logo
القضيه الفلسطينيه ومسلسل انتظار نتائج الانتخابات الامريكيه والاسرائيليه!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 7.6.08

لقد مرت القضيه الفلسطينيه منذ القرن الماضي وحتى يومنا هذا بمنعطفات تاريخيه كثيره ومتعدده, الا ان الوضع الفلسطيني السياسي العام قد بدأ يتدهور نحو الاسوأ منذ عقد اتفاقية اوسلوعام 1993 وحتى يومنا هذا, حيث تم اختزال وقولَبَت القضيه الفلسطينيه في قالِب جديد ومُحدد بين لعبة التفاوض الوهمي على مساحة مناطق وصلاحيات السلطه الفلسطينيه ولعبة انتظار نتائج الانتخابات الامريكيه والاسرائيليه, حيث ما ان تنتهي انتخابات رئاسيه امريكيه حتى تأتي الانتخابات البرلمانيه الاسرائيليه[ في وقتها ودورتها العاديه او من خلال ازمه اسرائيليه داخليه تتطلب انتخابات جديده كما هو حاصل في الوقت الراهن] وهكذا دواليك منذ عقود مضت راهنت فيه اسرائيل وامريكا على المماطله وكسب الزمن الكافي لفرض اسرائيل واقع احلالي واحتلالي على الارض الفلسطينيه من جهه والرهان على اجراء مفاوضات وهميه بين جماعة اوسلو الفلسطينيه وبين اسرائيل كما جرى في الماضي وكما هو جاري في الوقت الراهن من جهه ثانيه وبالتالي يبدو بوضوح ان القضيه الفلسطينيه قد وقعت بالكامل في شرك لعبة الانتخابات الامريكيه والاسرائيليه ووهم المفاوضات الوهميه بين فترات الرئاسه والانتخابات الامريكبه والاسرائيليه كما هو حاصل الان في فترة الانتخابات الرئاسيه الامريكيه وضرورة ان ينتظر الفلسطينيون اكذوبة ووهم نتائج الانتخابات الامريكيه وانتخاب رئيس امريكي جديد حتى تتجدد المفاوضات المزعومه بين الفلسطينيين والجانب الاسرائيلي!!... منذ اوسلو: انتظر الفلسطينيون انتخاب كلينتون مرتين وانتخاب بوش مرتين[ مجموع 16 عاما من الانتظار والوهم] ومنذ ذلك الحين انتظر الفلسطينيون وابل من الانتخابات الاسرائيليه, ولم يحدث شئ وها هي لعبة الانتخابات ومفاوضات الوهم مستمره وفي نفس الوقت اسرائيل مستمره بوتيره مكثفه في تهويد الضفه والقدس وكامل فلسطين كتحصيل حاصل وامر واقع .. وانطُر يا بَعِير حتى يأتيك الشعير!!!
منذ مطلع القرن الماضي وحتى يومنا هذا ظلت فلسطين بسبب موقعها الجغرافي والاستراتيجي الواقع في مركز وقلب العالم العربي في مرمى الاستراتيجيه الامبرياليه الامريكيه والصهيونيه الهادفه الى السيطره على العالم العربي من خلال زرع كيان ديموغرافي وعسكري موالي للغرب في قلب الوطن العربي المتمثل جغرافيا في فلسطين اللتي لم يكن استعمارها استعمارا كلاسيكيا عاديا لابل كان وما زال استعمارا واستكبارا استيطانيا واحتلاليا واحلاليا هدفه الرئيسي والمركزي هو طرد الشعب الفلسطيني واحلال اللمم الصهيوني مكانه جغرافيا وديموغرافيا, وبالتالي اخطأ من ظن ان الغرب وامريكا على وجه التحديد بامكانها ان تكون راعية مفاوضات سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين, وهي التي دعمت وتدعم جميع اشكال الاحتلال والغطرسه الاسرائيليه على مدى عقود من الزمن, وما حديث بوش امام الكنيست الاسرائيلي بمناسبةستينية الكيان الاسرائيلي الذي اُنشأ على الارض الفلسطينيه وعدم تطرقه الى النكبه الفلسطينيه الا دليل قاطع على كذب ووهم ما يسمى بالمفاوضات الفلسطينيه الاسرائيليه من جهه ودليل على ان امريكا واسرائيل وجهان لعمله واحده ويراهنان على كسب الزمن من خلال لعبة المفاوضات والانتخابات!!
