logo
من يحمي الأم العازية ويتكفل بحقوق مولودها؟؟؟

بقلم : صباح الشرقي  ... 13.7.07

هناك العديد من الآراء سوف تعتبر التطرق لهذا الموضوع الشائك ضربا من الافتعال أمام الأحداث السياسية التي تضرب بظلالها على واقع امتنا العربية والتي تتطلب منا الحيز الكبير من التركيز والاهتمام سيما المستجدات التي تعد مصيرية وأكثر إلحاحا.
وجهة نظري أن كل ما سبق ذكره لا يمنع بسط المشكلة على محك الجدل والدراسة التي تعد مصيرية لشريحة كبيرة من امتنا الإسلامية والعربية إضافة على كونها إنسانية واجتماعية محظه تمس جميع شرائح المجتمعات، إذ تعد مربط الفرس ومصدر الآلام لعدد كبير من الناس والتي لم تستني أي قطر أو مجتمع إلا واخترقته بقوة.
لا مانع لاعتماد هذا الموضوع على طبيعة النسق الفكري العربي، فالفتاة العازية حين تقع في محظور الحمل، تعتبر حالة مرفوضة وباب نقاشها مغلق مادام الجواب عليه موجود في القرآن الكريم ، لكن رغم ذلك تظل الهواجس البشرية تتقل كاهل كيان ضعيف يتجسد في الأم العازية والمقربين منها، تلك الفتاة التي أصبحت بين الفينة والأخرى أما رغم أنفها غالبا ما نجدها حرمت من الشمس الدافئة التي تحنو وتراعي مصالحها، حرمت من حياة بسيطة هادئة آمنة، وهي في ريعان شبابها بل حتى في طفولتها، و فجأة كل شيء تغير وبسرعة هائلة، لم يمنحها الفرصة حتى بلوغ سن الرشد كي تنمي معرفتها بعدة أمور دنيوية ودينية.
في لحظة جد وجيزة تعصف بها السنين وما تحمله في مسيرتها من ظلم وحرمان وبؤس وجهل، أمهات كالزهور يصفهن المجتمع والألسن بالفاسدات الفاسقات بل كل الألفاظ القد حية التي تعبر في حد ذاتها على معنى واحد هو أنهن وصمة عار يجب التخلص منهن بأي ثمن ومهما كان.
ظاهرة الأمهات العازبات معضلة تكمن وراءها عدة أسباب أهمها:
1 - عامل التربية الجنسية الذي لم يدخل مقررات التعليم في كل الدول العربية رغم انه مطلب أكيد ينبغي أن يكون له حضور طبعا مرفق بضوابط النظام، ولو انه طرح لا يجري على نسق الفكر المعارض والمتشدد الذي يعكف على تعثر تحقيقه مثل مطالب عدة سبقته سيما وسط مجتمع تقليدي بنزعته وثقافته الذكوريه والذي يتبنى التحريم والمنع حتى من خلال تناول الحديث في الموضوع رغم أن قاعدة الممنوع مرغوب فيه.
2 - ثقافة العيب والخجل المرادفان المباشران لكلمة العار التي تدفع العديد إلى تفضيل وسلك طرق الظلام على النور من خلال اللجوء إلى استعمال وسائل التضليل والكذب والمراوغة والخداع غالبا ما تقع ضحيته الفتاة. وحين يقع المحظور تتحمل وحدها النتائج وقد يرافقها فيروسها القاتل طول العمر مما يؤدي إلى وضع اجتماعي وإنساني قاتم تضطر لمسايرته.
3 - الأم العازية بطبعها الإنساني مقهورة بأميتها الفظيعة، وفقرها المقذع، وظرفها المزري، قد يزج بها إلى الشارع أو التصفية الجسدية ( بما يسمى جرائم الشرف ) لطمس وصمة العار دون رحمة أو شفقه، إضافة إلى ما يتلقاه مولوها البريء من إجحاف في الحقوق و التبعات، قد يلقى به كذلك في دور الأيتام أو الملاجئ رغم انه ليس باليتيم، أو يتخلى عنه في المستشفيات أو الطرقات أو أمام أبواب المساجد أو في دور الدعارة أو يسلم لأسر تتكفل به.
