فلسطين : السُلطتين البائستين الى أين؟!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 04.07.2013
بعد عقود من الركود السياسي والخلافات الفصائليه الفلسطينيه نجد اليوم ان القضيه الفلسطينيه لاتقبع في مربع "مكانك عد" فقط لابل انها عادت و تعود خطوات كثيره الى الوراء في ظل ضياع الارض الفلسطينيه وتيه الشعب الفلسطيني في دروب دون خرائط ودون معالم وطنيه واضحه تقود هذا الشعب او تنقله الى مرحله اخرى من مراحل التحرر نحو بلوغ اهدافه الوطنيه والسياسيه اللتي تناثرت وتلاشت بشكل ملحوظ منذ اتفاقية اوسلو عام 993 وحتى يومنا هذا وبالتالي يبدو بوضوح ان الاحتلال الاسرائيلي يعيش منذ فتره حقبته " الذهبيه" لابل انه حصل وحاصل على فرصته الذهبيه في الاستمرار في الاستيطان وقضم الاراضي الفلسطينيه وتقويض الحلم الفلسطيني في وضح النهار دون اي عائق او رادع ماعدى بعض التصريحات و الادانات اللذي تَّعود عليها هذا الاحتلال الذي اصبح " كاسر وجاسر" الى حد يهدم فيه بيت الفلسطيني ويلقيه به على قارعة الطريق والى حد قَّوننة هدم قرى فلسطينيه كامله وترحيل سكانها وتشريدهم مما يعني ان النكبه الفلسطينيه ما زالت مستمره بفصولها وبكل تفاصيلها في زمن وجود سلطتين فلسطينتيين في رام الله وغزه جل همهن منصَّب على توفير " الرواتب" وتثبيت مكانة سلطة غزه وسلطة رام الله على رقع جغرافيه محدوده ومتباعده في حين يستمر فيه الاحتلال الاسرائيلي في التوسع وفرض الحقائق على الارض...ضاعت القدس..ضاعت الخليل..ضاعت الضفه..غزه محاصره..ضاع الكثير واكثر من الكثير من فلسطين والقضيه الفلسطينيه وما زالت السلطه الفلسطينيه بشقيها الغربي والشرقي تتسكع في طيات التاريخ والزمن الضائع و تتمَّرغ في اشكالية تشكيل الحكومات الكارتونيه و كيفية توفير " الراتب" لموظفيها ومنتسبيها وبين الفينة والاخرى يتسلى المتسكعون بالمصالحه " الوطنيه" وتعقد وحماس وفتح اجتماع " تنفيسي وترفيهي" ومن ثم مؤتمر صحفي...قررنا وقررنا وسنفعل وسنقوم بخطوات لتشكيل "حكومة وحده وطنيه" ومن ثم في اليوم التالي يُستأنف اطلاق " البيانات والتنديدات" وتحميل المسؤوليه بفشل مساعي المصالحه المزعومه...ابشروا.. بشارة خير وفرج... الرَّبع لن يتصالحوا الى ابد الابدين والطرفين مُصَّرين على استمرار وجود السلطتين وتدفق الرواتب للمنتفعين فقط بينما اكثرية الشعب الفلسطيني تعيش تحت خط الفقر والبؤس وفي ديارات التشرد واللجوء...هنالك من استهجن فرحة الشعب الفلسطيني بفوز محمد عساف..اخيرا وجد هذا الشعب فرحة مشتركه يفرح بها بعد هذا المأتم الطويل اللتي تديره سلطة اوسلو منذ عقدين من الزمن..عقدين ضاعت فيهما ثلثي ما تبقى من الثلث المتبقي من فلسطين التاريخيه..!!
لم يعد يجدي ان نعود ونكرر ونؤكد على الثوابت الفللسطينيه فهي ثوابت معروفه ومشروعه, ولم يعد يجدي ايضا الحديث عن من يمثل الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير والميثاق الوطني الفلسطيني الخ والسبب ان هنالك من هو معني بطمس هذه الثوابت وهذه المعالم لابل هنالك من هو معني بطمس التاريخ الفلسطيني وهضم الحق الفلسطيني وهذا " المعني" ليس الاحتلال الاسرائيلي وامريكا فقط لابل ايضا قطاعات فلسطينيه ليست بالقليله تعتاش على استمرارية المأساه واستمرار الاحتلال واستمرار الانقسام الفصائلي الفلسطيني الذي يشرعن استمرارية وجود سلطتين فلسطينيتين بائستين اقل ما يقال فيهما انهم الوجه الاخر والابشع لروابط القرى اللتي شكلها الاحتلال في ثمانينات القرن الماضي..سلطتين لافائده منهما سوى للإحتلال الاسرائيلي الذي ينتزع كل يوم وكل ساعه قطعة جديده وعزيزه من الارض الفلسطينيه لابل ان هذا الاحتلال بدأ فعليا بتقسيم ساحات وباحات المسجد الاقصى في القدس على غرار تقسيم واحتلال الحرم الابراهيمي في الخليل ولكم ان تتصوروا سخرية التاريخ و بؤس الحال الفلسطيني ومأساويته الذي ما زال يتحدث ويتسلى في قضية توحيد " السلطتين" في حين تبقُر فيه الجرافات ارضية واحشاء المسجد الاقصى وذلك بعد ان بقر الاستيطان وحائط العزل الاسرائيلي احشاء الضفه الفلسطينيه شمالا وجنوبا وغربا وشرقا وعلى الضفة الاخرى يعيش قطاع غزه الحصار والحرمان والفقر والبؤس...!
