logo
للعرب خمس دقائق إيرانية !

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 23.03.2009

اللمسات الأمريكية الناعمة على ظهر إيران بدلاً من تكوير القبضة الفولاذية في وجهها يعني إقراراً أمريكياً بالندية الإيرانية، وتسليماً بعجز القوة في ليّ عنق إرادة الشعب الإيراني الذي تحدى التهديدات الأمريكية طوال سنوات خلت، ولم يرتعب فزعاَ من الحشود العسكرية الضخمة في منطقة الخليج، ولم يعبأ بحاملات الطائرات التي تجوب المحيط، ولم يتراجع عن برامجه التطويرية رغم آلة الإعلام الأمريكي، والإسرائيلي التي حددت الفترة الفاصلة ما بين تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة، والإدارة القديمة كفترة تم تحديدها لشن الحرب الإسرائيلية على إيران، ولم يتأثر الشعب الإيراني بالتقارير الإعلامية التي أفادت بأن الطيران الإسرائيلي يواصل طلعاته التدريبية بعيدة المدى لضرب إيران.
لم تصبح الجمهورية الإسلامية الإيرانية نداً على الخارطة السياسية للعالم الصناعي المتطور إلا بعد أن سارت على النهج الديمقراطي، واحترمت إرادة شعبها، وآثرت مصالحة دون الالتفات إلى أي اعتبارات خارجية، لتقفز في زمن قياسي عن الحواجز، وتصل إلى خط الكرامة، وتقف في مصاف الدول الكبرى التي يعمل لها حساب، وتفرض على الإدارة الأمريكية أن ترفض مقترح رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي "جابي أشكنازي" دراسة خيارات عسكرية بديلة في حالة فشل الخيار الدبلوماسي الذي تنتهجه الإدارة الأمريكية.
جاء اختيار "أوباما" لعيد النيروز الإيراني ليتوجه برسالته إلى القيادة الإيرانية، وللشعب الإيراني "لأن يتبوأ مكانته التي يستحقها في المجتمع الدولي" ليدلل على التسليم للقوة الإيرانية في المنطقة، وليستفز الشعوب العربية للبحث عن مكانتها التي تستحقها داخل المجتمع الدولي، ولاسيما أن "أوباما" لم يسمع الشعب العربي، فقد سمع الرئيس الأمريكي عن الشعب السعودي، وعن الشعب السوداني، والفلسطيني، والمغربي، والعراقي، والمصري، والسوري، ولكنه لم يسمع عن شيء اسمه الشعب العربي، الذي غاب عن الخريطة السياسية للعالم، وهو يفشل في تسويق مبادرته العربية لحل الصراع مع الدولة العبرية منذ سبع سنوات، وغاب الشعب العربي وهو يعجز عن تغيير شروط الرباعية للاعتراف بالحكومة الفلسطينية، رغم مساعي جمهورية مصر العربية من خلال مدير مخابراتها الوزير عمر سليمان مع أمريكا، ووزير خارجيتها "أبو الغيط مع أوروبا، دون تحقيق اختراق عربي في هذه الجزئية الصغيرة، فكيف لو كان مطلب العرب هو تحديد مهلة زمنية للانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة سنة 67، وإلا..؟
يا حبذا لو استعارت الدول العربية من الجارة إيران خمس دقائق تمرد على المألوف، خمس دقائق من عدوى الهمة، والإرادة، والتحدي تنعش الشهامة العربية، وتبعث النخوة، وتجعلهم يكشرون لمرة، ويكشفون لأمريكا عن مضمون عروبتهم الرافض للمذلة. أو لننتظر، لعل وعسى أن تشترط إيران على أمريكا الاعتراف بحكومة فلسطينية لا تعترف بشروط الرباعية، ليأتي بعد ذلك من يقول: إن عيد النيروز ليس عيداً عربياً.


www.deyaralnagab.com