القدس : العرب تبرعوا ب 30 مليون دولار للقدس.. وإسرائيل رصدت 1.5 مليار لتهويدها!!
بقلم : أسعد العزوني ... 24.04.2009
[* حوار مع الدكتور خليل التفكجي]
أكد رئيس قسم الخرائط في مركز القدس للدراسات د. خليل التفكجي أن المقدسيين يعانون من انفصام الهوية وأن بعضهم وجد نفسه مضطراً لقبول الجنسية الاسرائيلية ولأن عدد هؤلاء يصل الى 36 ألف نسمة.وقال في حوار بالعاصمة الأردنية عمان وهو في طريقه إلى تركيا لزيارة دائرة الطابو التركية أن اسرائيل واصلت حفرياتها في القدس تحديدا مدة 42 عاما دون أن تعثر على أي أثر لليهود في المدينة المقدسة، ومع هذا يدعون أن احجار القصور البيزنطية التي يزن الواحد منها 450 طناً أنها أحجار للهيكل المزعوم.وتساءل التفكجي: هل يعقل أن يتبرع العرب والمسلمون للقدس بمبلغ 30 مليون دولار على مدى عشر سنوات في حين ترصد اسرائيل مبلغ 1.5 مليار دولار لتهويدها.
وفيما يلي نص الحوار:
بداية هلا وصفت لنا معاناة المقدسيين هذه الأيام؟
- يعاني المقدسيون أول ما يعانيه من عدم وضوح الهوية كونهم مقيمين في مدينتهم وليسوا مواطنين، حسب القانون الإسرائيلي. ولهذا فإن المقدسي بدأ مؤخراً في اختيار أهون الشرين وهما الحصول على الجنسية الاسرائيلية، وبالتالي على ماذا سنفاوض مستقبلاً؟ أو الحصول على الجنسية الأجنبية ومن ثم الترحيل بعد ثلاثة أشهر. وقد حصلت 9 آلاف عائلة على الجنسية الإسرائيلية تضم نحو 36 ألف شخص.
- ما أستطيع قوله هو ان المقدسي يفقد هويته وبات يعاني من انفصام في الشخصية بسبب القانون الاسرائيلي. وكما هو معلوم فإن اتفاقيات أوسلو لا تسمح لهم بحمل الجنسية الفلسطينية.والقانون الاسرائيلي ينكر عليهم مواطنتهم، في حين أن قرار فك الارتباط الأردني حرمهم من حمل الجنسية الأردنية، وأن من يحمل الجنسية الفلسطينية تصادر أملاكه.
إلى أين وصلت الحفريات الاسرائيلية في القدس المحتلة؟
- بعد 42 عاماً من الحفر المتواصل في القدس المحتلة لم يثبت وجود آثار يهودية في المدينة المقدسة، حتى ان آثار سلوان تبين أنها تعود للعصور البيزنطية والأموية، وقد أكد علماء الآثار اليهود أن هذه الآثار يبوسية كنعانية، وما تم العثور عليه من آثار في منطقة باب المغاربة (خارج السور) هي آثار أموية.
ما معنى ذلك؟
- هناك حضارة عربية، ووجود اسلامي، واليهود مقتنعون بذلك، ومع هذا يريدون تشكيل شيء اسمه اسرائيلي، لأن تطبيق التوراة على الأرض لم يؤد الى نتيجة.
ما قصة الحجر الذي وضعوه أمام الكنيست مؤخرا؟
- هذا الحجر سرقوه من القصور البيزنطية الرومانية المحاذية للمسجد الأقصى، ويزن الحجر الواحد منها 450 طناً، ويدعون انه من بقايا الفترة اليهودية!،وهم بذلك يريدون خلق آثار لوجود يهودي مدعى، ومع ذلك فشلوا، فهم وبعد 42 عاما من الحفر لم يجدوا شيئا اسمه الهيكل.
ماذا لديك عن البيوت المصادرة؟
- يعتمدون في هذه الممارسة اللانسانية على قانون الأمن وقانون الغائبين والمصلحة العامة التي تعني بناء مدارس ومستشفيات وحدائق عامة ومستعمرات. وقد سيطروا على 125 بيتا كما أنهم هدموا 900 بيت خلال السنوات العشر الماضية ويخططون لهدم 1700 منزل أخرى.