-4 اغلبهن يكن خادمات في البيوت و يبدأن العمل في سن صغير، وحين يبلغن سن المراهقة يرغبن في الخلاص من التعب والسهر على تلبية حاجيات الآخرين والقهر والاستعباد مما يجعلهن يرتمين في أحضان أول رجل يطرق بابهن رغبة منهن في حياة وحماية أفضل لكن للأسف الشديد يقعن فريسة جهلهن.
5 - تجدهن ضحايا الاستغلال الجنسي أو الاغتصاب من طرف أرباب العمل أو أبنائهم أو أقربائهم، أو من الغرباء.
6 - تجدهن ضحايا حب وغرام مراهق حتى يتفا جئن بما لا تحمد عقباه.
7 - تجدهنن مخطوبات بقراءة الفاتحة والشهود دون عقد قران لكن حين يحدث الحمل غالبا ما يتخلى عنهن الخطيب.
8 - الزواج العرفي الذي لا يلزم الأزواج باحترام شروط العقد، نفس الشيء حين يحدث الحمل.
9 - تجدهن يمتهن الدعارة أو مطلقات أو أرامل يجرين وراء لقمة عيش مرة تفيض بالمنغصات.
10 - تجدهن ضمن أسرة المتكفل وبمجر وفاته يلقى بهن إلى الشارع خوفا على الإرث والميراث.
11 - تجدهن مصابات بمرض أو تخلف عقلي .
12 - أغلبهن لا يفطن بالحمل إلا بعد مرور اشعر عدة لأنهن لم يسبقن لهن أن عشن التجربة
إذا من هنا إنطلقت شرارة لعنة الإكراه الاجتماعي لتجعل من طفلة بريئة أما عازبة، لم تترك لها الفرصة حتى لتلقي أصول الشريعة وتعلم الأمور الدينية والدنيوية لحماية نفسها من المفاجآت ، بل السلوك المعتمد يجعل منها مجرد مومس وطفلها ابن حرام، لقيط ابن فاحشة موسومان بالعار طول حياتهما منبوذان من العائلة و المجتمع.
الأم العازبة تعاني من العواقب والعقاب لوحدها، أما شريكها في الجريمة فهو بعيد عن أي عقاب أو شبهة تخل بشخصه، بل تنطلق معاناتها من شريكها مرورا بالأوصاف والنعوت القد حية إلى الفضيحة الجسدية والمعنوية، لأن المجتمع الإسلامي لا يرحم بل لا يعترف إلا بثقافة التحقير والاضطهاد والإقصاء انطلاقا من أولياء الأمور إلى أصحاب القرار وصولا إلى القوانين إن وجدت. رغم أن العدل والمنطق والصواب يفرض أن يتناصفا مسؤولية الغلط سويا في العقاب وفي الانضباط والتحكم في النفس إزاء الشهوات والأفكار والنزوات.
الدين الإسلامي السمح أوجد القوانين، لكن المسؤولين غير مهتمين بل اخفقوا في تجهيز أرضية خصبة مناسبة لمواطنيهم مند الانطلاقة والخطر الأكبر يكمن في الانفتاح الزائد والواسع على الغرب وثقافته المتحررة ونقل تقدمه في شقه السلبي. إضافة إلى ما سبق ذكره فالمجتمع العربي ذكوري بنزعته والذي له الرغبة الجامحة والدقيقة في تأكيد وإبراز وفرض تلك النزعة بتحقير وتهميش المرأة وتكبيل معصميها بأغلال وقيود ثقيلة كالشرف والعذرية التي تتناقض غالبا مع الواقع المعاصر المعاش.
نجد أن الشريعة الإسلامية حسمت أمر الولادة الغير شرعية وحرمت العلاقة الجنسية خارج إطار مؤسسة الزواج إذ من هنا يعتبر تصنيف الأم العازبة وطفلها في خانة الخارجين عن القانون الشرعي التي تنص عليه الأعراف والقوانين العائلية والمجتمعية، إلا أن هذه الآفة تظل في العقل الظاهر و الباطن اجتماعية وإنسانية محظه لكنها اتسمت بالصمت وأصبحت في عداد المسكوت عنها عمدا حتى طفت على السطح وبرزت بقوة للعيان ثم استشرت ولم تشتتني أي قطر عربي.
