logo
الديموقراطيه العربيه: ثقافة ثورة الشعب يريد والشعب ينتخب!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 08.12.2011

بالرغم من المخاض العسير التي خاضته وتخوضه الشعوب العربيه في ثوراتها على الاستبداد والطغاه الا ان الامور تتطور وتتحسن نحو الافضل في اتجاه بروز ثقافه ديموقراطيه عربيه جديده تستمد قوة دفعها من الشعوب الثائره التي افرزت واقع عربي جديد تجلى في اجراء انتخابات ديموقراطيه وشبه نزيهه في اكثر من بلد عربي لابل ان قوة دفع وزخم الثورات العربيه جعلت كثير من الانظمه العربيه الملكيه وغيرها بالاسراع والهروله نحو الاصلاح ومحاولة الاستجابه للمطالب الجماهيريه كعمليه استباقيه لثورة محتمله ضد هذا الحاكم العربي او ذاك, لكن الجميل في الامر والذي يبعث على الفخر هو بروز الثورات والديموقراطيه العربيه كحاله عالميه يهتدى بها بعد ان كان العالم العربي لزمن طويل يرضخ تحت حكم الطغاه والدكتاتوريه ومثال سئ للاستبداد والفساد والتخلف الذي فرضه الطغاه على مدى عقود من الزمن على المجتمع والانسان العربي الذي فجر اعظم الثورات ورسخ ارقى الشعارات وعلى راسها الشعب يريد اسقاط النظام والشعب يريد تطهير الفساد, وكان له هذا في كثير من الدول العربيه وما زال الحبل على الجرار والثورات ما زالت جاريه او في طور الاستعدادات للانطلاق في العالم العربي حيث لم ينتهي الامر بثورات تونس ومصر وليبيا لابل ان الثورات جاريه ومستمره في سوريا وفي اليمن وستجتاح كامل الوطن العربي اجلا ام عاجلا وعندما نتحدث عن الوطن العربي فنحن نتحدث ايضا عن الاجزاء المُحتله في الوطن العربي كفلسطين مثلا والتي ستلحق بركب الثورات العربيه بحكم ماهو جاري من احتلال و الظلم الممارس بحق الشعب الفلسطيني وحتمية كَّون الثورات العربيه وما سينتج عنها من حكومات ستكون داعمه للحق الفلسطيني المغتصب في فلسطين الواقعه في قلب العالم العربي!!
من هنا ومن منطلق ان الثورات العربيه تتقدم وتسير بالشعوب نحو الافضل فلا بد من التفاؤل بمستقبل عربي افضل بكثير من ما كان عليه الوضع قبل الثورات العربيه وذلك تبعا للنتائج الطيبه التي حققتها الشعوب عندما طرحت شعار اسقاط النظام وتحقق هذا الشعار باسقاط اعتى الانظمه الدكتاتوريه وانظمة اخرى في طريقها الى السقوط والزوال وما جرى في مصر وتونس من انتخابات ينقل الثوره من شعار الشعب يريد اسقاط النظام الى الشعب يريد الانتخاب وبالفعل يقف الشعب في طوابير مؤكدا على دوره ومتحملا مسؤوليته التاريخيه والوطنيه بالادلاء بصوته في صناديق الاقتراع لهذا الحزب او ذاك او لهذا المرشح او المرشحه والنتيجه كما نراها تخرج من بوابة الانتخابات الديموقراطيه بنتائج تعلن فيها الفوز للحركات الاسلاميه سواء في تونس او مصر ومهما كان حجم الاختلاف الايديولوجي بين الاحزاب والحركات فلابد من تقبل هذه النتائج والتعايش معها شعبيا وجماهيريا لان الشعب هو الذي انتخب وقرر هذه النتيجه ومصطلح الديموقراطيه يعني اصلا حكم الشعب وفي مفهومه العريض يعني تداول السلطه سلميا وحكم الاكثريه مع ضمان الحقوق والحريات لكل افراد وطوائف الشعب والمجتمع..دولة المواطن وحقوق المواطنه.. والديموقراطيه في مكان ما تصبح ثقافه عامه يؤمن بها المجتمع بعد تراكم تجربة ممارسة الديموقراطيه وتجربة فوائد هذا النهج على المجتمع والفرد والشعب ككل من منطلق مبادئ تحكم وتتحكم بالعمليه الديموقراطيه وعلى راسها كون صناديق الاقتراع الحكَّم بين جميع الاحزاب وجميع البرامج السياسيه التي تطرحها هذه الاحزاب او الحركات او الافراد وبالتالي يصبح مبدأ الاقتراع مرجعية لمبدا حكم الاكثريه ومفهوم المعارضه وسيادة القانون الذي يضمن تداول السلطه والسلطات سلميا وبصوره دوريه من خلال احترام نتائج الانتخابات من جميع الاطراف سواء الخاسره او الرابحه ضمن قواعد اللعبه الديموقراطيه وليس العقليه الانقلابيه التي دمرت العالم العربي وفرضت عليه التخلف بكل اشكاله عندما كان وما زال الطغاه يمنحون ذاتهم الصلاحيات المطلقه وليس مبدأ فصل السلطات وتجزئة الصلاحيات الذي نأمل ان يسود في الحكومات العربيه الجديده التي انتخبت في كل من تونس ومصر والمغرب وفي الحكومات العربيه التي ستُنتخب في المستقبل القريب بعد اسقاط المزيد من انظمة حكم الطغاه في العالم العربي..!!
