logo
الكباب والثورة... !!

بقلم : سهيل كيوان ... 08.09.2011

يبدو هذا المقطع خياليا وساذجا جدا، ولكن من يتابع ما تبثه فضائية النظام في سورية لن يتفاجأ، وهذا من وحي ما تبثه وهو كثير.
لم أكن أتصور ولا حتى في أسوأ أحلامي أن يحدث هذا لي شخصياً، ولكنه حدث للأسف وبعد فوات الأوان، فقد خرجت من صلاة يوم الجمعة من مسجد الزعفران في حمص..
الجمعة الأخيرة..!
نعم وذلك لأنني كنت في زيارة لأهل زوجتي في باب السباع،لأنني منذ أشهر لم أزرهم، وبعد عشر أوعشرين خطوة من خروجي من مدخل المسجد الغربي فوجئت بصديق من أيام الدراسة الثانوية، تعانقنا وبعد السلام والكلام قال لي ما رأيك بالتقاط صورة تذكارية، وقفت وصديقي الذي طلب من شاب ثالث أن يصورنا بواسطة هاتفه النقال وقد استغرق هذا بضع دقائق، في هذه الأثناء سمعت لغطاً من ورائنا فالتفت فإذا بمئات الأشخاص الذين خرجوا من المسجد للتو واقفين من ورائنا ولم أفهم سر وقوفهم حول شاحنة وهم يتدافعون، دفعني الفضول لمعرفة الأمر فإذا بشبان ملتحين يوزعون على الناس ساندويتشات وعصائر بالمجان، وهذه أول مرة أرى مثل هذا، ظننت لأول وهلة أن أحدهم يوزع السندويتشات والعصائر عن روح والده أو شقيقه وهذا ما ظنه كثيرون مثلي، فقد سمعت البعض يقول 'الله يرحمه ويخلي الموجودين'! وكان المئات من الناس واقفين بالدور حول الشاحنة بعضهم يتناول الساندويتش فوراً بين أسنانه ويمضغ وبعضهم يلفها كي يأكلها فيما بعد والبعض يتدافع، خصوصا من الشبان صغار السن، وبدا لي كل هذا الأمر غريباً، ولم أكن قد استوعبت ما يجري..
وبعدين شو صار...؟
فجأة صاح أحدهم من الخلف بهتاف بذيء، لا أريد أن أذكر ما هو هذا الهتاف بالضبط لأنه غريب على عادات شعبنا وأخلاقه، المهم أن عددا من الأفراد ردوا عليه وما لبث أن تبعهم عشرات ممن تناولوا الساندويتشات بالهتاف..
فقط من تناولوا الساندويتشات...!
نعم فقد انقسم الناس إلى آكل كباب وغير آكل، وبدأت مظاهرة من بضع عشرات بالتحرك، ولكنها لم تتحرك أكثر من خمسين مترا لالتقاط الصور التذكارية كما يبدو وعندها سمعت إطلاق نار...
يعني من أين مصدره ...؟
أنا متأكد أن إطلاق النار أتى من جهة الشاحنة التي كانت محملة بالسندويتشات، ورأيت بعض الشبان على الأرض وقد أصيبوا وهم ينزفون وقد ظن الناس أن قوات الأمن هي التي تطلق النار..
هل كان هناك سيارات تابعة للأمن...؟
كان هناك سيارة وضابط وبعض العناصر طلبوا من الناس بكامل الأدب والذوق أن يبتعدوا كي يتعاملوا مع المجرمين .. ولكن ناس الكباب صاروا مثل المجانين، لم يكن الأمر طبيعياً أبداً..
إذا فالصورة تتضح...
نعم، وفهمنا بعد فوات الأوان أن الكباب كان يحوي حبوباً للهلوسة..كذلك عرفت فيما بعد أن كل ساندويشه لفوها بخمسمئة ورقة لتشجيع المتظاهرين، وهذه الحبوب كي لا يشعر المتظاهرون بالمسافة أو الوقت الذي يقضونه في التظاهرة..
- للأسف هناك من لا يدري خطورة أفعاله مقابل قليل من المال...
وعلى فكرة تخيلوا أنهم في نهاية المظاهرة سيحصلون على خمسمئة دولار أمريكي ويورو،والمهم أنني استوعبت ما كنت قد سمعته من جارتنا...
وماذا سمعت من جارتك...؟
سمعت ابنها يقول..ماما أنا جوعان بدّي آكل..شو عندك أكل اليوم..؟
