مصر : مرسي على خطى مبارك.. ولا جديد تحت الشمس!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 27.06.2013
في بداية تسعينات القرن الماضي دعا حسني مبارك على عجل لمؤتمر قمه عربي في القاهره لتشريع العدوان الغربي الاطلسي على العراق بحجة " تحرير" الكويت ومن ثم شُنت الحرب على العراق في يناير 1991 وانتهت بهزيمة العراق واخراجه من الكويت والحصيله كانت ليست تدمير العراق فقط لابل تدمير الكويت واحراق حقول النفط ومنذ انتهاء هذه الحرب ظل العراق اسير العقوبات والحصار حتى تاريخ احتلاله بالكامل عام 2003 ومنذ ذلك الحين ايضا وتحديدا منذ عام 1991 ظل وكر شرم الشيخ بقيادة حسني مبارك يبصم على بياض على كل ما يتعلق بالمخططات الامريكيه نحو العراق الذي دفع شعبه واطفاله ثمنا باهظا بسبب الحصار اللتي التزمت به الجامعه العربيه حرفيا كماهو حال ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي الذي بقي يشدد على مواصلة حصار العراق وتدميره ومن ثم المشاركه الفعاله في ا حتلاله من قبل امريكا عام 2003 وماجرى منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا هو ان العراق اصبح بلد مدمر ومقسم طائفيا لابل ان العراق قد فقد هويته العربيه...سقط حسني مبارك وسقط معه وكر شرم الشيخ عام 2011, لكن ماخلَّفته حقبة حكم مبارك في مصر وعلى مستوى العالم العربي كان كارثيا,. حيث كان مبارك عميل امريكا بإمتياز وعبدها المطيع الذي ساهم في تمرير جميع المخططات الامريكيه والاسرائيليه في المنطقه العربيه وعلى راسها تدمير العراق وتقزيم القضيه الفلسطينيه الى ادنى حد ومستوى وفي الوقت نفسه قام مبارك بتقزيم دور مصر القيادي في العالم العربي وجعلها مجرد ملحق للسياسه الامريكيه وبالتالي تنفس العرب الصعداء عندما اسقطت الثوره المصريه نظام حسني مبارك عام 2011 ومن ثم جرى ماجرى من احداث حتى اختيار محمد مرسي عام 2012 رئيسا لمصر ما بعد الثوره, لكن على ما يبدو ان هذا الاختيار لم يكن موفق و لم يثبت مرسي حتى الان انه افضل من مبارك ولم يغير اي شئ ملموس يثبت ان مصر تسير في اتجاه اخر بعد خلع مبارك لابل ان قرارات وسياسة مرسي بدات تتقارب مع سلفه..!!
من هنا لابد لنا من القول ان محمد مرسي يخضع لاوامر المرشد العام لحركة الاخوان ولم يضع حتى اليوم حدودا بين انتسابه لهذه الحركه وكونه رئيسا لمصر ولكل المصريين وماجرى مؤخرا في ستاد القاهره يثبت ان مرسي ليست عدمي فقط لا بل انه ينفذ اوامر المرشد وسياسة الاخوان على حساب دور الدوله المصريه والمؤسسه الرئاسيه التي من المفروض انها تنتهج نهجا اخر يختلف نوعيا عن نهج الاخوان ونهج الرئيس المخلوع حسني مبارك, لكن ماجرى مؤخرا في ما سمي بحفل". تضامني مع الشعب السوري" في ستاد القاهرة واعلان مرسي قطع العلاقات الدبلوماسية مع سورية ودعوته لإنشاء منطقة حظر جوي في سورية يثبت ان مرسي يسير على خطى مبارك و خطى دول الخليج وموقفهما الذي قاد الى تدمير واحتلال العراق وهو الموقف نفسه الجاري تطبيقه خطوه خطوه في سوريا...سياسة مجلس التعاون الخليجي لم تتغير وتبعية دول هذا المجلس لامريكا معروفه وهذه الدول هي نفسها كانت حليفة مبارك واليوم تتحالف مع مرسي وتتفق معه على الخطوات المطلوبه امريكيا في سوريا وما جرى في ستاد القاهره وقطع مرسي العلاقات الدبلوماسيه مع سوريا يثبت ان مصر الجديده ما هي الا القديمه المتحالفه مع الرجعيه العربيه من جهه وهي التي ما زالت عاجزه ان اطلاق اي مبادره عربيه للحل في سوريا من جهه ثانيه وبالتالي وماهو مؤسف ان مصر الجديده تمثل نهج حركة الاخوان وتطبق سياستهم على حساب دور الدوله المصريه الذي يجب ان يعكس ثقل وحجم مصر الحقيقي في العالم العربي...مصر كانت تعيش في ظلال حزب حسني مبارك وفساده والان دخلت في اسر حركة الاخوان وتوجهها وهو التوجه الذي يعكس موقف محمد مرسي من الجاري في سوريا..مرسي يؤيد حركة الاخوان المسلمين في سوريا ومطلب هذه الحركه هو اسقاط النظام السوري على الطريقه المصريه..احلال حكم الاخوان بدلا من حكم الاسد... الشعب السوري كماهو الشعب المصري اراد ويريد اسقاط النظام والذي جرى هو اختطاف الثوره في مصر من قبل الاخوان والجاري في سوريا وبدعم من مرسي هو محاولة اختطاف الثوره السوريه بنفس الاسلوب وهذا الاسلوب هو الذي دمر الثوره المصريه وادى الى عدم الاستقرار في مصر حتى يومنا هذا!
