سوريا: الفاس في الراس والأذان في مالطا!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 09.08.2012
واضح ان من يده في النار ليس كحال من يده في الماء البارد وواضح ان الاعلام العربي التضليلي يوحي بأن الحرب في سوريا توشك على نهايتها بسقوط النظام وانتصار المعارضه, لكن الواقع كماهو حاصل ينبأ وينذر بان الحرب في سوريا ستستمر طويلا في ظل تكيُّف الاطراف المتحاربه مع ظروف معارك كر وفر ستستمر طويلا اذا لم تحدث مفاجأات عسكريه وتدخلات خارجيه في هذه الحرب التي وصلت تخوم وداخل اهم مدينتين في سوريا وهما دمشق العاصمه الاداريه والسياسيه وحلب العاصمه الاقتصاديه التي تدور حولها وداخلها معارك طاحنه وشرسه بين المعارضه وقوات النظام فيما تدور هنا وهناك وفي مناطق سوريه عده مواجهات تتأرجح بين الواسعه والمحدوده, لكن في المحصله شاء من شاء وابى من ابى وانكر من انكر وتنكَّر من تنكر للواقع و الحقيقه الصافعه والمؤلمه تشير الى ان سوريا قد دخلت في اتون حرب دمويه وتدميريه تدور رحاها بين النظام والمعارضه بغض النظر عن نوعها او تسميتها سواء حرب اهليه او طائفيه لانها ببساطه حرب حاصله وتحصد يوميا المزيد من الضحايا وتدمر قرى ومدن واحياء كامله وتشرد مئات الالاف من السوريين الى دول الجوار وبالتالي وكما هو واضح اخذت الحرب في سوريا منحى نقطة اللاعوده دون ان تلو ح في الافق امكانية وقفها والتفاهم السياسي بين النظام والمعارضه على حل او مخرج سياسي ما ينقذ ما يمكن انقاذه من سوريا قبل خراب بلاد الشام وفوات الاوان..بعد خراب مالطا..سوريا تغرق يوم بعد يوم وتنزلق نحو مسار خراب ودمار يشمل غربها وشرقها وشمالها وجنوبها والاهم من هذا وذاك ان الشعب السوري يلحق بمصير الشعب العراقي واعداد اللاجئين والهاربين من الحرب في تزايد مضطرب واذا استمرت الحرب وبقي الحال على ماهو عليه الان سيصل عدد اللاجئين الى ملايين في حين سيرتفع عدد القتلى والجرحى الى عشرات الالاف ولربما الى مئات الالاف في ظل الحرب اللتي تدور في المدن والقصف اللذي يستهدف المدنيين والاحياء السكنيه...الحرب في سوريا حرب تدور رحاها في المدن والشوارع ومناطق مكتظه بالسكان وليست حرب حدود وجبهات بعيده عن المناطق الاهله بالسكان المدنيين ولهذا يكون اثر الحرب مباشر على المدنيين العالقين وسط مناطق القتال واكثرية الضحايا في هذه الحال تكون من بين المدنيين وليست الاطراف المتحاربه والتجربه علمتنا زعم الجهات المتحاربه باستعمال هذا الطرف او ذاك المدنيين كدروع بشريه او استهدافهم مباشر بقصف الاحياء السكنيه, لكن الحقيقه التي تنقشع عادة بعد انتهاء الحروب تُظهر ان جميع الاطراف استعملت واستهدفت المدنيين بشكل من الاشكال في هذه الحروب..اكثرية الضحايا والقتلى والمشردين في المحصله تكون من بين صفوف المدنيين وليس العسكريين والاطراف المتحاربه...الدمار اللذي لحق بمدينة سرد الليبيه نراه يسير بوتيرة اكثر دمارا في حلب السوريه ولربما نراه على حقيقته البشعه في حلب ودمشق وباقي المدن والقرى السوريه بعد انتهاء الحرب..نتمنى ان لايحصل هذا الخراب والدمار العدمي في حلب ودمشق وكامل المدن والقرى السوريه..نتمنى ان تنتصر الوطنيه السوريه لعمار الوطن وليس خرابه !!
عندما نتحدث عن الوطنيه السوريه فنحن نتحدث عن السوري الواعي لما يدور حوله من دمار وخراب شبه مبرمج لانه من الواضح ان ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي يهيمن عليه المعسكر الامبريالي معني فقط بما يسمى الاسلحه الكيماويه والجرثوميه وعدم استعمالها نحو الداخل والخارج وباقي ما تبقى في سوريا "فخار يكسر بعضه", بمعنى ان خراب سوريا لايعني الدول الغربيه وعملاءها واسرائيل كثيرا لابل يندرج في خانة مصالح ومصلحة هذه الدول التي تسعى الى تخريب وتحييد سوريا الى اجل غير مسمى .. من اللافت للانتباه تصريح وزير الدفاع الامريكي ومطالبته المعارضه السوريه بضرورة الحفاظ على الجيش السوري في حال سقوط النظام؟!..امريكا والغرب قاما بتدمير جيشين عربيين دمارا شاملا بحجة تبعيتهم للنظام وهما الجيش العراقي والجيش الليبي وكما يبدو ان مصير الجيش السوري يسير في نفس الاتجاه..هذا ما ستكشفه نتائج الاحداث الماساويه الجاريه في بلاد الشام!!
