logo
كوكا كولا وقطايف ورؤوس نووية..!!

بقلم : سهيل كيوان  ... 16.08.2012

في هذه الأيام المباركة من أواخر شهر الصيام، أقوم بما يقوم به عشرات الملايين من صائمين وغير صائمين، وما اعــــتدت على فعله من صلة للرحم وزيارة للأقــــرباء والأصدقاء، في المساء أستقل السيارة وإلى جانبي زوجتي توجّهني إلى أحد المتاجر أو إحدى دكاكين الحلويات، وأنا مدرك لما تــــريـــد اقتناءه، فهي تحب أن تحمل بيدها (كرتونة) من المشروب الخفيف أو ربطة سّكر أو قهوة مطحونة مع هيل وأحيانا الأرز أو سفط من الحلو المشكل، من بقلاوة وبورما وهريسة وكنافة وغيرها، علمًا أن الأنظار في رمضان تتجه إلى القطائف، فمــــن العجـــــيب أن المسلمين في بلادنا لا يفطنــــون للقطائف إلا في رمضان، بمجرد رؤية هلاله تظهر القطائف في الأسواق والمطابخ وعلى موائد الإفـــطار، وما أن ينتهي شهر الرحمة والغفران حتى تختـــــفي القطائف معه، أعود لأحاضر للمرة العشرة آلاف عن أضرار الكوكاكولا بدون علاقة لهذا بسياسة أمريكا ولا تهافت مرشحيها على النفاق غير المحدود لحكام إسرائيل حتى صرت أتساءل هل هؤلاء قادة الدولة الأعظم في العالم أم أنهم مقاولون على شفا الإفلاس.
أسألها باستنكار: هل تعرفين كمية السكر وملح الليمون الموجودة في كوب من الكوكاكولا أو أي مشروب غازي محلى، إنها عشر ملاعق من السكر في الكوب الواحد، هل تدركين الأضرار الصحية التي تحملها هذه المشروبات، ثم كيف نحمل هدية من الحلوى لمن هو مريض بالسكري.....!
إجابة زوجتي جاهزة وحاسمة دائمًا- هذا ما يأخذه الناس لبعضهم البعض، ثم إن المريض بالسكري ليس ملزمًا بتناول الحلوى، هذا ليس لأجله هو، بل لأسرته وضيوفه، ومن لا يريد زيادة في الوزن فهذه ليست مسؤوليتي، فليمتنع عن تناول المشروبات الخفيفة، أما أنا فأحمل الواجب، وهكذا يستمر الحال على هذا المنوال، المهم أنك تحمل هذه'الهدايا' من المشروب الخفيف والحلوى وأنت غير مقتنع بها، بل تدرك مدى ضررها لأحبائك، بالمقابل يصلك مثلها رغم الإجماع الشعبي على أنها غير صحية، فمثلما تعامل تعامل ومثلما تزر تزر.
بعد دقائق قليلة من الزيارة تصل الصينية وعليها أكواب المشروب الغازي البارد بذريعة أن 'الدنيا حمّ كثير تفضل اشرب..' أحاول الدفاع عن نفسي وعن صحتي فأشكر المقدّم...شكرًا شكرًا أرجو إعفائي، وتساعدني زوجتي في الرد كأنما لإزالة المسؤولية عن نفسها..إنه لا يشرب هذا! ولكن من يقبل ردًا كهذا..شو عامل دييتا...سيبك من الدييتا...الدنيا حم كثير..لا تفشلني...ولاو كلها كباي يلا يا زلمة اشرب...!
فأشرب إذا كي لا أفشل الصبيّة، وإذا كانت سيدة حاملا فهي ليست 'وجه فشل' أبدًا، وإذا كان عديلا أو نسيبًا فهؤلاء يصرّون بشكل غريب على 'لازم تشرب' وقد وصــــل الأمر أكثر مــــن مرة إلى شبه نزاع وزعل بسبب إلحاحهم الغــــريب الذي صار معروفًا وكأنهم يقصدون به استـــفزازي'يلا وحياتك خذها من إيدي'....
