غزه: النورس والغربان ودور النظامين المصري والسعودي في العدوان !!
بقلم : د. شكري الهزَّيل ... 24.1.09
في زمن الجبن والانحطاط العربي ما زال من بيننا اعلاميين وسياسيين عُريبيين وغيرهُم من يلوك الكلام ويلف ويدور ويهيم على وجهه في المحيطات والصحاري حتى لا ينطق بكلمة حق بحق باطل صارخ, ولا نريد هنا في البدايه الا ان نثبت نقطة مركزيه وموقف ثابت وهو مما لاشك فيه ان الدوله الصهيونيه التي تشن العدوان على غزه اليوم لم تأتي بجديد , فهي مُعتديه منذ زُرعت عنوة في فلسطين وفي قلب الوطن العربي. وهي الدولة والكيان الذي عام ويعوم في الدم الفلسطيني والعربي ظنا منه ان الدم وذبح الشعب الفلسطيني سيضمن له البقاء الامن وهذا ما لم يحققه الكيان الغاصب منذ اكثر من ستون عاما, فما ان يظن الكيان انه انتصر وقتل وذبح واذ به يقف مرة اخرى امام المقاومه الفلسطينيه, ورغم ظنه انه حسم المعركه منذ زمن ارتكابه مجزرة دير ياسين وكفرقاسم والسموع والدوايمه والخليل وجنين وغزه ومرورا بمئات المجازر على مدى عقود من الزمن وحتى المجزره الجاريه الان في غزه, الا انه يفاجأ المرة تلوى الاخرى بعودة المارد الفلسطيني المقاوم وما انتفاضة عام 1987 ونتفاضة الاقصى 2000 الا خير دليل على استحالة هزيمة الحق الفلسطيني بباطل الطائرات والراجمات الاسرائيليه التي تدك مرة اخرى غزة هاشم الذي يمتد تاريخها الى الاف السنين ويمتد نضالها الى مئات السنين....فغزة هذه قصه تاريخ وتاريخ قصه منذ زمن الفراعنه ومنذ ان سميت ايضا بغزة هاشم لوجود قبر الجد الثاني للنبي محمد صلعم وهو هاشم بن عبد مناف وهي ايضا مسقط راس الامام الشافعي, ومن لا يعرف تاريخ غزه الابيه المقاومه نذكره ان غزه قاومت الحملات الصليبيه وتحررت ثانيه من الحكم الصليبي بعد انتصار صلاح الدين الايوبي على الصليبيين في عام معركة حطين عام 1187م. ومن ثم ظلت غزه لقرون طويله تحت الحكم العثماني حتى مجئ الاستكبار البريطاني عام 1917, ولم يكن احتلال غزه على يد الانجليز امرا سهلا حيث خاض الغزيين معارك ضاريه مع القوات الغازيه حيث ذكرت المصادر التاريخيه ""أنه في الحرب العالمية الأولى قد صمد لواء واحد من الجيش العثماني مؤلف من أقل من ثلاثة آلف جندي فلسطيني في وجه فرقتين بريطانيتين أمام غزة وكبدهما خسائر فادحة وأرغمهماعلى التقهقر حتى العريش عام 1917 م ، حيث أصدر أحمد جمال باشا القائد التركي ، بيانا أشاد فيه بالشجاعة الفذة التي أبداها أولئك الجنود الفلسطينيون في غزة أمام أضعاف أضعافهم من جنود الاعداء، وأنها بسالة خارقة تذكر بالشجاعة التي أبداها آباؤهم من قبل عندما حموا هذه البقاع المقدسة بقيادة صلاح الدين الأيوبي"", وقد احتلت اسرائيل غزه للمرة الاولى عام1956 [ابان العدوان الثلاثي على غزه] ومن ثم انسحبت منها لتعود لاحتلالها عام 1967, ومن لا يعرف التاريخ المشرف لغزه نعيد له ذاكرته بالقول ان غزه الثوار والمقاومه قد قاومت الاحتلال الاسرائيلي مقاومه شرسه في السبعينات من القرن الماضي في