logo
قطار زمن النكبات والكوارث العربيه الى اين !؟

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 3.11.07

هنالك اسئلة كثيره تُطرح حول الوضع الفلسطيني والعربي بشكل عام وعلاقتهما ببعضهما البعض على المستوى الوطني والجيوسياسي والاجتماعي, ولكننا احيانا كثيره ولربما دوما نغفل معنى اسقاط ورقة عدم مراجعة الوضع العربي بشكل عام ضمن محطات قطار الزمن العربي منذ مطلع القرن الماضي ومرورا بالنكبه والنكسه وحتى الوضع الراهن الشبه كارثي الذي يعيشه الوطن العربي من المحيط الى الخليج حيث اصبحت فعلا منطقة ما بين النهر والبحر شبه مُحتله بالكامل من فلسطين البحر وحتى العراق النهر والسؤال المطروح: الى اين وصل والى اي محطات فاصله وصل قطار الزمن الفلسطيني والعربي بشكل عام؟؟
بداية لربما اننا جميعا لم نأخذ عامل الزمن وتراكمات الاحداث والهزائم المعنويه بالحسبان, ولربما ولاسباب وظروف سياسيه وثقافيه وموضوعيه لم نتمكن من مراجعة التاريخ والوضع العربي مراجعه شامله, ولم نتمكن ايضا من تحقيق طموحاتنا الوطنيه ومشتقاتها, ولربما ايضا لم يأخذ احدا بالحسبان فقدان القضيه الفلسطينيه وحديثا القضيه العراقيه لعمقهما العربي المقاوم وغياب هذا العنصر المهم وانعكساته السلبيه على كامل الوضع العربي بشكل عام والوضع الفلسطيني والعراقي بشكل خاص!, ولربما اننا قدَّسنا القضيه الفلسطينيه لعقود مضت وتركناها في قُدسيتها تسبح في افاق النكبه والنكسه والكارثه العربيه دون ان نسعى الى تعقيم مسببات النكبة والنكسة قسرا او طوعا حتى لا تتوالد وتتكاثر النكسات والكوارث على مدى قرن من الزمان العربي المُحنط في علبة اقليميه وعالميه حاصرت الوطن والعقل العربي في مساحة علبة سردين!! للاسف ومن المؤسف القول ان دواء التعقيم والوقايه لم يكُن بحوزة الفلسطينيون والعرب ولا على مرمى حجر منهُم حتى يُعقموا النكبة والنكسه والكارثه العربيه والفلسطينيه ويحولوا دون تكاثرها او يحدُوا من اثارها السلبيه على القضيه الفلسطينيه والعالم العربي::... ناضل الفلسطينيون وما زالوا يناضلون وحدهُم,, ولكن وكما هو واضح منذ عقود لم يكُن بمقدور الجوار [ حق الجار عالجار!!] العربي ان يُقدم شيئا [ او انه قدم ما استطاع وبما اتاح به حاكم عربي تابع او بحجم قدرة هذا العربي على العطاء!!] ملموس ومساند في هذا المجال وعلى طول محطات النضال الفلسطيني والعربي, حيث توالدت النكبات والكوارث في بحر الزمن والوطن العربي وكان اثرها السلبي على الشان الفلسطيني كبيرا ان لم يكن كارثيا, وسواء شاء هذا العربي في الوطن العربي ام لم يشاء فهو كان وما زال هو نفسه جزء من النكبه والكارثه الوطنيه العربيه , والنكبة جزء منه ان لم تكن بالفعل جزء من نسيجه الفكري والاجتماعي والسياسي.., ومسلكية هذا االخنوع الابدي الذي يمارسه الانسان العربي في اتجاه الحاكم العربي التابع لامريكا واسرائيل والغرب لخير دليل على خلل رهيب يعبر فيه العربي عن عمق ازمته التاريخيه والانسانيه والاجتماعيه والاقتصاديه!!....