كلمة الديار...09.03.2025
خَّزَّان غزة وبرتقال الطوفان في مرمى تفاصيل قارئة فنجان ترمب..!!
لا ادري كيف وصلت هذه البرتقالة الجميلة اللؤلؤية الى داخل صحن وحيد قاعد على رف هابط وبجانبة كرسي اكل الدهر وشرب عليه ويبدو انه من مواليد عام الف وتسعة مئةوخشبة ولم يبرح مكانة منذ ثبته احدا ما بجانب الرف والجالس على هذا الكرسي الخشبي المهترئ يشرف على البحر ذاته في المكان ذاته التي تحمل البرتقاله اسمه مطبوعا باللغة الانجليزية "يافا" وهذه اليافا افرحت قلبي واشعلت عبق تاريخة فبدأت اقلبها وكأنني اداعبها بين راحتي وكأنني قارئ برتقال على وزن وهامة قارئة فنجان فتحولت البرتقاله الى خارطة امتدت من يافا الساحل وسطا وذهبت الى عكا وحيفا ومرت من كيساريا ومسجد الشاطئ السجين ومن ثم عادت الى يافا واكملت طريقها الى اسدود وعسقلان ومن ثم حطت رحالها في غزة وشاطئ غزة وهناك قرأت وشاهدت على شاشة برتقالتي الاطفال يلهون في البحر والامهات يقدمن لهم شقح البطيخ البارد وهم يقرقرون ضحكا ولهوا ورغم انني مجرد قارئ برتقال وجدت انني بحشت"حفرت" في حواشي ذاكرتي الى ان عاد المشهد ذاته التي شاهدته منذ عقود حين كنا طلاب صغار وذهبنا في رحلة الى غزة قادمون من اعالي جبال الجليل حيث سارت حافلتنا عبر طريق الشاطئ فيما تولى استاذ نسيت اسمة العرافة ماسكا بمكبر صوت الى جانب السائق اللذي نظر الى امامة فيما الاستاذ نظر الى الخلف يخاطبنا نحن الصغار في كل محطة فهذة كيساريا وتلك قرى عربية حتى وصلنا الى يافا لتخنق العبرة استاذنا العراف ومرشد الطريق وبدات دموعة تنهمر وهو يتحدث عن مسجد البحر وحي العجمة ومناقيش فرن ابوالعافيه ليقول اليوم فطورنا مناقيش بزيت زيتون وزعتر" ما رايكم" فرد الطلاب بصوت واحد نعم نعم وكان لنا ماتمنينا من اشهى المناقيش اليافاوية بطعم عبق يافا ومن عرق وعراقة اهلها..
عدنا الى الحافلة لنكمل طريقنا نحو غزة لكن سؤال سر بكاء الاستاذ لم يبرح رأسي فجاءت الفرصة للجواب عندما سالنا الاستاذ العراف " مين عندو سؤال يا حلوين.. يرفع اصبعوا؟". رفعت اصبعي وبصوت مرتبك سالته: ليش استاذ بكيت في يافا؟؟ فارتبك الاستاذ وانخرط في بكاء مرير وكلام مقطع لكنه تمالك نفسة وقال ان يافا موطن والدي واعمامي. والدي تاه عن القافلة وضل طريقة ليحط رحاله في الجليل واعمامي اكملوا طريقهم الى لبنان وبعد سنين طويله من البحث والتحري جاء الرد في برنامج "سلامات" المذاع من راديو فلسطين في دمشق : نحن عائلة الخطيب اليافاوية من مخيم عين الحلوة لبنان: نهدي سلامنا الى اخونا عوض في فلسطين المحتلة اواي مكان ونرجوا من عوض ان يخبرنا ان كان حيا ومن يسمع هذه الرسالة ان يبلغها لاصحابها.. جاء جارنا راكضا: البشارة ياعوض..خير.. خير.. اخوتك في لبنان وبخير ويهدونكم السلام.. طار ابي من الفرحة وظل يحلم بلقاء اخوتةحتى توفي قبل شهرين دون لقاءهم..
