شرارة الحياة!!
بقلم : عبله عبد الرحمن ... 19.12.2011
فراش فارغ بساعة مبكرة .. خطوات متثاقلة جيئة وذهابا في أماكن مختلفة من البيت، ضجيج مصطنع غيظا من فراش ما زال يتنفس صعودا وهبوطا وكأن من يلتحفه في شهقات حلمه الأخيرة.
ذهابنا إلى العمل قد لا يصبح إجراء روتيني، إذا كانت خطواتنا إليه، وفي النفس أمل، قلوبنا تحمل شرارة الحياة، وعفوية الفرح المشبوب بأنات الخشوع، حيث نسير إلى النور الذي وجد سبيله أخيرا إلى حياتنا.
حافظة الملابس تتقدم أرففها الألوان الزاهية إذ لا مكان للألوان القاتمة التي لا روح فيها، هل كانت الألوان على توافق مع طلاء الأظافر؟ وهل كانت رنة الحذاء تذكيرا لنا بأننا كنا في حالتنا تلك، لا نتنفس إلا الربيع. ربيعنا الذي لا يشبه ربيع الثورات العربي الذي ربما سيدخلنا فيما بعد بمتاهة الألوان القاتمة، لا اعرف أن كان الربيع يمر طبيعيا في دورة حياته كأي فصل من الفصول أم انه يظل مجرد أمل مسكون في الذاكرة، وألا ما معنى تلك اليقظة الجماعية احتفاء بالربيع العربي أن لم يكن أملا يسكننا جميعا.
كانت لحظة حافلة بمخبئات الأقدار، إذ لم أكن أتخيل أن يدا ستهب إلى يدي بنية المصافحة، يد لم تكن في حالة عودة من سفر أو حتى في حالة سفر، إذ كان اليوم عادي واللقاء عادي ولكن ربما يدي التي تململت بالسلام ردا على يده الممدودة بالوعد والغد هي التي لم تكن في وضعها العادي، بعد اخذ ورد وتردد طال بيني وبين نفسي على قرار لم يكن متوقعا ولا مستحيلا.
ثمة أسباب كثيرة تؤكد أننا كنا في حالة انتظار أو انفجار على وضع لم يعد يطاق، ثمة يقين أننا سوف لن نتردد في قرار اقتطاف أزهار الربيع التي انتظرناها أمدا، هل كنا نستطيع ألا نمسك بالفرصة الذهبية التي وهبتنا حياة الكرامة. هل كنا نستطيع بعد هذه المصافحة إلا أن نحلم بليالي من الهناء والسرور، كان يكفينا أن نتحرر من حالة الخوف، كان يكفينا أن نلفظ غطاء الاستكانة والتحاف السماء، كان يكفينا أننا رفعنا شعار لا، وإنزال شعار الحيطان لها آذان، قاطف هذه الثورات ليس مهما بقدر أهمية التحرر من ذاتنا ومن عقلية سيطرت على تفكيرنا عقود، حتى غدت فلسطين ليست على مرمى حجر.
في القلب أنات وفي الروح سفر وفي اللقاء حياة وفي الفراق موت، السلام يكون حميميا والفراق يكون قاتلا. إن الساعة التي حلمنا فيها لم تأتي حتما ،والسعادة التي جاءت ذات لحظة، أصبحت شيء غريب عنا، هل كنا في حالة شوق، ربما لم نعد ندري ، ولكننا نعرف أننا في حالة ربيع نأمل منه خيرا، ولكن النتائج لا تبشر بما يغري بالمتابعة بفرح البدايات. تشرشل كان يتفوق بالقدرة على مسح الصفحات القديمة، هل نستطيع إيقاظ شرارة الحياة والسير بثمار الربيع إلى المستقبل، وليس السير إلى الماضي المظلم.
www.deyaralnagab.com
|