الشكوى والقاء اللوم على امريكا واسرائيل هي صفة العربي السياسيه منذ امد[[ طبعا هذا ينطبق على اكثريه عربيه صامته ولا يمكن تعميمه عى اقليه عربيه مناضله!!] , بمعنى واضح يبدو جليا ان جذور النكبه والكارثه الوطنيه العربيه موجوده منذ عقود مضت وهي ما زالت تحافظ على كينونة مقوماتها حتى اليوم وتعبُّر من محطة زمن وحدث الى محطة زمن وحدث اخر في العالم العربي الذي لم ولن يتوقف عند حدود محطة النكبه والنكسه الفلسطينيه والعربيه لابل مر في مراحل عربيه كارثيه وقاتمه حتى وصل الى محطة كارثة احتلال العراق 2003وتدميره وحصار الشعب الفلسطيني وتجويعه على وجه الخصوص في قطاع غزه لابل ان امريكا ووكلاءها من عرب وفلسطينيين قد تخطوا مرحلة التخمين او الكلام عن مؤامره تحاك بحق القضيه الفلسطينيه ليمارسوا اليوم علنا عملية ذبح القضيه الفلسطينيه ونزع قلبها النابض من خلال اسقاط حق عوده ة اللاجئين الفلسطينيين الذين يشكلون الاكثريه الساحقه من عدد الشعب الفلسطيني,, لابل ايضا يصمت العرب ويشاركون في تقسيم العراق جغرافيا وتدمير هويته العربيه!!.. من الواضح ان قطار الزمن العربي في طريقه الى محطات كارثيه اخرى ,,, ونحن كما يبدو ليست من ركاب القطار ولا من رواده ولا نتحكم بمساره ونقاط ومحطات مروره , والمأساة الكبرى اننا لا نجلس الى جانب المقود و لا نملك سلطة على الكوابح والفرامل!!.. نحن العرب مُكرهين على تزويد قطار النكبات والكوارث بمزيد من الوقود في كل محطه من محطات النكبات والكوارث العربيه والفلسطينيه سواء الحاصل من كوارث او القادم!!.... تحدثنا الكثير حول الصهيونيه والامبرياليه ووعد بلفور في القرن الماضي ووعد بوش في القرن الحالي,و وها نحن بعد قرن من الزمن وبعد اكثر من نصف قرن من احتلال فلسطين , نرى كيف جاء جورج بوش لاحتلال العراق في نفس القطار الذي مر من محطة النكبه الفلسطينيه عام 1948 والنكسه العربيه عام 1967,....جاء بوش بمؤتمراته ومؤامراته على العراق و فلسطين مثله مثل الصهيونيه و شانه شان بلفور, جاء يرافقه عمال السكك والصيانه من عرب الرده ,, بمعنى ان المعطيات والمقومات الثقافيه والسياسيه العربيه التي سهلَّت الطريق والسكه لقطار بلفور والصهيونيه في القرن الماضي,, هي نفسها ما زالت قائمه اليوم وسهلت وتُسهل الطريق و السكه لقطار بوش ورايس واولمرت للانتقال بالعرب الى محطه كارثيه جديده تبدو اكثر قاتمه من نكبة فلسطين عام1948 عام ونكبة احتلال العراق عام2003 !!
هنالك من العرب والفلسطينيين والعراقيين من هو خائن خيانه صارخه و يختبئ وراء الليبراليه و البراغماتيه واالعقلانيه والواقعيه, وهنالك ظواهر سياسيه منكوبه ومُكرثه بفكر عربي هابط وخانع وبعقل عربي مُحنط و وخطوف منذ اكثر من قبرن, ولكن من الواضح ان بيولوجيا مقومات واطراف النكبه والكارثه الوطنيه العربيه لا تكمن في قوة الامبرياليه والصهيونيه فحسب لابل تكمن بنسبه كبيره فيقوة ضخ المزيد من الجهل والاحباط والهزيمه الى العقل العربي بشكل عام والفلسطيني والعراقي بشكل خاص نحو اعادة تصنيع ما هو مُحنط كوقود جديد لمحطة اخرى من محطات قطار النكبات والكوارث العربيه!!.. اخطأ من ظن ان فلسطين مجرد حاله فلسطينيه او عاطفيه لابل ان احتلال فلسطين كان وما زال يشكل قمة التحدي لوجود الكيان العربي الوحدوي وعلى ارض فلسطين سيتقرر المصير والمستقبل العربي, والمعركه الجاريه في فلسطين والعراق حاليا هي اللتي ستقرر عاجلا ام عاجلا المصير العربي المشترك!!.. هزيمة العرب في فلسطين والعراق هي هزيمة كل العرب حاضرا ومستقبلا,,, وانتزاع فلسطين يعني انتزاع قلب العالم العربي,, وانتزاع واحتلال العراق يعني انتزاع صمام القلب العربي,,, وستتوالى بعدها الاحتلالات الامريكيه والصهيونيه للعالم العربي! وبالتالي وللاسف ما هو حاصل اليوم وبقاء هذا الوضع يعني ان الكوارث الوطنيه في العالم العربي تجري على قدم وساق من محطة الى اخرى ضمن نفس المقومات القائمه منذ قرن من الزمن والتي كانت وما زالت ركيزتها الاولى الامبرياليه والصهيونيه وركيزتها المركزيه الحكام العرب والتخلف العربي!!
