logo
نسب قبيلة السواركة!

بقلم : راشد بن حمدان الأحيوي ... 20.10.07

السواركة قبيلة عربية أصيلة كريمة وهي أكبر قبائل سيناء عددا ومن أقدمها وجودا يتواجدون في شمالي سيناء في شرقيّ بلاد العريش وغربيّها ومنهم فروع عديدة في أنحاء متعدّدة من الديار المصرية ومنهم قسم كبير في بلاد غزّة ومنهم فروع عديدة في أنحاء مختلفة من فلسطين وقد انتقل جزء منهم إلى الأردن على أثر حربي عام 1948 م و1967 م ومنهم فروع قديمة في الأردن اندمجت مع بعض القبائل العربية هناك
** نسب قبيلة السواركة **
المحفوظ عند شيوخ وكبار ورواة ونسّابة قبيلة السواركة في سيناء وفلسطين أنّهم ينحدرون نسبا من ذريّة الصحابي الجليل عكاشة بن محصن الأسدي رضي الله عنه وهذا محفوظ متواتر عندهم كابرا عن كابر نقله الخلف عن السلف وقد نقله عنهم غير واحد من الكتّاب والباحثين من عرب ومستشرقين خلال ما يزيد عن قرن من الزمان وفيما يلي بيان ذلك :
1ــ قال الأستاذ نعوم بك شقير فيما نقله عن السواركة في كتابه الذي أنجزه عام 1906 م في ذكر جدّي قبيلة السواركة نصير ومنصور : " إنّ رجلين من ذريّة عكاشة الصحابي وهما نصير ومنصور ... " وقال : " كان من نصير بدنة العردات ومن منصور سائر بدنات القبيلة " ( تاريخ سيناء ، ص 121 )
2ــ قال الأستاذ عارف العارف في كتابه الذي أنجزه عام 1934 م : " السواركة : أمّا السواركة فالمعروف عندهم أنّهم من ذريّة سيّدنا عكاشة الصحابي المشهور رضي الله عنه " ( تاريخ بئر السبع وقبائلها ، ص 148 )
3ــ قال المستشرق الألماني أوبنهايم في حديثه عن قبيلة السواركة في سيناء : " القبيلة نفسها تنتسب نفسها إلى عكاشة أحد صحابة النبي " ( البدو ، الترجمة العربية ، ج 2 ، ص 202 ) وفي إشارة إلى أصلهم العدناني قال أوبنهايم : " السواركة قيسيّون " ( البدو ، ج 2 ، ص 108 )
4ــ قال الأستاذ إحسان النمر في كتابه الصادر عام 1380 هــ 1960 م : " السواركة : يدّعون أنّهم من ذرية سيّدنا عكاشة الصحابي وشيوخهم ابن عرادة وابن جهينة وابن زميلة " ( تاريخ جبل نابلس والبلقاء ، ج 2 ، ص 413 )
5ــ ذكر ج . و . موري أنّ قبيلة السواركة مثلها مثل قبيلة اللزد في منطقة البحيرة انحدرت من عكاشة ( بنو إسماعيل ، ج . و . موري ، بالانجليزية ، ص 253 و 299 )
قلت : وكانت قبيلة السواركة في العوجا في بلاد طولكرم في وسط فلسطين تنتخي بجدّها عكاشة ، قال أوبنهايم في حديثه عن قبيلة السواركة هناك : " في الحرب يطلبون العون من جدّ القبيلة بالنداء : يا جدّنا عكاشة " ( البدو ، ج 2 ، ص 108 )
