logo
النقب : رهط على صفيح ساخن!!

بقلم : كايد أبوالطيف ... 26.09.2011

إن لم تكن لديك خطة، فأنت جزء من خطة غيرك // إذا لم تكن جزءاً من الحل، بالتأكيد أنت جزء من المشكلة // أوقد شمعة، خير لك من أن تلعن الظلام // خير لك أن تسأل مرتين من أن تخطأ مرة واحدة // لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم // من يتكل على غيره يقل خيره // ظلم الأقارب أشد وقعا من السيف...

أمثال هي... فجّة معانيها إن لم يتم أخذها أو بعضها مشروع تنفيذ على أرض الواقع.. والمتفق السياسي يتطلب رفع شعار "المقال بالأساس يعبر عن وجه نظر كاتبها"، وليس لأي طرف مصلحة في نسب هذا الصراخ مهما كان لنفسه. هكذا العادات والتقاليد المتوارثة في فضاء الكتابة جيل بعد جيل لنفض غبار الكاتب بعيدا عن جهة النشر، نقطة سطر جديد. وتتوالى الأحداث زاحفة بكل ثقلها البغيض أمام كل بيت ومصلحة تجارية ومؤسسة عامة، هنا هاهنا في رهط، رهطك، رهطنا، رهطهم، رهطهن، رهط الجميع باختلاف العادات والتقاليد والمشارب الثقافية والاقتصادية والسياسية، كل منا ورهطه الخاصة، والكل يحاول قدر استطاعته دفع دولاب رهط الشديد الثقل نحو مدار جديد في الاقتصاد والأدب والأخلاق ومساندة المعوز، بمشاركة الكبير والصغير ذكورا وإناثا. هذا من جهة، وفي الاتجاه المشاكس يقف متخفيا وراء كومة زبالة معطرة برائحة النفايات متربصك منتظرا لحظة الصفر ليرديك قتيلا، والملف يفتح تحت مجهول ليغلق بعد أسبوع بعبارة أكمل الجملة في الفراغ المعد لذلك:__________
وتبدأ المرحلية المتهالكة وراء الجاني.. وفي المقابل ولأسباب في غاية الأهمية الوطنية تنشغل فيه هذه الأيام داخلية دولتنا، بكامل طاقهما وأذرعها الممتدة في الوصل والوصول لكل جحر وبيت ضب، بالأمن القومي وتنفيذ مخططات عملاقة، أطال الله عمر "برابيرها"، و"برافرهاتها" ليصلوا بنا مواطني دولة إسرائيل، الأب المفجوع على موت فلذة كبده، والابن الصغير الذي لا يدرك وقع الحادث الجلل، والروح التائهة للمغدور المأسوف على شبابه، لنصل معا بر الأمان سالمين غانمين بتركات وفضائل الضرائب التي نقوم بتسديدها شهرا بشهر قبل فريضة الزكاة، برهط نظيفة وآمنه وودية لكل زائريها ومواطنيها وعامليها وتجارها...
لا يدور البحث المرحلي عن المسؤول بعينه لأنه وبحكم قداسة المكان والحيّز فهذه البلاد كفيله بكشف هوية الجاني في استحقاق الجزاء، لكن إلى متى ستستمر حالة عدم المشاركة، والتشارك، والتشاور، فيما بيننا وكل ما يصلنا هو فقط قرارات أحادية الجانب، تماما هذا عينه البند المحوري في قبول صهيونيتك في أرض صهيون. فمنذ إعلان الاستقلال للدولة وحتى لحظة سكون قهوتك حيث أنت ألان أينما تواجدت، كل القرارات المتخذة كانت بشكل أحادي الجانب غير ملتفت أو آبه لكل الأصوات التي تسمعك نقيض ما تفعله. هذا ما آل إليه حالنا الكئيب اليوم.