زمن جيفارا غزه وغيره الكثيرون من الثوار الابطال, وغزه هذه وقطاع غزه هي مفجرة انتفاضة 1987 وهي اللتي اخرجت للعالم كتائب عز الدين القسام اللتي قاتلت اسرائيل وتقاتل اسرائيل اليوم 2009 في غزه, وغزه هذه هي الرحم الذي ولد منه الكثير الكثير من ثوار ومقاومي الفصائل الفلسطينيه وليست حماس فقط,,, وغزه هذه كانت وما زالت عصيه على الاحتلال ,, وهي المدينه والقطاع الذي لم يدخلها احتلالا الا ورحل مدحورا في النهايه,, وغزه هذه هي العنقاء وطائر العنقاء.. لابل غزه هذه الفلسطينيه وشعبها الفلسطيني طيور نورس تحلق في فضاء النضال والحريه من اجل الانعتاق والحريه وقد قدمت غزه الاف الاف من طيور النورس الشهداء الذين ذادوا وما زالوا يذودون عن الحق الفلسطيني, وبالتالي خاب وسيخيب ظن الاعداء ومعهم الغربان العربيه وكل المتامرين والساقطين المتحججين بحماس وفوز حماس بالانتخابات وطردها2007 لثلة دايتون من غزه,,,,, وحصار غزه لمدة طويله ثم شن العدوان الاسرائيلي الجاري على غزه!!؟؟
العدوان الاسرائيلي:.. هكذا يسمونه[العدوان الاسرائيلي المدعوم امريكيا] ونراه على الارض وعلى اجساد اطفال غزه التي تمزقها قذائف الفاشيه والهمجيه الصهيونيه , ولكن هل هو حقا عدوان اسرائيلي امريكي فقط؟؟... لا....من هنا وعود على بدء فلابد من القول ان اللف والدوران الاعلامي والسياسي الذي ينتهجه الاعلام العربي وبعض غربان الاعلام يتسم بالكذب والتضليل ومصطلحات بعض الانظمه وعلى حد قوله وعلى حد تعبيره الى حد القول العدوان الاسرائيلي على حد وصف الفلسطينيين وكأن هذا العدوان ليس واضحا وصارخا! والحقيقه ان غربان الاعلام ومفتيي البلاط العربي يحاولون بشتى الاشكال والاساليب ابعاد الشك عن تورط النظام العربي الخائن في العدوان الاسرائيلي على غزه,, وأخطأ من ظن ان الجدل الدائر بين انظمة العار العربي حول انعقاد قُميميه عربيه هو جدل فعلي لابل الحقيقه انه جدل مفتعل يمارسه النظامان المصري والسعودي بهدف اعطاء اسرائيل المزيد من الوقت لتنهي مهمتها في غزه... الجدل حول القمه العربيه والرهان عليها هو رهان على حصان ميت ونظام عربي صار جيفه تاريخيه ساقطه اخلاقيا وسياسيا,, وبالتالي سواء عقدت جامعة عمرو موسى قمه ام لم تعقد فهذا لا يعني اي شئ لان النظامان المصري والسعودي وانظمة العار العربي ككل منحا اسرائيل الوقت الكافي لتدمير غزه ولا نقول هزيمة المقاومه كما راهن على هذا النظامان المصري والسعودي.... النظام المصري الخائن وابوالغيط بشكل خاص محبط جدا من عدم تمكن اسرائيل هزيمة المقاومه في غزه!!, واجتماع ملك النظام السعودي مع حسني مبارك مؤخرا في الرياض يعكس مدى تواطؤ وتحالف هاذان النظامان مع اسرائيل في عدوانها على غزه, ومما لاشك فيه ان ابوالغيط ووزير خارجية النظام السعودي هما رمزان صهيونيان متصهينان الى حد العداء السافر للقضيه الفلسطينيه,, وذهاب هؤلاء الى هيئة الامم واستصدار قرار ورقي لوقف اطلاق النار ماهو الا تكتيك لتمرير العدوان واستمراره على غزه!!