** الديار الأصلية **
تفيدنا بعض المعلومات المنقولة عن السواركة أنّ ديارهم الأصلية هي وادي سوارق ونواحيه في بلاد الحجاز بمنطقة المدينة المنوّة وفيما يلي عرض للنصوص الواردة بهذا الشأن :
1ــ قال الأستاذ محمد أبو سمّور : " سكنوا السوارقية " ( بلدي والأيّام ، شمال سيناء ، ص 152 )
2ــ وقال الأستاذ محمد سليمان الطيّب : " لا يعرف بالضبط سبب تسمية هؤلاء الرجال من سلالة عكاشة بن محصن الأسدي باسم سواركة ويقال إنّ سبب تسميتهم جاءت نسبة إلى وادي سوالك في الحجاز كما يقولون ثمّ تحوّرت إلى سواركة لأنّ منبع أهلهم كان في ذلك الوادي " ( موسوعة القبائل العربية ، المجلّد الأوّل ، حاشية ص 492 )
قلت : اسم الوادي سوارق وليس سوالك وهو من أودية المدينة المعروفة إلى يومنا هذا
3ــ حدّثني الأخ الكريم دويّح بن سليم العيوطي السويركي فقال : قدم السواركة من وادي سوارق
قلت : وادي سوارق واد معروف منذ عهد قديم بهذا الاسم قال ياقوت الحموي : " سوارق : واد قرب السوارقية من نواحي المدينة " ( معجم البلدان : رسم سوارق ) وقال عرّام بن الأصبغ السلمي من علماء القرن الثالث للهجرة في ذكر السوارقية : " السوارقية : قرية غنّاء كبيرة كثيرة الأهل .... وفي مائها بعض الملوحة ويستعذبون من آبار في واد يقال له سوارق " ( معجم البلدان : رسم السوارقية ) وقال البلادي في ذكره : " سوارق : واد يأتي السوارقية من الغرب فيصبّ في قاع يسمّى قاع السوارقية ياتي من الحرّة " ( معجم معالم الحجاز ، ج 4 ، ص 246 ) وتقع السوارقية على نحو 180 كم إلى الجنوب الشرقي من المدينة المنوّرة قال البلادي : " لا زال من أهل البادية من ينطقها السويرقية وهم أهل الحجاز " ( معجم معالم الحجاز ، ج 4 ، ص 246 ) وكانت النسبة إلى السوارقية السوارقي قل السمعاني ( ت 562 هــ ) : " السوارقي ... هذه النسبة إلى السوارقية وهي قرية من قرى المدينة ... منها : أبو بكر محمد بن عتيق بن نجم بن احمد السوارقي البكري شريف فقيه فاضل فصيح حسن العبارة من أهل هذه القرية " ( الأنساب ، ج 3 ، ص 329 )
قلت : يظهر أن السواركة عرفوا بهذا الاسم نسبة إلى وادي سوارق والسوارقية والنسبة إليهما سوارقي ولكنّهم فرارا من المعنى الذي يفيد السرقة قالوا سواركة وكانت النسبة إلى السواركة سواركي كما ذكره الجزيري والنسبة اليوم إلى السواركة سويركي بالتصغير كما ورد في بعض وثائق الدير منذ نحو ثلاثة قرون !!
