logo
الحرب النفسية مركب هام في حملة إسرائيل على حركة حماس!!

بقلم : صالح النعامي ... 17.1.09

[ضابط إسرائيلي: مقاتلون اشباح يندفعون صوبنا من باطن الأرض]
الذين يتابعون فضائية " الأقصى "، التابعة لحركة حماس يفاجأون هذه الأيام بين الفينة والأخرى بقيام الجيش الإسرائيلي بإختراق ترددها، وبث مواد دعائية ضد الحركة. أحد المواد الدعائية تهاجم قيادات حركة حماس وتحديداً الدكتور محمود الزهار وتخلع عليه الكثير من الصفات السلبية، وتتهمه بالجبن والأختفاء عن الأنظار في الوقت الذي تتعرض فيه غزة للقصف. وفي محاولة لكسر الروح المعنوية لمشاهدي الفضائية التي تفترض إسرائيل أنهم من أنصار حركة حماس، تعرض أحد المواد الدعائية صورة كرتونية لمقاتل من " كتائب القسام "، الجناح العسكري لحركة " حماس وهو يرتجف خوفاً ويفر من ساحة المعركة. في نفس الوقت يقوم الجيش الإسرائيلي مستغلاً تفوقه التقني باختراق بث إذاعة " صوت الأقصى "، التابعة لحركة حماس، حيث يتم بث مواد دعائية أخرى تتهم حركة حماس بأنها حركة " إرهابية " وأنها " لا يعنيها مصلحة الشعب الفلسطيني "، وأنها " أداة في يد إيران وعدوة للسلام "، وغيرها من الإتهامات التي عادة ما تتهم بها الحركة. وإلى جانب اختراق بث فضائية " الأقصى " و إذاعة " صوت الأقصى "، قام الجيش الإسرائيلي بإنزال عشرات الآلاف من المناشير والبيانات باللغة العربية على التجمعات السكانية الفلسطينية وتحديداً على المناطق التي تشهد مواجهات، وتحديداً بلدتي " بيت لاهيا " و " بيت حانون "، ومخيم جباليا، والضواحي الشرقية والجنوبية من مدينة غزة وقرية " المغراقة "، ومدينة " رفتح "، حيث تدعو الجماهير لعدم التعاون مع حركة حماس وعدم تقديم المساعدة لمقاتليها وعدم ايوائهم. احد المناشير تدعي أن حركة حماس هي الطرف الذي يقف حائلاً امام تحقيق السلام في المنطقة، وهو الطرف الذي يمنع من الفلسطينيين في قطاع غزة من العيش في إزدهار اقتصادي. في نفس الوقت فأن إسرائيل تستخدم وسائل اعلامها الرسمية الناطقة باللغة العربية والتي يتم التقاطها في الضفة الغربية وقطاع غزة وبعض الدول العربية في محاولة تشويه حركة حماس. فالتلفزيون الإسرائيلي والإذاعة الاسرائيلية باللغة العربية عادة ما يمنحان معلقين يهود يتحدثون اللغة العربية بطلاقة مساحة كبيرة لمهاجمة حماس ويتهمون قيادتها بأنها تتخذ من مستشفى " دار الشفاء " في غزة ملجأ لها وأن مقاتلي حماس يرتدون الزي العاملين في القطاع الطبي، وأن كثير من الوحدات في " كتائب القسام " قد انهارت، وأن نشطاء " الكتائب " قد خلعوا زيهم العسكري وباتوا يختبأون وسط الناس. لكن الحملات الدعائية التي يعرضها الجيش الإسرائيلي تتناقض مع الحقائق التي تعرضها المستويات العسكرية. فالقادة العسكرييون الإسرائيليون الذين يقودون الحملة على القطاع عكفوا منذ الشروع في الحملة وحتى الآن على التأكيد على أن " كتائب عز الدين القسام " لم تتأثر قوتها، وأنها قادرة على مواصلة القتال الى فترة طويلة. من ناحية ثانية فأن جميع قنوات التلفزة ووسائل الاعلام الإسرائيلية تنقل عن الضباط والجنود الإسرائيليين الذين يشاركون في الجهد الحربي قولهم أنهم يواجهون مقاتلين أشداء، في اشارة الى نشطاء " كتائب القسام ". الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية نقلت عن قائد أحدى الكتائب في لواء الصفوة " جولاني "، والذي شارك في حرب لبنان الثانية أنه من خلال الاحتكاك مع مقاتلي حماس، فأنه يرى أن الكثيرين منهم أكثر جرأة من مقاتلي حزب الله. وحتى روني دانئيل المعلق العسكري لقناة التلفزة الإسرائيلية الثانية والذي يعتبر أحد المتحمسين للحرب على حماس، فقد اعترف على الهواء مباشرة أنه يحظر عليه التحدث عن المفاجآت التي تعرض له الجنود الإسرائيليين اثناء توغلهم في غزة، والتي تفسر عدم قدرة هؤلاء الجنود على التقدم. ولعل الحقيقة الأهم التي تكشف زيف الدعاية الإسرائيلية هو حقيقة أنه بعد 17 يوم على بدء الحملة العسكرية على القطاع، فأن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من احتلال أي تجمع سكاني فلسطيني في القطاع رغم إلقاء الطائرات الإسرائيلية مئات الأطنان من المتفجرات لتقليص قدرة المقاتلين الفلسطينيين على المقاومة.
ويذكر أنه قد تم قبل العام كشف النقاب في اسرائيل عن قيام شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المعروفة بـ " أمان " بإستئناف عمل " وحدة الحرب النفسية " في الشعبة والتي تعنى بالتأثير على معنويات الفلسطينيين والعرب خلال المواجهات العسكرية.