حقيقة الامر ان العالم العربي كان وما زال جزء كبير منه مُختطف من قبل طغاه وحاشياتهم لابل ان الدول العربيه كانت وما زالت محكومه من قبل عائلات فاسده تفتقد الى ادنى مقومات الشرعيه السياسيه والجماهيريه, بمعنى ان حكم الشعب كان وما زال في واد وانظمة الطغاه في واد اخر..حكم الفرد وحكم الشعب..هذا ما يجب استنتاج النتائج منه في التجربه الديموقراطيه العربيه الوليده ولا بد من الاشاده بحضارية الشعب التونسي والمصري الذي وقف في الطوابير لادلاء بصوته ب الذي يعتبر بمثابة اعلان عن اغلاق للصفحة الدكتاتوريه وحكم الفرد وحاشيته كماهو حال حكم بن علي الهارب في تونس وحكم مبارك المخلوع في مصر!!
مما لاشك فيه ان الديموقراطيه العربيه الوليده تحتاج الى وقت حتى تثبت نفسها ونجاحها او تثبت فشلها المرحلي’ لكن الاهم ان الشعب قد وضع مبدأ الديموقراطيه على السكه والامر سيمُر بمخاضات ومحطات الى ان تترسخ القيَّم الديموقراطيه التي تعتبر العمليه الانتخابيه كمرجع للشرعيه السياسيه التي تمنح كل ذي حق حقه وما يستحقه من اصوات وشرعيه ضمن مفهوم ثقافة تقبُل الخاسر لخسارته واحترام الرابح للثقه الجماهيريه التي منحها اياها الشعب.. الرابح يصبح رئيس الجميع بمافيهم الطرف الخاسر او الاطراف الخاسره وهكذا دواليك ومن اختار الانتخابات كنهج عليه ان يتقبل نتائجها حتى لوكانت ليس في صالحه.. لعبة المعارضه والحزب الحاكم حتى الانتخابات القادمه.. اما اسقاط الحكومه وفوز المعارضه او استمرار الحكومه من خلال صناديق الاقتراع...احترام اختيار وقرار الشعب. اليوم الاسلاميون والانتخابات القادمه العلمانيون وهكذا دواليك. لكن هل الانتخابات الحره وفوز هذا الحزب او ذاك يكفي لدمقرطة دوله او بلد ما؟
الجواب..لا. لان الانتخابات الحره ما هي الا جزء من منظومه ومدخل لتغيير شامل في المجتمع ومؤسسات الدوله والذي تعني بناء وتطوير ثقافة المؤسسات بكل اشكالها وثقافة القانون والعدل وثقافة محاربة الفساد والرشوه وثقافة حق المواطن وواجبه وحقوق الانسان وثقافة المساواه في العداله وفي كل شئ يخص الدوله التي تسعى لبناء نظام ديموقراطي شامل ومتكامل يمحو اثار النظام الشمولي والدكتاتوريه...ثقافة التراكم الديموقراطي تحتاج الى وقت وصبر طويل وخاصة في مجتمعات عربيه عاشت لعقود طويله في ظل ثقافة الفساد والمحسوبيه والحاكم صاحب الصلاحيات الغير محدوده...المجتمعات العربيه بحاجه الى ترميم شامل ونهضه ثقافيه وحضاريه شامله وتغيير منهجي وشامل في وسائل الاعلام ضمن خطاب اعلامي يروج لثقافة الحوار والديموقراطيه والوعي والحريه وليست لثقافة تمجيد الحاكم والاستبداد تحت حجج واهيه.. ثقافة العداله الاجتماعيه وثقافة احترام حقوق المرأه ووضع صورتها كامله في قائمة المرشحين وليس وضع ورده او رمز بدلا من الصوره بحجج دينيه او غيرها كما جرى في الانتخابات المصريه الاخيره لاحدى مرشحات احد الاحزاب الدينيه.. اعطاء المرأه الحق بالدفاع عن حقوقها بكل شفافيه وحريه هو مدخل مهم للديموقراطيه ومنطلق مهم لخلخلة المفاهيم الرجعيه والاقطاعيه التي تتعامل فيها كثير من المجتمعات العربيه مع قضايا المرأه.. المرأه العربيه شاركت في الثورات العربيه وقدمت الكثير مثلها مثل الرجل وكل ديموقراطيه لا تاخذ تغيير احوال المراه وتحصيل حقوقها بالحسبان..ليست ديموقراطيه..!!
ماهو مطلوب في الحقبه القادمه هو تطوير الديموقراطيه العربيه من صلب الهويه الحضاريه والثقافيه العربيه والاسلاميه بمفاهيم وادوات جديده تحافظ على الهويه العربيه ولا تنغلق على الذات وتاخذ من الاخروالثقافات الاخرى ما يلائم مجتمعاتنا وتترك ما لايلائمنا مع الابتعاد عن الانفلات الاخلاقي والثقافي والصيغ الجاهزه والمستورده بحجة الثوريه والتغيير...
واخير وليس اخرا نحن نأمل خيرا ومتفاءلون ببزوغ ورود الربيع العربي وتفتحها وفوحان رائحتها وطعمها الديموقراطي على امل ان تعم كافة العالم العربي ولا تنسى قلبه المسروق في فلسطين وشعب فلسطين.. نعمة الثورات العربيه وثقافة الديموقراطيه العربيه و ثقافة الشعب يريد اسقاط النظام.. وقد اسقطه..الشعب ينتخب.. وها هو ينتخب ومازالت القضيه كانت ديموقراطيه ونزيهه ..فاز من فاز..مبروك.. إذًّاً وصلت الثوره لاهم اهدافها...الشعب اسقط النظام والشعب انتخب ممثليه واسَّس قاعده للديموقراطيه العربيه.. التفاؤل مفتاح النجاح!!


www.deyaralnagab.com