هناك من يقول ان اليهود يستحوذون على أملاك وبيوت مقدسية عن طريق التزوير ما وجه الدقة في ذلك؟.
- احدى الوثائق هذه الأيام هي قضية الشيخ جراح، وقد تقدم اليهود بوثيقة تشير إلى أنهم يملكون قطعة أرض في منطقة الشيخ جراح مساحتها 16 دونما، وأقيمت عليها وحدات الشيخ جراح.
وعندما توجهت الى الطابو التركي في أنقرة كان الجواب التركي بعد البحث والتمحيص والتدقيق والتوثيق أن هذه الورقة مزورة ولا أساس لها وقد قمنا بتقديم هذه الشهادة التركية الى المحكمة.
وهناك عشرات الجرائم التى ارتكبتها اسرائيل في هذا المجال مثل خداع المواطنين بالتوقيع على أوراق بالعبرية، أو نقل توقيعهم على وثائق بيع، أو خداعهم بالتوقيع على ورقة بيضاء ضمن مجموعة اوراق. وهناك بصمات أخذت لموتى، وغير ذلك ولا ننسى أن اسرائيل قامت على تزوير أن فلسطين لهم بوعد من اللَّه.
ما مصير الممتلكات الأرثوذكسية التي اثيرت حولها ضجة قبل سنوات؟
- مايزال الوضع على حاله تحت التجميد، ولاشك أن الكنيسة الأرثوذكسية تعد من اغنى الكنائس في البلدة القديمة، ولكن مشكلتها تكمن في أن قيادتها غير عربية.
ما مفهوم القدس؟
- لو تحدثنا من منظور جيوسياسي، فإننا سنجد أن القدس الحالية تختلف عن الفترة العثمانية حيث كانت القدس هي البلدة القديمة ومساحتها نحو كيلو متر واحد، والآن أصبحت كبيرة ويطلقون عليها القدس الكبرى.
هناك مفهومان للقدس لدى الاسرائيلي وهما القدس الموسعة بعد العام 1967 والقدس الكبرى.
القدس هي الحجر والبشر وليس فقط مكانا للصلاة وفيها أول جامعة، (الكلية العربية) وهي محطة الرحالة ومركز للصحافة والاعلام ومركز للمعرفة، لكنها اليوم تتحول الى مدينة اشباح بعد الخامسة مساء.
هناك مخططات اسرائيلية تتعلق بالقدس، هلا اعطيتنا فكرة عن ذلك؟
- هناك مخططان رئيسيان هما القدس 2020 والقدس 2040 ويخطط اليهود لتخفيض تواجد الفلسطينيين في المدينة المقدسة الى 12% فقط وذلك من خلال تهجيرهم ومصادرة ممتلكاتهم وبيوتهم وسحب الهويات منهم. وتعمل مراكز الأبحاث الاسرائيلية على هذا الموضوع بصورة جادة.
وقد جاء جدار الضم والسلب والنهب ليكون العامل المساعد في تحقيق الهدف، وصاحب هذا المخطط هو أولمرت التلميذ النجيب لشارون، وهو يقضي بضم التجمعات اليهودية خارج حدود البلدية الى داخل الحدود.
المشروع الأخطر تحت التجربة في هذا المخطط هو ما يطلقون عليه 30أ - 2020، ويقضي بإعطاء أفضلية A لليهود وتخصيص 1.5 مليار دولار لدعم بناء البنى التحتية والمصانع والمواصلات والقطارات، وهم بذلك يريدون تشكيل قدس جديدة عدد الفلسطينيين فيها لا يتجاوز 12% فقط.
ويخططون أيضاً لبناء 20 وحدة سكنية في حي باب الساهرة ومواصلة سياسة التطهير العرقي من خلال هدم البيوت بحجة عدم الترخيص.