عود على بدء الى سياسة مبارك في العراق وسياسة مرسي في سوريا,فلا فرق بين مبارك ومرسي الا في التفاصيل والشكل, حيث ايد مبارك عام 1991 فرض الحظر الجوي والحصارعلى العراق ومن ثم احتلاله عام 2003 وهو الامر نفسه الذي يؤيده ويفعله محمد مرسي 2013 في سوريا, بمعنى بسيط ومبسط مرسي يدعو الى احتلال سوريا وليس اسقاط النظام فقط ومرسي هذا يقترب من موقف الحزب الاسلامي العراقي الذي شارك في مجلس حكم بريمر بعد احتلال العراق وهذا ما يعني ان محمد مرسي يأمل ان تسيطر حركة الاخوان المسلمين على مقاليد الحكم في سوريا حتى ولو عبر احتلال سوريا...امريكا والغرب يعتبران حركة الاخوان شريكا محتملا و معتدلا وافضل بكثير من الحركات الاسلاميه الاخرى التي تحارب قوات النظام السوري من اجل اسقاطه...ببساطه محمد مرسي يقطع علاقات مصر بسوريا ولا يقطعها بإسرائيل وهو شانه شان ومثله مثل شيوخ ومفتيي البلاط والسلاطين الذين يدعون الى الجهاد في سوريا ويتغاظون عن ماهو جاري للقدس واولى القبلتين..!!
ليس هذا فقط لابل ان مرسي لم يغير اي شئ في مصر فالبطاله والفقر والعوز والفوضى وغياب الامن تقضان مضاجع وحياة اكثرية المصريين كما هو الحال في عصر حسني مبارك, ومصر ما زالت رهينة المساعدات الامريكيه والمديونيه المصريه تتراكم وتحول دون تطور مصر وتقدمها وحتى القمامه تتراكم في القاهره ومدن مصريه اخرى ناهيك عن الخدمات الصحيه والمواصلات المتدنيه في مصر والنقص والعجز الكبير في ميزانيات التعليم وغيرها من ميزانيات مطلوبه لانعاش الاقتصاد المصري الاخذ بالتدهور ولا ننسى طبعا الانقسام الكبير الحاصل في صفوف الشعب المصري منذ تسلم مرسي والاخوان الحكم في مصر...مصر تنتظر صفيح ساخن في نهاية هذا الشهر من تحركات شعبيه مناوئه للرئيس مرسي وهذا بدوره يحاول اجهاظ هذه التحركات بالهروب الى الامام والتعربش بقضايا خارجيه كالقضيه السوريه حتى يكسب المزيد من تأييد القواعد الشعبيه في مصر..الرئيس "المجاهد" يتعربش بسوريا ويتناسى سيناء المحتله وقضية انه يحتاج الى اذن من اسرائيل بدخول سيناء الخارجه عن السياده المصريه جغرافيا وامنيا؟؟.. الن ز"ظ"ام السوري نسي الجولان و"النزام" المصري نسي سيناء..يبيح الجهاد في سوريا ويمنعه في سيناء...يطلب اذن من اسرائيل لادخال بعض الدبابات لمحاربة "الارهابيين" الجوعى في سيناء.. الامر نفسه قام فيه حسني مبارك في العراق وسيناء.!!