** السواركة في شمالي الحجاز **
من المحفوظ عند قبيلة السواركة أنّهم كانوا يقطنون شماليّ الحجاز ومن ديارهم هناك وادي الليف وهو وادي عفال ــ وادي البدع ــ ( مدين ــ مغاير شعيب قديما ) قل نعوم بك شقير : " إنّ رجلين من ذرية عكاشة الصحابي وهما نصير ومنصور هاجرا من بلادهما ونزلا ضيفين على رجل من عرب بليّ في وادي الليف " ( تاريخ سيناء ، ص 121 ) ووادي الليف من بلاد المساعيد في شماليّ الحجاز قال نعوم شقير في ذكر فرق المساعيد : " ... وفرقة ذهبت جنوبا بشرق فسكنت وادي الليف في البدع من أعمال الحجاز " ( تاريخ سيناء ، ص 118 ، وانظر البدو ، للمستشرق الألماني أوبنهايم ، الترجمة العربية ، ج 2 ، ص 212 ) وقد ذكرهم الشيخ عبد القادر بن محمد الجزيري ( 911 ــ نحو 977 هــ 1505 ــ 1569 / 1570 م ) في شمالي الحجاز في البدع ( مغاير شعيب ) فقال : " طائفة السواركة وهم أهل عزم واختلاس من الركب ولهم بعض الخيول الأصايل ولتوارد فسادهم بالركب لا يقابلون أمراء الحاج فإنّهم كانوا أصحاب سواقة مغارة شعيب لسقاية الحاج ولهم مرتّب إلى الآن يقبضه لهم عيسى بن نعيم وقدره عشرون دينارا وهي مستمرّة الصرف على يد الرشيدات وكان منهم جسّاس بن سليم السواركي " ( الدرر الفرائد المنظّمة في أخبار الحاج وطريق مكّة المعظّمة ، ج 2 ، ص 1346 )
قلت : هذا نصّ ثمين في بيان سكنى قبيلة السواركة في البدع ونواحيه والبدع هو مغاير شعيب ويقع في وادي الليف وهو وادي عفال وفي النصّ ما يبيّن لنا أن قبيلة السواركة كانت قبيلة ذات عدد وعدّة فقد كانوا أهل عزم واختلاس من الركب أي ركب الحاج كغيرهم من قبائل ذلك الزمان وكانو أصحاب الماء في مغاير شعيب وكانوا يتلقّون لقاء سقايتهم الحاج مرتّبا يقبضونه من الحكومة المصرية وذكر الجزيري في حديثهم عن مغارة شعيب أنّ سواقيها هم من طائفة السواركة قال : " ولهم عشرون دينارا من ديوان السلطنة " قال : " فلمّا منح الله هذا المحلّ كثرة الماء الطيّب وفتح الله تعالى على وفده بحسن الرواء منه فاستغنوا عن ذلك المورد بماء الحفائر الحلوة المعادلة لماء النيل في الحلاوة والخفّة وعدم التغيّر بطول المكث في القرب استمرّت الدنانير تصرف لجماعة السواركة " ( الدرر الفرائد ، ج 2 ، ص 1357 )
قلت : وكانت بلاد السواركة في شماليّ الحجاز تقع ضمن الربع الأوّل من درب الحاج المصري الممتدّ من القاهرة إلى كبيدة جنوب مغارة شعيب وقد وصف الجزيري قبائل هذا الربع ومنهم الرتيمات والسواركة والترابين والعمارين بأنّ : " غالبهم أهل فساد وبعضهم أكثر فسادا من بعض " ( الدرر الفرائد ، ج 1 ، ص 230 ) وقال : " ... علمت أصحاب الدرك والمقرّرات منهم وهم الوحيدات والمساعيد والرشيدات ويليهم دون ذلك الترابين في درك النقب على العائد وكذلك الرتيمات والسواركة والأحيوات في أمر خاص كالسواقة والدلالة وما عدا ذلك فيهم أعداد وعداد وشرور وفساد " ( درر الفوائد ، الطبعة المصرية ، ص 501 )
