القدس في واد..والقيادة السياسية في واد آخر!؟
بقلم : راسم عبيدات ... 08.01.2013
واضح جداً أن الاحتلال ماض في مخططاته بالأسرلة والتهويد والتطهير العرقي بحق المقدسيين،وفق رؤيا وبرنامج وإستراتيجية وآليات عمل وحوامل تنظيمية لتنفيذ تلك المخططات،وهو يحق نجاحات واختراقات جدية على أكثر من جبهة وصعيد،فعلى الصعيد التجاري والاقتصادي الحق هزيمة كبيرة بالحركة التجارية والاقتصادية المقدسية،حيث نجح في نقل جزء ليس بالبسيط من الحركة التجارية والاستهلاكية من القدس العربية الى القدس الغربية،وهناك العشرات من المحلات التجارية المقدسية التي أغلقت على تلك الخلفية،وهذا ليس مجرد حديث أو أقاويل،بل نحن نتلمس ذلك من خلال الإقبال على الشراء من المحلات التجارية الإسرائيلية،وعدد الموظفين العرب فيها،وخصوصاً في تجارتي المواد التموينية والملابس،وكذلك المحلات التي لها علاقة بالسياحة “سنتوارية” وغيرهم،تعرضوا الى ضربة قاسمة وموجعة،حيث الاحتلال عمد إلى ربط السياح مع محلات إسرائيلية،ووظف حتى الأدلاء السياحيين لخدمة هذا الغرض،وكذلك لشرح الرواية التاريخية للقدس وفق الرؤيا الصهيونية،وأقام سلسلة من الفنادق والمكاتب السياحية ومحلات “السنتواريه” على الخط الفاصل لخدمة هؤلاء السياح،وليس هذا هو النجاح او الاختراق الوحيد،فنحن نشهد اختراق كبير على صعيد المنهاج والتعليم،حيث عدد الطلبة المقدسيين الملتحقين بالمدارس التي تدرس المنهاج الإسرائيلي في ارتفاع وازدياد،وكذلك الكليات والمراكز التعليمية الإسرائيلية والمعتمدة المنهاج الإسرائيلي في تدريسها تتوالد وتتزايد في القدس العربية،وهناك من هم محسوبين على الحركة الوطنية يعملون كوكلاء ومقاولين لها،كذلك يسجل ارتفاع كبير في عدد الطلبة المقدسيين الملتحقين بالجامعات الإسرائيلية،وقد يكون عدم الاعتراف بشهادة جامعة القدس والحصول على الوظيفة واحدة من الأسباب الهامة في هذا الجانب،أما على صعيد طلب الجنسية الإسرائيلية فهناك تزايد في الأعداد الطالبة للحصول على الجنسية وبغض النظر عن الأسباب والدوافع لتلك الطلبات،فهذا مؤشر سياسي على درجة عالية من الأهمية والخطورة.وأيضاً الاحتلال يريد أن يخلق قيادة مقدسية مرتبطة به عنوانها المخاتير وبعض الوجوه العشائرية المتهرئة،حيث أن الاحتلال أصبح يطالب المقدسيين الراغبين بالحصول على رخصة بناء،وبسبب عدم وجود قوشان"طابو" في أغلب الأراضي في القدس،أن يحضر صاحب الرخصة ورقة من المختار تثبت ملكيته لهذه الأرض،وفي قطاع المواصلات يخطط لربط كل شركات المواصلات المقدسية مع الشركات الإسرائيلية،والمخطط في مراحله الأخيرة،وهذا غيض من فيض فيما يتعلق بمخطط وبرامج وسياسة الاحتلال تجاه القدس والمقدسيين،والمخطط يقوم على أساس ربط تفاصيل كل حياة المقدسيين بالاحتلال..... وفي المقابل نرى ان القيادة السياسية للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية وجهازها التنفيذي السلطة والمناط به متابعة كل شؤون وتفاصيل حياة المقدسيين،بعيدة جداً عن الملامسة الحقيقية لهموم المقدسيين ومعاناتهم،ويغلب على عملهم مع المقدسيين الإرتجالية والعفوية والشعاراتيه وردات الفعل،وغياب الرؤى والبرامج والإستراتيجيات.... ،ونحن هنا لا نريد ان نستمر في جلد الذات والتباكي على القدس وضياعها،فالمسألة بحاجة الى إرادة سياسية