logo
عرب ال 49 !!؟

بقلم : د. شكري الهزَّيل ... 28.6.08

منذ امد ونحن نحاول تخطي عقبة الارقام والترقيم والتاريخ والتواريخ والاسماء والمسميات التي فرضتها اسرائيل ومشتقاتها على االشعب الفلسطيني والارض الفلسطينيه, حيث قامت اسرائيل ليست باحتلال الارض الفلسطينيه جغرافيا وديموغرافيا فقط لابل قامت بتغيير معالم االبلاد واسماء المواقع والمدن والقرى الفلسطينيه وحولتها الى عبريه وصهيونيه, وما لم تتمكن اسرائيل من تغييره قامت بتحريفه او قامت باضافة مستوطنه ملاصقه للمكان والقريه والمدينه العربيه واعطتها اسم يوحي وكأنها جزء من المكان منذ امد طويل, وهكذا للمثال صارت ""الناصره العليا" تبدو وكأنها جزء من الناصره العربيه والعريقه رغم انها مشروع استيطاني صهيوني أُسس على اساس حصار الناصره والقرى العربيه المجاوره والاستيلاء على اراضيها,, وهكذا صارت هناك ايضا عكا وعكا الجديده[ اليهوديه], وحيفا الجيتو العربي وحيفا اليهوديه واالرمله الجيتو والرمله اليهوديه وهكذا دواليك الى حد ان اشارات ولافتات المرور والسير المثبته على الشوارع في فلسطين قد كتبت عليها اسماء مدن عربيه عريقه باللغه العربيه العبريه توحي وكأن بئر السبع مثلا بير شيبع ويافا يافو وعكا وعكو وغيرهما الكثير في بيئه احتلاليه واحلاليه معاديه ومعاكسه للتاريخ والتراث الفلسطيني لابل ان اسرائيل تسعى بطريقه مبرمجه لمحو وتشويه صورة كل ماهو فلسطيني على الارض الفلسطينيه سواء على مستوى المكان او الانسان او الجغرافيا والديموغرافيا وبالتالي ماجرى منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا ان الصهيونيه الاسرائيليه قد استبدلت اكثرية اسماء المواقع و والجغرافيا الفلسطينيه باسماء عبريه ويهوديه ناهيك عن محو اثار وتدمير الاف القرى والمدن والمواقع في الديار الفلسطينيه وبناء مستوطنات يهوديه مكان المدن والقرى الفلسطينيه المدمره الى حد ان المقابر الاسلاميه والمسيحيه العربيه الفلسطينيه لم تسلم من جرافات وبلدوزرات الاستيطان الصهيوني لابل ايضا احتى الاكلات والماكولات الشعبيه الفلسطينيه قد تعرضت للسرقه واصبحت بين ليله وضحاها مأكولات اسرائيليه تشارك فيها اسرائيل في معارض دوليه!!
لم يتعرض شعبا في العالم لما تعرض له الشعب الفلسطيني من تقطيع اوصال وتزييف تاريخ وهويه واقتلاع ديموغرافي وجغرافي ودمار اقتصادي وسياسي مبرمج قامت اسرائيل بصناعته وبرمجته بهدف الاستيلاء على الارض الفلسطينيه والسيطره على الشعب الفلسطيني بشكل عام والشعب الفلسطيني المتواجد في فلسطين التاريخيه بشكل خاص وبالتالي ما قامت به اسرائيل والصهيونيه منذ قرن من الزمان هو المحاوله المستمره لطمس معالم فلسطين من خلال طمس معالم الهويه الوطنيه والجغرافيه والحضاريه الفلسطينيه ,, وهذا مايعني ان ما جرى ويجري ان الصهيونيه اعتمدت استراتيجية الاحتلال والاحلال والتشتيت والتضليل في محاولتها لمحو كل ماهوتاريخ فلسطيني على ارض فلسطين,, ولذلك جاءت التسميات الصهيونيه لقطاعات الشعب الفلسطيني[ عرب اسرائيل.. اقليات...يهودا والسامره ] مندمجه مع الاستراتيجيه الصهيونيه الهادفه الى ترسيخ اسماء وتسميات صهيونيه ليست في ذهن اليهود فقط لابل العرب ايضا والعالم ككل, ولكن مايتعلق بفلسطيني الداخل الذين بقوا في وطنهم بعد النكبه عام 1948 ,, حاولت اسرائيل منذ البدايه [ 1948] خلق هويه مزيفه ومشوهه لهذا الجزء من الشعب الفلسطيني سواء من خلال التضليل والترويض والقمع او من خلال برامج ومناهج التعليم المخصصه للمدارس العربيه الفلسطينيه في الداخل واللتي تهدف بطريقه ممنهجه لاسرلة وتغريب الطلاب والاجيال الشابه من الفلسطينيين من خلال تشويه التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا على اساس ان كل شئ في فلسطين هو تاريخ اسرائيلي واسماء اسرائيليه ولا يوجد شئ اسمه فلسطين او شعب فلسطين تواجد على الارض منذ قرون قبل عام 1948 !!