فقالت له: خود أخواتك وروح اشترك بشي مظاهرة بتاكلوا كباب وبتكسبوا فلوس...
وقتها أنا لم أفهم ما هو قصدها، فنحن منذ عقود نتظاهر أباً عن جد محبة للسيد الرئيس منذ المرحوم ونعاهد على مواصلة مسيرة البناء والعطاء والإصلاح...
طبعا لو عرفت هذه الأم أن الكباب الذي سيأكله أولادها مدسوس بالسموم لما أرسلتهم فهي ظنت ببراءة أن المظاهرات سلمية كما يتيح الدستور لكل مواطن حرية التعبير، وظنت أن تتخلص من عبء الطهو في ذلك النهار. على كل حال وزارة الصحة أيضا حذرت من هذا الكباب لأن مصدره مجهول وصادرت كميات كبيرة من اللحوم القادمة من تركيا..
صحيح، فقد قال لي صديقي إن (الكبابجية) في الحقيقة هم جند الشام...وهم من يطلقون الكباب على الناس لإثارة الفتنة بين قوات الأمن والشعب...
قصدك النار ...
نعم النار والكباب...
على كل حال لقد باتت الأمور واضحة وهذا ما أكدته المحللة الروسية (أولغا كريستتشنانوفسكايا) بأن ما يحدث في سورية هو مؤامرة خارجية،...وما الذي حدث لصوركما أنت وصديقك...
الشاب الذي صورنا بهاتفه النقال أرسل الصور للفضائيات المشبوهة والمعادية وادعى أنها صور لمظاهرة صاخبة ضد النظام وان قوات الأمن قتلت وجرحت، وسمعتُ أنهم يقبضون عن كل شريط مثل هذا عشرة آلاف ورقة.
على كل حال هذا ما حدث للنائب العام في حماة فقد اختطفوه وجعلوه يتحدث عن أسرى وجرائم ومقبرة جماعية وهمية غير موجودة أصلا...نتمنى أن يفك أسره بأسرع ما يمكن كي نعرف بالضبط ما حدث ويعرف العالم حقيقة هؤلاء المجرمين...وبعد قليل سوف نعرض جنوداً قال المتمردون إنهم منشقون ولكنها ليست سوى فبركات اعلامية ومعظم الشهداء الذين يتحدثون عنهم ما زالوا أحياء يرزقون في الدنيا وليس في الاخرة فقط، وبعضها أسماء لا وجود لها في سجلات الداخلية، وكل ما يحاول المجرمون بثه هو وهم وخيال وعالم افتراضي اقتبسوه من الشبكات الاجتماعية!
- صحيح، فيما بعد عرفنا أن الحبوب التي كانت تدس لرجال اللجان الأمنية غير تلك الحبوب التي دست في كباب المتظاهرين، فهي أقوى وأخطر وتجعلهم بلا رحمة فيقتلون الضحية ويمثلون بها بشكل وحشي..
- وماذا تقول الآن بعد هذه التجربة الأليمة؟
- أقول أنني نادم لأنني تصورت مع صديقي دون أن أعرف من هو المصور ولا نوع آلة التصوير وأنصح كل أم أن تطبخ في البيت وألا ترسل أبناءها الأبرياء لتناول الكباب لا من المظاهرات ولا من المطاعم إلا تلك التي تبرز تراخيص رسمية من وزارتي الدفاع والصحة..
- طبعا لا يمكن منع الناس من تناول الكباب، فالكباب الشامي مشهور ولا يخلو بلد عربي من مطعم يقدم الكباب الشامي ولكن الحذر مطلوب. هكذا وبدخول الكباب الحموي والحمصي على الخط تكون الصورة قد اتضحت تماماً، بل إن ما يسمى بالربيع العربي كله بات على كف أو إصبع كباب، وهذا ناقوس خطر ليس للعرب فقط بل للعالم أجمع، فمن يدري فقد تقوم منظمة إرهابية في ألمانيا باصطناع ثورة من خلال دس الحبوب في (السجق) أو رشها على الجعة فتخرج مظاهرات مليونية بهتافات من طراز 'يا إنجيلا يلعن شكلك..الغوريلا أحلى منك'! أو دس الحبوب في السوشي لإسقاط النظام في اليابان فيهتف الشعب 'يوشيهيكو يلعن وجهك التسونامي أرحم منك'..


www.deyaralnagab.com