يجب اتخاذ المبادرات الفعالة والجادة ، تكون لها القدرة لتكسير طابوهات ظاهرة الأم العازبة وما تتركه من جرح عميق وظلم كبير غالبا ما يخلف ظروفا غير متوازنة يترتب عنها انعكاسات نفسية وعاطفية واقتصادية واجتماعية تكون مدمرة. جل الأبحاث التي أجريت اثبثت انه لا توجد ولا واحدة من هؤلاء الأمهات اخترن بمحظ إرادتهن وضعهن الغير صحيح، كذلك فكرة عقلية تجريم مثل تلك الأفعال متجذرة وراسخة في عقولهن، لكن اغلبهن يجهلن أن القانون والظروف لا تحمي المغفلات. فالبشر غير معصوم من الخطأ والغلط وما الكمال إلا لله رب العالمين .
إن ثقافة الفاحشة التي أصبحنا نعيشها في عصرا لتقدم والعولمة والاتصالات وفي غياب مستوى القيم السليمة، والممارسات الصحيحة، والتصورات الواضحة لمعنى حياة صحيحة و سليمة فسحت المجال لترويج بضاعة فاسدة ومثيرة أغلقت حصارها المتين ضد المرء بطوفان من الأنماط والاختيارات فيحسب نفسه حرا أمام هذا التنوع رغم انه يكون مجرد وهم كسيح للحرية، إذ لم تعد الفاحشة تقيم تحت جنح الظلام، أو تحت سقف غرفة على بابها إشارة عدم الإزعاج إنما أصبحت فاحشة نكراء لها ملايين الأشكال والألوان والأنواع والأصناف والتبريرات، ولم يعد الإنسان يتوارى أو يستحي، بل عكس ذلك أصبح يشهر ويتفاخربها، هناك من يضع الكاميرات ويسجل المشاهد العجيبة، ليعاود مشاهدتها بعد ذلك كي يرى نفسه في وضع الفاحشة ومن ثم يعرضها على الأصدقاء كي يتمتعوا بدورهم حسب عقولهم المريضة غير مبالين بمصير حواء.
إن امرأة وقع عليها رجل في سواد الصبح وهي ذاهبة إلى المسجد فاستغاثت برجل مر عليها ففر صاحبها الأول ثم مر عليها قوم ذو عدة فاستغاثت بهم فأدركوا الرجل الذي أغاثها وجاءوا به يقودونه إليها فقال: إنما أنا الذي أغثتك وقد ذهب الآخر؛ فأتوا به إلى رسول الله " ص" فأخبرته أنه وقع عليها وأخبره القوم أنهم أدركوه يشتد، فقال: إنما كنت أغيثها على صاحبها فأدركني هؤلاء فأخذوني، قالت: كذب هو الذي وقع علي، فقال رسول "ص" اذهبوا به فارجموه فقام رجل من الناس فقال: لا ترجموه وارجموني أنا الذي فعلت بها الفعل، فاعترف فاجتمع الثلاثة عند رسول الله "ص" ، الذي وقع عليها والذي أغاثها والمرأة ، فقال: أما أنت فقد غفر الله لك وقال للذي أغاثها قولا حسنا، فقال عمر رضي الله عنه: ارجم الذي اعترف بالزنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا لأنه قد تاب إلى الله توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم ... سلسلة الأحاديث الصحيحة ج2.ص601.ح900.
