أينك؟!
بقلم : بشرى الهلالي ... 18.03.2012
حين لا تشرق شمسك، يترنح نهاري في اغفاءة، فاتلاشى في البحث عن تسلسل الدقائق والساعات.. اربك ظفائر الوقت فأعجز عن لمها، وارتبك. تتكور لهفتي في زاوية تمد يدا خجلى لاستجداء امنية، لكن طوابير الاماني عادة تمر مسرعة دون ان تلتفت الى عطش المحرومين.
من زاوية من زوايا النسيان يطل وجهك فتحرث نظراتك ارضا بور، وتنثر يدك سنابل ذهبية. احاول جدولة أحلامي التي سارعت لتصطف في طابور صباحاتي، جميعها تعاند البرمجة وتصر على ان تكون في الخط الاول فهي لا تعرف سوى اسمك فقط!
و.. جئتك.. لاأملك غير قلب أرهقته الاعاصير، أوهن الحزن اوتاده، فلم يعد يقيني برد الروح و لا سعير العطش. لمحت في عينيك موطنا للفرح، واحة فكت لجام طفولة احلامي فهرعت تعابث خضرة حنينك الغافي على شرفات الانتظار..
أشهق باسمك حين يلد الفجر، الملم بقايا شوق خجول حين يخفي الظلام ملامح وسادتي، فتطل علي تساؤلا.. أرقا.. وجعا يوهن صبر الصمت..
هل أعاتبك ان أسقطت اسمي من مفكرة ذاكرتك للحظة؟ لا تلمني.. فالعمر انفق اللحظات ولم يتبق في رصيدي الكثير منها..
كل ما في ينطق. تعال.. اصابعي تعابث قسمات وجهك، تردعها نعومة شاشة فضية خرساء، وحدها ملامحك تنطق بالحضور، ترسل رسائل لايفك شفرتها الا وجع اللهفة، فارمي اوراقي امام كلمة حب.. نعاس.. شوق.. عطش.. حلم يرتجف..
كل يوم.. ينهض صباحي ليودع مساءك، ويحين مسائي ليتوسل صباحا انت فيه، فجرا يلفظك على وسادة باردة، هواءً يتسرب مخلفا عطرك.. لكن! دائما هنالك غد ربما لا تكون فيه، لأظل اعد حصى الشوق على جرف الغياب..
من أنت، ومن أنا، من أين أتينا؟ من مغارة في أعماق دهور الغربة؟ تمد لي يدا مغلولة بالجراح فتسبقني اليك قدما موحلة تجذرت عميقا حتى نما حولها صبار هذي الارض..
عندما تنطق (احبك) تخنقني العبرات وأنفق اللحظات اعد حروفها، تصبها لهفتي نصبا، رمزا، طودا تتربع على عرشه رجفة فرح ادمنت التسول..
وهي تجر ثيابها نحو الافق، غادرت الشمس مخلفة لونا بنفسجيا، لم يكن بيدي، اشتقتك، فأذاب الحزن برودة الوحشة.. يعاتبني جرح الغياب، فتتصدى له فرحتي بك.. ولحظة تغيب، تفر روحي ثكلى تصرخ بجزع:
أينك؟
أينك.. شهقة والدة ساعة يلوح لها وجهك عائد في اجازة من خلف سواتر الموت، رجفة صدرها لحظة تودعك راحلا الى المجهول..
أغص بالنداء.. فتطفر أينك؟ ألوذ بالنوم فتتقافز أينك؟ اعبر الشوارع والنهارات والاماسي لأجدني افتش عن أينك؟ نبضي يلاحق نبضي.. دمي يصارع جلدي.. فاحذر ان صرخت، فقد تغرقك اوردتي..
اعذرني، فأنا لا أستمع الى نشرات الاخبار لأن جراحي حجبت عالمي عن التغطية. قالوا مرة، ان الثلوج غمرت قلب محارب مهزوم.. فهل كنت أنت؟ كم أكره هذه الثلوج، بياضها الخادع (يزغلل) حزن عينيك فيوحي اليك بالهرب من جحيم بركان دمي..
ياعزيزي.. لاتخش البراكين، كيف لي ان انفقك وأنت آخر قرش في حصالتي؟ واي بضاعة تستحق التفريط بك، سنواتي القادمة ام عمر يتيم أسقط باقة الورد الوحيدة في حفرة موحلة؟ اتساءل فقط.. لم ايقظتني من غفوتي بكل هذه القسوة وانت تدرك ان احلام الفقراء تخطف مع اول الفجر!
اتعلم؟ لن ابكيك.. بل، سأمضي وحيدة مسورة بذكراك، بدعوات تتمتم بها شفاهك في (صلاة).. لن اعاتبك، يكفي انك ستظل ابدا تغرس ورودا في الظلام، وتشعل شمعة في الريح..
... تخفت أينك.. تسدل الستارة.. لم اتعود البكاء في نهاية العرض..
www.deyaralnagab.com
|