قلت : هذا النصّ يبيّن لنا أن هذه القبائل كانت ذات عدد وحضور قويّ نالت بموجبه أموالا مقرّرة من ديوان السلطنة في مصر ولو لم تكن ذات شوكة وخطر لم تكن الدولة ستمنحهم شيئا من المال والعطايا
** ارتحال السواركة إلى جنوبيّ الأردن **
تفيدنا المعلومات المحفوظة عند قبيلة السواركة أنّ القبيلة استوطنت بلاد الطفيلة حيث نزلت في منطقة ضانا وفي ذكر ذلك أورد الأستاذ محمد سليمان الطيّب الخبر التالي : " نزح أجداد السواركة من الجزيرة العربية .... وأقاموا في ضانا في الأردن وكان على رأسهم نصير وناصر وهم أخوين ومنّاع ومنيع وهم أخوين أيضا وأبناء عمّ للآخرين ومعهم ابن عمّ آخر اسمه أبو حجّاج ويقال أنّ منيع كان رجلا فاتكا قد اعتدى على أحد أفراد عشيرة كبيرة تسكن ضانا وقطع إلية خروف من أغنامه فاستصرخ قومه ضدّ منيع وأهله وطردهم من ضانا بسبب تلك الحادثة وسمّي منيع بالمقيطعي من حينها لأنّه قطع ذنب الخروف وهو يقاتل أحد البدو في ضانا وسكنوا بعد ذلك نواحي غزّة قرب خان يونس " ( موسوعة القبائل العربية ، المجلّد الأوّل ، ص 492 ) وقد أورد الأستاذ محمد أبو سمّور من قبيلة السواركة خبر ارتحالهم من ضانا فقال في حديثه عن قبليلة السواركة أنّهم كانوا : " .... مستقرّين في ضانا بالتحديد حيث استقرّوا هناك .... حتى كان يوم أحبّ فيه فتى من قبيلة السواركة إحدى الفتيات التي طلبت منه إذا كان يريدها شريكة لحياتها أن يجلب لها ليّة خروف الأمير ، كان هذا الأمير ذو بطش شديد ولكنّ هذا الفتى لم يرهب بطشه وتحت لواعج الحبّ نفّذ لها ما أرادت " ( بلدي والأيّام ، شمال سيناء ، ص 152 ) وكان ذلك سبب رحيل السواركة فما أن رأى الأمير ماحدث لليّة خروفه حتى أعلن الحرب على السواركة قال أبو سمّور : " شعر رجال البادية من السواركة بالخطر فقرّروا الرحيل من جديد فاستقرّوا في تلّ الفارعة " ( بلدي والأيّام ، شمال سيناء ، ص 152 ــ 153 ) ويقع تلّ الفارعة إلى الشرق من غزّة
قلت : نقل المستشرق الألماني أوبنهايم نقلا عن المؤرّخ الفلسطيني عمر الصالح البرغوثي أنّ ضانا الواقعة إلى الشمال من الشوبك كانت موطنا لقبيلة السواركة ( البدو ، الترجمة العربية ، ج 2 ، حاشية ص 212 )
وقد حدّثني الأخ الكريم دويّح بن سليم العيوطي السويركي من سكّان الروضة ( منسف أبو زيد ) في منطقة الشونةالجنوبي في غور الأردن مساء الأربعاء الموافق 14 / 7 / 1999 م فقال : كان السواركة يقطنون نواحي بئر الحرير في الطفيلة ثمّ إنّ قوما فاجأوهم فقتلوهم وبقي منهم أربعة أطفال ، قال : وقد غطّت أمّ أحدهم ولدها بالباطية وأخفت أخرى ولدها في شجرة رتم فعرف أحفاد الأوّل بالبواطية وعرف أحفاد الثاني بالرتمة ، قال : وأحفاد الثالث هم البازات ونسي ما يتعلّق بأحفاد الرابع ، قال : وقد رحلت النساء باطفالهنّ إلى فلسطين