سلطتين فلسطينيتين لم يقسمان الوطن الفلسطيني الى كانتونات بؤس فحسب لابل دمَّرا معالم القضيه الفلسطينيه وقدَّما افضل خدمه للإحتلال الاسرائيلي والامبرياليه الامريكيه...اليوم وغدا ستسمعون للمره الالف عباس مع المفاوضات وحماس ضد..كذب يطارد كذب ودجل يلاحق اخر والمحصله ضياع فلسطين وتيه الشعب الفلسطيني واستمرار وجود السلطتين وهُما نظريا وعمليا سلطتين من مشتقات ومكونات الاحتلال الاسرائيلي والامبرياليه الامريكيه. بإمكان السلطتين ان يطخن ويطلقن وابل من التصريحات والصواريخ والشعارات, لكنهما في المحصله يشكلان معالم ومقومات تابعه للإحتلال الاسرائيلي ومعاديه للقضيه الفلسطينيه... الاحتلال الاسرائيلي يعرف "الطنجره وغطاها" ويتيح الفرصه الاعلاميه الكامله للمناطحه بين سلطة غزه وسلطة رام الله لان هذه المناطحه الفصائليه تعود عليه بالنفع ولهذا نراه يتوسع ويتفنن في اذلال الشعب الفلسطيني في وطنه وعلى الحواجز وحتى الصلاه في الاقصى تحتاج الى تصريح ناهيك عن ظاهرة الجوع والفقر المدقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا وللمثال وليست الحصر تعيش الاكثريه الساحقه من المقدسيين تحت خط الفقر ناهيك عن قطاع غزه الغارق في مشاكل لا تحصى ولا تعد ولا تقتصر فقط على شحة رغيف الخبز... وكالة الغوث" الاونروا" حذرت مؤخرا من ظاهرة الجوع ونسبة الجوعى المرتفعه في مناطق الضفه وغزه والقدس المحتله..الشعارات والتكبير لاتطعم شعب ولا تحرر وطن ولا تعيد لاجئين الى وطنهم..سلطتين فلسطينيتين يمارسن التخدير وتصحير العقول من اجل الراتب فقط وهل يعقل هذا الجاري في فلسطين في ظل وجود هاتين البائستين؟؟..وطن في مهب الريح..اسرى قابعون في السجون لا احد يهتم بشؤونهم...شعب محاصر ارضه تُنهب يوميا من تحت قدميه..بيوته تهدم..يُهجر..يُجَّوع.. لاجئون يعيشون في مخيمات البؤس..كل شئ بالمقلوب في فلسطين : الاحتلال الاسرائيلي يمارس اليوم ابشع الطرق لإقتلاع الشعب الفلسطيني وهضم حقوقه وطنا ومهجرا وفي هذه الاثناء ما زالت السلطتين البائستين يمارسان ابشع اشكال الصمت والتواطؤ مع ما يفعله الاحتلال...لا يريدون لا حَّل السلطه ولا وحده وطنيه ولا مؤازرة القضيه الفلسطينيه ولا انتفاضه ولا اي شئ سوى السلطه..يريدون بقاء السلطه وضمان الراتب مقابل ضياع كامل فلسطين..كلام في كلام..سلطه..حكومه مقاله..حكومة تصريف اعمال.. رئيس السلطه نفسه موجود في منصبه دون تفويض..عوَّنطه وضياع؟!