من هنا وما يتعلق بفلسطيي الداخل [ سبق وان نشرنا مقاله سابقه حول عناصر واساليب استراتيجية السيطره الاسرائيليه نحو فلسطينيي الداخل] وتحديدا عملية اطلاق الاسماء على هذا القطاع الكبير من الشعب الفلسطيني [ مايقارب المليون وثلاثة مئة الف فلسطيني!], فهذه كانت اشكاليه منذ نشأة اسرائيل على الارض الفلسطينيه وطرد اكثرية الشعب الفلسطيني من وطنه وبقاء 160000 فلسطيني داخل فلسطين وداخل كيان الدوله الاسرائيليه الاحلاليه والاحتلاليه التي اقيمت على التراب الفلسطيني, بمعنى ان ماجرى هو ان الذين بقوا عام 1948 داخل هيكل وكيان اسرائيل هم ابناء البلاد الاصليين وهم ليست اقليه لا طبيعيه ولا عرقيه ولا اثنيه تشكلت عبر مسار او احداث طبيعيه [ هجره او كوارث], لابل ماجرى ان الدوله الاسرائيليه الجاهزه [الكرفان والمستوطن اليهودي] والقادمه من الخارج جاءت على اساس فرض وجود اكثريه صهيونيه على وجود اكثريه فلسطينيه في وطنها من خلال الطرد والاحلال والاحتلال, بمعنى ان ما جرى في عام 1948 لايمكن اعتباره بامر طبيعي او اساس علمي تاريخي لتشكُل الاقليات في العالم وعبر التاريخ [ من خلال الهجره او الكوارث الطبيعيه الخ] , حيث قامت العصابات الصهيونيه مدعومه من الغرب بفرض واقع غير طبيعي ومشوه, حيث اصبح اهل البلاد الاصليين بين ليلة وضحاها اقليه بين اكثريه مستورده من الخارج سعت وما زالت تسعى للقضاء على كل مايمت لهوية فلسطينيي الداخل من خلال انكار وجودهم وتسميتهم باسماء اسرائيليه او غيرها لا تشير لاصلهم وهويتهم الفلسطينيه وانتماءهم للشعب الفلسطيني وبالتالي ما جرى هو ان وسائل الاعلام والاحصائيات الاسرائيليه الرسميه تتطرق فقط لوجود اقليات [ ميعوطيم] من المسلمين والمسيحيين والدروز والبدو وغيرهم من القطاعات الفلسطينيه التي تنكر وجودهم اسرائيل وتتنكر حتى لجذورهم التاريخيه من جهه وتحاول فرض هويه اسرائيليه مزيفه على هؤلاء الفلسطينيون من جهه ثانيه... اسرائيل سعت وتسعى لمحو الهويه الفلسطينيه وزرع الهويه الاسرائيليه في نفسية وكيان فلسطينيي الداخل من خلال اساليب كثيره سواء مناهج التعليم او التسييس[ احزاب وهميه وحق التصويت و اعضاء عرب في الكنيست الاسرائيلي الخ من اكاذيب], ولكن السؤال المطروح:: من هو الذي اطلق مصطلح وتسمية عرب ال48 على فلسطينيي الداخل الذين كانوا وما زالوا يعيشون على ارض فلسطين جغرافيا وداخل كيان اسرائيل قسريا!!؟
الاجابه على السؤال اعلاه تتطلب اولا القول والاعتراف ان اروع وافضل امر حدث عام 1948 هو بقاء هذا الجزء من ا الشعب الفلسطيني على ارضه ونضاله منذ ذلك الحين على وجوده وتأكيده على هويته الفلسطينيه وتشبثه بوطنه على عكس من ظنوا من عرب الجهل والمحط انذاك ان هذا الجزء من الشعب الفلسطيني بقي في اسرائيل وصار اسرائيلي او اطلقوا عليه اسم عرب اسرائيل على حد زعم اسرائيل وزعم الجهل واالتواطؤ العربي الاقليمي وبالتالي لابد من االتاكيد على ان هذا الجزء من الشعب الفلسطيني قد ناضل وما زال يناضل بكل اشكال النضال من اجل القضيه الفلسطينيه ونصرة الحق اللفلسطيني ومن اجل الحفاظ على هويته الفلسطينيه امام هجمه صهيونيه متواصله على الوجود الفلسطيني منذ ستون عاما...