أما مخطط القدس 2040، فإنهم يتخوفون من السيطرة العربية على القدس، ووصول نسبة الفلسطينيين فيها الى 45 % وقد نجح الجدار بإبعاد 25 ألف مقدسي من أماكن سكناهم. مع أن نسبتهم الآن تصل الى 35 % رغم المعاناة.
وقد صادقت رئيسة الوزراء الاسرائيلية السابقة غولد مائير على قرار يقضي بأن يتم تخفيض نسبة الفلسطينيين في القدس الى 22% ولكنهم تزايدوا وفشل ذلك القرار.
ما أهمية البلدة القديمة في القدس المحتلة؟
- لا بد من التأكيد على أن مساحة البلدة القديمة هي كيلو متر مربع واحد، ولكن من يسيطر عليها، يستطيع السيطرة على العالم لأن كل الثروات التى تكمن في باطن الأرض الى زوال، وتبقى العبادة ولذلك ستبقى هذه المنطقة محط أنظار اتباع الديانات السماوية الثلاث.
لقد قام الانجليز عند انتدابهم على فلسطين قبيل العام 1917 برسم الحدود الجديدة للبلدة القديمة، وضموا اليها مستعمرات يهودية تبعد عنها خمسة كيلو مترات في حين استثنوا سلوان التي تبعد عنها 200م فقط، ولذلك فان الصراع في القدس صراع ديمغرافي، وبعد احتلال القدس عام 1967 وسعت مساحتها الى 72 كم وضموا اليها أراضي 28 تجمعا سكانيا فلسطينيا دون السكان وكان عدد الفلسطينيين فيها 70 ألفا، ولم يكن فيها أي يهودي. ويبلغ عدد الفلسطينيين اليوم في القدس 280 ألفا، في حين يبلغ عدد اليهود 193 ألفا وبلغ عدد الوحدات السكنية الفلسطينية عام 1967 نحو 12 ألف وحدة في حين لم يكن هناك أي وحدة لليهود، بينما يبلغ عدد الوحدات السكنية للعرب 38 ألف وحدة و64 ألفا لليهود. ويقطن في البلدة القديمة حالياً أربعة آلاف يهودي و30 ألف فلسطيني.
كيف تنظرون إلى حركة المستعمرات في القدس المحتلة؟
- المبدأ الاسرائيلي في السيطرة على القدس قائم على مصادرة الأراضي والبيوت والممتلكات الفلسطينية من خلال قانون البناء لبناء المستعمرات التى تم قضم 52% من مساحة القدس الشريفة، وكذلك هناك قانون المصلحة العامة الذي سيطروا من خلاله على 86%.
وهناك 15 مستعمرة يهودية داخل حدود بلدية القدس الموسعة وفيها شبكة مواصلات تربط بين المستعمرات وتم مصادرة 35 % حسب قانون المصلحة العامة.
وعليه أقول إنه لن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة، بل دولتان الأولى دولة مستعمرات تتمتع بتواصل جغرافي ودولة تجمعات فلسطينية ترتبط معا بأنفاق أرضية.
وهناك 100 بؤرة استعمارية داخل الحيين الاسلامي والمسيحي تتراوح البؤر فيها بين غرفة واحدة، وبناية تضم 24 شقة ويستمر اليهود بإنجاز مشروع جبل أبو غنيم، وأنجزوا منه حتى اليوم 6500 وحدة سكنية من أصل 17 ألف وحدة هي مجمل المشروع. وقد سيطرت اسرائيل على 86% من القدس الشرقية ولم يبق للفلسطينيين فيها سوى 9500 دونم من أصل 72 كيلومتراً مربعاً. وفي حال تفعيل قانون الغائب فإنهم سيتسولون على كامل القدس من خلال السيطرة على أملاك الغائبين حتى لو كانوا يقطنون في أبوديس.
ما انعكاس جدار الضم والسلب والنهب على المقدسيين بشكل عام؟.
- الدمار الشامل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فقد أخرج هذا الجدار 25 ألفاً من المقدسيين الى خارج الحدود، وجرى تدمير القطاع التعليمي في المدينة المقدسة وأصبحت نسبة الطلبة المقدسيين الدارسين في المدارس الإسرائيلية نحو 65% كما أن اسرائيل أخذت تعين مديرين يهودا متخصصين في الاعاقات، وتعمل إسرائيل على تدمير الأسرة كنواة صلبة ولذلك فإنها تضربها لخلق جيل عدمي.