اقفلنا سكة السؤال بجواب حزين ليخيم الصمت على الحافلة الى حين ظهرت لافته تشير الى ان غزة على بعد عشرة كيلومترات وبعدها جاءت لافتة : تمهل وقف امامك حاجز عسكري : وصلنا الحاجز وتوقفنا ليصعد جندي احتلال مدجج بالسلاح يتفحص المقاعد وتصريح المرور.. تصريح مرور في الوطن الى الوطن؟.... في المحصلة وصلنا غزة وراينا حي الزيتون والشجاعية ومررنا بسوق فراس ومن ثم اتجهنا الى الشاطئ وميناء غزة ولم ينسى الاستاذ العراف"العريف" بتعريفنا بتاريخ غزة ملتقى القوافل ومركز المهن والصناعات ودور الضيافة على الشاطئ والبضائع والتبضع وغزة هذة اشتهرت بالسمكرة وجاء لها الناس من كامل البلاد العربية في رحلاتهم وترحلهم وتزودهم بالمونة والادوات البيتية والزراعية او عبورهم مع قوافل البخور والبهارات المتجهة ولم ينسى استاذنا بتلقيمنا بتاريخ ان غزة كانت تصدر البرتغال والخضار والفواكة والاسماك عبر ميناء غزة مثلها مثل يافا وحيفا واسدود ومدن ساحلية فلسطينية اخرى.. جميلة كانت القراءة في فنجان برتقالة لكن الاجمل حين وقع نظري على دفتر " مجلد" عتيق ساحت نصف فحواه ,دَّون فيه زوار مطعم " السوس" زياراتهم ومن بينهم السيرج " الضابط" البريطاني جورج: *كنت هنا في يافا مع الجيش البريطاني والناس لا تحبنا لاننا قوة استعمار واحتلال. جورج .س 20.1.1920 ..عائد الى يافا.. عائد الى حيفا.. عائد اللى بلاد البرتقال الحزين..
عائد وقاعد في غزة الى الابد...بركام بلادنا ولا بجنة ترامبزية الكاوبوي والعنجهية الامريكية الصهيونية.. سبعون عاما ونيف وهم يتفننون ويمعنون في تغيير اسماء وجغرافيا وديموغرافيا المدن الفلسطينية و تغيير معالمها واسماءها الا انها بقيت في عيون اهلها وشعبها دوما والى الابد وعبر الاجيال : يافا حيفا وعكا واللد والرملة واسدود وعسقلان والمجدل وبئرالسبع وغزة ورفح...غزة هذة كانت عاصمة الجنوب الفلسطيني ومركزه الاقتصادي على مدى قرون وغزة هذه كانت دوما في مرمى طمع الغزاة لكنها ورغم احتلالها اكثر من مرة بقيت عربية فلسطينية ومدينة من مدن الساحل الفلسطيني..لو خاف الغزازوة" الغزيون" من هدير البحر لما جاوروه ولو خافوا من الدمار والاستشهاد لما خاضوا معركة الطوفان والصمود وهم اليوم لا يخافوا ولا يخشو هدير ووعيد الفاشي ترمب الطامع بشواطئ غزة وترمب هذا ومعه النتن ومليون من امثالهم لن يُهجروا اهل غزة...باقون فوق الركام ندق الخزان ولا نموت بداخلة..
كانوا رجالا في الشمس على حدود دويلات العربان وكان ما زال رجال غزة في الانفاق وفوق الارض وتحت الركام والشمس والبرد في ميادين القتال يدقون الخزان في كل يوم وساعة : هنا غزة الحية الابية بعشبها الاخضر القادم والصاعد من اعماق الركام والتاريخ.. يوم قاد ابوالخيزران شاحنته ونسي او تناسى وجود الرجال الثلاثه في الخزان المغلق تحت اشعة الشمس الحارقة.. ماتوا اختناقا ولم يدقوا الخزان.. لماذا لم يدقوا الخزان؟ ومن كان ابوالخيزران سوا مهزوم فاقد لرجولته وكرامته تماما كماهو حال ابا الخيزران رام الله و خيزرانات العرب اللذين ظنوا ان غزة ستموت في حصارها ودمارها وخزانها تحت وطأة النار والدمار دون ان تقارع الاعداء وتقرع خزان الكرامة والشهادة عشرات الالاف من المرات.. رجال في الشمس واخرون في الانفاق وفوق وتحت الركام مرابطون يستلهمون بعث الحياة الفلسطينية من تجربة الموت والدمار وسط صحراء الهزائم العربية.. رجال في الانفاق وفوق الركام وتحته في غزة هي حكاية نضال الشعب الفلسطيني وصراخه الشرعي المفقود,..صراخ اختنق طويلا في بحر الخيانات العربية الكبرى وهاهو ابوالخيزران الاخر يعقد مؤتمرا لاعمار غزة دون ان يقدم لغزة العون والامان والحماية من المزيد من الدمار وهو الشريك الاقليمي الاول في دمار غزة وحرب الابادة الصهيوامريكية عربية اللتي شُنت على غزة.
