logo
أحذية وحذاء

بقلم : نبال شمس ... 20.4.08

حذاء دبلوماسي!
أي نوع من الأحذية هذا؟ ثم هل للحذاء أن يفهم ما معنى مصطلح دبلوماسية؟ لكنه فعلا أحد الأحذية الدبلوماسية, هذا ما أكده التاجر لفلان عندما ذهب للسوق لشراء حذاء مريح ينتعله.
قال التاجر صاحب الدكان:
- هذا الحذاء هو احد الأحذية المتواجدة بكثرة. رخيص, يكاد أن يكون معدوم الثمن. حذاء دبلوماسي, لكن إياك والقلق فالتاريخ لن يسجل عنك شيئا كما حدث مع حذاء الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف عندما خلع حذائه ودق به على المنصة متوعدا ومهددا الغرب في خطابه الذي ألقاه في الأمم المتحدة عام 1960.
دبلوماسية هذا الحذاء من نوع آخر, تستطيع أن تستعمله للتهديد, لكن أن ضربته على الطاولة كما فعل الزعيم السوفياتي فهو لن يخيف أحدا, بل سيهرب الجميع من رائحته, عدا عن ذلك فحسناته كثيرة, فهو يستطيع ملائمة نفسه لأي ظرف كان, ففي الحر تستطيع انتعاله كصندل وفي الصباح كشبشب مريح, وفي الشتاء كجزمه دافئة, فما عليك سوى أن تلائم قدميك أنت لانتعاله وتلائم انفك لرائحته النتنة, فإن لم تلائم نفسك لهذه الأمور فمصيرك سيكون الاختناق, أو انه سوف يخلعك ويفتش عن غيرك يستطيع ملائمة نفسه أكثر للأوضاع الراهنة.
كان فلان ينصت للتاجر بكل حواسه مستغربا لتلك الأقوال فسأله:
- هل هذا الحذاء كمداس أبو القاسم الطنبوري؟
- هو فعلا كمداس أبو القاسم الطنبوري لكن الفرق بينه وبين حذاء أبو القاسم هو أن حذاء أبو القاسم يضرب به المثل فيقال: أثقل من مداس أبو القاسم الطنبوري لأنه كلما كان ا نقطع منه موضعا جعل عليه رقعة إلى أن صار في غاية الثقل, لكن هذا الحذاء لا يمل الترقيع والترقيات, وبالوقت ذاته لا يمل العفن والأوساخ العالقة عليه.
- الترقيات! يا لا العجب!
- نعم يحب الترقيات جدا, وأي عجب, فهو لولا عفنه لما ارتقى وترّقعَ.َ
- لكني لا أرى أية رقع علية.
- جميع رقعه من الداخل هو يبدو للناظر انه ما زال في قمة اللمعان لكن عند الاقتراب منه لا يسعك سوى أن تشم رائحته النتنة تفوح منه, وما عليك سوى أن تشم هذه الرائحة, بعد ذلك لك مطلق الحرية في أن تعتاد عليها أو تبتعد عنها فان قررت عدم الابتعاد أو عدم الإدمان فما عليك سوى الصبر حتى الفناء, فهل تريد قياسه؟
- لست ادري لقد احترت في أمري, هل لديك شيئا آخر؟
- صندل, بوط , قبقاب, شبشب, بسطار, خفاف ومداس, وما أكثر الأحذية وما ابخس ثمنها وأرخصها. فماذا تريد؟
- أريد حذاءا ذات جودة عالية.
- اسمع يا صديقي, مع كثرة الأحذية قلت جودتها, رغم أنها صناعة محلية وغير مستوردة من الصين ودول العالم الثالث, فالبحث عن حذاء ذات جودة عالية أصبح في أيامنا مهمة ليست سهلة فأغلب الأحذية مغشوشة الصنع.
- ماذا عن الأحذية الأخرى؟
منتهية الصلاحية يا فلان, ولا وجود لقاض يخلصنا منها كالقاضي الذي خلص أبو القاسم الطنبوري من حذاءه.
- إذن سأشتري ذات الحذاء, فمن يدري ربما عندما أنتعله ارتقي قليلا في عملي أو في حياتي فكم تريد ثمنه؟
- انه هدية مني إليك, لا أريد ثمنه.
خلع فلان نعله القديم ولبس الحذاء الجديد رغم رائحته الكريهة ثم خرج من الدكان.
بعد أيام بدأ الناس بالتفتيش عن قاض دبلوماسي لكي يخلصهم من الرجل الذي انتعل الحذاء وارتقى في حياته.


www.deyaralnagab.com