أهم ما نستنبطه من هذا الحديث بالنسبة لموضوعنا أن المرأة لم تتحمل وزر جريمة الاغتصاب وحين رفعت شكواها إلى رسول "ص" اخذ لها حقها من الجاني وعليه فلنتخذه قدوة قاعدة صحيحة ونحمي به الأم العازبة التي تحملت مرارة الأمومة في سن مبكرة ومهانة الاغتصاب، ثم حملت عارها طول الحياة وحملته بدورها لمولود ها، ولنا أن نتخيل لو أن أي فتاة تعرفت على شاب قبل زواجها في عهد رسول الله " ص "ماذا كان سيحصل؟
حتى إذا كانت العلاقة بين الأنثى والذكر جد حميمية ولم يكتب لها أن تكلل بالزواج لأي سبب كان، فهل كانت له الجرأة الكافية في عهد الرسول " ص " و يهدد الفتاة إذا لم تستجب لضغوطه بكشف ما جمعاهما من أسرار أو بالتخلي عنها حين يقع الحمل ؟
بالطبع لا لأنه يعرف أن الحكم الواقع عليها - بالجلد أو بالرجم سيناله هو أيضا، فكلاهما مسؤول عن أفعاله و الإسلام شرع لكل جريمة ما يناسبها من مواصفات، فجريمة الزنا للمحصن تختلف عن غير المحصن وتختلف عن جريمة القذف، وانه ساوى في العقوبة بين المرأة والرجل ويعتبرا أمام الشرع سواسية.
بما أن الظاهرة رغم فداحتها مسكوت عنها عمدا ، فلا يوجد إحصاء رسمي في جل الدول العربية اللهم بعض التقارير المستقلة لجمعيات اجتماعية أو ناشطات في الميدان ، أو تقارير بعض المستشفيات بخوص الولادات أو إحصاء لبعض المحاكم الخاصة بملفات إثبات النسب الخ.
المغرب
خلصت دراسة أعدها المعهد الوطني للتضامن النسوي المغربي أن 42 % من الأمهات العازيات أميات لم يسبق لهن الالتحاق بالمدارس، 35 % منهن تابعن دراسة التعليم الابتدائي و %7 أكملن التعليم الثانوي.
ولقد سجلت وزارة الصحة بالدار البيضاء 5000 حالة ولادة في السنة، من كل 5 ولادات نجد اثنين غير شرعيتين عدا تلك التي تحصل في البيوت إضافة إلى حالات الإجهاض.
أعمارهذه الفئة المتوسطة 26 سنة، وفق دراسة أعدتها منظمة الأمم المتحدة بمشاركة منظمات مغربية غير حكومية بنفس المدينة ( 1 )ا.
وأجرت كذلك جمعية التضامن النسائي دراسة على 590عينة انطلاقا من شهر أكتوبر 2003إلى شهر شتنبر 2004 فتبين أن 26 % منهن وقعن في الحمل ما بين 14 و 20 سنة، و50.4 ما بين 21 و 29 سنة. وأن 71 % من هؤلاء الأمهات العازبات أميات وأن 40 % خادمات في البيوت، 31 % عاملات. لقد تمكنت نفس الجمعية من جعل الآباء يعترفون بنسب أولادهم بل أن بعضهم لم يقتصروا على الإقرار بالبنوة إنما فضلوا الزواج بأمهات أولادهم. ففي سنة 2005 اعترف 68 أب بأطفالهم منهم17 قرروا الاعتراف مع الزواج، بينما أقر 51 منهم بالبنوة فقط( 2)ا
مصر
'إحصائية رسمية صادرة عن الإدارة العامة للأسرة والطفل بوزارة الشئون الاجتماعية كشفت أن عدد قضايا إثبات النسب المرفوعة أمام المحاكم المصرية حتى منتصف عام 2005 بلغت 14 ألف قضية، غالب هذه القضايا مرفوعة من سيدات تزوجن عرفيا من عرب وخليجيين ومصريين وأنجبن أطفالا بلا اسم ولا هوية بعد أن رفض آباؤهم الاعتراف بهم.(3)ا
تونس
أكدت الباحثة التونسية سامية بن مسعود منسقة برنامج رعاية "الأمهات العازبات في جمعية (أمل) في أحاديث صحفية خلال السنة الجارية أن عدد الأمهات العازبات يبلغن في تونس حوالي 1060 أما في السنة وأن هذا الرقم يشهد ارتفاعا ملحوظا من سنة إلى أخرى.
