مكامن الخلل في الوضع الفلسطيني الراهن!!
بقلم : د. شكري الهزَّيل ... 07.03.2009
من اللافت للنظر والغائب الحاضر في مسار القضيه الفلسطينيه والوضع الفلسطيني الراهن هو تكرار ماهو مُكرَّر واعادة ماهو مُعاد ومُجرَّب دون القفز عن روتينية تكرار الاغلاط السياسيه والوطنيه ودون البحث عمقا في مكامن الخلل واشكالية مسببات الانقسام الفلسطيني الفصائلي الجاري منذ مدة ليست بقصيره وليست منذ عام 2006[ فوز حماس في الانتخابات التشريعيه] لابل قبل هذا التاريخ بوقت كثير وايضا قبل اوسلو عام 1993, وبالتالي ما جرى ويجري اليوم وبعد حين في القاهره من محادثات بين الفصائل الفلسطينيه هو صورة طبق الاصل من محادثات جرت في الماضي على اساس وفاق فصائلي أَني على اسس ورؤى سياسيه مختلفه من الحد الى الحد ومن المهد الى اللحد لابل ان الوسيط المصري نفسه له رؤيه سياسيه واقليميه تنناقض تناقضا تناحريا مع المطالب الوطنيه الفلسطينيه, وعليه يترتب القول ايضا ان الوسيط المصري نفسه جزء لا يتجزأ من مشروع امريكي وعربي وفلسطيني كان وما زال داعما لاتفاقية كامب ديفيد واوسلو ولما يسمى بالسلطه الفلسطينييه اللتي تتناحر عموديا وافقيا ووطنيا مع برامج سياسيه فصائليه اخرى من بينها برنامج حماس السياسي [هل هذا البرنامج ثابت ام انتها زي , فهذا موضوع اخر؟] على اساس السلطه والسيطره على مناطق الضفه والقطاع في ظل وجود الاحتلال الاسرائيلي وسيطرته الجغرافيه والاقتصاديه على هذه المناطق من جهه وعلى اساس اتفاقيات اوسلو وشروط "اللجنه الرباعيه" الامبرياليه الذي يرأسها بالاصل مجرم حرب يُدعى توني بلير معادي لكل ماهو عربي ولكل ماهو حق فلسطيني وعلى راسه مُعاداة توني بلير السافره لحق العوده الفلسطيني في حين انه مستميت في عملية اجبار حماس على الاعتراف بوجود اسرائيل كما فعل فصيل فتح التي تحكم رموزه اليوم في منطقة " خضراء" رام الله من جهه ثانيه,, و بالتالي لاحظوا معنا هنا ان الخلل الاول في محادثات القاهره هو ان هدفها اعادة السلطه " الخضراويه" الى ما كانت عليه في عام 2007 حين سيطرت حماس على قطاع غزه وقامت بطرد سلطة اوسلو من القطاع, و في المقابل عززت سلطة اوسلو[ عباس] سلطتها في الضفه الفلسطينيه, بمعنى عودة الوضع الفلسطيني الى المربع الاول ومصدر الخلافات: الخلاف بين نهج اوسلو الفاسد والعاجز وبين نهج حماس التي لاتعترف باوسلو وليست عضوه في منظمة التحرير الفلسطينيه!!.... إذاً : الخلل الاول: يكمن في مكمن غياب رؤيه وطنيه فلسطينيه مشتركه تتجاوز مرجعية اوسلو وتداعياتها المدمره على كامل مكونات القضيه الفلسطينيه والمطلوب ليست تغيير الوضع السياسي في غزه اولا لابل المطلوب بالحاح وكضروره وطنيه قسوى هو التغيير الشامل في رام الله قبل غزه حتى يتم الاتفاق على ارضيه فلسطينيه وطنيه مشتركه, بمعنى واضح: طالما النهج الفلسطيني التفريطي في رام الله يسير في نفس المسار الحالي[ مسار اوسلو] لن تتحق لا الوحده الفلسطينيه و لا الحقوق الفلسطينيه:: مرجعية اوسلو وشروط الرباعيه التي تعترف بها سلطة عباس هُما اللذان سبَّبا الانقسام الفلسطيني الفصائلي الحاصل الذي كانت احد افرازاته الخطيره هو التهاء الفلسطينيون بالصراع على سلطة الوهم وترك ايادي اسرائيل حره طليقه ليست في العدوان على غزه كما جرى مؤخرا لابل في تكثيف الاستيطان وتدمير عروبة القدس الذي يزعم الزاعمون والكذابون بانها ستكون عاصمة دولة فلسطين و مرجعية اوسلو...هراء وكذب!!
