فلسطين: أُم القضايا في زمن الثورات العربيه!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 01.12.2011
حظيت القضيه الفلسطينيه منذ عقود مضت وحتى يومنا هذا بتأييد العالم العربي ومناصرته للحق الفلسطيني ولطالما تمنى الشعب الفلسطيني سقوط الانظمه العربيه الفاسده وطنيا وسياسيا حتى يجد الدعم اللازم في وجه الاحتلال الاسرائيلي الغاشم واليوم ماجرى ويجري هو مفارقه وهو ان العالم العربي ينتفض على الطغاه ويطيح بهم واحدا تلوى الاخر وما زال الحراك العربي الثوري متواصلا وسائرا نحو الامام فيما يبدو الشارع الفلسطيني والشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا بانه يعيش حالة ركود وجمود في ظل شلل سياسي ووطني كامل تقوده بامتياز السلطَّتين القائمتين في غزه ورام الله, حيث يبدو الامر وكأن فلسطين قد تحرَّرت والشعب استعاد ارضه وحقه ولم يبقى سوى الاتفاق على تشكيل " حكومه" بين حركة فتح وحماس ولهذا السبب تُجرى مفاوضات ولقاءات بين فتح وحماس وعباس ومشعل الى ان اصبح الامر مطاطي بلا نهايه وبالتالي ماهو جاري على الساحه الفلسطينيه هو تضليل تاريخي وسياسي تشارك فيه سلطتي رام الله وغزه على قدم وساق مع الاحتلال الاسرائيلي والغرب الامبريالي الذي يزعم بوجود مفاوضات سلام وحراك تفاوضي بين الاحتلال الاسرائيلي وسلطة رام الله وفي هذه الاثناء يبدو الحال الفلسطيني بكل مقوماته وقطاعاته وكأنه فعلا وواقعا في مهب الرياح العاتيه في زمن الثورات العربيه ويبدو ان الفلسطيني في كل مكان في حالة انتظار قطار عودة الوطنيه الفلسطينيه الى رشدها ومرابطها ومرابضها, ويبدو الفلسطيني وكأنه ينظر من ناظور ومنظار الى وطنه وهو يعيش في وسطه وطنا ومهجرا... والفلسطيني هذا عاش في وطنه ويعيش وطنه فيه اينما حط رحاله, والفلسطيني هذا حاله خاصه بكل خصوصياتها ومركباتها فهو الفلسطيني في فلسطين وفي خارجها وهو الفلسطيني الذي ملَّ خلاف حماس وفتح وعمليه اختطافهما للقضيه الفلسطينيه بكل مقوماتها السياسيه والحقوقيه والجغرافيه والديموغرافيه والانكى من كل هذا ان خلاف حماس وفتح كان مصدره وما زال سلطة اوسلو التي ساهمت مساهمه كبرى في دعم الاستيطان والتوسع الاسرائيلي في الاراض الفلسطينيه ومن ينكر هذه الحقيقه عليه ان يقارن بين وضعية الاستيطان الصهيوني في الضفه الفلسطينيه قبل عام 1993 واتفاقية اوسلو وبعد هذا التاريخ وفي الزمن الراهن ليجد ان الاستيطان قد توسع وازداد اضعاف الاضعاف منذ او سلو وحتى يومنا هذا لابل ان الضفه الفلسطينيه والقدس اصبحا في مهب الريح من الناحيه الجغرافيه والديموغرافيه في ظل تقطيع الاحتلال والاستيطان والجدار العازل اللذي قطع الارض الفلسطينيه اربا اربا...ماهو موجود اليوم هو كانتونات جغرافيه وديموغرافيه يعيش بداخلها الفلسطينيون وعن ماهو جاري في القدس المحتله من تهويد وتهجير واستيطان حدث بلا حرج..الاحياء العربيه تغرق رويدا رويدا في بحر الاستيطان الاسرائيلي المبرمج والممنهج في ظل غياب مقاومه فلسطينيه وفي ظل وجود سلطتين فلسطينيتين مهلهلتين شغلهم الشاغل سامفونية المصالحه والاتفاق بين فتح وحماس على رئيس حكومه...لن يتفقوا واذا فعلوا هذا فستكون فترة الاتفاق قصيره ومن ثم خلاف وخلاف اخر وعودة الى المربع الاول...فتح حماس وحماس فتح..مغَّرب ومشرق على الفاضي ودون فائده في ظل وجود احتلال زاحف نحو كل بيت وحاره وارض فلسطينيه!!
