يافا .. فلسطين : 479 عائلة فلسطينية يتهددها خطر الاخلاء من منازلها بأوامر شركة "عميدار" الإسرائيلية !!
بقلم : المحامي هشام شبايطه ... 30.3.08
شبايطه : "الحرب التي بدأت في العام 1948 لتطهير يافا من العرب، لم تتوقف أبداً وما زالت مستمرة حتى اليوم. في العام 1948 كان ذلك بالقوة، أما اليوم فبواسطة وسائل قضائية واقتصادية. تدعي الدولة أن هذه هي قوانين السوق، من خلال المعرفة أنها ستعمل ضد مصلحة السكان العرب."
بمناسبة الذكرى السنوية الثانية والثلاثين ليوم الأرض الخالد،نشرت المؤسسة العربية لحقوق الإنسان[28.3.08] ، تقريرًا جديدًا يوثق خطر الإخلاء الواقع على رؤوس السكان الفلسطينيين في حي العجمي في يافا، والدوافع الحقيقية من ورائه.
في تاريخ 19/3/2007 أصدرت شركة عميدار(الشركة الوطنية للإسكان في إسرائيل) مستندًا وفيه استعراض للعقارات التي تديرها الشركة. تطرق المستند الى منطقة مدينة تل أبيب-يافا، وجاء فيه أنه "يوجد في المشروع بالمجموع الكلي 497 تجاوزًا من بينها % 16.8 من المجموع الكلي للعقارات المُدارة من قبل شركة عميدار". وتطرق المستند عمليا الى 497 أمر إخلاء تلقتها عائلات فلسطينية تسكن في حي العجمي في مدينة يافا خلال السنة والنصف الأخيرة، لإخلاء بيوتهم أو مصالحهم. وتراوحت ذريعة الإخلاء بين "تجاوز أو "غزو" العقار وبين "إضافة بناء" للعقار، نفذتها العائلات الفلسطينية- حسب ادعاءات عميدار- بدون تصريح ودون الحصول على ترخيص من سلطات التنظيم والبناء.
وبموجب تقدير السكان الفلسطينيين في يافا، إذا نُفذت أوامر الإخلاء هذه، ستجد حوالي 3,000 نسمة نفسها بدون مأوى، حوالي %18 تقريباً من مجمل السكان الفلسطينيين القاطنين في المدينة (16,300 نسمة).
من وجهة نظر السكان الفلسطينيين، فإن الرغبة بإخلائهم من الحي هي التي تقف وراء إصدار هذه الأوامر، حيث تحول الحي في السنوات الأخيرة إلى "مركز للحج" من قبل اليهود الأثرياء. وحسب أقوالهم، إصدار أوامر الإخلاء ليست بمعزل عن العملية، الموجودة في أوجها هذه الأيام، والتي تطلق عليها بلدية تل أبيب-يافا عملية "تطوير يافا"، ولكن في الواقع يدور الحديث عن "تهويد يافا"، بمعنى جذب أكبر عدد ممكن من السكان اليهود إلى المدينة، التي يعتبرها الجمهور اليهودي "مدينة عربية".
ويضيف السكان الفلسطينيون أن إدعاء عميدار بخصوص خرق القانون من قبل المستأجرين يتجاهل حقيقة أن السلطات نفسها وضعت السكان في خانة "مخالفي" قانون التنظيم. لأنها أهملتهم ولم توفر لهم حلولاً ملائمة لضائقتهم السكنية الصعبة، ولعدم وجود مفر اضطر السكان الى "خرق" القانون، لعدم وجود بدائل أخرى. وكما أفادت ميتال لهبي، عضو بلدية تل أبيب-يافا، ونائبة رئيس اللجنة المحلية للتنظيم والبناء، فسرت هذا الوضع بقولها:
"المشكلة هي أنه لا توجد بالمنطقة خارطة بناء... الناس هنا لا يستطيعون استصدار تراخيص بناء. غالبية التجاوزات تُشكل بالواقع توسيعا للسكن بدون رخص. الحديث يدور عن ضرر متراكم طوال سنين. جمّدت البلدية كل التراخيص في المنطقة خلال فترة طويلة، لم تسمح حتى بتغيير أسقف أسبست، وحوّلت جميع سكان الحي لمجرمين".
ويضيف السكان الفلسطينيون أيضاً، أن عميدار بادعائها خرق القانون من قبل المستأجرين، يتضح انعدام حسن النية لديها، لأن التجاوزات وإضافات البناء، وهي ذريعة الإخلاء، نُفذت قبل 40-30 عاماً، وليس بالفترة الأخيرة. لماذا تذكرت عميدار تقديم أوامر الإخلاء والدعاوى الآن فقط؟ ولماذا إذاً لم تقدم عميدار دعاوى كهذه عندما نُفذت هذه الخروقات؟ أو، على الأقل، عندما علمت بهذه الخروقات؟
من وجهة نظر السكان الفلسطينيين، ثمة تهديد فوري على وجود السكان الفلسطينيين في يافا، وإصدار أوامر الإخلاء هذه ليست سوى جزء من خطة فوقية شاملة للسلطات لـ"تهويد يافا "، بحجة خرق القانون.
ومن ناحية السكان الفلسطينيين، فإن الحديث لا يدور عن إخلاء هذا المواطن أو ذاك، بل الحديث هنا عن سياسة موجهة تهدف الى تقليص الوجود الفلسطيني في يافا، من خلال تنفيذ "ترانسفيرعام" لهم. حسب رأيهم، الحديث يدور عن خطر جماعي لمجتمعهم، ولاستمرارية وجوده ككيان ثقافي وقومي في المدينة. وفعلا، فإن إلقاء نظرة على خارطة البيوت التي يتهدّدها خطر الإخلاء (صورة الغلاف للتقرير) والتي نشرتها دائرة أراضي إسرائيل، يظهر بشكل جليّ أن الحديث لا يدور عن دعاوى إخلاء فردية، بل عن إخلاء مكثف وجماعي للسكان الفلسطينيين، الأمر الذي يعزّز أقوالهم بهذا الصدد.
وما يدعم هذا الادعاء حول نية تهويد المدينة هو التوقعات التالية: اليوم %80 من سكان حي العجمي هم فلسطينيون، و-%20 يهود. إذا تم تنفيذ مشروع الترميم والاخلاء، ستنقلب النسبة وسيكون هناك %20 فلسطينيون و- %80 يهود.
في الحقيقة، يربط معظم السكان الفلسطينيين في يافا بين أوامر الإخلاء وبين التطهير العرقي للفلسطينيين الذي نُفذ في العام 1948، بما في ذلك في يافا. ولا فرق بين الفترتين إلا بالوسيلة: في العام 1948 طُرد الفلسطينيون بالقوة من بيوتهم، وبعد 60 عاماً من تلك الفترة تحاول السلطات إخراج الفلسطينيين- الذين أصبحوا الآن مواطنين في الدولة اليهودية- بوسائل اقتصادية وقضائية. التطهير العرقي لم ينته في العام 1948، وهو مستمر حتى يومنا هذا، ولكن بطرق ووسائل أخرى. وباختصار، ما يحدث اليوم في يافا هو "ترانسفير هادئ " للسكان الفلسطينيين.
*المحامي هشام شبايطة، ناشط اجتماعي من يافا
المصدر: المؤسسه العربيه لحقوق الانسان.
www.deyaralnagab.com
|