ونعاني من ضرب القطاع الصحي، وتخريب الاقتصاد بسبب الاغلاقات المستمرة والحصار ومنع أهالي القرى والتجمعات القريبة من الدخول الى القدس.
وهناك مشكلة لا تقل أهمية عن المشاكل الأخرى وهو ما نجم عن الجدار من ازدحام في السكن، بمعنى أن أكثر من أسرة باتت تقطن في شقة صغيرة، وهذا يعني تكدسا في السكان ففي العام 2004 بلغت نسبة الطلاق بين المقدسيين 65% كما نجد تفشي ظاهرة المخدرات بتشجيع يهودي وزواج الأقارب وما له من تداعيات.
ما قصة الهيكل؟
- حتى اللحظة لم يعثروا على أي اثر لشيء اسمه الهيكل رغم الحفريات المستمرة وقد طرحوا مؤخرا في المفاوضات موضوع الحوض المقدس الذي يشمل المقبرة اليهودية بجبل الزيتون وقبور الأنبياء ومنطقة سلوان مع وادي هنوم وجبل صهيون. ومساحة هذا الحوض ثلاثة كيلو مترات.
ويدعون أن المسيح سينزل على جبل الزيتون حاملاً الهيكل، وسيلحق به الأموات لبناء الهيكل الثالث، ولذلك نجد أن هذه المنطقة هي الأغلى في العالم لدفن الأموات، ولذلك يتهافت عليها أثرياؤهم للدفن فيها.
وسيكون الهيكل بحسب المخطط مكان قبة الصخرة وهناك مجسمات خاصة بذلك يقومون بعرضها على السياح الأجانب لتضليلهم بأن هناك شيئا اسمه الهيكل.
الى أين وصلت الحفريات اليهودية تحت المسجد الأقصى؟
- اليهود لا يحفرون، بل يقومون بتفريغ الأتربة من الأماكن السفلى العائدة للبيزنطيين والمسلمين وقاموا بسرقة أحجار البيزنطيين على انها احجار الهيكل، وهناك النفق المفتوح عام 1996 ولا علاقة له بالمسجد الأقصى وقبة الصخرة ويسير بشكل موازٍ مع الحائط الغربي للمسجد الأقصى بطول 400 متا وبطابقين وبوابة تؤدي الى قبة الصخرة في حين أن النفق الثاني من باب العامود مفتوح لكنه الآن مغلق وطوله يتراوح ما بين 20- 30 مترا اضافة الى نفق ثالث من سلوان الى المسجد الأقصى.
هل صحيح أن اليهود بنوا كنيسا في القدس الشرقية؟
- هذا صحيح وهم يخصصون أماكن تحت الأقصى للصلاة، وقاموا مؤخرا ببناء كنيس ضخم داخل الحي اليهودي ويشكل هذا الكنيس رأس مثلث مع قبة الصخرة والمسجد الأقصى ومربعا مع كنيسة القيامة.
إسرائيل تريد تسليط الأضواء على المشهد اليهودي فقط لطمس المشهد العربي والاسلامي.
ماذا يعني اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009؟
- جاء هذا الاعلان في ظل افتقار القدس لمكتبة عامة ومعاناة مستشفى المقاصد الخيرية كبيرة، وهناك 1000 منزل بحاجة الى ترميم بكلفة 100 الف دولار، ولا توجد أندية ثقافية ورياضية في المدينة المقدسة، كل شيء فيها ينهار.
المطلوب من العرب والمسلمين توأمة مؤسساتهم مع مؤسسات القدس، فنحن لسنا بحاجة الى طعام، بل نريد ترميم المنازل وتزويج الشباب المقدسي، وهل يعقل أن يتبرع العرب للقدس بمبلغ 30 مليون دولار في العشر سنوات الماضية علما أن اسرائيل خصصت 1.5 مليار دولار لتهويدها.
المصدر :مركز اعلام القدس
www.deyaralnagab.com
|