حاله اجتماعيه:الوأد الجديد!!
بقلم : ياسر الششتاوي ... 05.06.2012
تتعدد وسائل انتهاك إنسانية المرأة، ومن أخطرها الزواج المبكر، الذي قد يصل إلى حد أن تتزوج المرأة، وهي ما زالت طفلة، لم ينضج وعيها، وما زال جسمها في طور النمو والتكوين، وقد تُنجب تلك الطفلة، وهنا تكون الكارثة، فكيف لطفلة أن تُربي طفلة أو طفل..!!؟؟ فالأم التي سوف تُربي وتصنع الأجيال هي ذاتها في حاجة إلى إكمال التربية والصياغة..!!
في الزواج المبكر تُصبح المرأة مجرد بضاعة يتحكم بها والدها، أو من يتولى أمرها، وفي هذا السن الصغير لا تستطيع أن تقول: لا..!! فتتزوج تلك الطفلة وهي لا تفهم معنى الزواج أصلاً؛ ففي هذا السن المخصص للاكتشاف واللعب، ومعرفة الصواب من الخطأ، تُصبح تلك الطفلة في مواجهة المسؤولية الزوجية، ويُصبح الخروج من الطفولة أشبه بانتزاع نبتة من مكانها، قبل أوانها، في حين أنها لو بقيت في مكانها الأصلي، إلى أن يتم نموها، فإنها بالتأكيد في المكان الجديد الذي سوف تزرع فيه ستكون أوفر ثماراً، وأغدق ظلاً...
ومن أغرب ما سمعت في هذا الموضوع أن امرأة تزوجت، قبل أن تبدأ عندها الدورة الشهرية بسنتين!! فماذا نتوقع أن يحدث في هذا الزواج..!!؟؟ إن هذا الزواج أشبه "بالاغتصاب المحلل"، أو المتفق عليه من جانب الأهل..!!
إن الزواج المبكر هو وأد جديد للإناث، فإن كان في الجاهليـة يتم الوأد سـريعاً بمجرد الميلاد، فالزواج المبكر هو وأد تأخر لعدة أعوام، والوأد في الجاهليـة كان يتم تحت الأرض، أما في الزواج المبكر فإنـه يتم فوق الأرض..!!
لا بد لكل إنسان أن يعيش مراحل حياته كاملة، وخاصة مرحلة الطفولة، لأنها الأساس الذي تُبنى عليه بقية المراحل، وفي الزواج المبكر يتم بتر مرحلة الطفولة، فكيف يعلو البناء بعد ذلك..!!؟؟
لخطورة ما يُمثله الزواج المبكر، وما يؤدي إليه من مخاطر جمة، فقد سُنت التشريعات التي تُجرم هذا الفعل، وألا يتم الزواج إلا بعد الثامنة عشرة على الأقل، وبجانب التشريعات يجب أن يكون هناك اقتناع مجتمعي بخطورة هذ الفعل وضرره، لأن القوانين يمكن التحايل عليها بطرق شتى، فالمجتمعات أصبحت أكثر تقدماً وعلماً من ذي قبل، وتحتاج المرأة أن تحصد تلك العلوم والمعارف، ولا شك أن الزواج المبكر يُعطل سيرها في هذا الطريق، أو يقتله.
بعد ثورة يناير صعد التيار الإسلامي بسرعة الصاروخ، ونال الأغلبية البرلمانية، ورأينا من يريد أن يعود بنا إلى الخلف، ويريد سن القوانين تُبيح الزواج المبكر، أو ما يمكن أن نُسميه "زواج الأطفال"، وكما أسلفنا وتحدثنا عن ضرر الزواج المبكر، يحق لنا أن نتسائل، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"..!!؟؟
ينتشر الزواج المبكر في الريف المصري، بينما نجد تفجر ظاهرة العنوسة في المدينة، وهذه هي إحدى تناقضات المجتمع التي تضرب المرأة في الصميم! كما نجد أن الزواج المبكر ينتشر بين الطبقات الفقيرة، والأقل حظاً في التعليم، لذا يُعد الاهتمام بالتعليم والثقافة من أهم الركائز في القضاء على هذه الظاهرة.
لكي نبني وطناً يليق بنا، أو نليق به، لا بد لنا من أن نعتني بإنسانيته، وأن نجعل قضايا المرأة في بؤرة الاهتمام.
المصدر: موقع ديوان العرب
www.deyaralnagab.com
|