logo
لأنك عربيٌ تستحق الحياة!!

بقلم : سحر ابوليل ... 21.07.2012

" لقد ثرنا على الإنكليز، على الفرنسيين، على الذين استولوا على بلادنا وحاولوا استعبادنا، وقاسينا في هذا السبيل ألواناً من العذاب، وتكبدنا انواعاً من الخسائر، وضحينا كثيراً من الأرواح ولكن عندما تحررنا من نير هؤلاء ،اخذنا نستقدس الحدود التي اقاموها في بلادنا بعد ان قطعوا اوصالها " ونسينا معنى القومية العربية وصرنا نزغرد على شرفات بيوتنا الآيلة للسقوط لأننا بتنا فلسطينيين وسوريين وعراقييين...
ومثلما تعددت الزلازل التي ضربت الامة العربية منذ فجر التاريخ وحتى اليوم فقد تعددت الاتفاقيات ايضاً وبدل ان تثور حميمية العروبة فينا، ثار الضمير الثمل والعهر السياسي والركوع الجديد للزعامة الامريكية الاسرائيلية !
هو جاهلٌ وغبي من يظن بأن الثورات في العالم العربي اليوم وفي سورية خصوصاً هي من صُنع الشعوب، وليس تقزيماً لهمّة شعوبنا العربية حاشا وكلا، انما واقعيةٌ اخاف ان اتلمس نهايتها المأساوية، فلا يجوز ان نسمي المؤامرة الجديدة والفتن الداخلية ثورة، ولا يجوز ان نعبث بمشاعر بعضنا ونسمي بذور الطائفية التي زرعوها بيننا ثورة ، ولا يجوز ان نفكر بأن زعماء العرب القابعين تحت المظلة الامريكية والذين ظهروا بعد الثورات سيحررون فلسطين ، لأنهم ما عادوا سوى احجار شطرنج مقلوبة على رأسها ايضاً، ولا يجوز ان تغلبنا عاطفتنا كالعادة لنصدق ان الاسلام قد بدأ يغزو العالم من جديد ، ولا يجوز ان نسمي " الناتو" في سورية الجيش الحر والثائر ضد النظام، ولا يجوز ان نغمض اعيننا ونتابع سير يومنا كالقطيع وكأن لا شيء يحدث هنا، فالحرب العالمية الثالثة لا تدق على الابواب لتطلب اذنكم !
عندما يصير مخترع الاحداث وناقلها جسمٌ واحد ومشوه، فعلى الدنيا السلام ، وعندما تتناول الفضائيات العربية الاحداث من منظور واحد لا يكشف كل اوجه الحقيقة والمؤامرة وبتمويل اسرائيلي امريكي فقد فقدَ كل الاعلام مصداقيته ..
وكمواطنٍ عربي تريد ان تفهم ما يجري حولك اليوم، عليك ان تعود الى كل احداث التاريخ وتقلّب صفحاته لتفهم ما مرّ على امتنا العربية منذ سلطنة الدولة العثمانية وحتى اليوم، وتتابع اخبار الساعة بموضوعية في كل وسائل الاعلام العربية والغربية منها ( فحين كانت الجزيرة مثلاً تبث على شاشاتها سقوط احد اعمدة النظام في سوريا ، كانت التايمز البريطانية قد نشرت تقريراً مفصلاً حول ماهية الجيش الذي يحارب الاسد في آخر عواصم العرب عنفواناً وحضارة ، كما وكنت ستقرأ حول الأجور التي يقبضها الجندي الغربي من دولته معاشاً لحربه المقدسة في سورية او ان شئتم "الافراد المدربين على يد اقوى البلاد الغربية في العالم" ، وفقط بالأمس تحدثت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية عن اتصالات بين الاردن وإسرائيل وأمريكا لبحث موضوع ترسانة الاسلحة السورية) ، ثم عليك ان تفكر لمصلحة من كل هذا ؟
ولكي تفهم ذلك، اليك بعض المعطيات والأحداث التي جرت خلال " الخريف" العربي :
سيطرة الولايات المتحدة على الآبار النفطية في الدول العربية وفي العراق وسورية تحديداً .
نزاع علماني اسلامي على الدستور التشريعي في تونس.
مقابلات الاخوان المسلمين المستمرة لأعلام السياسة في الولايات المتحدة قبل صعودهم للحكم في مصر وبعد صعودهم ايضاً.
مصادر اسرائيلية عليا تحذر مواطنيها من ارتياد تركيا خوفاً من( هجمات ارهابية) على حد قولها واتهام المسلمين السلفيين في حادثة بلغاريا .
مستوى العلاقات الاقتصادية السياسية بين اسرائيل والأردن ومصر والإمارات وقطر والبحرين لهو الاكثر نجاحاً خلال الخمسين سنة الاخيرة.
ازدياد الميادين الاستخباراتية الاسرائيلية الجديدة في تركيا والسعودية وسيناء وارتفاع عدد ضباط مخابراتها العسكرية بنسبة 25% بحسب صحيفة " يديعوت احرونوت".
