logo
ثغرات خطيرة في بيان المجلس الوطني السوري!!

بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 09.10.2011

لم أكن في يوم من الأيام مع أي نظام استبدادي، ولن أكون. ولم أكن مع الاستبداد في المؤسسات وتحويلها إلى مناطق نفوذ شخصية أو قبلية أو شللية، ولن أكون. وقد كتبت مرارا حول الوضع في سوريا بخاصة بعد أن أصبح الدكتور بشار الأسد رئيسا للجمهورية، وقلت إنه يجب تغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية في سوريا، ولا بد من إحداث تغييرات جوهرية تسمح للجميع في المشاركة السياسية وممارسة الحرية بخاصة حرية التعبير والاختيار. ولم أكن أبدا مقتنعا بأن النظام السوري سيحقق توازنا استراتيجيا مع إسرائيل في ظل فساد الحكم والطغيان والرشى وقمع الحريات. الأمم التي لا يتمتع شعبها بالحرية لا يمكن أن تكون رائدة تحرير، والشعب الذي يذوق الذل من أبناء جلدته تدوس رقابه نعال الأعداء.
ومنذ البدء كان من الأجدى للرئيس السوري إحداث تغيير جوهري في مختلف نواحي الحياة بدءا بالأشخاص القائمين على إدارة شؤون الناس وليس بمشاريع القوانين. الإصلاح لا يبدأ بمشاريع قوانين، وإنما بتغيير الأشخاص القائمين على الفساد والظلم والاستعباد. وأظن أن الرئيس الأسد يمكن أن يكون مقنعا إذا خلع المسؤولين عن الظلم الذي لحق بالناس عبر السنوات، واستبدلهم بأناس جدد يملكون قدرة إدارية ويتمكنون من صياغة مشاريع قوانين أو دستور جديد للبلاد. وجدليا لا يمكن للرئيس الأسد وغيره من الرؤساء تحقيق تغيير ملموس بأناس رفضوا التغيير عبر عشرات السنوات.
وفي المقابل، اطلعت على بيان المجلس الوطني السوري، وفضلا عن الملاحظات حول تمثيله لكل قوى المعارضة، أسجل الملاحظات الخطيرة التالية:
1- لم يتحدث البيان عن وحدة الديار السورية، أي بلاد الشام، ولم يأت على رفض سايكس بيكو وصك الانتداب الذي فسخ سوريا إلى أربع انتدابيات وهي سوريا الصغرى والأردن ولبنان وفلسطين. نحن نتطلع إلى وحدة الشعب والأرض، والمجلس الوطني يتجاهل المسألة تماما.
2- لم يأت بيان المجلس الوطني على ذكر الجولان وهي أرض محتلة من أراضي سوريا الصغرى، وتحريرها واجب علينا جميعا. وإن لم يكن تحرير الجولان واجب عربي وشامي، فهو على الأقل واجب داخلي سوري. كيف يتجاهل البيان هذه المسألة الجوهرية والحيوية، والتي يذكرنا فيها المتظاهرون السوريون باستمرار عندما يقولون إن دبابات النظام تظهر في المدن السورية ولا تظهر في الجولان.
3- أين قضية فلسطين في البيان؟ لم يأت البيان على ذكر فلسطين وهي أرض عربية وجزء لا يتجزأ من أرض الشام المقدسة. ولم يأت البيان على ذكر إسرائيل وجرائمها وضرورة التصدي لها لأنها مغتصبة للأرض ومشردة للشعب، ونقيض حرية الإنسان العربي.
4- لم يذكر البيان المقاومة اللبنانية وحزب الله، ولم يلمح إلى ضرورة دعم المقاومة. هناك خلاف واضح بين قوى المعارضة وحزب الله، لكن هذا الخلاف يجب ألا يمتد بتاتا إلى المقاومة، ويجب ألا يمس مسألة التعاون مع المقاومة اللبنانية من أجل تحرير الأرض والمقدسات. يجب ألا يطغى الخلاف السياسي أبدا على المسألة الوطنية، ووحدة القوى العربية والإسلامية في مواجهة إسرائيل يجب ألا تكون موضع نقاش أو جدل أو مساومة او تجاهل أو تشكيك. ومن يريد أن يتجاهل المقاومة ودورها في تحرير الأرض، إنما يبحث عن حلول يتحكم الآخرون بتفاصيلها.
5- واضح أن هناك مطالبة من طرف غير صارخ بتدخل دولي في سوريا وذلك من خلال دعوة مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته. مجلس الأمن ليس وصيا علينا، وسبق لهذا المجلس وللأمم المتحدة أن اتخذا قرارات قاسية بحق العرب والمسلمين، وما زلنا نعاني من ظلم المؤسسة الدولية ومجالسها المختلفة.


www.deyaralnagab.com