يا مدارس يا مدارس !!
بقلم : ريم عبيدات ... 27.03.2009
لم يكن مفاجئاً كثرة الردود وتنوع الآراء الواردة على خلفية مقال “الضرب المبرح في مدارسنا” وما يعكسه هذا الواقع من أزمة بنيوية حقيقية يعيشها التعليم في المنطقة بصورة خاصة، وتشي بانفجارات تنموية وحضارية عربية وتوضح الكثير من وجوه الأزمة المجتمعية. كثيرون أيدوا ما جاء من خطورة تردي العلاقة بين المدرس والطالب.
فيما أدانت غالبية الردود تحميل المعلم وزر تردي أوضاعه، في إشارات بالغة الأهمية للوجوه الأخرى والمتمثلة بتردي أوضاع المعلم، وفقدانه لمكانته المهنية والمادية والاجتماعية، وكثرة الأعباء الإدارية على حساب التعليمية، وانعدام ثقافة البحث والاستقصاء، ليتحول المعلم مع الزمن الى آلية مكرورة لأداء يفترض التحليق يوميا في عوالم التجربة، كما أزمات المؤسسة التعليمية وانعكاساتها على حالة الصحة الإنسانية في المجتمع عموما والحالة التربوية خصوصا.
فكيف يمكن افتراض السوية إزاء ما تعانيه منطقتنا من أرقام مفزعة لأكثر من سبعين مليوناً غالبيتهم من النساء، كما انخفاض شديد في استيعاب التعليم إلى أقل من متوسط البلدان النامية، ناهيك عن انخفاض نصيب الفرد في سن التعليم في الدول العربية من الإنفاق على التعليم الذي لا يتجاوز ال 340 دولاراً في حين يرتفع في البلدان المصنعة على 6500 دولار.
مجمل الدراسات تشير لتدهور حاد تعيشه نوعية التعليم العربي في عقديه الأخيرين، إذا ما قورن بالمتطلبات الكبيرة المطلوبة من هذا التعليم مجتمعيا وتنمويا وإذا ما قورن أيضا بتعليم نوعي منافس العالم.
فجوات عدة تقض كاهل التربويين العرب ربما أوضحها تدني التحصيل المعرفي من ضعف القدرات التحليلية والقدرات الابتكارية والتي تطال المراحل التعليمية من بابها لمحرابها، كما الخلل الكبير بين مفرزات هذا التعليم والمتطلبات الملحة لسوق العمل.
فيما سرطان البطالة الحقيقية والمقنعة العاصفة والذي يطال أعداد الخريجين العرب، وتفاقمها إلى أكثر صورها إشكالية في ظل المتطلبات المتزايدة لمجتمع المعلومات مما يضيف بعدا نوعيا أيضا لأوجه خطر البطالة وضغوطا مرعبة على أنظمة تعليم مطالبة بالتنحي.
في ظل ذلك وتفاصيل مؤلمة كثيرة، يعيش المعلم العربي، إخفاقاته كحبل أسود طويل يلتف على عنق حياته، وخيبات أمل تدوس الآمال بمستقبل مختلف، من غياب ثقافة التربية والتعليم في المجتمع وزحف مدمر لأركان التبعية الثقافية وفهم مبتور للتربية والتعليم في حلقاتها المختلفة، وتخلي العائلة عن مسؤولياتها، وضعف مستوى كفاية المواد الدراسية، وتخلف وضعف الوسائل التعليمية وغياب ثقافة تدريب وتأهيل المعلم، والانحياز لأنماط إدارية وقيادية مدرسية متكلسة. الأخطر من كل ذلك أن الحجم الحقيقي لهذه الفجوة هو أكبر بكثير مما تدل عليه هذه المؤشرات.
www.deyaralnagab.com
|