إضافة لهذه الأمور السلبية المتكررة بما يخص نظامنا الغذائي، هناك تساؤل لا بد وأن يطرح في أي سهرة منذ أشهر وبعد المشروب الخفيف..هل تعتقد أن بشار سيسقط...!وفورا ينقسم الأحباء إلى من يؤكد حتمية سقوطه وبين من يستبعدون الأمر طالما أن الصين وروسيا 'بظهره' وبين مؤيد لسقوط النظام بأي ثمن وبين مفاضل بين السيئ والأسوأ وبين مؤمن وكافر بنظرية المؤامرة!
طرأ تعديل على السؤال في العشر الأواخر من شهر الصيام..وتقدم على مسألة بشار وهو...هل ستضرب إسرائيل إيران أم لا!
الحكومة طلبت من الناس التوجه إلى محطات توزيع الأقنعة ضد الغازات السامة، بيبي عين وزيرًا جديدًا مع وزارة مستحدثة سماها 'وزارة الدفاع عن الجبهة الداخلية' سلمها لآفي ديختر رئيس الشاباك السابق الذي انفصل عن حزبه كاديما مقابل المنصب...
الجميع يتحدثون عن إعداد الملاجئ وعدد الضحايا المحتمل وضربة وشيكة لإيران، هناك أكثرية في الحكومة لصالح قرار ضرب إيران، وهناك انقسام في الشارع الإسرائيلي، هل تبادر إسرائيل إلى الضربة بأي ثمن كان لأن وصول إيران الى السلاح النووي هو الكارثة الأكبر، أم الاعتماد على أمريكا وأوروبا وحلفائهما من العرب في خنق إيران خنقا بطيئا! كل المؤشرات تقول إن الضربة وشيكة ولكن الموانع أيضا كثيرة، أهم هذه الموانع أن أمريكا لم تعط الضوء الأخضر حتى الآن...ولكن قد يتصرف حكام إسرائيل كولد عاق معتمدين على أن أمريكا لن تتخلى عنهم بعدما تجدهم متورطين...
الناس يتمتعون بقدرة على التحليل السياسي وهذا يشمل معظم الرجال وقطاعًا واسعًا من النساء وأخص من بينهم حماتي التي ترى ما معدله نشرة أخبار كل نصف ساعة بالإضافة للشريط الإخباري الذي لا يتوقف، يعرف الناس أن حزب الله لن يسكت وهو يرى 'والدته' إيران تُضرب، وأن السيد حسن نصر الله لا يستطيع أن يرفض طلبا لآية الله خامنئي، في المقابل فإن ضرب إيران ودخول حزب الله إلى المعركة قد يكون حبل النجاة الأخير لنظام الأسد، وإسرائيل وأمريكا غير معنيتين بخروج الأسد منتصرًا من أزمته، ولكنهما أيضا غير معنيتين ببديل قوي للأسد سواء كان ديمقراطيا أو إسلامويا، ولهذا أفضل ما تريدانه هو استمرار الحرب في سورية أطول مدة ممكنة وتورط أطراف عربية أخرى فيها وتحويلها إلى مواجهة مذهبية طويلة وجروح يصعب اندمالها، مع زيادة الضغط على أمريكا من خلال سياسة 'امسكوني وإلا ضربت'...كي تزيد أمريكا من ضغطها وخنقها لإيران..
سياسة إسرائيل (امسكوني) ناجحة جدًا حتى الآن، وهي متواصلة منذ أكثر من عقد من الزمن بالنسبة لإيران، الإسطوانة نفسها التي تتحدث عن قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي خلال ستة أشهر أو عام أو عامين وضرورة ضربها، امسكوني قبل أن أضرب، اضغطوا على إيران أكثر، اخنقوها، قبل أن أورط نفسي وأورطكم معي، هكذا يتدخل الأمريكيون لمنع إسرائيل ويستجدونها بأن لا تشعل حربًا و'بتكوني مبسوطة' مزيد من التطمينات مزيد من الدعم المالي والعسكري، ووعد شرف بالقيام ب'العمل القذر' مكانها عندما تقتضي الحاجة، فلماذا يورط شعب إسرائيل (الذكي) نفسه في حرب ضد عدو هو بطبيعة الحال معاد لإمريكا التي لن تسمح له بالوصول إلى السلاح النووي..تصبحون على خير...


www.deyaralnagab.com