وبما انك من النخبة ولا تريد ان تكون مُستَهلِكاً و مُستَهلَكاً لأفلام الطائفيين الجدد والأحلام الوردية عليك ان تطرح الاسئلة من حولك دوماً، وسؤالك لماذا كل ما يحدث في وطننا العربي ولمن المصلحة في تقويض دعائمه من الداخل ، أجابك عليه اكبر بروفيسور مخضرم في اسرائيل " ياري روبين" في مقالٍ مفصلٍ له في الثالث عشر من الشهر الجاري "بأن وضع دولة الاحتلال امنياً هو افضل حالاته في ظل اقتتالنا الداخلي، فحين تكون الشعوب العربية منقسمة على ذاتها داخلياً ومعطلة اقتصادياً تكون اسرائيل تزداد ازدهاراً عسكرياً وبلوماسياً"...
وإن شئتم ستكون خارطة اسرائيل الكبرى قد اكتملت حتى لو كانت سياسياً واقتصادياً فقط، وافتحوا هذه الخارطة لتجدوا اني على حق وهنا الخطر الأعظم !
فحين تنوي اسرائيل القيام بحرب قادمة في ظل النزاع على الهيمنة الاقليمية الثلاثية : تركيا- ايران- اسرائيل ستكون كل الدول العربية التي تعرضت للمؤامرة معطلةً فكرياً قبل ان تكون معطلةً اقتصادياً وطائفياً ايضاً وهكذا تضمن النصر القادم وبكل بساطة خصوصاً وانها تمتلك اقوى الاسلحة في العالم فتكاً ، حتى لو كان معظم جيشها من المرتزقة ، هذا ان لم تكن قد انتصرت اصلاً ، والانتصار لا يكون بالضرورة عسكرياً ، هذا اذا آمنا بالمعجزات واستبعدنا الحرب الاسرائيلية الايرانية القادمة ، ومما لا شك فيه بأن اعظم الدول المتحالفة ستشترك في وليمة تدمير العالم من جديد : روسيا- الصين- ايران وسورية\ بريطانيا- إسرائيل تركيا والولايات المتحدة ولا ننسى طبعا " اصدقاءنا" السعوديين !
ألم تسأل نفسك ماذا سيحدث بعد سقوط النظام في سوريا وسائر ما تبقى من السيرك العربي المكهرب؟
ستكون الهيمنة الامريكية الاسرائيلية هي الاقوى من نوعها في تاريخ هذا القرن ، وبعد انهيار كل النظام في سورية سيبدأ الاقتتال الطائفي السوري الداخلي بالتفاقم ليشترك معه الاقتتال اللبناني ومن ضمنه حزب الله طبعاً، والذي نوهت اسرائيل بعد ان جمعت اجهزتها الأمنية بحجة الهجمة المدافعة اذا ما هرّب حزب الله الاسلحة الكيماوية والجرثومية من سورية، وماذا عن السلطة الفلسطينية؟ وماذا ستفعل ان قررت اسرائيل ضم الضفة والقطاع وفرض هيمنتها على كل اراضيها؟
وبكلمات بسيطة لا اريد تلويثها اقول : ماذا ستفعل السلطة الفلسطينية وهي ما عادت سوى واجهة مشوهة لشعبٍ معذب وجهةٍ مضحكة لدفع الرواتب لا غير!
لماذا لا تستقيل السلطة الفلسطينية من منصبها المخجل المبكي بعد ان اثبتت عجزها عن تحريك ساكن وبعد ان اضحت غير شرعية لمرور ست سنوات على تنصيبها ؟
وتظل اسئلة نجيب عازوري تحيرني ، فماذا فعل العرب برأس مالٍ زمني قدره الى الآن اكثر من مائة عام ؟ وأين هي اليقظة العربية؟ ويقول :
" هو سؤال اقرب الى الفكاهة السوداء، لأن السادة والأتباع والرعية وفيالق الحكمة آثروا جميعاً الرحيل الى ما قبل الازمنة الحديثة، متشوقين الى الارحام الدافئة حيث العشيرة والقبيلة والطائفة والطائفية، وكل ذلك الفقر العميم الذي باركته لغة ما بعد الحداثة ..
وكل الأشياء تنتهي الى السبات والتداعي " !
يبقى السؤال : ما العمل وما هو الحل الآن ؟
ان حل القضية الفلسطينية والاحتفاظ بحق العودة وفتح الحدود بين الدول الشرق اوسطية والعربية خصوصاً والعودة الى القومية العربية لهو الحل الوحيد وذلك لا يتم إلا اذا استقرت الدول العربية فكرياً اولاً وابتعدت عن الطائفية البغيضة واتحدت سياسياً واقتصادياً واتخذت لها عملة واحدة وكونت علاقات وحدوية ودبلوماسية فيما بينها ..
ثورة العقل اولاً، والجمهورية العربية ثانياً والعيش بسلامً ثالثاً، وأخيراً فلأنك عربي تستحق الحياة !

يافا- فلسطين

www.deyaralnagab.com