هذا الجزء من الشعب الفلسطيني هو الذي ناضل من اجل الارض واحيا وانشأ يوم الارض الاول عام 1976., لكن لالاسف اسرائيل ترمي بمصطلحاتها التشويهيه من "عرب اسرائيل" الى اقليات والاعلام العربي يتبعها في الترويج لهذا التضليل والتغريب,, وكأن الامر قضيه بضاعه اسرائيليه تعتبر الفلسطينيون في الداخل مُلك لاسرائيل ومن انتاجها ومنتَّج يطلق عليه "عرب اسرائيل", وذلك بالرغم من وضوح الصوره والمنبت وهي اننا ابناء فلسطين دما ولحما وتاريخا وحضارة وهوية ولغة وتراثا وجزء لا يتجزا من الشعب والتاريخ الفلسطيني, ولا نحتاج اضافة اسرائيل حتى نُعرف بعروبتنا ولا الرقم 48 حتى نكون عرب في فلسطين, ولا ادري لماذا الاصرار على اضافة الرقم ال48 على جزء من الشعب الفلسطيني المنكوب اصلا منذ عام 1948 واكثريته الساحقه مرتبطه بهذا التاريخ و اكثريته الساحقه ايضا بالاصل هي من فلسطين منا طق فلسطينيي الداخل, ولماذا تسمية عرب ال48؟؟ هل هو تخليد للنكبه المؤرخه اصلا في وجدان كل فلسطيني ام تعريف سياسي مزيف لجزء من الشعب الفلسطيني..... هل كُنا قبل عام 1948 عرب خا زستان او جليلستان او نقبستان حتى نصبح بعدم عام 1948 عرب ال48 وعرب اسرائيل واسرائيلستان؟...هل كُنا قبل عام ال1948 ليست عرب فلسطينيون واصبحنا بعد ذلك نحمل رقم تعريفي لعروبتنا وهويتنا الوطنيه!!؟.. ولماذا يتاجر البعض الفلسطيني بهذه التسميه الى حد مشاركته الموضوعيه اسرائيل وعرب الرده في التضليل الاعلامي حول الهويه الفلسطينيه العربيه لابناء الداخل الفلسطيني!!؟
يبدو جليا انه ان الاوان لاعادة النظر في امر وتسمية عرب ال48 اللتي توحي وكأن ابناء الشعب الفلسطينيي في الداخل ليست جزءا من الشعب الفلسطيني الذي يتعرض الى الظلم والاحتلال والاحلال ليست في مناطق واقاليم الضفه والقطاع لابل ايضا في مناطق فلسطين الداخل وداخل الكيان الاسرائيلي الذي يتعامل مع مناطق النقب والجليل في فلسطين بنفس الاسلوب الاحلالي والاحتلالي الذي يتبعه مع مناطق الضفه والقطاع في فلسطين, بمعنى واضح يبدو ان مصطلح ال48 قد تجاوز زمنه ومدته الاستهلاكيه سواء بحسن النيه او سوءها وعليه يترتب تجاوز الرقم 48 نحو الرقم49 ومابعده من سنين وحتى واقع 2008 الذي يثبت ان وجود خط اخضر وابيض واسود ورقم 48 مجرد وهم تاريخي تخطته الة الاستيطان والاحتلال الاسرائيلي منذ امد بعيد, حيث ان الممارسه الاستيطانيه الاسرائيليه على الارض لا تفرق بين الضفه والقطاع وبين الجليل والنقب والمستهدف هو الوجود الفلسطيني