الشعب الفلسطيني لم يعد يؤمن ولا يثق بامكانية المصالحه بين فصيلين متناحرين وواضح ان القضيه الفلسطينيه قد لبطَّت في مستنقع فصائلي عقيم وحكاية خلافات ومصالحات بين فتح وحماس والقضيه صارت حكاية الف ليله وليله الفلسطينيه.. يعلنون الاتفاق اليوم وغدا يعاودون الاتهامات المتبادله وهكذا دواليك الى ان اصبحت الصوره والحاله العامه لهاذين الفصيلين صوره ضبابيه الى حد ان الشعب الفلسطيني لم يعد يبالي باخبار المصالحه...مصالحه ومقارعه... ونحن وانتم... والخاسر هو الشعب الفلسطيني والقضيه الفلسطينيه... الفلسطيني اليوم يعيش لوعة التيه الوطني بكل تفاصيلها وعواقبها على جسده وفي حياته اليوميه.. الفلسطيني في القدس والضفه يعيش ضربات سوط الاستيطان الصهيوني في ظل غياب الوحده الوطنيه الفلسطينيه وغياب القياده الفلسطينيه التي من المفروض ان تدافع عن هذا الفلسطيني... الفلسطيني في قطاع غزه يحاصر ويموت جوعا بسبب الانقسام والاحتلال.. الفلسطيني في المخيمات يحلم بالعوده في ظل غياب قياده تطالب بعودته الى دياره... الفلسطيني في الداخل الفلسطيني تجرفه الجرافات الصهيونيه يوميا .. الفلسطيني اليوم مشتت ومفتت وطنيا ولا يدري اين يتجه والى اي عرس من اعراس الفصائل الفلسطينيه سينضم في ظل غياب عرس الوطن الفلسطيني الكبير.. فوضى عارمه وراكده في ان واحد كارثة... سلطه .. معارضه.... مصالحه.. مفاوضات.. والاحتلال مستمر بقضم الارض والحقوق الفلسطينيه ولا يوجد حتى حراك ثوري فلسطيني في زمن الثورات العربيه..غابه فلسطينيه مليئه بالاشجار وكل شجره تخفي وراءها غابة اخرى.. لاحظوا معنا انه يوجد عندنا سُلطتَّين من رحم اوسلو احداهما في الضفه والاخرى في غزه وواحده وطنيه والثانيه عباسيه على حد زعم الخُطباء والناطقين باسم السلطتين... كيف صارا وطنيه وعباسيه؟!.. الله والعليم ان السُلطتين نسيُوا او تناسوا ان اصلهم وفصلهم كان وما زال اوسلو...لا ادري حقيقة ان كانت مدارس الاصل والنسل قادره على تحديد هوية السلطتين...اوسلويه ام فلسطينيه؟!..الكارثه والطامه الاعظم ان الفتاتحه والحمامسه دمَّرا القضيه الفلسطينيه وما زالا يتفاوضان على شروط المصالحه.. الشروط فقط!..المصالحه نفسها يبعث الله..!
مسلكية السلطتين في غزه ورام الله او بالاحرى السلطه الواحده تدل على وجود خلل جيني وسياسي لا يحمل بالكامل الهم الفلسطيني ولا يتمتع بمزايا الهويه الوطنيه الفلسطينيه... خلل وملل... هذه هي الحاله الوطنيه الفلسطينيه الراهنه!... ماهو جاري في الوقت الراهن للقضيه الفلسطينيه هو تيه سياسي وتضليل صارخ ::حماس تتهم فتح وفتح تتهم حماس والشعب الفلسطيني يخسر يوميا وتُداس حقوقه والقدس في مهب الريح في وقت تسير فيه قافلة التيه الفلسطيني على طريق بلا خارطه ولا بوصله....خارطة تيه وتعصب وتحزب فصائلي وادعاء هذا الفريق او ذاك بحرصه على مصالح الوطن وجدارته بقيادة المركب الوطني الذي يغرق يوميا اكثر واكثر!!.. القافله الوطنيه الفلسطينيه للاسف تسير نحو مزيد من التيه ونحو المزيد من مقولة كل يغني على ليلاه ويتباكى على الوطن بينما الوطن يبكي وينزف دما وارضا وبؤسا ويندب حظه السئ وحال قيادات فلسطينيه فصائليه وعدميه تقود الشعب الفلسطيني الى الهاويه.. انتحار وطني مجاني...بدلا من تفعيل الشعب الفلسطيني داخل زخم الثورات العربيه تقوم الفصائل بتخديره باكذوبة المصالحه تاره والمفاوضات تارة اخرى وطلب عضوية هيئة الامم تارة اخرى..الحقيقه اللاطمه هي ان محادثات الوحده بين فتح وحماس غير مثمره ومجرد شائعات وبالونات فارغه.. المتناطحون الفلسطينيون يتناطحون بقرون الفصائليه والعدميه ساعيين الى تسجيل النقاط والاهداف لا اكثر في لعبة التيه ومسار التيه...شعبنا.. شرعيه.. انقلاب.. اعتقالات متبادله.. عدم التزام. وهكذا ضاعت قضية الاحتلال بين طيات التيه الفلسطيني اللذي يحتاج الى دواء وعلاج دائم حتى يشفى الجسد الفلسطيني من هذا الداء ومن هذا الاحتلال ومشتقاته!!.. ماهو جاري الان على الساحه الفلسطينيه هو تيه مهلهل يسير في طرق التفافيه بعيده كل البعد من ان تقود الى تحصيل الحقوق الفلسطينيه المشروعه...ماهو جاري هو اقصاء مبرمج للشعب الفلسطيني عن مسار الثورات العربيه من خلال التضليل والهاء هذا الشعب بقضية حماس وفتح والسؤال المطروح: هل صارت المصالحه بين حماس وفتح هي القضيه؟..ام ان فتح وحماس صارتا قضية القضايا التي تعيق مسار القضيه الفسطينيه؟