ليس هذا فقط فقد قام حسني مبارك بالتفريط بحصة مياه مصر في النيل عبر تخاذله وتواطئه مع المخططات الاثيوبيه والامريكيه لاقامة سدود على النيل الذي يعتبر شريان حياة مصر وهذا ما يعني حتمية عطش مصر في المستقبل المنظور بسبب النقص في المياه القادمه من مصبات النيل التي تقيم عليه اليوم اثيوبيا اليوم ما سمي بسد " النهضه" في عصر محمد مرسي الذي يرسل وفد من قبله للتسكع في اثيوبيا تحت عنوان التفاوض مع اثيوبيا حول اقامة السد الاثيوبي...هذا السد يهدد حياة الشعب المصري ويؤثر على الزراعه والصناعه وسيقود الى تعطيش الناس وتصحير مناطق شاسعه في مصر وبالتالي الجاري تهديد حقيقي وخطير لمصر ومستقبل مصر وهذا لايتناسب مع مستوى الخطاب الهافت الذي يخاطب فيه مرسي اثيوبيا لنقول ليست خطاب لابل توسل....هل يجوز ان تتوسل وتتسول مصر حصتها من المياه؟ وهل يجوز التعامل مع هكذا قضيه خطيره " قضية حياه او موت" بهذا الاستهتار كما تعامل و يتعامل الرئيس المصري السابق والحالي مع هذه القضيه؟.. الجيش المصري يا " نزام" مهمته الدفاع عن مصر وامن مصر المائي والقومي وليست المشاركه في غزو سوريا او العراق..؟؟..واخذ بالك يا "نزام"....خليك معانا.. ذاكر كيف "نزام" مبارك كان مج"ق"هَّز وكر شرم الشيخ فورا لتمرير اي قرار امريكي في المنطقه العربيه؟.. مرسي وراه ب"يقري"...يركض..جاهز..الله واكبر وعَّدي..!!
مطالبة محمد مرسي بفرض حظر جوي على سوريا هي صوره طبق الاصل من دعم محمد حسني مبارك لفرض مناطق الحظر الجوي في العراق وتأييده لاحتلال هذا البلد العربي ولا نعتقد باي شكل من الاشكال ان الشعب المصري العربي العريق الذي عارض خطوات مبارك في العراق يؤيد خطوات مرسي في سوريا وبالتالي كان بالاحرى والاجدر ان يتقدم الرئيس المصري الحالي بمبادره عربيه او مصريه لانقاذ سوريه وليست تبرير غزوها حتى تحكمها فيما بعد حركة " الاخوان" او بالاحرى حتى تختطف الثوره كما فعلت سليلتها في مصر..جيد ان يحذر الرئيس المصري من التدخل الاجنبي في سوريا,لكن ان يقتصره فقط على حزب الله ويبيح التدخل الغربي والعربي الرجعي فهذا بالضبط ما كان يفعله المخلوع حسني مبارك الذي ايد عام 2006 العدوان الاسرائيلي على لبنان وزعم انذاك ان حزب الله يتحمل المسؤوليه عن ما جرى..نعم لمؤازرة الشعب السوري والف لا لدعم التدخل الاجنبي في هذا البلد العربي..اسقاط النظام السوري مهمة ملقاه على عاتق الشعب السوري,لكن عملية اسقاط النظام لا يجب ان تكون نسخة طبق الاصل من اسقاط نظام حسني مبارك والالتفاف على مطالب الشعب كما جرى في مصر... الحقيقه الصادمه تقول ان مصر اليوم ليست النموذج الثوري الصحيح الذي يجب الاقتداء به ورئيس النظام المصري مرؤوس من قبل مرشد الاخوان الذي يدير مصر نظريا وعمليا من وراء الكواليس..مرسي مجرد رئيس دميه والرئيس الفعلي لمصر هو المرشد؟!
من المؤسف والمخيب للامال في ان واحد ان تتحول مصر الى إقطاعيه " اخوانجيه " بدلا من تتحول الى ورشة عمل للديموقراطيه والتطور في اعقاب ثورة25 يناير ..... السفينه المصريه تحتاج لربان اخر غير هذا الموجود حتى يقودها ومن ثم يقود السفينه العربيه الكبرى..محمد مرسي اعاد صياغة وانتاج تحالف حسني مبارك مع الرجعيه العربيه واعاد تشكيل نادي التبعيه لامريكا والغرب..لا اكثر... في الوقت نفسه لا يمكن باي حال من الاحوال الدفاع عن النظام السوري ولا تبرير جرائمه بحق الشعب السوري وهذا الشعب هو الذي يجب ان يطيح بهذا النظام, لكن ما حصل هو ان الرجعيه العربيه والامبرياليه الغربيه قد ضللت الشعب السوري الذي قتل منه عشرات الالاف و لجا الملايين من بينه الى خارج وداخل سوريا واليوم سوريا مدمره بالكامل ولا يتصورعاقل بقاء النظام في نهاية المسار بعد كل هذا اللذي جرى , لكن الحلول المطروحه في الوقت الراهن غير عمليه ولا وطنيه...القوى الوطنيه السوريه هي التي يجب ان تحسم الامور فيما النظام وحلفاؤه ومعارضته وحلفاءها لم يساهموا الا في خراب سوريه ودعوة محمد مرسي للتدخل الاجنبي في هذا البلد العربي لن تزيد الطين الا بله والخراب خرابا... مصر : مرسي على خطى مبارك.. ولا جديد تحت الشمس!!
www.deyaralnagab.com
|