وذكرت كذلك أنه تم في سنة 2000 تسجيل 384 حالة ولادة من هذا الصنف في تونس الكبرى فقط في حين أن عدد الأمهات العازبات بلغ 456 أما في هذا الإقليم خلال سنة 2004. ( 4 )ا
وأكدت نفس الباحثة أن هذا المؤشر لا يعكس الأرقام الحقيقة وذلك لأن بعض الولادات غير معلن عنها وتتم في المصحات الخاصة والمنازل كما أن هناك تصاريح مغلوطة، وهو ما يجعل العدد الحقيقي للأمهات العازبات أكبر من ذلك بكثير..
وأكدت نفس الباحثة أن أغلبية الأمهات العازبات ممن شملتهن الإحصائيات ينتمين إلى الفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة وبعضهن تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 سنة. وأضافت "لتحديد الخصائص الاجتماعية للأمهات العازبات قمنا بدراسة على 40 أم عز باء تبين من خلالها أن أغلبيتهن ينتمين إلى أوساط اجتماعية ضعيفة وهن من عائلات متعددة الأفراد تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية، أغلبهن تعرضن لسوء المعاملة ولهن مشاكل نفسية وانقطعن عن التعليم في سن مبكرة ولا يقمن بأي نشاط ثقافي، ومحيطهن الاجتماعي ضيق جدّا. كما أن الأمهات العازبات اللاتي خضعن للدراسة ليست لهن أية ثقافة جنسية إلى درجة أن أغلبهن لا يتفطن للحمل إلا بعد مضي الثلاثة أشهر الأولى. كما أن 98 % منهن حملن للمرة الأولى بعد تجربة عاطفية انسقن إليها اثر وعود زائفة بالزواج.
وتؤكد الإحصائيات ذاتها أن 59% من الأمهات العازبات في إقليم تونس الكبرى هن من العاطلات عن العمل وأنّ 19,5% منهن عاملات في القطاع الخاص ويمثل عدد التلميذات من مجموع الأمهات العازبات 6%. كما أن عددا منهن يعملن في قطاع التنظيف أو كخادمات في البيوت. وأوضحت الأستاذة بن مسعود أن مسار الأم العز باء منذ الحمل إلى الولادة هو مسار شائك ومليء بالعذاب والهزات النفسية وذلك لغياب المؤسسات التي تتعهد بالمرأة الحامل خارج إطار الزواج( 4 )ا
الأردن
الأم العزباء يكون مصيرها السجن أو دور التأهيل إلى حين ولادة الطفل فيوضع كذلك مباشرة في دور الأيتام، أوتتم تصفيتها جسديا من خلال ما يسمى( بالقتل على خلفية الشرف) إذ قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته يوم 20/4/2004 أن الحكومة الأردنية تسجن النساء المهددات بجرائم "الشرف"، بدلاً من أقاربهن الذكور الذين يهددونهن، أما في الحالات التي تُزهق فيها أرواح النساء، يحكم القضاء على القتلة بأقل عقوبة ممكنة
وقد أصدرت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان تقريرها ، الذي يقع في 37 صفحة، تحت عنوان : تكريماً للقتلة حرمان ضحايا جرائم "الشرف" من العدالة في الأردن إذ وثقت المنظمة جرائم القتل والشروع في القتل التي تتعرض لها النساء على أيدي أقاربهن الذكور بدعوى الدفاع عن "شرف" العائلة. كما تناول التقريرتفاصيل حالات النساء المهددات بجرائم "الشرف" اللاتي كابدن عناء السجن عدة سنوات أثناء إيداعهن رهن (الاحتجاز الوقائي).