أولاً من قبل القيادة السياسية ودعم جدي وحقيقي للمدينة،وعبر أشخاص واطر ولجان فاعلة وحقيقية،وأنا من هنا أقول للرئيس واللجنة التنفيذية ورئاسة الوزراء بأنه لم يعد من المقبول والجائز أن يستمر فتح دكاكين تعمل باسم القدس،ولديها مقرات وموظفين وتدفع لهم شهرياً عشرات ألآلاف الدولارات،ولا تستفيد القدس منهم بشيء،ولا يقدمون أية خدمة حقيقية في جوانب عملهم للمدينة،ولذلك إما أن تنقل تلك الدكاكين مجال عملها للقدس،وتلزم اللجنة التنفيذية موظفيها بالمشاركة بكافة الفعاليات والأنشطة الخاصة بالقدس،أو يتم إغلاق تلك الدكاكين وتحويل موازناتها الى من هم احق وأولى بها من المؤسسات واللجان المقدسية العاملة في قلب المدينة وقلب الحدث،العمل على تشكيل لجنة عليا مقدسية موحدة مرجعيتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير،تنضوي تحتها كل الشخصيات والفعاليات والمؤسسات المقدسية من المحافظة ومروراً بالقوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني والعمل الجماهيري ورجال الدين والشخصيات التربوية والأكاديمية،يناط بها كل تفاصيل العمل والهموم المقدسية وعبر دوائر مهنية ومختصة،بعيداً عن الارتزاق والنفعية أو تحويل تلك الدوائر لشؤون اجتماعية.
إن محاور العمل الأساسية في المدينة يجب أن تركز على قطاعي التعليم والبناء والإسكان،فهي من العوامل الهامة في التقرير في وضع المدينة فعدم البناء وإقامة الإسكانيات في القدس،من شأنه تهويد المدينة،واحتلال الوعي للطلبة من شأنه أيضاً أسرلتها،وإذا كان هناك دراسات تؤكد على أن هناك 3000 دونم في القدس داخل الجدار منظمة،ويمكن البناء عليها،وكذلك 18000 دونم يمكن زيادة نسبة البناء عليها،فلماذا لا يجري استغلال تلك الأراضي من أجل البناء،عبر تشارك المواطنين والرأسمال المحلي وصندوق الاستثمار الفلسطيني والبنوك والمؤسسات المصرفية والصناديق العربية والإسلامية،وكذلك من الممكن فتح علاقات مع المستثمرين ورجال الأعمال الفلسطينيين في الداخل -48- لهذه الغاية وهذا الهدف.
بالضرورة أن يتم رسم خطة وإستراتيجية واضحتين من اجل فلسطنة التعليم في مدينة القدس،والفلسطنة يجب أن لا تكون مقتصرة بالحفاظ على المنهاج من التشويه والتحريف فقط،بل بالضرورة زيادة أعداد المدارس التابعة للسلطة في القدس عبر شراء أبنية مدرسية وإقامة مدارس جديدة،وتحسين جودة ونوعية وبيئة التعليم،وكذلك التركيز على التعليم المهني والتكنولوجي والمهن المساعدة في المجالات المختلفة،وربط التعليم بالواقع وسوق العمل واحتياجاته،وبالضرورة منع تغلل دائرة المعارف وبلدية الاحتلال في المدارس الأهلية والخاصة،والتي أصبحت في أغلبها تتلقى مال مشروط من بلدية الاحتلال،وبالمقابل ما زالت تفرض رسوم وأقساط تعليمية مرتفعة على الطلبة،ويجب أن تكون هناك دراسات حقيقة لاحتياجاتها وتحديد الأقساط المدرسية وفق تلك الاحتياجات،فهذه الأقساط المرتفعة في ظل فقر مقدسي مدقع،تدفع بالطلبة الى التسرب من المدارس،أو الأهالي إلى نقل مراكز حياتهم الى خارج مدينة القدس.
الظرف والواقع في القدس جداً خطير ولا يحتاج الى المزيد من التشخيص والتحليل ولا الندب ولا البكاء،بل ما يحتاجه هو وحرث جدي،ويجب ان تتغير المعادلات ولا يجوز ان يستمر أهل القدس في واد،والقيادة السياسة في واد آخر.
www.deyaralnagab.com
|