قلت : هذه القصّة غير القصّة التي وقعت للسواركة في ضانا ، وفي حديثه عن المنايعة السواركة قال الأستاذ محمد حسن أبو جرّار : " هاجر المنايعة من الجزيرة العربية واستقرّوا في جبال ضانا جنوب الأردن بالقرب من مدينة الطفيلة اليوم وكانوا يردون بئر ماء يسمّى هديهد وحدث أن اعتدى أبناء عشيرة المنايعة على إحدى القوافل التركية في زمن الدولة العثمانية ونهبوا منها الحرير والسكّر وبعد ذلك أطلق على بئر هديهد بئر الحرير نسبة للحرير المنهوب من القافلة " قال : " وحصل أن قتل المنايعة شخصا يدعى سروان وكان لسروان هذا شقيق يدعى جرود وبعد مقتل أخيه التحق بالقوافل التركية لكيّ يثأر لأخيه عن طريق الأتراك وكان المنايعة يلقّبون جرود بـ ( سفر قندة ) ويخشون فتنته للأتراك وإلحاق الأذى بهم وفي صبيحة أحد الأيّام فوجىء المنايعة بالأتراك يهاجمون مضاربهم ويقتلون أبناءهم فأشار عليهم رجل يدعى منيع بالتوجّه إلى مصر ــ سيناء للإلتحاق بأصدقائهم من قبيلة الجبارات ورحل المنايعة عن طريق وادي عربة ولم يبق منهم سوى أولاد سالم الذين يطلق عليهم اليوم البنيّأن المنايعة الحجايا ، أمّا الذين وصلوا إلى سيناء فانتشروا فيها ، أمّا منيع فاستقرّ في منطقة تدعى الحمّادييّن بين فاقوس والحسينية في محافظة الشرقية في مصر وأنجب من الأبناء غانم وإسماعيل ويطلق على منطقته كفر الشيخ إسماعيل أبو منيع " ( الجبارات تاريخ ووجود منذ أقدم العهود ، ص 98 )
وقد ذكر الأستاذ محمد أبو سمّور قصّة المنايعة بسياق آخر وما يعنينا فيه أن الحملة التي هاجمت المنايعة طلب منها القضاء عليهم قضاءا مبرما قال : " قضوا على الجميع ، أحدهم ضرب سيف على ظهره فجرد جزء من ظهره وهو لا يزال طفللا يحبو ( فلقّب بجراد وجمع على جرادات ) والآخر عندما رأت أمّه ما حلّ بالقوم وضعت عليه باطية بازينة فسمّي أتباعه البازات ، والثالث طفل صغير انكفأ تحت الرتمة ولقد سمّي أتباعه ( الرتمات ) والرابع صبي ركب على فرس واستطاع أن يدخل بها العريش وسمّي نسله ( الحمّادين ) ومقرّهم محافظة الشرقية " ( بلدي والأيّام ، شمال سيناء ، ص 161 )
قلت : الحاصل من هذه النصوص أنّ المنايعة بعد قتلهم سروان تعرّضوا لحملة تركيّة سعى لجلبها جرود انتقاما من المنايعة فهزم القوم بعد قتل بعضهم ففرّوا وكان من بين الناجين أجداد الرتمات والجرادات والبازات وجدّ الحمّاديين وغيرهم كالمنايعة الذين دخلوا في قبيلة الحجايا ولا يزال المنايعة مع الحجايا على تواصل مع أبناء عمومتهم المنايعة السواركة ففي لقاء للأستاذ محمد جميل المدني مع بعض وجهاء المنايعة مع الحجايا أشاروا إلى صلة النسب بينهم وبين المنايعة السواركة فقد نقل المدني عن صالح سالم عيد المنايعة أحد وجهاء المنايعة : " أنّ له أقارب في المملكة الأردنية الهاشمية وفي فلسطين " ونقل عن عبد الكريم المنايعة من وجوه المنايعة أنّ : " له من الأقارب في فلسطين بمنطقة الحسا من أعمال غزّة وهم يعيشون مع عرب الجبارات في منطقة بئر السبع " ( جواهر التاريخ ، الجزء الأوّل ، القسم الثاني ، ص 481 و 493 ) وبالفعل فإنّ المنايعة مع الجبارات يقطنون الحسي من بلاد بئر السبع ، ومّما يذكر عن قبيلة الحناجرة وهم فرع من السواركة أنّهم قدموا إلى بلاد غزّة من شرقيّ الأردن قال الأستاذ عارف العارف : " يقال أنّ أصل عرب الحناجرة من السواركة ويقال أيضا أنّهم جاءوا إلى هذه البلاد عن طريق شرق الأردن " ( تاريخ بئر الشبع وقبائلها ، ص 134 )
** استقرار السواركة في جبل الخليل **
امتدّ وجود قبيلة السواركة في فلسطين حيث استوطنوا بلاد الخليل وقد ذكرهم هناك الزبيدي ( 1205 هــ ) فقال : " السواركة قبيلة من العرب في جبل الخليل " ( تاج العروس ، ج 7 ، ص 141 ) وقد ذكرهم الزبيدي ورقة سطّّرها الزبيدي عام 1187 هــ وألحقها بالنسخة التي نسخها بخطّّه من كتاب بحر الأنساب المسمّى بالمشجّر الكشّاف في أصول السادة الأشراف للعلاّمة النسّابة السيد محمد بن احمد بن عميد الدين الحسيني النجفي وهو من أعلام القرنين التاسع والعاشر للهجرة ويبدو أنّ السواركة توجّهوا من هناك إلى بلاد غزّة فاستقرّوا فيها
** استقرار السواركة في بلاد غزّة **
ورد ذكر قبيلة السواركة في بلاد غّزّة في القرن العاشر للهجرة عام 945 هــ 1538 / 1539 م وذلك في بعض الوثائق العثمانية حيث ذكر السواركة هم وبعض القبائل العربية التي لا تزال معروفة إلى يومنا هذا وقد وردت الأسماء محرّفة ومصحّفة وفيما يلي أسماء هذه القبائل وتصويبها :
1ــ طائفة سوارك : والصواب سواركة
2ــ طائفة وهيدات : والصواب : وحيدات
3ــ طائفة الماعيه ( الماعيد ) : والصواب المساعيد
4ــ طائفة العمرين : والصواب العمارين
( مجلة العرب ، الرياض ، ج 9 و 10 ، سنة 41 ، الربيعان 1427 هــ ، ص 691 ــ 692 )
قلت : ويفيدنا موروث قبيلة السواركة أنّ السواركة كانوا يقطنون بلاد غّزّة في الوقت الذي كانوا يقطنون فيه وادي الليف أي مغاير شعيب في البدع في شمالّ الحجاز وهذا يتّفق تماما مع وجود السواركة خلال القرن العاشر في بلاد غزّة وفي شمالي الحجاز وفقا لما جاء في الوثائق العثمانية وكتاب الدرر الفرائد للجزيري وهذا يكشف لنا عن أهميّة دراسة الموروث القبلي للقبائل العربية لمعرفة جذورها وأنسابها ذلك أنّه مهما تباعد العهد وتطاول الزمن فإنّه سيبقى في موروث القبيلة رواسب قوية من تاريخها القديم مع ما يشوب هذه الرواسب من زيادة ونقص ومن تحريف وتحوير فهذا الموروث يعتمد على الذاكرة وهي معرّضة لكلّ هذه العيوب في غياب التدوين المعاصر أو القريب العهد من أحداث تاريخ هذه القبائل ، وفي موروث السواركة الذي يتطابق مع ما مرّ بيانه ما نقله الأستاذ محمد سليمان الطيّب عن شيوخ ورواة قبيلة السواركة في سيناء أنّ منيع ومنّاع وابن عمّهم أبو حجّأج كانوا يقيمون في نواحي غزّة قرب خان يونس في القرارة فيما كان نصير وأخوه ناصر يقيمان في وادي الليف في شمالي الحجاز وكانوا يجاورون قوما من قبيلة بليّ وقد