logo
توطين الذاكره في ذهن من خانتهم الذاكره...عودة الشهداء والابطال الى الاضواء!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 27.7.08

كان للمكان والزمان هيبته وعبق رائحة الشهداء يفوح في افق ذلك المكان, هل تعرف اهمية هذا الدوَّار[ مفرق الطرق] سألني رفيقي, فأجبت بعدم التأكد من اهمية المكان, فقال لي ان هذا المكان هو مفرق دلال المغربي اللتي اختطفت الباص الاسرائيلي قبل عامين واستشهدت هنا في هذه المنطقه اللتي لا تبعد كثيرا عن شاطئ البحر ويطلق عليها الاسرائيليون اسم " هرتسليا" والمفرق اسم " الكانتر كّلاب" منطقة سياحيه, وهناك كان مكان عملنا كشباب صغار لمدة شهر في احدى الفنادق على الشاطئ ذاته كما عرفت فيما بعد, وكان علينا ان ننزل صباحا من الحافله التي تقلنا الى العمل ونغادر مساءا من نفس المكان ونفس المفرَّق والمنطقه التي حدثت فيها عملية الباص التي قادتها دلال المغربي, والحقيقه انني لم اعرف من قبل المكان ولا الزمان ولا دلال ولا دلالة الحدث التاريخيه, الا انني وعلى مدى شهر من الذهاب والاياب من نفس المكان والمفرق كنت اشعر برهبة المكان وخصوصيه ونوعية الحدث واتصور واتخيل كيف كان شكل دلال المغربي ورفاقها وماذا حدث بالضبط, وفي تلك الفتره بدأ نجم دلال واسمها يلمع في سماء فلسطين واعراس فلسطين واغاني فلسطين الى ان ترسخ اسم البطلة الشهيده دلال المغربي في عقل وبيت كل فلسطيني, وبقيت هكذا في الذاكره كرمز كبير تغيب وتظهر الى حين قرأت خبر بعد ثلاثة عقود من الزمن بان رفات الشهيده دلال المغربي سيكون ضمن صفقة التبادل بين حزب الله واسراويل!, وشعرت بالرعشة والرهبة والحزن ذاتها قبل عقود من الزمن وتساءلت عن هذه الجدليه الانسانيه والوطنيه وكيف تعود دلال حية ترزق الى الذاكره الفلسطينيه والعربيه بعد ثلاثون عاما من استشهادها ومن دفن جثمانها الطاهر في تراب فلسطين التي طلبت في وصيتها ان توارى الثرى فيه, ولكنها دفنت بايادي معاديه احتسبتها مجرد رقم في مقبرة " الاعداء" على حد زعم اسرائيل...ثلاثون عاما احتضن تراب فلسطين دلال المغربي اللتي نالت شرف الشهاده على ارض فلسطين التي صعدت بروح دلال ترفرف منذ ذلك االحين في سماء فلسطين كل فلسطين وفي سماء لبنان كل لبنان اللتي ولدت فيه دلال الفلسطينية اللاجئه, ومن ثم يعود اليوم جثمان دلال المغربي لاجئا قسريا مرة اخرى الى لبنان البطل بشعبه ومقاومته!!...يا لجدلية التاريخ وسخريته وايحاءه في ان واحد وكم من احداث حدثت بعد استشهاد دلال المغربي في عام 1978 وعلى راسها العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 1982 , ومجزرة صبرا وشاتيلا التي عصفت بارواح المئات والالاف من العائلات الفلسطينيه في هاذين المخيمين الفلسطينيين اللذان دُمرا فيما بعد... فيا ترى ماذا تبقى اليوم من مخيم صبرا مسقط راس دلال المغربيه؟!... مقابر الشهداء ومقابر الابطال يا دلال العائده من الوطن الى المنفى والقادمه انذاك قبل ثلاثون عاما من المنفى القسري الى الوطن السليب!!.. عائدة الى فلسطين وعائده الى لبنان.. المهم انكي عائده روحا وجثمانا الى الوطن العربي الكبير..عودة المناضلين والابطال والشهداء الى الاضواء...بلباسهم العسكري كما ذهب وعاد سمير القنطار بعد ثلاثون عاما من الاسر والنضال وما زال مناضلا ينطق باسم فلسطين:عائد الى لبنان حتى اعود لفلسطين "ما جئت إلى لبنان إلا لكي أعود إلى فلسطين"..كلمات القنطار بعد كسر قيده وفك اسره على يد المقاومه اللبنانيه االبطله....