اينما تواجد على ارض فلسطين التاريخيه, وللمثال لا للحصر: لقد حولت اسرائيل المدن الفلسطينيه اللتي احتلتها عام 1948 الى اطلال وخراب وحوَّلت ما تبقى فيهامن فلسطينيين الى سكان جيتو بائس ومُحاصر,,, واسرائيل تمارس الاحتلال والاحلال في الجليل والنقب كما تمارسه في القدس, ومن الواضح ان لغة الارقام والترقيم لاتخدم سوى مصالح اسرائيل, وهذا ما يجعل فلسطينيي الداخل طبيعيا وتلقائيا ليست مجرد فلسطينيي ال48 ولا عرب ال48 لابل قضيه من قضيه وجزء من القضيه الفلسطينيه, بمعنى ان اصالة فلسطينيي الداخل تكمن في اصالة انتسابهم للقضيه الفلسطينيه تاريخيا وواقعيا وهم ليست مجرد عرب ال48 ولا عرب اسرائيل ولا مجرد اصوات لاعضاء كنيست "عرب" منتسبون لبرلمان اسرائيل دون الحصول حتى على مواطنتها القانونيه!, وهُم لا يهشون ولا ينشون و ليس بامكانهم وقف جرَّافه اسرائيليه واحده عن هدم بيت فلسطيني في الجليل او النقب او المثلث الجنوبي او الشمالي ,, وهُم [ اعضاء كنيست اسرائيل من العرب الفلسطينيين] بمثابة غطاء "" ديموقراطي وهمي" لعنجهية وسياسة اسرائيل الاحلاليه والاحتلاليه التي تمنح الفلسطينين في الداخل حق التصويت والترشيح وتسلبهم في المقابل من جميع حقوقهم الانسانيه والاجتماعيه والسياسيه, وتصادر اراضيهم وتهدم بيوتهم لابل ايضا تُهود مناطقهم الفلسطينيه من خلال الاستيطان اليهودي في مناطق التواجد الفلسطيني سواء في الجليل او النقب او وادي عاره الفلسطيني التي تنوي اسرائيل اقامة مدينه يهوديه على اراضيه الفسطينيه في حين تُحاصر فيه المدن والقرى الفلسطينيه في وادي عاره وتحُول دون تطورها الجغرافي والديموغرافي و الاقتصادي.......... الواقع هو الواقع والرقم 48 مردود على مُروجيه والشعب الفلسطيني في الداخل يُعاني الامَّرين من الاحتلال والاحلال الاسرائيلي شانه شان الضفه والقطاع وكامل الشعب الفلسطيني, وعليه يترتب ادراج قضية فلسطينيي الدا خل الفلسطيني في النقب والجليل ووادي عاره وكامل التواجد الفلسطيني في اطار القضيه الفلسطينيه والمؤسسات الدوليه على اساس ان اسرائيل دوله احلاليه واحتلاليه تتعامل مع الفلسطينيين في الداخل على اساس الاقصاء والاحلال والاحتلال,, وعليه يترتب على الفلسطينين انفسهم تجاوز الرقم 48 نحو واقع ممارسات اسرائيل في عام 2008... عرب ال49 تسميه مجازيه ويجب ان تكون بمثابة الخروج من دائرة ال48 نحو العوده الى جذور القضيه الفلسطينيه..تذكروا دوما اننا فلسطينيون وعرب بطبيعتنا ولغتنا وانتسابنا القومي العربي وليست عرب اسرائيل وليست عرب ال48 ولا فلسطينيو ال48 ...هذه ارقام والارقام لا تعبر عن الهوية الحضاريه والوطنيه للشعوب..!!

الكاتب : باحث علم إجتماع ومتخصص في قضايا عرب النقب والداخل الفلسطيني, ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه

www.deyaralnagab.com