من الواضح ان هنالك كمائن ومطبات سياسيه كثيره تكمن في طريق الوحده الفلسطينيه و مطلب رؤية توحيد المطالب الوطنيه الفلسطينيه في قالب واحد ومرجعية واحده, ويخطأ من يظن ان من يحكمون في وكر رام الله تحكمهم مرجعية منظمة التحرير الفلسطينيه, والحقيقه هي ان االذي يحكم ويدير شؤون المقاطعه في رام الله هم فصيل فتح وليست منظمة التحرير الفلسطينيه لابل انه ليست كل فتح[ جزء كبير من اعضاء منظمة فتح لا يتفق مع نهج من هُم اليوم مًوكَّرون في مقاطعة رام الله] هي الحاكمه في رام الله وراضيه بالوضع الفلسطيني الراهن, وعليه يترتب القول ان الذي يحكم في رام الله جزء من فصيل فتح و ليست منظمة التحرير الفلسطينيه ولا هذا ايضا الذي يحكم في غزه تحكمه مرجعية منظمة التحرير, بمعنى ان اللذان يحكمان[ شكليا] في قطاع غزه والضفه الفلسطينيه هما فصيلان فلسطينيان اساس حكمهُما وسلطتهما هو الانتخابات التشريعيه المنبثقه عن اتفاقية اوسلو ولا صله لهم بمنظمة التحرير كهيكل وكمرجعيه[ منظمة التحرير هي مظله وسقف لعدة فصائل فلسطينيه تكونت منها المنظمه على اساس الوفاق و الميثاق الوطني الفلسطيني1968], ولا حظوا معنا هذه المفارقه: ان الفصيلان المتناحران[ فتح وحماس], احدهما شطب وشوهه الميثاق الوطني الفلسطيني في عام1998 [ وليمة كلينتون] وبهذا فقد شرعيته الوطنيه وعضويته في المنظمه وتمثيله للشعب الفلسطيني والاهم من هذا وذاك هو انه لا يمكنه اليوم الاختباء وراء منظمة التحرير كتبرير لشرعية وجوده السياسي,, والاخر[حماس] لم يكن[ تكن] اصلا عضوا في منظمة التحرير والمفارقه انه استمد شرعية وجوده السياسي[ كسلطه] في غزه من انتخابات تشريعيه كانت وما زالت مرجعيتها اتفاقية اوسلو وذلك بالرغم من ان حماس[اعلاميا] ترفض مرجعية اوسلو جملة و تفصيلا!!, وعليه يترتب القول ان الخلل الثاني يكمن في ان من هُم اليوم في السلطه سواء في غزه او رام الله ليست اعضاء في منظمة التحرير الفلسطينيه, وبالرغم من تعدد الاسباب واختلافها هنا, الا ان الاثنان مطالبان اليوم بتخليهُم عن ثوبهم ومرجعيتهم الفصائليه والاوسلويه والانضمام الى منظمة التحرير الفلسطينيه بميثاقها الاصلي[1968] كمرجعيه وطنيه فلسطينيه تضمن كامل الحقوق الفلسطينيه,,.. ببساطه وحتى تكون هنالك وحده وطنيه فلسطينيه حقيقيه لابد ان تكون مرجعية سقف وهي باعتقادنا موجوده وهي منظمة التحرير وميثاقها العتيق ... لاحظوا معنا وللتاريخ والامانه التاريخيه في توثيق الامور وهي ان من تكالبُوا على الميثاق الفلسطيني عام 1998 لم يلتزموا حتى بقرار باطل وهو اعادة صياغة الميثاق الوطني؟ حيث ورد هذا القرار في جلسة وليمة كلينتون1998 والقائل:" يُكلف المجلس الوطني الفلسطيني اللجنة القانونية بإعادة صوغ الميثاق الوطني ويتم عرضه على المجلس المركزي في أول اجتماع له."..... ماجرى منذ ذلك الحين هو اكثر من استهتار:: وبما ان اعادة صياغة الميثاق من قبل اللجنه القانونيه لم تجري, فهذا يعني امرين:: اما ان الميثاق اصبح ملغي بالكامل او ان ما جرى عام 1998 غير ساري المفعول وغير قانونيا, اي ان الميثاق الوطني الفلسطيني باقي او بقي كما هو!!