قدَّم العرب ما امكنهُم من تضحيات ونضال على مدى قرن من الزمن ولكن السؤال يبقى هو نفسه اليوم ويطرحه الشعب الفلسطيني والشعب العراقي منذ امد وهو:: اين العرب؟؟, ولكن وبالرغم من شرعية ومشروعية هذا السؤال إلا ان فاقد الشئ لا يمنحه للاخرين! والشعوب العربيه نفسها فاقده للحريه وهُم غائبين حاضرين في اوطانهُم وغائبين ومغيبين عن واقعهُم, والاخطر من هذا ان الشعوب العربيه مُعتقله في سجون كبيره, وفاقده حتى القدره على حرية التعبير,, وفاقد الحريه والقرار لا يمكنه ان يقدم للشعبين الفلسطيني والعراقي اي شئ شئء يُذكَّر سوى الندب!!!. المطلوب هو خروج الشعوب العربيه من مرحلة الندب الى مرحلة تحدي مقومات ومعطيات واسباب الكارثه االوطنيه العربيه الحاصله منذ اكثر من قرن..: خرج الاستكبار الغربي من الباب ومن ثم عاد من الشباك اكثر اجراما ودمويه كما هو حاصل في فلسطين والعراق!!!.. من اعطى معتوه واشنطن الحق بذبح العراق والقضيه الفلسطينيه من الوريد الى الوريد!!؟؟؟ ومن هو الذي ساهم في السلخ والذبح!!.. العرب....!! اما بخيانة الحكام او بصمت الشعوب!!
الذي يجري في العالم العربي اليوم هو محطات متواصله للهزائم والنكبات , ولطالما برَّر النظام العربي العميل سواء في مصر او سوريا او النظام السعودي او الاردني وغيرهما قمع وافقار الشعوب العربيه مع سبق الاصرار بما يسمى بالمواجهه مع اسرائيل, ولكن كما هو واضح نرى ان الطائرات الاسرائيليه تخترق الاجواء السوريه وتغير على مواقع سوريه دون رادع , ولا يختلف النظام المصري عن غيره من الانظمه في صناعته للنكبه وتبريره منذ عقود لوضع مصر الاقتصادي وحالة الشعب المصري الفقير بسسبب المواجهه مع اسرائيل والقضيه الفلسطينيه رغم انه لم يطلق طلقة واحده على اسرائيل منذ عام 1973[ يجب التفريق بين الشعب المصري الوطني والاصيل وبين النظام الحاكم]], ولكن عندما يؤكد الامريكان مرارا وتكرارا بان مصر تعتاش على مساعداتهُم وامريكا هي اللتي توفر الدقيق والطحين والمواد الاساسيه للمصريين, فهذا يعني انه وبعد اكثر من ربع قرن من معاهدة كامب ديفيد ومن خروج مصر مبارك رسميا[ ليست جماهيريا] من ساحة المواجهه مع اسرائيل, بقيت مصر وتحديدا النظام المصري عاجز اقتصاديا عن توفير الحد الادنى لعيش الشعب االمصري,, وهذا مايعني ورغم ان النظام المصري ساند جميع المشاريع الامريكيه الهادفه الى هضم الحقوق الفلسطينيه وحتى احتلال العراق الا ان مصر بقيت غارقه في الفقر والتبعيه السياسيه والاقتصاديه الى حد الكارثه الوطنيه:: النظام المصري ادخل واوصل مصر الرائده والعظيمه قسرا الى محطة الكارثه الوطنيه والاقتصاديه!!!...بطبيعة الحال لا يختلف وضع المغرب العربي عن المشرق العربي وعن مشايخ وممالك الخليج العربي! اللتي حوَّلَّت مناطق الجزيره العربيه والخليج الى اكبر مُعسكرات وقواعد عسكريه امريكيه,,, والذي ظن ان الذي يجري في مناطق الخليج والجزيره العربيه مجرد استعمار واحتلال امريكي عكسري مدعوم من مشايخ الخليج وملوكه,, فقد أخطأ الظن,,,لأن ما يجري في الخليج العربي هو ايضا هو استعمار استيطاني امريكي وغربي شيدت وتُشيد له انظمة الحكم هناك مدن وقرى مزوده بالبنيه التحتيه اللازمه للمواطنين والمستوطنين الجدد!!... الامريكان حُماة الممالك والمشايخ!!!
