هناء شلبي تكمل ما بدأه خضر !!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 29.02.2012
هي لمن لم يسمع بها من قبل، ولا يعرف عنها شيئا، فلسطينية كانت أسيرة، وأعيد أسرها من جديد رغم الضمانات المصرية بعدم ملاحقة المحررين الفلسطينيين. حُرّرت هناء شلبي في صفقة التبادل مع الجندي الصهيوني الأسير( شاليط) بضمانات مصرية، و..بتحذير أمريكي من هذا الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين لما يشكلونه من خطر على أمن الكيان الصهيوني!.
تأملوا الحقد الأمريكي الرسمي الأكثر تطرفا من المستوطنين، ومن حكومة نتينياهو، ومن أجهزة أمن العدو وجنرالاته ..وشدّة كراهية المقاومين الفلسطينيين، والتحريض على إبقائهم في غياهب المعتقلات والسجون!.. إنها الديمقراطية الأمريكية!
ولأن الكيان الصهيوني، وقادته، لا يأبهون بتنفيذ الاتفاقيات، ويتنكرون لكل المعاهدات والمواثيق الدولية، ولأنهم يستهترون ويسخرون من أي اتفاق مع أي طرف عربي، فقد بادرت أجهزتهم الأمنية بمداهمة بيوت بعض الأسرى الفلسطينيين، وانتزعتهم من بين أفراد أسرهم، لتزجهم مجددا في السجون، قبل أن يهنأوا بطمأنينة العيش مع ذويهم تعويضا عن سنوات قضوها في سجون الاحتلال التي لا يمكن وصفها، ولا مقارنتها حتى مع معتقلات النازيين والفاشيين، لما تتفتق عنه عقول الصهاينة في ابتكار أساليب ووسائل تعذيب جهنمية يتفننون في ممارستها على الأسرى والأسيرات الفلسطينيين.
من الذين اعتقلوا بعد الإفراج عنهم في صفقة( شاليط) في مدينة قلقيلية، وقرية جيوس، المحرران: يوسف شتيوي،ومحمود عدنان محمود، والمحررة هناء شلبي التي اعتدى عليها ضابط مخابرات صهيوني أمام أسرتها قاصدا متعمدا الإذلال والإهانة لها وللأسرة، واقتادتها قوّة عسكرية إلى المعتقل لتنضم من جديد إلى أخواتها الأسيرات اللواتي رفض الاحتلال شمولهن بصفقة الأسرى!
فورا بادرت هناء لإعلان الإضراب عن الطعام، رفضا للاعتقال الإداري، وردا على إهانتــها وشتمها والتطاول عليها، وبهدف فضح ما يسمّى بالحبس الإداري، الذي هــو تبرير لعمــــليات اختــــطاف المواطنين الفلسطينيين، وزجهم في السجون دون تقديم مبررات.
وهكذا فهناء شلبي تواصل مسيرة الأسير خضر عدنان الذي لم يفك إضرابه عن الطعام إلاّ بعد 66 يوما بلغ في ختامها حافة الموت، وبعد تعهدات بالإفراج عنه بعد شهرين..إن صدقوا ما وعدوا به محاميه!
حتى اليوم تكون الفلسطينية الشجاعة هناء شلبي قد قضت 12 يوما مضربة عن الطعام..وإضرابها مفتوح حتى يُفرج عنها، وهي بمعدتها الخاوية تفضح من جديد ما يسمّى بالسجن الإداري، وأساليب الاحتلال في تعذيب مقاومينا رجالاً ونساءً وأطفالاً، وهو ما يحدث بالترافق مع نهب الأرض، وتهويد القدس، ومواصلة الاستيطان بالتناوب بين( دولة) الاحتلال، والمستوطنين.
آخر ما استحوذ عليه الاحتلال هو مطار قلندية، وتحويله إلى منطقة صناعية، واعتباره جزءا من ( أرض) الكيان الصهيوني!
من يعاقبهم؟ من يردعهم؟ من يخيفهم بوعيد جدّي بما لديه من مال يبذّره على الفسق بسفاهة، ومن سلاح اشتري بالمليارات ..ولكنه لا يدعم كفاح شعب فلسطين العربي المقاوم، ولن ينقذ القدس والأقصى والقيامة!