وقد أفادت تقارير صحفية أن أربع نساء قُتلن لأسباب تتعلق بالدفاع عن "شرف" العائلة عام 2004، كما قتل لمثل هذه الأسباب 17 امرأة عام 2003، و22 امرأة عام 2002، وثمة حالات أخرى كثيرة لا تُنشر أي أنباء عنها. وكثيراً ما يحتجز المسؤولون الحكوميون النساء المهددات بجرائم "الشرف" في السجون من أجل سلامتهن، وبمجرد وصولها إلى المعتقل، لا يسمح لها بمغادرته إلا بموافقة وصي من أقاربها الذكور تحت ذريعة أنه يضمن حمايتها و سلامتها
وفقاً لما ذكرته تقارير صحفية أردنية،أن أربعين فتاة من ضحايا جرائم "الشرف"، والنساء المهددات بنفس الجرم، محتجزات حالياً رهن الحبس الوقائي،
و أن الحكومة الأردنية تستجيب للتهديدات بجرائم الشرف بحبس الضحية التي تتمثل في المرأة بدلاً من اتخاذ إجراءات صارمة ضد أقاربها الذكور الذين يمثلون لها تهديدا مباشرا، بل حتى بعد تصفيتها لا توقع المحاكم على الجاني إلا عقوبة خفيفة أشبه بالتوبيخ أو العتاب إذ يسمح القانون الأردني بتخفيف العقوبات المفروضة على الجناة الذين أقدموا على جرائمهم تحت موجة الغضب الشديد وقد جرت العادة أن يقبل القضاة الحجة القائلة بأن المجني عليها قد دنست بأفعالها شرف العائلة، وبالتالي فالجاني تخفف عقوبته الرمزية والتي ارتكبها عمدا مع سبق الإصرار(5 )ا
فلسطين
نفس مصير الأم العازبة كمثيلتها الأردنية، وعلى هذا نظم اتحاد لجان المرأة للعمل الاجتماعي في قطاع غزة شهر 6/2007 ورش عمل حول القتل على قضايا الشرف في ظل الفلتان الأمني، والتي تفشت ظاهرته بحدة إذ تحدثت خلاله الدكتورة عفاف أبو ذكرى منسقة الدورة من نفس الاتحاد على ضرورة العمل حول تعديل القانون الفلسطيني وثمنت ما سبق ذكره حول نفس المشكلة أمل عجبور رئيسة الاتحاد وأضافت أن هذه المعضلة تخص كل أسر المجتمع الفلسطيني متمنية على القوى الوطنية والإسلامية الوقوف جنبا إلى جنب في مواجهتها لأنها تهدد النسيج الثقافي والاقتصادي والاجتماعي للبلد كذلك أشارت المحامية غادة الهنادي أن عملية القتل على خلفية الشرف والعنف ضد المرأة هي مجرد عملية لتخفيف الحكم على الجاني وتحميله للمرأة وهي المجني عليها في معظم القضايا، كذلك وثقت الباحثة لميس أبو نخلة في دراسة جديدة حالات القتل على خلفية ما يعرف بالشرف بين سنة 2004 و 2006 وخرجت بتوصيات أهمها مطالبة التشريعي إلغاء كل النصوص الجزائية السارية التي تبيح القتل واستدلالها بنصوص جزائية مشددة واعتبارها جرائم قتل مع سبق الإصرار والترصد، ودعت المراجع الدينية الفلسطينية إصدار فتاوى تحرم تلك الأفعال لما يشكله القتل من خروج عن التعاليم الدينية وأكد بدوره الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين أن القتل على خلفية الشرف يخالف الشريعة الإسلامية التي تنص على أن الجهة المخولة بذلك هي الدولة.(6 )ا
فالقانون المعمول به في الضفة هو قانون العقوبات الأردني الصادر سنة 1960 مع انه خضع للتعديل في الأردن وان المادة 340 منه تعفي من المقاضاة أو تقضي بعقوبة مخففة بل تركت مادة هذا القانون الباب مفتوحا أمام العذر المخفف والعذر المحلل وتعطي الحق للسلطة التقديرية عند تطبيق الحكم على القاتل في كل قضية بالسجن لمدة لا تتجاوز بكل الأحوال 3 سنوات.( 7 )ا
وعلق الخبير القانوني الفلسطيني "فرج الغول" حول هذا القانون قائلا: "جميع النصوص القانونية لا تخلو من قصور وسلبيات فهي قوانين وضعية.