ثلاثون عاما من االتاريخ الحافل بالبطولات العربيه والفلسطينيه سقط ابانه الالاف من الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين والعرب ... حرب لبنان 1982 وتحرير لبنان 2000 ... الانتفاضه الفسطينيه الاولى 1987 وانتفاضه الاقصى عام 2000....شهداء دماء اعراس اشجان وبطولات وابطال وبطلات وما زالت الطريق طويله, وما زال من بيننا من خانته الذاكره حين خرج نظام كامب ديفيد عام 1979 من السرب العربي... وحين وقع المُهرولون والانبطاحيون على شرك ومصيدة "" اوسلو"" عام 1993 ومدوا اياديهم الى الايادي الملطخه بدماء دلال المغربي ودماء الشعب الفلسطيني,,, ويا للسخريه الكارثيه حين صارت اسرائيل في زمن الاوسلويين تُفرق بين اسير فلسطيني واخر يداه ملطخه بدم الاسرائيليين على حد زعمهم وزعم مشتقاتهم من فلسطينيون وعرب ومن نسيوا المناضلون والاسرى وعادوا الى رام الله وغزه ليعيثون فسادا واستسلاما في وطن لم يبقى سنتيمترا واحدا فيه من دون قطرة دم فلسطينيه او جثمان فلسطيني لابل وطن دُقت عظام اهله ومقابره تحت بيوت المستوطنين شركاء سلام وهم بوهم صار مصدر رزق لثلة من الفاسدين والخانعين المتقوقعين وراء الاستسلام كشعار تاركين الالاف الالاف من سجناء الحريه الفسطينيون يقبعون في سجون الاحتلال الاسرائيلي.... وكأن النضال الفلسطيني كله بكله يُسرَّق ويُباع في سوق النخاسين والدجالين في دولة رام الله المحتله.. لاحظوا معنا ان رام الله محتله وما بالكم دولة عباس وعريقات القادمه على وهم اوسلو والقائمه في سحاب واشنطن.. لاحظوا معنا مفارقات التاريخ والزمن وحتى لاتفوتني هذه الملاحظه ارجو ان تذكروها وتبقوها في وجدانكم:: من خلال بث قناة الجزيره المباشر لعملية تبادل الاسرى بين اسراويل وحزب الله في راس الناقوره اعاد مراسل الجزيره الفلسطيني ومذيعيها في الدوحه اثناء البث المباشر كلمة شمال اسرائيل الف مره وكأنهُم يريدون التأكيد والترسيخ في ان واحد على اسرائيليه شمال فلسطين...شمال اسرائيل كانت في كل جمله وبعد كل كلمه ينطق بها المراسل والمذيع,, ومن ثم كعادتهُم الساقطه يستضيفون الناطق باسم جيش اسرائيل حتى يشتمنا ويهيننا في عقر دارنا!!.. مُشاهدوا الجزيره هم العالم العربي والعرب وليست اسرائيل والاسرائيليين الذين لايشاهدون اصلا الجزيره!!... ماذا يريد هؤلاء؟ هل يريدون محو ذاكرتنا وترسيخ واقع السقوط الاعلامي والوطني... هؤلاء من اعلاميين واوسلويين وكامب ديفيديين وليبراليون مزعومون وعرب رده....هؤلاء جميعا يحتاجون الى اعادة زرع وتوطين الذاكره في وجدانهم المشوه وفي ذاكرتهم اللتي خانتهم حين قلبوا الضحية الى جلاد والجلاد الى ضحيه, وقلبوا الايادي الطاهره الى ايادي ملطخه بالدماء... على ايادي من يوجد بحار من الدماء؟.. على ايادينا ام على اياديهم التي هدرت وسكبت دماءنا على طول وعرض الوطن الفلسطيني والوطن العربي؟؟!!.. من قتل دلال المغربي عام 1978 وشد شعرها ونكل بجثمانها بعد استشهادها امام عدسات الكاميرات؟.. ومن نكل بالفلسطينيين في انتفاضة1987 وانتفاضة الاقصى 2000؟,, ومن قتل خليل الوزير[ ابوجهاد] عام 1988؟ .. وقبل هذا وذاك من قتل كمال عدوان ورفاقه في عام 1974 في بيروت؟. ومن قتل وجرح الاف من الفلسطينيون على مدى عقود من الزمن؟؟... اليس هو نفسه قاتل دلال المغربي الذي لايترك الاوسلويون الفلسطينيون فرصة الا ويمدون له اياديهُم كرجل سلام!...