صاهر ناصر قبيلة بليّ تزوّج امرأة منهم تدعى الظروة وقد حدث أن قام بعض بليّ بغزو بلاد غزّة وغنموا إبلا وغنما وكان من بين ما غنموه إبل لأبي حجّاج فلمّا عادوا بالغنائم إلى بلادهم رأى ناصر إبل ابن عمّه فتجنّب مجالسة أصهاره فسألوه عن سبب ذلك فأخبرهم أنّهم قد سلبوا إبل ابن عمّه فما كان منهم إلاّ أن قاموا بردّ إبل أبي حجّاج إلى صهرهم إكراما له فأرسل ناصر الإبل إلى ابن عمّه أبي حجّاج فدفعه هذا العمل إلى السعي للإصلاح بين ناصر ونصير وابن عمّهما منيع السويركي وقد نجح في ذلك ( موسوعة القبائل العربية العربية ، المجلّد الأوّل ، ص 492 ــ 493 )
قلت : هذا الخبر يدلّ على وجود مجموعتين من السواركة تقيم إحداهما في وادي الليف في شمالي الحجاز وهو ما ذكره الجزيري عن سواركة مغاير شعيب وتقيم الأخرى في بلاد غزّة وهو ما ذكرته الوثائق العثمانية عن سواركة غزّة في القرن العاشر للهجرة
** استقرار السواركة في سيناء **
إنّ استقرار السواركة في بلاد غزّة وورود ذكرهم هناك في القرن العاشر يعطينا مؤشّرا على امتداد القبيلة نحو شماليّ سيناء ونستطيع القول باطمئنان تام إلى أنّ السواركة كانوا من قبائل سيناء خلال القرن الحادس عشر للهجرة السابع عشر للميلاد على أقلّ تقدير فقد وجدنا للشيخ أبي جلبانة من عرب الجريرات من السواركة ذكرا خلال ذلك القرن ففي رحلته نحو الديار المصرية سنة 1082 هــ 1671 م قال ابراهيم بن عبد الرحمن الخياري ( ت 1083 هــ ) في ذكر مواضع الطريق في شمالي سيناء : " ... ثمّ سرنا ــ يعني من العريش ــ في رمل من الأرض نحو الثلاث من الساعات ثمّ في أرض سبخة كالكفّ في الملوسة لا شجر ولا حجر نحو الثلاث ساعات أيضا في رمل كالأوّل وأشقّ ونحن قاصدون منزلا يقال له أبو جلبان وهو رجل مدفون هناك وعليه قبّة والعامّة تعظّمه وتعتقد صلاحه وأنّ من وضع متاعه عنده حفظ من الضياع ولا غلق على بابه يمنع يد طلاّبه ولكنّا لما وصلناه ليلا جوّزنا محلّه غالطين ونزلنا بعد محلّه بنحو الساعة في أرض رملة أيضا لا ماء بها ولا شجر " ( تحفة الأدباء وسلوة الغرباء ، ج 2 ، ص 206 ــ 207 ) ويعرف هذا الموضع اليوم بالمزار وهو بلدة عامرة لقبيلة السواركة على نحو 50 كم إلى الغرب من العريش ، قال نعوم شقير في كلامه على مواضع الدرب السلطانية المتفرّعة من خشوم الأدارب بإتّجاه العريش : " .... فسبخة المستبق فبئر المزار وهي بئر شهيرة على خمس ساعات من الخشوم وسبع ساعات من مدينة العريش وعندها قبر يزار للشيخ أبو جلبانة من عرب الجريرات السواركة وبه سمّيت البئر بالمزار " ( تاريخ سيناء ، ص 254 )
قلت : هذا النصّ يدلّ على وجود السواركة خلال القرن الحادي عشر في شمالي سيناء بل نرى أنّهم اقدم وجودا من ذلك العهد في شمالي سيناء فان يدفن رجل من شيوخهم في هذا الموضع فإنّ هذا يعني أنّه من ديارهم التي عاش فيها وفي نواحيها هذا الشيخ الذي أضحى قبره مزارا لهذه القبيلة .