وأكد في حديثه لشبكة (إسلام أون لاين.نت) أنه تم طرح تعديل قانون العقوبات على المجلس التشريعي، إلا أنه استدرك موضحا: ولكن هذا لن يحل الإشكالية، فليس المطلوب تغييرا مرحليا أو آنيا، القانون بحاجة إلى تغيير جذري
كذلك علق أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بغزة الدكتور ماهر السوسي" قائلا: "الشر ع بريء من كل من يقتل باسم الشرف، فالقاتل لا عذر له أمام الله.
وأكد "السوسي" أن القتل باسم الشرف محرم وغير جائز بالإسلام، موضحا أن أغلب الجرائم تحدث على خلفية عصبية لا دينية. وتابع : "رجل قتل ابنته لأن أحدا ما اغتصبها، ما ذنبها أن تقتل وهي ضحية اعتداء؟ لقد بيّن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أن الإكراه لا حكم عليه فقال: "رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
وأوضح "السوسي" أن الإسلام صان عرض الإنسان وشرع القوانين التي تحافظ عليه، موضحا أن الشر ع حرم جرائم الشرف واعتبرها جرائم خطيرة تؤثر على المجتمع والأفراد وتخل بمنظومة القيم التي تعتبر من أهم الروابط للتكافل الاجتماعي.
أما الإحصائيات الرسمية المتوفرة لدى وزارة شؤون المرأة حول قضايا القتل على خلفية "ما يسمى شرف العائلة"، فقد بينت أنه خلال الفترة الممتدة من بداية عام 2004 وحتى آذار 2005 حصلت 9 حالات قتل من هذا النوع في قطاع غزة، أما في الضفة الغربية، وخلال الفترة الممتدة من شهر أيار 2004 وحتى شهر آذار 2005 ،فقد جرت 11 حالة قتل للنساء على ذات الخلفية ( 8 )ا.
الجزائر
حسب ندوة صحفية لمديرة النشاطات الاجتماعية لولاية قسطنطينية ثم إحصاء 190 حالة أم عازبة خلال سنة 2006 بنفس المدينة منهم 150 حالة وضعن الجنين في المستشفى وتقريبا 1000 طفل يولدون سنويا في الجزائر خارج العلاقة الشرعية للزواج تتمن نفس نتائج التحقيق الميداني الذي أجراه المعهد الوطني للصحة العمومية بنفس المدينة والذي سجل 697 حالة وفاة أثناء الحمل أو الولادة منها 38 حالة بسبب الإجهاض.( 9)ا
وحسب إحصائيات المنظمة العالمية للصحة التي تم الكشف عنها في ملتقى حول الصحة العمومية بنفس السنة الجارية، أنه تم تسجيل معدل 5000 أم عازبة في السنة بالجزائر وهو ما يقابله وجود حوالي 7000 طفل يولدون سنويا خارج إطار الزواج الشرعي في عدة مناطق من الجزائر، حسب إحصائيات اللجنة الوطنية للسكان ( 10)ا
إن الأخطر في هذه الظاهرة هي المعاندة في السكوت المزمن عن ذكرها، رغم أن وجودها قائم في تراكيب حياتنا المختلة، فخلط الأنساب مثلا قد يلتقي الإخوة ويحصل الزواج بينهم وما يؤكد هذا هو ما نسمع به يوميا عن أب تزوج بنته لأنه لا يعرفها، وأخ تزوج أخته .... الخ.
بعض الاقتراحات إذا تم اعتمادها قد تقلص من الظاهرة
 إحداث قانون يتكفل بالأمهات العازيات و مولدهن من خلال توفير لهن سكن آمن ومستقر لحين تسوية أوضاعهن
 حماية حقوق الفتيات المخطوبات بقراءة الفاتحة إذا وقعن في المحظور أسوة ببعض الدول كالمغرب والجزائر وتونس الذي تبنى قانون الأحوال الشخصية المعتمد عندهم بندا في هذا الصدد والذي تم العمل به
 العمل الجاد من اجل تأطير العائلات والإناث
 فرض على العائلة المتكفلة بمولود كتابة وصية بجزء من الميراث الذي يمكن أن يحميه حين وفاة الكفيل.