الأنفاق مركب أساسي في الخطة الدفاعية التي أعدتها " كتائب القسام "
" أنها حرب أشباح، لا نرى مقاتلين بالعين المجردة، لكنهم سرعان ما يندفعون صوبنا من باطن الأرض، أنهم يخرجون لنا من أعماق الأرض، أننا نتحرك على الأرض ونحن نشعر أن أسفل منا مدينة تحت أرضية "، هذا جزء مما جاء على لسان النقيب ميكي شربيط قائد سرية في سلاح المدرعات الإسرائيلية في تقرير نشرته صباح أمس الثلاثاء النسخة العبرية لموقع صحيفة " يديعوت أحرنوت " على شبكة الإنترنت. شهادة شربيط الذي ترك ساحة المواجهات بعدما أصيب في مواجهة مع عناصر حماس في منطقة العطاطرة، اقصى شمال غرب قطاع غزة تشير الى الدور الكبير الذي تلعبه الأنفاق كجزء من الخطة الدفاعية التي تعتمدها " كتائب القسام "، الجناح العسكري لحركة حماس في مواجهة التوغل الإسرائيلي. شربيط يتحدث عن الفزع الذي يشعر به الجنود من عمليات الاختطاف عبر هذه الأنفاق. للمخاوف التي يتحدث عنها الضابط الإسرائيلي هناك ما يبررها، ففي اليوم الثاني للعملية البرية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وأثناء قيام سرية من وحدة مختارة في لواء الصفوة " جولاني " بعمليات تمشيط في أحد المنازل شرق مخيم " جباليا "، شمال قطاع غزة، فوجئ أحد الجنود الذي كان يفتش إحدى الغرف في المنزل بإثنين من مقاومي حماس يندفعون من حفرة في قلب الغرفة ويحاولان الإمساك به ودفعه نحو الحفرة التي كانت تؤدي الى نفق، إلا أنه أفلت من الأسر بعد تدخل زملائه الذين استدعوا مروحية عسكرية من طراز " أباتشي ". ويتضح من التقييمات العسكرية الإسرائيلية أن تحرك مقاتلي حماس عبر الأنفاق في ساحات المواجهة بات يقلص تأثير المروحيات وطائرات الإستطلاع الإسرائيلية على استهدافهم أثناء المواجهات. ولعل الذي يدلل على ذلك هو ما حدث لعناصر وحدة " خوريف "، وهي إحدى وحدات النخبة التي كلفت بعمليات تمشيط في الأراضي الزراعية الواقعة شرق مدينة " دير البلح "، وسط قطاع غزة الخميس الماضي. قبيل عملية التوغل قامت طائرات الاستطلاع بدون طيار ومروحيات الأباتشي بعمليات تمشيط واسعة النطاق، فضلاً عن قيام المدفعية بقصف المنطقة لضمان طرد المقاومين الذين يفترض أنهم يتواجدون في المنطقة، مع العلم أنها من المناطق ذات الكثافة السكانية الضئيلة جداً، وبعد أن انهت الطائرات والمدفعية ما قامت به، توغل في المنطقة عناصر وحدة " خوريف "، وأثناء قيامهم بعمليات تمشيط في أحد البيوت، فوجئوا بخروج مقاومين من باطن الأرض وأطلقوا قذائف عليهم ليقتل ويجرح عدد من الجنود من بينهم قائد الوحدة.
" كتائب القسام " تقر حالياً بأنها تعتمد على الأنفاق في مواجهة الجيش الإسرائيلي الذي يحاول التوغل في عمق مدينة غزة. أبو عبيدة الناطق بلسان " كتائب القسام " أكد أول امس أن مجموعات ممن أسماهم بـ "الاستشهاديين الأشباح " تختبئ داخل أنفاق حتى لا تكشفها قوات الاحتلال، الأمر الذي يمكنها من الإنقضاض عليها من الخلف. وأردف قائلاً " الأشباح الاستشهاديين عبارة عن "مجموعات من الاستشهاديين الذين تدربوا تدريبات خاصة، وكانت ترابط لعدد من الأيام مختبئة في الأماكن المفتوحة التي كان من المتوقع أن يتوغل فيها جيش الاحتلال فيها لتباغت الصفوف الخلفية للعدو وتربك صفوفه".
الجيش الإسرائيلي احتاط بشكل مكثف للأنفاق، حيث أن عناصر الهندسة الميدانية المعروفة بـ " يهلوم " ترافق كل وحدات الجيش التي تتوغل في قطاع غزة، حيث يتولى عناصر " يهلوم " فحص المنطقة والتأكد من خلوها من الأنفاق المفخخة وتفجيرها في حال وجدت. قبل العملية أجرى عناصر وحدة " يهلوم " تدريبات واسعة في منطقة " تسئيليم "، في عمق النقب جنوب اسرائيل على كيفية التعامل مع الأنفاق. وقد كشف التلفزيون الإسرائيلي النقاب عن أن التدريبات التي قامت بها وحدة " يهلوم " قد استمرت لمدة 16 شهراً، منوهاً الى أن الجيش الإسرائيلي يفترض أن " كتائب عز الدين القسام " قامت بحفر 600 نفق، الكثير منها مفخخة، بهدف المس بجنود الاحتلال عندما يقوموا باقتحام القطاع. الجيش الإسرائيلي افترض أن حركة حماس ستعتمد على الانفاق بشكل أساسي في ضرب القوات الاسرائيلية المتوغلة في القطاع عبر تفخيخها وتفجيرها، فضلاً عن استخدامها في اختطاف الجنود وتمكين عناصر جهازها العسكري من التحرك خلال المواجهات.

غزه.. فلسطين

www.deyaralnagab.com