قمة ابوالخيزران المصري كان هدفها وجوهرها شرعنة الدمار والابادة في غزة دون تحميل القوى الصهيوامريكية اي مسؤولية حول هذة الجريمة الفاشية الكبرى من جهة والقضاء على وجود المقاومة في غزة وتجريدها من سلاحها من جهة ثانية وبالتالي هذا هو جوهر خطة ترمب الذي دخلت في اطار خطة ارباك مبرمجة ومدعومة بعنصر المفاجأة المدعوم بالقوة العسكرية وهي تذكرنا باستراتيجية رامسفيلد " وزير الدفاع الامريكي المقبور"في العراق المعروفة ب " الصدمة والترويع" ابان مؤامرة غزو العراق عام 2003...من ارهاب رامسفيلد بوش في العراق الى ارهاب ترمب نتانياهو في غزة.. المعنى والفحوى والهدف هو نفسة: تخريب وتدمير غزة وترحيل ناسها.. رامسفيلد " الصدمة والترويع" لقمع المقاومة في العراق وترمب " القوة وفتح ابواب جهنم" لتركيع المقاومة في غزة وتهجير سكان القطاع بقوة السلاح والجحيم الرابض في احشاء القنابل الامريكية التي تنتظر دورها في طحن ركام غزة في الوقت التي تسير فيه الابادة الجماعية وترحيل سكان المخيمات في الضفة الفلسطينية بموازاة الحرب على غزة..من غزة الى الضفة : الترانسفير والتهجير القسري هو جوهر المخطط الفاشي الامريكي الصهيوني لحسم عنصري الديموغرافيا والجغرافيا لصالح المشروع الصهيوني والدولة اليهودية على كامل التراب الفلسطيني..
عام ونصف العام وغزة تدق الخزان واجراس الخطر والدمار والابادة في محيط عربي متكالب ومتخاذل مقابل فاشية امريكية صهيونية وصلت الى حد شرعنة الدمار والابادة الجماعية في القطاع والضفة ليبلغ الامر بفكرة ترامبية مجرمة جوهرها ترحيل سكان قطاع غزة وهدفها الواضح هوحسم عنصري ديموغرافيا وجغرافيا لصالح المشروع الصهيوني ...مشروع اوسلو انتهى ولا جدوى حتى لوجود جماعة اوسلو في رام الله..
من الجدير بالذكر والتذكير بان الترامبزية اللاهوتية متطرفة وعنصرية اكثر من الصهيونية وهدفها انهاء القضية الفلسطينية وحسم الصراع لصالح الاستيطان الصهيوني في فلسطين... خَّزَّان غزة والضفة والقدس وبرتقال الطوفان في مرمى قارئة فنجان الترامبزية التي تقول بكل صراحة :الموت لفلسطين والشعب الفلسطيني والمجد والوجود للصهيونية والترامبزية... ايها الفلسطينيون وطنا ومهجرا دقوا جدران الخزان قبل فوات الاوان.. الترامبزية هي الفاشية اللاهوتية والصليبية اللذي عبر عنها وزير الخارجية الامريكي برسم صليب الصليبيون اللاهوتيون على سحنتة القذرة وهو يتحدث عن تهحير غزة علنا... القادم هو استمرار الحرب على المخيمات والمدن الفلسطينية في الضفة وضم هذة الاخيرة لخارطة دولة الكيان باوامر وبقرار موقع من قبل ترمب..فريق ترمب هو الاخطر والقادم اعظم..دقوا الخزان قبل فوات الاوان..هذا النداء موجه للشعب الفلسطيني والشعوب الحرة ولا جدوى من مؤتمرات وقرارات ابوالخيزران المصري وغيره من اعضاء جامعة احمد ابوالغيط..
www.deyaralnagab.com
|