 اعتماد الخبرة العلمية لإثبات النسب و البنوة أو الإنكار
 السماح بالإجهاض في الحمل الناتج عن زنا المحارم أو الاغتصاب، رغم أن الإجهاض محرم لكنه يصبح ضرورة في مثل هذه الحالة
 إلزام الأب الطبيعي بتعويض عمري لفائدة مولود ه الطبيعي سواء كنتيجة لولادة خارج مؤسسة الزواج، أو كنتيجة للاغتصاب
 منح الحق للمولود خارج مؤسسة الزواج في اكتساب نسب الأب الطبيعي إحداث قانون ديمقراطي إنساني يكفل ثنائية الحق والواجب ويضمن للأم ومولود ها التعايش باحترام.
 توفير الخدمات المجانية كحليب الطفل، والدواء والعلاج وتسجيله في المدارس.
 توفير الدعم السيكولوجي والعاطفي للأم وطفلها الذي به ومن خلاله يعاد لها بصيص من الأمل والتفاؤل والقدرة لمواكبة مسيرة الحياة اتجاه المستقبل.
 معاقبة كل من العاقد والزوجين والشهود في حالة الزواج العرفي .
رغم أن الآراء المعارضة ترى في المطالبة بحقوق هذا الكائن الإنساني الضعيف يشجع على ارتكاب الفاحشة، ويقوي سكرة الخطيئة، إلا أن الأم إنسانه في الأول والأخير، يكفي ما تحملته وستتحمله في ظل مسار شاق وطويل زاخر بالآلام النفسية والعذاب، يتوجب علينا جميعا التكافل والتضامن من خلال تجنيد كل الطاقات والإمكانيات المتاحة والغير المتاحة من اجل مساعدتها ومساندتها والتي هي في أمس الحاجة للأيدي الشريفة التي قد تعتقها وتنشلها من الضياع الحتمي، كذلك واجب علينا فتح السبل أمامها كي تكفر عن ذنبها إن أخطأت بسبب جهل أو فقر أو قلة معرفة أو ظرف قاهر.
كيف نحاسب طفلة في ريعان نضجها ومولود برئ لا يعرف شيئا عن هذه الدنيا ونرغمه على حمل اسم مستعار يلصق به العار مدى الحياة ونحرمه من حقوقه الطبيعية عوض أن نوفر له العناية والعديد من الخدمات حتى يصبح مواطنا صالحا ينفع نفسه وينتفع به بلده ومجتمعه ؟
تعددت أسباب الغلط وحواء دائما هي المتهمة وهي التي تتحمل وزرا لخطيئة، لكن إلى متى ستدفع وحدها ثمن العقوبة والعقاب ؟
السعادة الحقيقية هي العمل على إسعاد هاذين المخلوقين، من خلال التسامح والعدل والرحمة وفسح المجال لهما من اجل العيش بكرامة وسط أسرة وأصدقاء ومجتمع واع بل هذه هي الثروة الحقيقية لان حماية حقوق المواطن ستظل دائما وأبدا هي المحور والجوهر لكل الشعوب وعلى مر العصور.
قائمة المصادر
(1).(2). - المركز العربي للمصادر والمعلومات وثائق بتاريخ 6/2005
(3) - القاهرة خدمة قدي برس بتاريخ 27/5/2006
(4 ) - تونس نيوز عدد 2224 بتاريخ 24/6/2006
( 5) - التقرير السنوي لمنظمة حقوق الإنسان الدولية هيومان رايش ووتش المؤرخ 20/4/2004
(6 ) - مركز الدراسات أمان نقلا عن وكالة قدس نيت للأنباء بتاريخ 3/6/2007
(7 ) - قانون العقوبات الأردني لعام 1960
( 8) - مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي " وضعية المرأة الفلسطينية "ا
(9 ) -المركز العربي للمصادر والمعلومات
(10 ) - الجري ميديا أسبوعية المحقق عدد 6/2007

*كاتبه من المغرب.

www.deyaralnagab.com