ماهو جاري في فلسطين يدمي القلب ويعمي البصيره الانسانيه,حيث جرافات الاحتلال اللتي تستهدف الشعب الفلسطيني اينما كان واينما تواجد في فلسطين في حين توجد فيه سلطتان "فلسطينتان" بائستان مهمتهما تخدير وجدان الشعب الفلسطيني وحماية ظهر الاحتلال والحقيقه المره ان سبات هاتين السلطتين وانبطاحمها شجع الاستيطان الاسرائيلي على التوسع لابل شجع الدوله الاسرائيليه المارقه على استهداف وجود الشعب الفلسطيني وما عملية تصديق الحكومه الاسرائيليه مؤخرا على قانون "برافر" الذي يستهدف الوجود البدوي الفلسطيني في النقب الا غيض من فيض سياسه استيطانيه مترابطه جاريه في الضفه والقدس والنقب والجليل وجميع مناطق التواجد الفلسطيني في فلسطين... الجاري في القدس والخليل من استيطان واحلال هو نفسه الجاري في النقب والجليل وكامل الوطن الفلسطيني في ظل غياب قياده فلسطينيه تدافع عن الشعب الفلسطيني وتقود نضاله..في الضفه والقطاع يوجد سلطه بائسه تسمي نفسها سلطه فلسطينيه دون ان تكون هكذا وفي الداخل الفلسطيني يوجد اعضاء عرب في الكنيست الاسرائيلي يطلقون على ذاتهم لقب " النائب" حتى يخفون ذيلهم الاسرائيلي وبالتالي ماهو حاصل ان السلطات الاسرائيليه تجد نفسها في وضع مريح لتستمر في الاستيطان ومصادره كل ماهو فلسطيني..الارض..الحضاره.. الشعب..تغيير اسماء المواقع والمدن الفلسطينيه..هدم البيوت الفلسطينيه..تخريب المزارع الفلسطينيه..إعتقال وحبس كامل الشعب الفلسطيني موضوعيا واسميا وفعليا ..شق طرقات وجدران عازله بهدف " كنتنة" جغرافيا الوطن الفلسطيني وحصار الشعب الفلسطيني.. حول كل قريه ومدينه فلسطينيه يوجد اليوم حزام استيطاني صهيوني ناهيك عن حصار غزه وتحكم اسرائيل بالمعابر...!!
.. لم تمر القضيه الفلسطينيه بتاريخها الطويل بحاله مزريه ومهلهله كماهو حالها اليوم في ظل وجود السلطتين البائستين والغارقتين في نزاع فصائلي ومصالح ونفوذ في ظل وجود احتلال يفتك بوجود وكيان الشعب الفلسطيني دون اي رادع ودون اي شكل من اشكال المقاومه..صاروخ هنا وهناك وتصريح وادانه هنا وهناك لن يثنيا الاحتلال عن إكمال عملية ازدراء الوجود الفلسطيني .. اليوم يا سيداتي سادتي : ظَّهر وَّوجه الفلسطيني عاري ولا يوجد من يحمي هذا الظهر ولا حتى الصيادون في البحر ولا هذا الوجود من جهه ومن جهة اخرى يوجد سلطتين بائستين تكبلان ايادي الشعب الفلسطيني وتبعدانه عنوه عن نقاط الاحتكاك مع الاحتلال.. احتلال .. عدوان..اتفاق وقف اطلاق نار طويل المدى...الاحتلال اليوم يعيش افضل ايامه لابل يعيش سنين عسل ويفعل ما يشاء بالشعب الفلسطيني ويعبث بحقوقه الوطنيه وحقوقه الجغرافيه والديموغرافيه والحضاريه والانسانيه.. الاحتلال اليوم يطارد الفلسطيني برا وبحرا وجوا وسياسيا وإقتصاديا ووطنا ومهجرا بينما السلطتين البائستين يزكيان هذه المطارده بوجودهما البائس ويلهيان الناس بانجا زات واعترافات دوليه وهميه وجوازات سفر تتحكم اسرائيل ودول الجوار بحامليها.... فلسطين : السُلطتين البائستين الى أين؟...كفى.. وان الاوان للقول قلبا وقالبا واحد..: الشعب الفلسطيني يريد اسقاط السُلطتين البائستين..كفى شعارات وكفى تكبير وكفى تضليل..الشعب يريد حقوقه الوطنيه والانسانيه وهذا الامر لم يمنحه مجانا وطوعا اي احتلال للشعوب المُحتَّله منذ مطلع التاريخ الاستكباري والاستعماري والاستيطاني الاحلالي.. ايها الفلسطيني :لا تضرب كف على كف ولا تكفكف دموعك ولا تندب حظك ولا تذهب الى قارئة فنجان وإقرا واقعك من داخله... انت مستهدف مره من الاحتلال والامبرياليه والرجعيه العربيه واخرى من السلطتين البائستين...قراءة الواقع تقود الى التأمل في حالنا واحوالنا..حال سئ ويحتاج الى ترميم وطني من الاساس وحتى الرأس...الحٍمل ثقيل, لكن شعبنا كان دوما جمل المحامل..!!
www.deyaralnagab.com
|