مثلث التدمير الإنساني !!
بقلم : ريم عبيدات ... 7.12.08
للمرة الألف تثير التجارب العالمية والدراسات ومعلوماتها ذات المفاجأة والصدمة. ففي اللقاء الذي يضم ناشطات وباحثات يمثلن أطياف المعمورة وألوان المهن والاهتمامات، في مناقشة للتصدي لظاهرة اشتغال المرأة في الكثير من “مهن شديدة الحساسية”، والتي توصف أخف ترجمة ممكنة لها بأنها “مهينة” للمرأة وقيمتها وإنسانيتها وكذلك مستقبلها.
اعتلت المنبر سيدة ترأس مركزا للمرأة والإعلام، للتحدث عن صورة المرأة في الإعلان التجاري الهندي وقبلها الصيني، مروراً بتجارب دول نائية ومغمورة وأخرى ناتئة ومشهورة، وما أقسى الاكتشافات رغم عدم وجود غريب فيها عن كل ما نعرف في عالم إعلاناتنا. قد يظن أن حال المرأة في الإعلام الهندي مثلا أحسن قليلا بحكم التاريخ والرصيد الهائل. فهي المرأة العظيمة التي شاركت بفعالية وجسارة غير مسبوقة في بناء هذه الدولة العبقرية وتقدمها المعرفي وصناعاتها الطاغية على أسواق العالم بعيداً عن الضجيج، ضمن عبقرية علمية واقتصادية وتنموية تنشر نفسها فوق فقرها التاريخي بامتياز، في تحد يعد الأقوى لمنجز الحضارة الغربية وقدراتها ومواجهتها في عقر دارها التكنولوجية بامتياز واقتدار نادرين.
النساء الصانعات لمعظم الثورات و معظم التجارب التنموية القاسية في العالم، لم ينجين أبداً من التحول التسليعي والتشييئي لهن ومشاعرهن وإنسانيتهن، ومن التحول إلى وقود المحرقة التجارية والتسويقية عبر مطحنة الإعلان والإعلام التي تحرق الأخضر كله، أما اليابس فلندعه وشأنه.
أشارت متحدثتنا إلى أن النساء يحتللن كافة الإعلانات والصناعات التجميلية. وهن “زعيمات” مواد التنظيف من شامبو ومعاجين الاسنان ومنظفات الأحذية والجدران والأرض والحمامات (أجلكم الله)، فيما يظهر الرجال في الاعلانات الطبية، والتكنولوجية. حتى عندما يشترك الرجل والمرأة في إعلان واحد، فإن دور المرأة هو الثانوي أو الأضعف دوماً.
أما صناعات الترفيه والإثارة فحدث ولا حرج عن الدور الريادي الممنوح للمرأة ظاهريا في قيادة التدمير الاجتماعي.
المؤلم المفرح لقلوبنا المجروحة هنا أن معظم الخبيرات والمتحدثات العالميات خضن معارك مختلفة للتحدث وتقديم الأوراق بلغاتهن الأم، حتى القادمات من أصقاع لغات لا يزيد متحدثوها على بضعة ألوف، والتي يصعب توفير ترجمات لها، في رسالة واضحة بإمساكهن على جمرة هويتهن بقبضة من حديد إزاء وحش العولمة، فيما تحدثت معظم خبيراتنا “العربيات” بالانجليزية والفرنسية، رغم أن الترجمة من والى العربية متاحة في المؤتمر.
فهلاّ تأملنا مثل هذه التفاصيل السابقة وربطناها سويا، ووثقنا ولو لمرة واحدة ان الغول الذي يفتك بالأمومة والطفولة وقيمها هو ذاته الفاتك بكافة اللغات الأم أيضاً.
www.deyaralnagab.com
|