النقب وخطورة المرحلة!!
بقلم : طلب أبو عرار* ... 19.01.2012
النقب، وان كان صحراء قاحلة، إلا أن من عمّروه هم أهله من أبناء البادية العرب، عاشوا فيه بكرامة، وعزة، وصبر على العناء، وما زالوا، فقلة العمل، وصعوبة إيجاد لقمة العيش بقيت سيدة الموقف، وأهمية النقب الإستراتيجية ما زالت هي نفسها الإستراتيجية، ( المقصود الجغرافية والأمنية) وان لم تكن زادت في ضوء الوجود الإسرائيلي، الذي يمنع التواصل بين العرب في الغرب والشرق (قطاع غزة غربا، والضفة الغربية شرقا)، نعم كل المخططات الإسرائيلية تحاول عزل العرب وعرب النقب وتواصلهم مع أشقائهم العرب في الضفة والقطاع، فأولا من خلال قانون "منع لَم الشمل"، وثانيا وثالثا ورابعا خطة شارون التي تقضي بعدم السماح لبناء قرى عربية في النقب بتواصل من الشرق أو الغرب، أو في مخطط "الدمار" غولدبرغ – برافر، والذي ينص بوضوح على أن لا حق للعرب في الأراضي غربي شارع 40، وانه لن يسمح ببناء قرى عربية غربي شارع 40، أي باتجاه قطاع غزة، علما أن من وضع هذا هو "برافر" الذي وضع اللمسات الأمنية الأخيرة على مخطط "غولدبرغ".
إسرائيل لم تنه على ما يبدو احتلال النقب، فالحكم العسكري، وغيرها من أساليب باقية حتى اليوم، فخصصت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تقريبا وزيرا ليعالج أمور البدو، وسنت القوانين الكثيرة من اجل سلب الأراضي العربية، فمنذ قيامها وهي ترحل وتهجر عرب النقب، واستمر التهجير ما زال حتى يومنا هذا.
ففي كل زمان كانت إسرائيل تضع مخططاتها في النقب بحجج الأمن، وكانت تهجر سكان عرب من أراضيهم بحجج الأمن، وبعد فترة تبني على الأراضي المصادرة مستوطنات لليهود، وحتى أنفضح هذا الأسلوب، جاء أسلوب "الحق الذي يراد به الباطل"، فبحجة "التطوير" توضع المخططات المبنية بالأساس على سلب الأراضي العربية، ومنها: خطة "متربولين بئر السبع"، ومخطط "غولدبرغ- برافر"، ومخططات أخرى جانبية، فمثلا إقامة 10 مستوطنات في منطقة "السياج" التي تتواجد فيها الأراضي العربية والقرى العربي، والمزارع الفردية التي بنيت بغير ترخيص، وبدعم من الوكالة الصهيونية التي تحكم وترسم، ومن ثم تمت شرعنتها، ولم تحظى القرى العربية بشيء، إلا بالهدم والتدمير، وبدأنا نرى انه عندما تهدم مستوطنة، أو مغتصبة غير قانونية في الضفة والقطاع، نرى في اليوم التالي عمليات هدم لعدد مضاعف للبيوت العربية في النقب.
واليوم النقب يقف على مفترق طرق، مخطط "غولدبرغ – برافر" المدعوم من الحكومة اليمينية، والذي نشر كمذكرة قانون ليسن قانون وبه سيتم سلب الأرض، وتهجير عرب النقب، بالقوة لا غير.... حيث من المقرر سلب 800 ألف دونم من خلال القانون، وتهجير ما يفوق 30 ألف مواطن عربي من أراضيهم، وهدم 45 ألف بيت عربي على اعتبار أنها غير قانونية، وما جاء مخطط "غولدبرغ- برافر" إلا لحاجة أمنية أولا وأخيرا، تضخمت بشكل بارز بعد التغيير الذي طرأ في قطاع غزة، والربيع العربي، والذي اسقط نظام مبارك الموالي لإسرائيل، وغيرها من تحركات، والحاجة الماسة لإسرائيل، أن تزيد من التعداد السكاني لليهود في النقب، وزيادة قرب رجالات الأمن من المعسكرات، ومراكز القيادة، ومراكز التحكم في الآلة الحربية الإسرائيلية، نظرا لكون جميع المخططات تتحدث عن نقل معسكرات كثيرة للجيش والأمن إلى النقب، وإبعاد هذه المعسكرات عن مراكز المدن الكبرى في المركز، كون أي حرب قادمة ستكون أهدافها مراكز التحكم، والمعسكرات، والقيادة، فجعل هذه المراكز في النقب، وبعيدة عن أعين الناس، وغيرها يفيد الأمن.
