ما هذا الخلط، والربط؟
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 29.03.2009
اتفق مع بعض الكتاب الفلسطينيين على الربط بين تأخر المصالحة الفلسطينية وتأخر تنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل، ولكنني أخالفهم في الخلط الذي يقول: أن تأخر المصالحة ناجم عن تأخر إطلاق سراح "شاليط"، وكما يقول الكاتب هاني المصري: أن الدوافع والحوافز للمصالحة تقل كثيراً إذا لم تتحقق صفقة تبادل الأسرى، ويشترط الكاتب إتمام صفقة تبادل الأسرى ليتم توحيد المؤسسات المنقسمة ما بين الضفة الغربية وغزة.
هذا المنطق أرعبني كغزالة في البراري اصطدمت بآكلها، أَرِنَتْ، ولا مفر لها إلا قرنيها، تطرح الأسئلة التالية، ولاسيما أننا ما زلنا أحياء، ونعيش الواقع، ونشهد تفاصيله:
1ـ أيهما كان الأسبق؛ الانقسام الفلسطيني، أم أسر "شليط،؟ إذا كان الانقسام الفلسطيني أسبق من أسر "شاليط" أتفق مع مآزري هذا المنطق؛ أن تحرير الأسرى شرط لعودة الوحدة إلى الساحة الفلسطينية، التي زاد انقسامها مع أسر "شاليط"، ولكن الأسير الإسرائيلي قد وقع في الأسر قبل الانقسام بعام، وهذا يعني أن الربط غير مبرر، ويقلب الحقائق.
2ـ هل تم إغلاق المعابر، ومحاصرة غزة بالكامل بعد أسر شاليط مباشرة أم بعد الانقسام؟ وهنا نؤكد أن المعابر قد ظلت مفتوحة بعد أسر شاليط، بما في ذلك معبر مصر البري، وقد سافرت شخصياً إلى "أسبانيا" بعد أسر شاليط، وعدت، وقد ظل المعبر مفتوحاً لمدة عام حتى جاء الانقسام، فغلّقت المعابر، واستحكم على غزة الحصار.
3ـ هل ستدخل كل مواد الإنشاءات والبناء، والتصنيع إلى قطاع غزة مع تحقق المصالحة، وتبادل الأسرى؟ أقول: لا، وأؤكد لأصحاب هذا المنطق: أن منع إدخال مواد البناء، والأنابيب، والأسمدة، وما غير ذلك من مواد ليس مقروناً بأسر "شاليط"، بل هو أسبق من ذلك، وكان العثور على شوال كيماوي كامل العناصر في حكم المستحيل قبل أسر "شاليط"، لأن الحصار الإسرائيلي الجزئي اقترن بالمقاومة، وبذريعة استخدام المواد الممنوعة في تحصين مواقع حماس، وتصنيع السلاح، فهل يعني ذلك أن المصالحة المطلوبة هي تلك التي ستحارب المقاومة، وتقضي عليها، وتقوم من الداخل بما عجز الحصار عن فعله من الخارج، ليبدأ بعد فترة من إثبات حسن نوايا حكومة الوفاق تدفق الممنوعات على غزة؟
4ـ أيهما أسبق؛ تدمير غزة بالحرب أم حصارها؟ وإذا كان الحصار أسبق من التدمير، فلماذا الضغط على الناس في غزة بذريعة التعمير؟.
اتفق مع الكاتب حين يقول: "أن صفقة تبادل الأسرى ستفتح الطريق للاتفاق على التهدئة، وكسر الحصار، وفتح المعابر والحدود". ولكنني أضيف ما يلي: أن تحقيق ما سبق سيغدو نقاط قوة في يد حماس، ولاسيما في حوار المصالحة مع عباس، فلا عجب والحالة هذه أن يكون تأخير صفقة التبادل من قبل إسرائيل، يهدف إلى عدم إعطاء حماس أوراق قوة، وإبقائها في يد عباس، حتى ينتزع اعترافا بشروط الرباعية من حماس.
www.deyaralnagab.com
|