منذ امد والقافله الفلسطينيه تائهه, تارة وصلنا واخرى لم نصل.. ارض.. دوله... شبه دوله.. سلام...شبه سلام , وتارة ندخل في مفترقات طرق ونتيه من جديد الى ان وصلنا الى مرحلة الافلاس الوطني..الاستسلام الوطني التي تقوده سلطة اوسلو بشقيها الغربي والشرقي !..ضاعت القضيه الفلسطينيه في ادغال العالم وعلى شواطئ غزه وفي جبال رام الله وفي طيات رمال صحاري وبوادي خلافات حماس وفتح.. رمال متحركه وعواصف تعصف وتقضم اطراف القضيه الفلسطينيه .. الفلسطينيون..:ضاعت معالم طريقهم وشاخ زمانهم ومكانهم كما شاخت وهرمت حيفا ويافا وعكا وغرق كامل الوطن الفلسطيني في معالم بحار الاستيطان والاحلال الصهيوني! وما زال من بين الفلسطينيين الفصائليين من يتسكع في دروب التاريخ التائه بلا طريق ولا خوارط!!, ويتلكع بالكلام الفضفاض عن السلام والمفاوضات والمصالحات في زمن بُقرَت فيه بطن الوطن وبطن الخليل العربي والجليل الفلسطيني والقدس اللتي تُنخر عظامها ليلا نهارا...كمن يزف مجنونا على دميه حتى يزيده جنونا...يزفون الفلسطيني على هودج مصالحه غير واقعيه وغير جديه في حين يبطش فيه الاحتلال بوجوده ومستقبله!!
الحديث عن المصالحه الفلسطينيه والاتفاق بين فتح وحماس هو حديث غير مجدي وغير دقيق لسبب بسيط وهو ان فتح وحماس يتفاوضا على سلطة اوسلو وليست على اساس مشروع وطني فلسطيني يخط طريقا لنضال الشعب الفلسطيني من اجل نيل حقوقه وانعتاقه من الاحتلال...السلطه الفلسطينيه هي سلطه فاشله ويجب تعدي مرحلتها وطيها و الجاري في الوقت الراهن حول امكانية تعيين رئيس وزراء جديد بدلا من سلام فياض هو تضليل وبمثابة اعطاء الاحتلال الاسرائيلي مزيد من الوقت ليستمر في الاستيطان والاحلال والاحتلال وفي نفس الوقت بمثابة الاستمرار في تحنيط الوضع الفلسطيني والحيلوله دون مشاركة الشعب الفلسطيني في ركب الثورات العربيه..الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن ام القضايا العربيه يقف متفرجا قسريا على الجاري بسبب وجود السلطه وغياب مشروع وطني نضالي...مفارقه..ان لا يشارك شعب ام القضايا في الثورات العربيه!!
الحقيقه المره هي ان القضيه الفلسطينيه قد دخلت في متاهات خطيره من ذو وجود اوسلو والسلطه"السلطتين" ومنذ ذلك الحين ضاع رسن القضيه الوطنيه الفلسطينيه مسارها واتجاهها واشعاعها, والسؤال المطروح اليوم هو ليس المصالحه الفصائليه ولا السلام المزعوم ولاعضوية وهميه في الامم المتحده لابل السؤال والاسئله المطروحه متى ستعود الخيل الفلسطينيه الى مرابطها الوطنيه؟! ومتى سيستعيد الشعب الفلسطيني زمام المبادره ويمسك برسن قضيته الوطنيه؟!... يمسك ويتماسك بعد تجاوز مرحلة اوسلو والسلطه, بمعنى بسيط ومبسط..لقاءات عباس ومشعل وفتح وحماس مجرد مضيعه للوقت والمطلوب حل السلطه وترميم وتنخيل وغربلة الوضع الفلسطيني الداخلي وخلق واقع جماهيري وتنظيمي وقيادي جديد يقود النضال الفلسطيني الى مسار وزخم الثورات العربيه لابل استغلال هذا الزخم... لايعقل ان يظل شعب ام القضايا العربيه رهينة نهج فصائل عدميه في ظل وجود الثورات العربيه..الشعب الفلسطيني ارضه محتله بالكامل والثوره ستدق ابوابه او سيدُق هو ابوابها عاجلا ام اجلا.. لامحاله.. لا مجال لتضييع الوقت بين حانا عباس ومانا مشعل..كفى.. فلسطين: أُم القضايا في زمن الثورات العربيه!!
www.deyaralnagab.com
|