إذا الحديث قد يكون في هذه المرة حول تنفيذ مخطط "غولدبرغ- برافر" أكثر جدية، وأكثر تعقيدا، والعمل على الإقناع بايجابيات المخطط على العرب ينفذ في هذه الأيام من قبل مؤسسات التخطيط، والحكومة والأمن، وإننا من خلال تجربتنا مع إسرائيل كوننا نعيش فيها كفلسطينيين ( احتلال 48)، وكأقلية عربية، تنفذ مخططاتها من خلال الإغراء بالمال، و "فرق تسد"، وزرع الفتن بين الناس، وهذا ما يعيشه النقب في هذه الفترة.
فسبحان الله! كثير في هذه الأيام في النقب يروج القيل والقال، وكثرة السؤال على غير العادة في أمور جانبية، والركوب على الموجه... والأمر الذي يدعو للشك... فتح صفحات قديمه لم يكشفها البعض إلا الآن في هذه الفترة الحرجة... وكأن الكاشف لهذه الأمور ابن اليوم... فالسؤال الذي كشف الكثير.. لماذا لم تتحدث عما تتحدث عنه قديما؟... وان كان الجواب انك لم تعلم عنها... من كشفها لك اليوم؟، وسؤال القنبلة... لماذا في هذه الأيام بالذات؟ والى وسائل الإعلام العربية في النقب خاصة... لماذا لم تكن لكم مصادر بالأمس؟ ولم يذكر ببالكم حرية التعبير إلا اليوم؟.. فسبحان الله!. فستكشف الأيام المستور، وستكشف مظاهرة 26/1/2012، صدق الصادقين الذين ينادون بالمصلحة العامة، وسينكشف من سينطوي في ذلك اليوم على نفسه، ولا يجند لتلك المظاهرة، لان العمل هو امتحان الشعارات.فلا للتشرذم الذي هجر به في الثمانينات وما قبلها آلاف العرب، وصودرت خلالها آلاف الدونومات، فلنعتبر!.
بحجم القضية يجب أن يكون الرد
قضيتنا في النقب قضية جبارة كبيرة، وهي ليست قضيتنا كسكان النقب العرب فحسب، بل هي قضية عرب الداخل عامة، ومن هنا:
على كل مسؤول من مشايخ القبائل، وكل مسؤول حزبي، أو ديني، أو شعبي، أن يشمر عن سواعده، وان يجند آلاف الاعتراضات على مذكرة القانون، علما انه لم يبق إلا الشهر لتلك الاعتراضات، والتجنيد وبكثافة لمظاهرة 26/1/2012، الساعة الحادية عشرة، أمام مبنى دار القضاء، والمجمع للمباني الحكومية في بئر السبع، لان الذي يهمه النقب سيعمل، ومن يطلق الشعارات سيُعلم، فيد بيد لنكون على قدر المسؤولية... فعلينا أن نعمل من اجل مصلحتنا، ووجودنا، والتعالي عن الخلافات، والمصالح الزائلة، لان القانون الجائر سيطبق على الجميع.
ومن الناحية الأخرى، نناشد الدول العربية، وجامعة الدول العربية التي تمثل الدول العربية قاطبة من اجل وقف الظلم، والتهجير الذي تمارسه الأغلبية الصهيونية، ضد الأقلية العربية في النقب وفي الداخل الفلسطيني عامة، وأين المؤسسة الإعلامية في جامعة الدول العربية من إظهار قضيتنا على المستوى العربي والعالمي، كما إننا نرى التقصير وتجاهل قضيتنا من الأطر الحقوقية الدولية اتجاهنا، فلو عاملت دولة عربية أو إسلامية يهودا كيفما تعاملنا إسرائيل لتدخلت تلك المؤسسات بصورة عاجلة... فأين المؤسسات الدولية؟... وأين الاتحاد الأوروبي؟، وأين الصدق العالمي؟.
*الشيخ طلب ابوعرار: المسؤول السياسي للحركة الإسلامية في النقب
www.deyaralnagab.com
|