هنالك مكمن اخر من مكامن الخلل في الوضع الفلسطيني الراهن وهو مكمن مهم وفي غاية الاهميه واذا لم يتم التعامل معه بجديه وبشكل جذري فلن يكون مصير الاتفاقيات الفلسطينيه المنبثقه فرضيا عن محادثات القاهره سوى مصير ما سبقها من اتفاقيات بين حماس وفتح لم تصمد طويلا واوصلت الحاله الفلسطينيه الى ماهي عليه اليوم من اسوأ من سئ... وعليه بالامكان القول ان الخلل الثالث يكمن في تحديد نوعية الخلاف الحاصل بين حماس وفتح وخاصة في مجال رؤية واستراتيجية كيفية تحرير الوطن الفلسطيني و تحصيل الحقوق الفلسطينيه, في حين ترى حماس ان خيار المقاومه المسلحه هو خيار مركزي بجانب خيارات اخرى لابد منه في النضال ضد الاحتلال الاسرائيلي, بينما لايرى التيارالفتحاوي العباسي سوى خيار التفاوض السلمي مع اسرائيل كخيار وحيد ويرفض المقاومه العسكريه ضد الاحتلال الاسرائيلي وبالتالي لابد من ان يرسي القرارالوطني الفلسطيني على شاطئ نضالي مستفيدا من فشل " السلام المزعوم" ومن اكذوبة مقولة "كبير المفاوضين الفلسطينيين" والذي بالرغم من كُبر اسمه وتسميته لم يُحصل في المفاوضات مع اسرائيل سوى اصغر الامور واتفهها "" ضمان بقاء سلطة اوسلو من قبل اسرائيل", ناهيك عن انه في زمن "كبير المفاوضين" كبرت وتوسعت المستوطنات الصهيونيه اضعاف الاضعاف مقارنة بما كان عليه وضعها قبل عام 1993 ليست في الضفه فقط لابل وصلت الان الى حد تدمير احياء عربيه كامله في القدس.. والسؤال المطروح : هل بامكان النهج التفريطي الفلسطيني ان يُغير خيَّاره السياسي الوحيد في التعامل مع اسرائيل ويستحدث خيارات وطنيه نضاليه اخرى تنسجم مع المطالب الجماهيريه الفلسطينيه وتناسب مرحلة مابعد فشل كبير المفاوضين الفلسطينيين في تحصيل سوى الوهم والسراب والمزيد من المستوطنات والاستيطان الصهيوني؟!!... تقييم الوضع الفلسطيني من جديد على اساس فشل عملية السلام والاستسلام وانتهاء مرحله وبداية مرحله اخرى في التاريخ الفلسطيني المناضل.. مرحلة الاقرار بفشل "سلام الشجعان" كمرحله منتهيه والبدء بمرحله جديده ومقومات نضاليه فلسطينيه جديده!!!
لاحظوا معنا الخلل الرابع الكامن في التناقض بين دعاية السلام وثقافة الاستسلام الفلسطينيه وثقافة العنف والحرب الصهيونيه اللتي تستعمل قتل الفلسطيني كماده دعائيه للانتخابات الاسرائيليه, بمعنى واضح : كيف يمكن التوفيق بين ان عملية ذبح غزه وتدميرها كانت المنطلق لانتخاب وتشكيل حكومة اسرائيل القادمه التي من المفروض ان تتفاوض مع السلطه الفلسطينيه حول السلام.؟؟!... امر عصي على الفهم : ان ينحط التفكير السياسي الفلسطيني الى هذا الحضيض,, والامر الامَّر من هذا: ان الاسرائيليون ونتنياهو وباراك وليفني واضحون ومتحِدون ومتفقون جميعا على تهويد واحلال واحتلال كامل فلسطين,, بينما الفلسطينيون مختلفون ويراهن بعضهم على السلام!... السلام مع من؟؟؟
الحقيقه المره ان التناحر والتنافر بين اطراف الفصائليه الفلسطينيه, تناحر وتنافر حقيقي وعميق مهما حاول الوسيط المصري المزعوم[ وسيط هنا كلمه مطاطيه وارتوازيه ولربما سمفونيه فارغه... اسمع كلامك يعجبني واشوف افعالك في معبر رفح اتعجب!....فل يفتح الوسيط النزيه اولا معبر رفح؟!] ترقيع الامور وانتاج واخراج اتفاقيات ورقيه لن تصمد طويلا... وياريت تصمُد:: ونحن نتمنى الوحده الفلسطينيه من اعماق قلوبنا , ولكننا على يقين ان اثنان لن يلتقيان في الهدف وهُما وجود السلطه الفلسطينيه الوهميه بشقيها في غزه والضفه من جهه ووجود مشروع وطني فلسطيني وحدوي وتحرري من جهه ثانيه وبالتالي اساس الوحده في القاهره فاشل وموؤود في مهده لان الحاصل هو النقاش على[ ومع] سلطة وهِم وليست وطن فلسطيني!!::: الخلل الخامس يكمن في قاعدة واسس الحوار الفلسطيني الجاري في القاهره, وهي اسس وقواعد مغلوطه و ستزيد الطين بله بعد حين وقبل ان يجف حبر اتفاقية القاهره ان حصلت!!!
هنالك مقوله بدويه تقول : اقعُد اعوَّج[ مش مهم]...بس احكي عدِل[ دوغري] !!والسؤال المطروح هؤلاء الذين يتحاورون في القاهره باسم الشعب الفلسطيني؟ هل يقعدون ويجلسون اعوج ويحكون عدل وما هو خير او يُبشر بالخير بالنسبه للشعب اللفلسطيني؟!!.. هذا ما نتمناه ,وهذا ما طال انتظاره من قبل الشعب الفلسطيني!!....يا سيداتي سادتي:: لابد من تشخيص مكامن الخلل الوطني الفلسطيني حتى نعالج الحاله الفلسطينيه الوطنيه بشكل جذري, وبالمناسبه االشعب الفلسطيني الذي ينتظر الفرج والوحده الفلسطينيه ليست فقط في الضفه وقطاع غزه لابل في كامل فلسطين والمهجر والمخيمات الفلسطينيه واللاجئين الذين هم لب واصل القضيه الفلسطينيه!!
كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع , ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه
www.deyaralnagab.com
|