من هنا وتحديدا بعد نهاية الحرب العالميه الثانيه وبداية نهاية الاستكبار البريطاني في فلسطين, وخروج بريطانيا منهكه عسكريا وسياسيا من الحرب العالميه , وبروز امريكا كقوه عالميه,, برزت في نفس الوقت معالم واسس التحالف الصهيوني الامريكي الذي تجلى واضحا بنقل مقر الوكاله اليهوديه في منتصف الاربعينات من القرن الماضي من بريطانيا الى امريكا حيث بدّأ الانحياز الامريكي للصهيونيه ومشروعها الاستيطاني والاحلالي في فلسطين خطواته المتسارعه من خلال تأييد الرئيس الامريكي انذاك روزفلت وخلفه ترومان الذين وعدا الحركه الصهيونه في المساعده على انشاء دوله يهوديه صهيونيه على ارض فلسطين.. منذ هذا التاريخ وتحديدا منذ عام 1944 اصبح مصير الشعب الفلسطيني والا رض الفلسطينيه قضيه امريكيه داخليه مرتبطه بالمزاوده على من يدعم التوجهات الصهيونيه اكثرعلى اساس من يُجحف اكثر بحق الشعب الفلسطيني في تأييده لاسرائيل والصهيونيه حتى يكسب هذا المرشح الرئاسي او ذاك دعم اللوبي الصهيوني في امريكا, وهذا مايعني امريكيا ان الاجحاف بالحق الفلسطيني والامعان في تاييد الصهيونيه واسرائيل هو المفتاح الذي يفتح ابواب البيت الابيض لهذا المرشح لرئاسة امريكا او ذاك[ لافرق هنا بين ديموقراطي اوجمهوري], وهذا هو الموقف الامريكي الرسمي والثابت منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا وقد رسم معالمه الرئيس الامريكي الاسبق روزفلت بوضوح حين صرح في اكتوبر لعام 1944 في حديث امام حشد من الدبلوماسيين الامريكان المعتمدين والعاملين في العالم العربي يشرح فيه روزفلت موقفه من الصهيونيه والشعب الفلسطيني :" يؤسفني ايها الساده بالقول بأنه لا يوجد لدي مئات الالاف من الناخبين العرب في امريكا,, لذلك فأنني مُجبرعلى أن اخذ بالاعتبار موقف مئات الالاف من الناخبين اليهود الذين يصبون الى نجاح المشروع الصهيوني في فلسطين"".............. لم يتغير الموقف الامريكي من دعم المشروع الصهيوني في فلسطين على حساب هضم حقوق الشعب الفلسطيني منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا, حيث تنافس سابقا وحاضرا جميع رؤساء امريكا ومرشحيها للرئاسه على من يقدم اكثر دعما لاسرائيل من جهه ومن يُقوم بتقزيم القضيه الفسطينيه ويجحف اكثر بحق الشعب الفلسطيني من جهه ثانيه وبالتالي انسجام امريكي كامل مع السياسه الاستيطانيه والاحلاليه الاسرائيليه رغم شعارات الكذب اللتي تروج لها امريكا دوما بكونها "" وسيطة سلام" لابل ان اوسلو وكلينتون اسقطا القضيه الفلسطينيه في مستنقع تاريخي وخيم ينسجم مع التوجه الامريكي العام اللذي يرى في الشعب الفلسطيني قضيه مشابهه لقضية الهنود الحمر في امريكا الذين يتمتعون وهميا بحكم ذاتي ورئيس سلطه ومحميات طبيعيه تابعه لحدود وادارة الفيدراليه الامريكيه!... الوضع الفلسطيني الراهن في ظل الاحتلال الاسرائيلي قريب من وضعية الهنود الحمر في امريكا..!!
من اللافت للنظر وتحديدا منذ مؤتمر مدريد 1991 [ بعد نهاية العدوان الامريكي الاول على العراق] هو ربط القضيه الفلسطينيه والقضايا العربيه عامه بمسلسل الانتخابات الامريكيه والاسرائيليه من جهه والمفاوضات الوهميه ومن ثم استمرار المفاوضات بهدف المفاوضات ونتا ئجها الهزيله كاوسلو مثلا من جهه ثانيه وبالتالي تهميش القضيه الفلسطينيه من خلال لعبة الانتظار في اروقة تاريخ وتواريخ نتائج الانتخابات الاسرائيليه والامريكيه[ فيما بعد دخلت الاتتخابات الفلسطينية ساحة اللعبه].. تارة ننتظر نهاية كلينتون واخرى نهاية بوش وانتظار رئيس امريكي اخر وهكذا دواليك...بالمناسبه روجت وما زالت تروج وسائل الاعلام العربيه الرسميه لطبيعة وروتينية هذه اللعبه, ولاحظوا معنا كيف روج النظامان السعودي والمصري للعبة المفاوضات والانتخابات حيث دعما بوش في عملية احتلال العراق وتدمير الشعب الفلسطيني وحصار غزه,, ومن ثم ودَّع بوش حلفاءه في وكر شرم الشيخ قبل عدة اسابيع من وكر التامر العربي بخفي حنين,,,,, لنقرأ في الصحافه العربيه والمصريه.::..ان بوش منتهيه ولايته وينتظرون الرئيس الامريكي القادم ليحرك عملية السلام المزعومه..... لاتنسوا طبعا الدمار الهائل الذي تعرض له العالم العربي وخاصة العراق وفلسطين خلال ثمانية سنوات من حكم بوش المجرم,, خليفة كلينتون المخادع الذي حمل الفلسطينيون عام 2001 مسؤؤولية فشل محادثات كامب ديفيد في عملية التغطيه الامريكيه على العدوان الاسرائيلي على المناطق الفلسطينيه وسقوط الالاف من الشهداء والجرحى الفلسطينيين منذ بداية انتفاضة الاقصى وحتى يومنا هذا لابل ان ياسر عرفات الذي وقَّع في زمن كلينتون على معاهدة سلام مزعومه مع اسرائيل قد حوصر و قُتل في عهد بوش وبغطاء امريكي, والاتي في ظل الرئيس الامريكي القادم كما يبدو أعظم!!.... سخرية التاريخ والمفارقه ان بوش اوعد بقيام دوله فلسطينيه, فقام بتدمير بدولة العراق العربيه ولم تقم الدوله الفلسطينيه!!...جماعة حيص بيص الفلسطينيه الاوسلويه مشغوله منذ زمن بالحكومات والانتخابات الامريكيه والاسرائيليه والفلسطينيه وخروج غزه عن سيطرة وكلاء امريكا,, في دولة بوش الوهميه الذي يتلوى في احشاءها الجغرافيه جدار العزل الاسرائيلي!!!!
من الواضح ان استراتيجية الانتظار وكسب الزمن لصالح اسرائيل ومشاريع التهويد وفرض الوقائع على الارض الفلسطينيه ستستمر, وبعد اشهر ستكون انتخابات امريكيه ومن بعدها ستكون انتخابات اسرائيليه ولربما بعدها انتخابات حيص بيص الفلسطينيه, وهكذا دواليك:: الانتظار الى الابد وحتى كلمة ومثل لاحق العيَّار لباب الدار لم تعد تنفع لانه ببساطه الانتظار الفلسطيني الطويل وان بقي على هذا المنوال لن يجد لا الدار ولا باب الدار حتى يُلاحق العيَّار..الاستيطان والتهويد الصهيوني الزاحف على الارض الفلسطذينيه هو العيَّار الذي يصبو الى تدمير الدار والديار الفلسطينيه!!!.. انطر يا ناطور من انتخابات الى انتخابات ومن مفاوضات الى مفاوضات والسؤال المطروح: الى متى سيظل الفلسطينيون اسرى لعبة الانتخابات الامريكيه والاسرائيليه,, ولعبة جماعة حيص بيص الاوسلويه!؟؟

*الكاتب : باحث علم إجتماع ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه

www.deyaralnagab.com