النظامان المصري والسعودي متورطان ويشاركان اسرائيل في عدوانها الفاشي على غزه لابل ان اكثرية الانظمه العربيه والاسلاميه بما فيها النظام السوري والايراني متورطه في التواطؤ مع العدوان الاسرائيلي, وعليه تحضرني هذه القصه الشعبيه واتمنى ان لاتخونني الذاكره في ا جزاء منها وهي تدور حول علاقة وصداقه مفترضه بين طائر النورس و الغربان :: يُحكى ان طير النورس الذي يعيش مرفوع الراس في اعالي النخيل والاشجار وشواطئ البحار قد تعارف لسرب من الغربان ونمت بينهم صداقه او معرفه ما, وفي يوم من الايام اختفت اثار الغربان ورحلت عن المكان دون سابق انذار ودون علم طائر النورس, وبعد مده راودت طائر النورس فكرة البحث عن "اصدقاءه" الغربان ليرى ما حل بهم,, وبدأ رحلة البحث الى ان عثر النورس على الغربان تعيش بين قطيع من القرود وتقتات على فتات وبراز القرود وراضيه بوضعها المزري, حيث دعته الغربان على وجبة من ما يقتاتون, فرفض النورس الشهم وصاحب الكرامه ان يشارك الغربان وضعها الذليل ويأكل من اكلها,, وما كان من الغربان الا ان تأمرت على طير النورس الشهم وقامت بتكبيله وتلطيخه ببراز القرود لاجباره على الاكل,, الا انه فضل الصمود والموت بكرامه وقضى نحبه دون ان يرضخ لمطلب الغربان!!!... هكذا هي غزه وطيور النورس في غزه التي ترفض عيش الغربان النذله في وكر شرم الشيخ والرياض....بالمناسبه شواطئ غزه وسماءها مليئه بطيور النورس الرمز ... واليوم يدافع النورس الغزي الحر عن غزه ويذود عن امه هجرتها النخوه والمبادره!! والا كيف نفهم ان يُعمر النظامان المصري والسعودي حتى اليوم بعدما دمرا العراق ولبنان ويشاركان الان في العدوان على غزه!!
لقد اعجبتني قصه قصيره ذكرها احد الزملاء الكُتاب في مقاله له الاسبوع االماضي ساحاول سردها بالتقريب وهي حكاية الفئران والقط والجرس، حيث ضاق ذرع الفئران من افتراس القط المتكرر لها,, ولذلك جاءتها فكرة تعليق جرس في رقبة القط كي تسمع خطى القط وقرع الجرس وتهرب قبل ان يفترسها, ولكنها اختلفت في ما بينها في من سيقوم بمهمة تعليق الجرس في رقبة القط والسبب ان جميع الفئران جبناء ولم يتطوع احدا ما لتعليق الجرس خوفا من ان يفترسه القط!! وبالتالي مايعني انه لايوجد احدا يريد التضحيه بنفسه من اجل الاخرين وتعليق الجرس!!....... وعليه يترتب القول ان هذه الامه العربيه ما زالت عاجزه عن تعليق الجرس وعن لجم الغربان والعدوان على غزه,, الا اننا على يقين ان طير العنقاء وطيور النورس الغزيه الفلسطينيه ستذود عن الوطن وعن غزه بالرغم من مشاركة الغربان العربيه في العدوان الاسرائيلي على غزه .... غزه تدق وستدق الجرس لبداية نهاية الغربان العربيه وبداية هزيمة العدوان الاسرائيلي على غزه....تحيه لقطاع غزه وغزة هاشم,, والخزي والعار وكل العار للنظامان المصري والسعودي وكامل الانظمه العربيه المتخاذله....سيتحطم رهان ابوالغيط الهامل على صخرة صمود المقاومه في غزه....تحيه للمقاومه!!!
*كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع , ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه
www.deyaralnagab.com
|