logo
لسان حال الموظف: أنا مش كافر!!

بقلم : عطا مناع ... 16.07.2012

هرج ومرج وحالة من الانبساط سيطرت على البلد، الرواتب في البنوك، وأرباب الأسر تنفسوا الصعداء رغم عدم اكتمال الاستحقاق، 60% من الراتب ولا البلاش، وخاصة أن رمضان على الأبواب، وكلنا نعرف التزامات شهر رمضان وعلى رأسها أنفلونزا التخمة التي تنتشر انتشار النار في الهشيم لتصيب الفقراء قبل الأغنياء.
يا فرحة ما تمت، قالها احد الموظفين بمرارة، لقد تقلص الراتب ل 184 شيكل، ينعل أبو هيك عيشة واللة عيشة الكلاب أحسن من عيشتنا..... على الفور غيرت الموضوع لان العين بصيرة والأيد قصيرة......
قال لي آخر، اللة ينعل أبو الصراف الآلي، لم أجد ولا شيكل!! كم تمنيت 100 شيكل فقط، لكن دون جدوى والنقاش مع الصراف الآلي الذي لا يرحم عقيم، للحظة كنت سأحطم هذا الصراف الذي هو سبب البلاء.......
صديق لي وهو مدير عام قال لي : لم اذهب إلى البنك لأنني اعرف سلفا وبحكم الشيكات التي علي أن الراتب صفر، وبالتالي ما في داعي التوجه للبنك حتى لا يرتفع ضغطي فانا مش ناقص ضغط.......
ربك بفرجها يا مواطن، وما في حد مات من الجوع، يا أخي فلنعد الاعتبار للشعار المخضرم..... العدس لحمة الفقراء، وأنصحك أن لا تفكر كثيراً لان التفكير بوجع الراس ومن الممكن أن تصاب بوعكة صحية وهنا تكمن المصيبة، ولان بلدنا لا ترحم الفقراء فلن تجد واسطة أي تحويله للعلاج، يا صديقي حتى الموت مكلف في هذه البلد، ألا تعرف أن تجارة القبور هي الأكثر رواجاً في بلدنا...........
في المحصلة البلد مكفهرة، والوجوه شاحبة، والحكومة صرفت رواتب للبنوك، والبنوك انتعشت، حقها وصلها من الموظف، وطز في الشعب ...... لماذا تهافت الشعب على القروض؟؟؟؟؟ 417 مليون دولار قيمة القروض؟؟ لماذا انجرفنا لسياسة القروض؟؟؟ هل الشعب هو المسئول أم الحكومة الرشيدة؟؟؟؟ إذن فلنتحمل قرف الاستعمار الجديد.......
لكن القرف يتوالد كما الفئران، ويا ريت المشكلة في الرواتب والبنوك، المشكلة الأكبر في الخصخصة، كل شيء في بلدنا خاضع للخصخصة، وإذا قدر لك أن تدقق في لوحات الدعايات المنتشرة على كل مفترق تشعر أن الشعب الفلسطيني مرفه!!!!! وان جوال وأخواتها موجودة لخدمة المواطن لا لحلبة!!!! وان الشعب مش عطشان وكل شيء عال العال، لدرجة انك تنسى أن خط القفر انفجر ضاحكاً من حالتنا التي تصعب على الكافر الذي اتخذ شكل الدولة المانحة.......
على شارع القدس الخليل المحاذي لمخيم الدهيشة حيث اسكن تنتشر معارض الخضار، ويدفعني حب الاستطلاع والمعرفة لطرح الأسئلة المحرمة أحيانا حيث احشر انفي في قضايا محرمة اعتقد أنني اعرف إجابتها لاكتشف أنني لا اعرف شيئاً رغم متابعتي للحالة الاقتصادية.......
إن الحالة الاقتصادية في بلدنا وصلت للقاع..... ففي إحدى دردشاتي مع احد الباعة كان هذا الحوار.......
بعد السلام والسؤال عن الأحوال سألت عن الإشغال وإقبال الناس على الشراء...
جاءت الإجابة أسرع من السؤال، اللة يعين الناس، الوضع صعب وخطير لدرجة ملفتة......
سالتة: لماذا؟؟؟
بدون مقدمات فتح لي دفتر المبيعات وقال لي اقرأ، 2 شيكل بندوره..... شيكل فلفل..... 4 حبات تفاح..... طلبيه نص كيلو بندوره للسلطة...... وهكذا...... قلت في نفسي هذا حالة شاذة، سألت آخرين فحصلت على نفس النتيجة، وبعد عملية بحث عفوية وجدت أن بائع الدجاج يعيش الحالة على أسوء، فالإقبال على رقاب الدحاج زادت لتصل لانتشار الطلب وبخجل على الأرجل؟؟؟؟ تذكرت أيام طفولتي عندما كان والدي يشتري لنا الدجاجة في فترات متباعدة فنلتهمها من اخصمها إلى رأسها، لكنني لا اذكر أننا تناولنا أرجل الدجاج .....
الطامة الكبرى أن الحالة المالية الفلسطينية تخضع للتحليلات والتفسيرات والضرب بالمندل، ولا اعتبر الوعود وابر التخدير التي تنطق بها الحكومة ومن لف لفها مجدية لان وكما يقول المثل سرعان ما يذوب الثلج ويظهر المرج، فمن غير المعقول أن تحولنا الحكومة لشعب شحاد ينتظر على أبواب الدول المانحة وتخرج علينا بعد طول عناء دون أن نرى الدخان الأبيض.
لقد ناقضت الحكومة الفلسطينية المفاهيم البدائية الاقتصادية، فمنذ بداية التاريخ كان تقسيم العمل ، وظهرت الدولة المدنية وضمن الحاجة لترسخ نظام اقتصادي يحمل رؤيا اقتصادية واضحة، هذه الرؤيا عبرت عن نفسها بالعبودية والإقطاع حيناً والمانفكتورة التي اختصرت عجلة الاقتصاد بالأسرة.
في حالتنا الفلسطينية التي لا تخضع لقانون اقتصادي ليس من السهل إيجاد مخرج، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار تبعية السياسة للاقتصاد، ومن هذه القاعدة ستبقى الأزمة الاقتصادية الفلسطينية تسير باتجاه التدهور لعدم وجود تنمية شعبية ووطنية، مع العلم ان طبقة الوكلاء "الكمبرادور" هم الصخرة الرابضة على صدر الشعب الفلسطيني، هذه الطبقة وتحالفها الغير مقدس مع التكنوقراط الذي يعكس مصالح الكمبرادور تعمل يومياً على حقر قبورنا كفلسطينيين، ولا بد أن لا ننسى قطاع البنوك الذي يستثمر شعبنا ويرحل الإرباح لخارج الوطن.
ما العمل: فقط إعادة الاعتبار للثقافة الوطنية من خلال نهوض الحركة الوطنية الفلسطينية والشرائح المعنية بالتحرر الوطني ودحر الاحتلال نستطيع الخروج من المأزق الاقتصادي، لان إعادة الاعتبار للثقافة الوطنية يعزز ثقافة الانتماء للوطن لا للراتب.


www.deyaralnagab.com