عمليا وفعليا تحولت منذ السبعينات من القرن الماضي ما يسمى بدول االطوق العربي حول اسرائيل الى دول الطوق والحصار المفروض على فلسطين والفلسطينيين, وعمليا اصبح الحكام العرب ومشتقاتهُم من فلسطيننين سكينا في خاصر القضيه الفلسطينيه, والذي جرى منذ اوسلو ومرورا بانتفاضة الاقصى وحصار غزه وحتى يومنا هذا هو التنازل العربي الرسمي ومعه الفلسطيني الرسمي عن ثوابت القضيه الفلسطينيه وعلى راسها حق عودة اللاجئين الفلسطينيون, بمعنى علاج اسباب النكبه بنكبه اخرى وهي التنازل عن حق ثلثي الشعب الفلسطيني بالعوده الى وطنهُم!! ناهيك طبعا عن كارثة الكوارث الجاريه في العراق ومساهمة الحكام العرب في احتلال العراق!!... العراق نكبة اخرى ومحطة اخرى على سكة قطار النكبات والكوارث العربيه!!
نحن امام ظاهرة امتداد وتواصل ديناميكية سير قطار زمن النكبات والكوارث العربيه, حيث تحولت القضيه الفلسطينيه والقضيه العراقيه وكامل القضايا العربيه ليست لمجرد حقل تجارب تديره مخابرات ومختبرات امريكا واسرائيل فحسب لا بل الى حالة تبادل تجاري , ألقيت فيه ضمانة تصدير المواد والعناصر الاساسيه[ حقوق الشعب الفلسطيني والشعب العراقي وكامل الشعوب العربيه] الى المختبرات الامريكيه على عاتق السلطات العربيه الحاكمه اللتي تعتاش على بيع الوطن العربي جغرافيا وديموغرافيا .. عملية بيع فلسطين و العراق تعتبران صفقة العمر اللتي ابرمت بين الانظمه العربيه العميله من جهه واسرائيل وامريكا من جهه ثانيه!!!!! والاتي اعظم كما يبدو!!!.. مؤتمرات تصفيه القضيه الفلسطينيه ستكون محطة قطار الزمن العربي القادمه,,,, واذا بقي الوضع على ماهو ستكون الكارثه القادمه هي التنازل العلني عن حق عودة اللاجئين الفلسطيينين!! وبالمناسبه وقبل ان انهي هذه المقاله:: يحضرني: تعيين ياسر عبدريه مهندس وثيقة جنيف التي تنا زلت عن حق العوده كرئيس اللجنة الوطنية للذكرى الستين للنكبة, وهو التعيين اللذي يعني استهتار صارخ بمشاعر الملايين من اللاجئين الفلسطينيين لابل انه تسخيف مقصود من قبل الدايتونيون لمناسبة احياء النكبه!!... هذه ايضا محطه من محطات النكبات العربيه والفلسطينيه والسؤال االمطروح من سيوقف قطار النكبات والكوارث العربيه!!؟ ومن سيُزيل الحبل عن الجرار والغارب!!

الكاتب : باحث علم إجتماع ورئيس تحريرصحيفة ديار النقب الالكترونيه

www.deyaralnagab.com