وقد امتدّت ديار قبيلة السواركة جنوب بلاد العريش في قلب بلاد التيه فقد ذكر علماء الحملة الفرنسية أنّ قبيلة السواركة يتجاورون هم وقبيلة الترابين في وادي التيه وضواحي غزّة وبخاصّة المنطقة المسمّاة دير التين وذكروا أنّ السواركة يمتدّون حتنى ضواحي جبل الطور وقالوا : " هذه القبيلة في تحالف مع القبيلة السابقة ــ أي الترابين ــ وكان اسم شيخها في عام 1799 يسمّى ابن معوى " ( العرب في ريف مصر وصحراواتها ، ص 378 ــ 379 ) وكان السواركة من بين القبائل التي تتلقّى أموالا من دير سانت كاترين لقاء عدم تعرّضهم لقوافل الدير أثناء مرورها ببلادهم ومن بين شيوخهم ورجالاتهم الذين ورد ذكرهم في وثائق الدير خلال السنوات الممتدّة بين 1024 ــ 1090 هــ :
1ــ سرّار بن الأجرود
2ــ سليمان بن الأجرود أخو سرّار
3ــ محمد الأجرود
4ــ محمد الجاموس السواركي
5ــ سليمان زاهر
6ــ محمد سليمان زاهر
7ــ جمعة بن عبد الله السواركي
8ــ خلف بن حمد الزويرطة السواركي
9ــ حمد الجاموس
10ــ ابراهيم ابن أخو جاموس
11ــ مغامس بن محمد بن جاموس السويركي
12ــ زارع بن سلمان
13ــ درّاج بن صرّار السويركي
14ــ احمد بن سلمان بن صرّار
15ــ شيخ العرب حسن بدر السويركي
16ــ سالم الرغامي
17ــ ابراهيم بن سليمان الأجرود
18ــ سلامة بن ابراهيم الأجرود
19ــ جماعة بن جمعة بن عبد الله السويركي
20ــ يوسف السويركي
وفي عام 1830 م كان السواركة يقطنون العريش وكان رئيسهم هو صالح عرادي وعدد فرسانهم 50 فارسا وكان عدد مشاتهم 3000 ( مجلة الهلال ، سنة 15 ، ص 367 ) وقد ظلّ السواركة حتى عام 1870 م يطالبون بمرتّباتهم من الدير قال نعوم بك شقير : " أخبرني الأب أفيانوس وكيل الدير سابقا أنّه في سنة 1870 م حضر إلى مركز الدير بمصر بعض مشايخ السواركة وطلبوا المتأخّر من مكرتّباتهم لعدّة سنين مع أنّ الدير كان قد ألغى مركز غزّة ولم يخفروا له قافلة في كلّ تلك المدّة فرفض طلبهم ولكنّه نقدهم شيئا من المطلوب كهدية تطييبا لخواطرهم " ( تاريخ سيناء ، ص 229 ، 514 )
هذا ما تيسّر جمعه عن قبيلة السواركة ويبقى أن نشير إلى أنّ الصحابي الجليل عكاشة بن محصن الذي ينتسب إليه السواركة هو عكّاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرّة بن كبير بن غنم بن دودان بن اسد قال ابن حزم في ذكر دودان : " فيهم البيت والعدد " ( جمهرة أنساب العرب ، ص 191 ) وكان لعكاشة أخوة منهم :
1ــ سنان
2ــوأبو سنان وكانا ممّن شهد بدرا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم كما شهدها أخوهما عكاشة
3ــ وشجاع
ومنهم سنان بن أبي سنان بن محصن شهد بدرا
قال ابن حزم : " ولهم بالأندلس بوادي عبد الله بن جيّأن بقيّة وعدد منهم بنو عبيد الله بن عكّاشة بن محصن وكبير بن عبد الله بن كلثوم بن سليط بن ثبرة بن عمير بن غالب بن محمد بن عكّاشة بن محصن وغيرهم " ( جمهرة أنساب العرب ، ص 192 ) وكانوا حلفاء لبني عبد شمس بن عبد مناف أصل بني أميّة من قريش وعدادهم فيهم اي أنّهم كانوا فرعا مع بني أميّّة
المصدر: ( جريدة البادية اليوم ، السنة الأولى ، العدد الثاني ، يونيو 2007 م ، ص 5 )
تنويه: ديار النقب تنشر بكل امانه ما يردها حول السواركه والنصوص المنشوره تعبر عن وجهة نظر كُتابها ومُعديها.. وكما نوهنا دوما يحق للجميع النقد او الاضافه!!


www.deyaralnagab.com