من الواضح ان النظام السوري سيتمسك بدمشق حتى لو فقد حلب ومناطق اخرى لان دمشق تمثل للنظام رمز للسياده والشرعيه السياسيه من جهه وعدد سكانها يشكل اكثر من ربع مجموع سكان كامل سوريا من جهه ثانيه وبالتالي حتى لو استعرت الاوضاع واستولت المعارضه على بعض المناطق ومن بينها حلب فإن حرب الكر والفر ستستمر والنظام سيناور باوراق كثيره ما زال يمسك بها من بينها الورقه الجغرافيه والديموغرافيه و القبليه المواليه للنظام ولربما الطائفيه, لكنه سيستميت في معركة الدفاع عن دمشق لانها تعتبر معركة موت او حياه بالنسبه للنظام..معركة سقوط النظام او بقاءه..معركه فاصله وقاسيه ومن الممكن ان تستعمل فيها اعتى واخطر انواع الاسلحه والنتيجه ستكون دمارا شاملا وتتوافق مع مقولة علينا وعلى اعداءنا.. موازين القوى تميل حتى اللحظه لصالح قوات النظام الا ان العنصر النفسي والمعنوي والاعلامي سيلعب دورا لربما لصالح المعارضه التي تحظى عملياتها وانتصاراتها[الحقيقيه والوهميه الدعائيه!] لتغطيه اعلاميه واسعه من قبل فضائيات قطر والسعوديه وهما النظامان العربيان الاشَّد رجعيه ودكتاتوريه في العالم العربي ودعمهما للمعارضه السوريه يلقى بظلال ثقيله على طبيعة توجهات هذه المعارضه..استبدال نظام الحكم في سوريا بنموذج نظام الحكم الدكتاتوري والخائن في كل من السعوديه وقطر هو كارثه وطنيه بكل المعايير بالنسبه للشعب السوري..النار والرمضاء!!
من الواضح ايضا ان المعارضه السوريه ليست واحده ولا موحده وطنا ومهجرا والذي يهيمن على مسار الامور[كما يظهر هذا الاعلام والله العليم؟] في المعارك الدائره كما يبدو هو ما يسمى ب الجيش "الحر" التي تدعمه السعوديه وقطر وتركيا,. ولكن هنالك ايضا قوى وميليشيات اسلاميه وافده كما يذكر الاعلام تقاتل في صفوف المعارضه او على جبهتها ضد قوات النظام وهنالك خلافات حاده بين معارضة الداخل والخارج وهذا واضح في فوضى تشكيل ما يسمى بالحكومات المؤقته او بالحكومات التي تشكلت بهدف ضبط الامور في مرحلة مابعد بعد سقوط النظام في سوريه؟.. الجيش الحر شكل حكومه برئاسة ملهم الدروبي بينما مجلس الامناء الثوري السوري اجتمع مؤخرا في القاهره وشكل هو ايضا حكومه انتقاليه برئاسة هيثم المالح وكما هو واضح مسلسل تشكيل الحكومات من قبل المعارضه لن يتوقف وستكون هنالك على مايبدو حكومة تابعه ايضا للمجلس الوطني السوري المعارض وبالتالي الجاري صراع دائر بين المعارضه السوريه على صيد لم يدخل الشباك بعد.. مسلكية هذه المعارضه تدل على عدم نضوجها سياسيا ووطنيا وتعيد للذاكره الحاله العراقيه بعد غزو العراق واسقاط نظام صدام حسين وجماعة بريمر وحل الجيش العراقي وزرع المحاصصه الطائفيه ومجلس الحكم وماتبعه من طائفيه وتطييف وتقسيم العراق الذي انتهى به المطاف بتدمير هويته الوطنيه العراقيه وتدمير عروبتة الى حد ان العراق اصبح اليوم بلد محتَّل وتحت ولاية طهران او بالاحرى ولايه تابعه لإيران يدير شؤونها "عراقيي ايران" و"عراقيي امريكا"..ابناء عمومه في الطائفه والحكم والتبعيه!!
في المحصله لابد لنا ان نقول ان الحاله السوريه مرتبكه ومركبه سواء من جهة النظام او المعارضه وكما يقول المثل العربي " الكل راكب راسه" والفاس دخل الراس والمؤذن يؤذن في مالطا ولا احد يستمع له ولا لصوت العقلانيه الوطنيه التي تطالب بوقف نزيف الدم السوري وووقف الهروب واللجوء الجماعي ووقف الدمار والقتل الجاري في سوريا..في سوريا مطلوب بالحاح تيار جماهيري جارف لحسم الامر ووقف النزيف والهدر الجاري للدم السوري.. كل الذين يقتلون يوميا هم ابناء وبنات واطفال سوريا سواء من الجيش النظامي او المعارضه المسلحه..الرهان على الحسم العسكري لم يعد يجدي وسيطول الامر كثيرا وسيزداد الدمار دمارا والتشريد تشريدا والمطلوب اليوم حل سياسي يضع حد للكارثه الجاريه في سوريه ويضع حد للدكتاتوريه ويحافظ على وحدة سوريا جغرافيا وديموغرافيا...الراس دخل الفاس في سوريا والاذان في مالطا.. استمعوا للاذان وارفضوا التدخل الاجنبي البغيض واجنحوا للحل الوطني المرضي للجميع قبل خراب سوريه.. اليوم هنالك فرصه لسماع الاذان وانقاذ سوريا , لكن غدا سيكون الاذان في مالطا بعد خراب مالطا..خراب سوريا وفوات الاوان وحتى لو اذن المؤذن في حلب وسوريا وليست في مالطا.. سوريا: الفاس في الراس والأذان في مالطا!!
www.deyaralnagab.com
|