربيه جغرافيا وديموغرافيا اربا اربا.. في الضفه وحال غزه حدث بلا حرج والكارثه ان السلطتين الفلسطينيتين يغطسان اكثر واكثر في عتمة الاكاذيب والتبرير والامَّر من هذا ان السلطه تغرق معها الشعب الفلسطيني بالشعارات الكاذبه وتبعده منهجيا وامنيا عن مقارعة الاحتلال الذي يحتل الارض الفلسطينيه ويزيد من استيطانه واستهتاره بحقوق الشعب الفلسطيني...
ماهو جاري ان سلطة التطريز الفلسطينيه تصادر وتطفي يوميا المزيد من شموع الامل الفلسطيني وهي سائره في اتجاه اغراق القضيه الفلسطينيه في عتمة التاريخ والجغرافيا وهذه العتمه تزداد يوما بعد يوم وليلة بعد ليلة حلكه وقتامه في ظل استمرار عجز السلطه الفلسطينيه واستحواذها على الحاله الفلسطينيه من خلال التضليل والتعتيم..واليوم وبعد عقود من وجود هذه السلطه تزداد الامور تعقيدا لانه ببساطه هذه السلطه تداري على الاحتلال الاسرائيلي وتقتل الامل لابل تغتاله وتنتزعه من قلوب الشعب الفلسطيني, حيث يذوب يوميا وهج القضيه في ظل زرع السلطه المزيد المزيد من اليأس والاحباط..شبعنا كذب واحباط..الى حد التُخمه!!
ببساطه صارت السلطه التطريزيه الفلسطينيه درعا يحمي وجود الاحتلال واستمراريته بدلا من ان تكون درعا يحمي شعبها من الاحتلال والاستيطان..السلطه ادخلت الشعب الفلسطيني الى غابة من التيه والاحباط.. ويبقى السؤال المفتوح وهو ليست ماذا فعلت السلطه للشعب الفلسطيني لا بل ماذا فعلت بالشعب الفلسطيني؟..كادت ان تمحوه من الوجود الوطني والنضال ضد الاحتلال...ان الاوان للشعب الفلسطيني ان يمحى هذه السلطه من حياته ووجدانه ويرتقي فوقها..يقفز عنها ويصحح مساره نحو التحرر والتحرير..الربيع الفلسطيني مطلوب اليوم بالحاح...السلطه الفلسطينيه تتقن فقط فن تسفيط وتطريز الكذب لا اكثر..السلطه التطريزيَّه: بحر من الكذب والعجز والفساد ايضا!!