رهط بوابة الرب الإله للنقب الذي يشهد نكبته الثانية منذ انطلاق "مخطط برافر"، ورؤساء "السلطات"، في دوامة شائكة منذ فترة وفي حيرة من أمرهم، وجل تفكيرهم قرارات نحو التصويب للهدف وقبول المخطط بكامل بنوده والحصول على كل غلة "الفضلات الضرائبية من الدولة" كاملة غير منقوصة أو دفع أنفسهم إلى تهلكة الأسئلة المتواترة من أجهزة الدولة المختلفة في اتخاذهم قرار مغاير لما أعد لهم مسبقا. وفي المقابل فتحنا نحن "الرهطاويون"، الكون الصغير "وميكروكوسموس" النقب الذي من خلال أفاعيله وأقاويله نكون قد تحدثنا بلسان النقب بأسره، وبأي حال يا رهط والنقب يتحدث أبناءك!!
لابد من مراجعة دقيقة، ووقفة جدية مع الذات كل من موقعه في هذا النقب المتصحر رهطا!!، حول كل التعامل الناكر للجميل إزاء أخوك، وقريبك، ونسيبك، وعديلك، الذي يجري في كليكما نفس الدم الذي يجمعكم كأقرباء، جرمه الوحيد أنه اختار بلدك للإستثمار الاقتصادي فيه، والعجلة الإقتصادية لا تتحرك في غيابه، هذا هو فعلا جزاء سنمار الذي وقف على سطح القصر سائلا النعمان إياه: هل هُناك قصر مثل هذا القصر؟ فأجاب كلا، ثم قال: هل هناك بَنّاء غيرك يستطيع أن يبني مثل هذا القصر؟ قال: كلا، ثم قال سنمار مُفتخراً: ألا تعلم أيها الأمير أن هذا القصر يرتكز على حجر واحد، وإذا أُزيل هذا الحجر فإن القصر سينهدم، فقال: وهل غيرك يعلم موضع هذا الحجر؟ قال: كلا، فألقاه النعمان عن سطح القصر، فخر ميتاً. وفعل ذلك لئلا يبني مثلهُ لغيره، فضربت العربُ به المثل بمن يُجزى بالإحسان الإساءة.
تسمع أصوات نشاز منذ سنوات في رهط كالنقب حول ترحيل، وتهجير، وتشريد، وترهيب، وقمع، وقلع تجار وعمال الضفة الغربية من الحيز الجغرافي للنقب دون الإشارة للسبب المعلن والحقيقي حول هذا التفكير الأرعن، وقفة محاسبة ومشورى مع أهل الخير والتجربة هي الضرورة المرحلية من خلالها تنبثق قرارات حاسمه حول كل التصرفات والافعال والاقوال الصادرة. وهكذا تحل كل مسألة مهما تشعبت. من جهة ثانية حيفا وأم الفحم والناصرة ويافا وكل القضاء الشمالي في البلاد لم تؤرقه تواجد العمال والتجار من الضفة الغربية بأكثر ما أرقهم الجو العام والمحافظ في بلدهم!! الأمر في النقب غير والسبب غير واضح لماذا، ومن المسؤول عن هذا يجب أن يقول قول الفصل في ذلك!!.
حالة كره هستيرية تجوب أفقنا دون إكتراث والجميع يكره بعضه البعض، العنصرية المتجذرة بيننا إزاء بعضنا حقدا وكراهية في قلوبنا نحن رهط النقب خفية مرة وعلانا مرات كثيرة "للأغيار" من "الفلاحين"،"الحمران" "الغزازوة"،"التياها" "الترابين" "القلاعية" "الضفافوة" "القطاطوة" والقائمة تطول وتطول بطول كراهيتنا لبعضنا مهما كان تقرب الواحد من الله بنوافل وصوم وصلاة وزكاة، ما يجمعنا اليوم هو الكره وفقط الكره!!
إختتم إيهود "اودي" برافر إبن المؤرخ يهوشواع برافر الندوة السياسية الأسبوع الماضي في جامعة بن غورويون في بئر السبع بقوله: لا توجد جهة مقبولة على الجميع تدير القضايا الشائكة في النقب من عرب النقب ونحن كجهاز حكومي لا نستطيع المباحثات على حده مع كل صاحب أرض، وفي الوقت الذي يشكك الكل في الاخر ويكرهه ويمقته مهما كانت صلة الدم بينه فعلى رهط والنقب السلام.

كاتب ومخرج من النقب

www.deyaralnagab.com