سبحان الله: قبل فتره كانت الاخبار تتناقل خبر قرب تحرير جثمان دلال المغربي من الاسر في حين تُلتقط صوره ليهود باراك ومحمود عباس وجلال طلباني في قمة الفرح والمرح!!... المطلوب اعادة توطين الذاكره في ذهن ووجدان من خانتهم الذاكره... البطله دلال المغربي كانت فتحاويه وخليل الوزير قائد اسطوري من قيادات فتح الذي ينتسب لها عباس رفيق "حمامة السلام" يهود باراك قاتل دلال المغربي وخليل الوزير واسراب من الفلسطييين.. وفي الوقت التي يستقبل فيه لبنان بعرس شعبي ورسمي مهيب الشهداء والابطال ومن بينهم رفات دلال المغربيه,, يجتمع الاوسلويون مع يهود باراك وما زال 12000 اسير فلسطيني يقبعون في سجون اسرائيل بينما " العائدون" الاوسلويون قد انتهوا للتو من نهب الوطن وبناء الفيلات و منهم من عاد بالغنائم الى الخارج ومنهُم من طرد من غزه المحاصره.. ومنهُم من نسي او تناسى حتى ان دلال المغربي قد حررها حزب الله و اقام لها حفل استقبال مهيب في لبنان المقاومه وليست في مقاطعة رام الله المُستسلمه والبائسه تاريخيا الى حد ان نقرأ الخبر التالي... نعم الخبر التالي حقيقي وهو ::: تُجري حركة فتح استعدادات لإقامة مهرجان مركزي في رام الله احتفاء بعودة رفات دلال المغربي إلى لبنان!... لاحظوا معنا العرس في لبنان والرزعه والهزعه في رام الله التي تحتفل بعودة دلال المغربي الى لبنان!!...عجيب : على علمنا ووعينا البسيط بالامور ان دلال ارادت العوده الى فلسطين وليست الى لبنان والمفروض بمن يحتفل في رام الله ان يحتفل بعودتها كمُساهم في تحرير جثمانها الى فلسطين وليس لبنان!!...لبنان المقاومه مشكور وهو الذي حرر جثمان دلال المغربي والاسرى الابطال..عودة الشهداء والابطال الى الاضواء وهذا العرس الوطني الكبير الذي جرى في لبنان المقاوم يجعلنا نطالب باعادة زرع وتوطين الذاكره في ذهن ووجدان من خانتهم الذاكره من فلسطينيون وعرب رده وسفهاء وتذكيرهُم بالاسرى الابطال القابعين في سجون الاحتلال الاسرائيلي منذ عقود ومرورا باوسلو واكذوبة اوسلو التي لم تنفع الا الساقطين والمنتفعين والانتهازيين...شتان بين من يمدون اياديهم ليد باراك واولمرت الملطخه بالدم الفلسطيني وبين من يحرر الاسرى والشهداء الابطال من براثين الاسر الاسرائيلي... تحيه للبنان االمقاوم والمقاومه اللبنانيه والوعد الصادق والخزي والعار لمن خانتهم الذاكره وخانوا دم الشهداء... هؤلاء وبإلحاح بحاجه الى عملية زرع وتوطين الذاكره في اذهانهم وعقولهم وتذكيرهم بذاكرتهم اللتي خانتهم.. لايحق لهم الاحتفال بانجاز ليس لهم وفاقد الشئ لا يمنحه للاخرين.. والابطال ودلال المغربي والشهداء عادوا الى بيروت ولبنان وليست الى رام الله المقاطعه ...خضراء رام الله... اكرر خضراء رام الله على وزن خضراء بغداد والصوره اللتي جمعت بين عباس وباراك والطلباني تعبر عن هذا الواقع المرير... رام الله وبيروت أختان توأمان في التاريخ والنضال والهويه كما هو الشعب الفلسطيني واللبناني... وين ع رام الله... ووين ع بيروت... واشهد ياعالم علينا وع بيروت التي غنت للابطال والشهداء ماضيا وحاضرا.. واشهد على رام الله ونابلس وجنين وغزه الصامده والمناضلين.. وتحية للشهداء والابطال الفلسطينيون واللبنانيون والعرب جمعاء..... والخزي كل الخزي والعار لخضراوات العالم العربي: من خضراء بغداد ومرورا بخضراء القاهره والرياض وحتى خضراء رام الله!!

*الكاتب : باحث علم إجتماع, ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه

www.deyaralnagab.com