شعبنا رجالاً ونساءً وأطفالاً يواجه الاحتلال، ويعيق مخططاته ما أمكن بلحمه ودمه، وحيدا، بلا دعم، لا مالي، ولا عسكري..إذ لا أمل بدول الجامعة العربية مجتمعة ومنفردة، فهي مشغولة بطلب النجاة من الشعوب، وبالرضى الأمريكي، وبالتآمر على ثورات الشعوب العربية وحرفها عن أهدافها، وتحويلها إلى ثورات مضادة في خدمة أمريكا، وضمنا في خدمة الكيان الصهيوني، وبعض هذه الدول العربية صلاتها معلنة معه، وهي أهم عندها من القدس، وفلسطين، ودم الشعب الفلسطيني، والأرض العربية الفلسطينية.
لا أكتب هذا الكلام هجاء لأنظمة التبعية والعمالة، فما لجرح في ميت إيلام..وهي ميتة الانتماء والإحساس، وهي وارثة لمن خانوا الأمة من قبل..قبل مئات السنين، ومن يعد لقراءة وقائع الحروب الصليبية سيدهشه تحالف أمراء وحكام (أعراب) هم أسلاف من نراهم حكاما هذه الأيام، خانوا الأمة، وتحالفوا مع الصليبيين، وكانوا عيونا لقوات الصليبيين على جيوش العرب والمسلمين بقيادة صلاح الدين، ومن بعده قطز، وبيبرس...
ردود فعل السلطتين الفلسطينيتين بائسة باهتة قاصرة، في زمن الانقسام، والصراع على السلطة، والركض وراء الأوهام، فهما في واد..والشعب الفلسطيني الذي يعاني، ويقاوم..في واد آخر.
في ظل غياب الوحدة الوطنية، والقيادة الفلسطينية الواحدة المقاومة، يقضم الاحتلال الأرض، ويستكمل تهويد القدس، التي لم يبق لتهويدها بالكامل سوى هدم المسجد الأقصى، وظهور الهيكل..وعندها سيتّم إعلان (أورشليم) عاصمة أبدية (لدولة اليهود)!
العامل الذاتي الفلسطيني هو سبب الضعف، وقصور المواجهة مع الاحتلال، وهو غطاء لتقصير الأنظمة التابعة أمريكيا، الخانعة المتواطئة، وسبب مباشر لغياب المبادرات الشعبية العربية التي طالما كانت سندا لفلسطين وشعبها.
لقاءات المصالحة باتت مسخرة، وسببا لبلبلة الفلسطينيين وحزنهم، وحيرتهم، وأسئلتهم التي لا تجد أجوبة شافية هادية لها!
السلطة مع المفاوضات ولا شيء غير المفاوضات..حتى إنها ليست مع انتفاضة شعبية شاملة غير مسلحة..حتى لا (تفلت) الأمور من يدها، وتخرج عن سيطرتها، وتفرض حقائق جديدة متجاوزة على الأرض!
وحماس ترتب أمورها وفقا لأوامر وتوجيهات قيادة الأخوان المسلمين العالمية، وعلى ضوء (انتصارات) الأخوان في القفز على الثورات في بعض الأقطار، وانتظار مزيد من (الانتصارات) الإلهية في بلدان أُخرى: سورية..وربما الجزائر، وهي فجأة صارت ديمقراطية، ومع ثورات الشعوب..ولا عجب فهي تحكم غزة، وتتحكم بها ديمقراطيا، وهي قدمت مبكرا النموذج الإخواني في الحكم!
ليس أمام (شبابنا) الفلسطيني سوى الاعتماد على نفسه، بعد الله، والتشمير عن أذرعته والنزول إلى الميادين، متجاوزا حالة الخراب، متأبيا على أن تستغل انتفاضته التي يشعل نارها أسرانا وأسيراتنا بلحم بطونهم، وإرادتهم، وكبريائهم.
هناء، وخضر..وألوف الأسماء المجهولة في المعتقلات، يطلقون النفير، وشعبنا متحــفز، والشوارع تنادي على أهلها..على شبابها..وفي الأيام القادمة غير البعيدة نريد أن نسمع صيحة شباب فلسطين: لبيك يا هناء..لبيك يا قدس، لبيك يا فلسطين..لتشهد العالم قيامة شعب فلسطين سيّد الثورات والانتفاضات من جديد!!
www.deyaralnagab.com
|