الرقه..سوريا :معركة الرقة: عدو معلن وأهداف خافية تتقاطع في «معركة الرقة» وقوى مكونة من خليط ميليشيات دخيلة بأخرى سورية كردية وعربية!!
18.06.2017
تتقاطع في «معركة الرقة» قوى محلية وإقليمية ودولية، وتختلط ميليشيات دخيلة بأخرى سورية كردية وعربية، وتتشابك مصادر السلاح، وتتقاطع الأهداف الخافية خلف الهدف الوحيد المعلن: تحرير المدينة من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية». غير أنّ الأبعاد الأخرى خلف هذا المشهد تنذر بتعقيدات كبرى تتجاوز هذه المعركة، وتهدد بمعارك أخرى رديفة أو وليدة، في حرب صراعات المصالح واقتسام النفوذ على الأرض السورية.وتحمل معركة الرقة أهمية لا من ناحية بقاء أو تلاشي التنظيم، فهو لن ينتهي بهزيمة عسكرية وإنما من السباق المحموم بين القوى المحلية والإقليمية والدولية على رسم مناطق نفوذ لها خاصة في بادية الشام التي تحولت مثل رقعة شطرنج تحاول فيها قوة ذات مصلحة بالأزمة السورية موضعة نفسها حالة تراجع التنظيم عن معاقله. ويخشى أن يؤدي التنافس إلى مواجهات غير محمودة العواقب، فالجميع يراقب النشاطات الإيرانية على جانبي الحدود حيث أقامت الميليشيات الشيعية- الحشد الشعبي حضورا لها في بلدة البعاج، قرب الحدود السورية والتي يرى فيها قادة الحشد نقطة حيوية لتحقيق الممر الذي يمتد من الحدود الإيرانية عابرا العراق إلى البحر المتوسط. وهو ممر بري يعطي إيران الفرصة لإيصال الإمدادات لوكلائها بالمنطقة دون مشاكل. ونقل مراسل صحيفة «الغارديان» (16/6/2017) عن قادة في الحشد الشعبي انهم «باقون» في البعاج بل وأقام كل فصيل شارك بقتال التنظيم قاعدة له. ويبدو أنهم متعجلون من أمرهم فلم يهتموا كما قال بتنظيف البلدة الخالية من سكانها من المفخخات والسيارات المدمرة التي خلفتها المعارك الشديدة قبل تراجع التنظيم. ولم يستبعد قادة في الحشد دخول الأراضي السورية والتلاقي مع الميليشيات الأخرى الموالية لنظام بشار الأسد. ومن هنا يفهم النشاط الأمريكي بمنطقة شرق سوريا حيث دعمت واشنطن فصائل من الجيش السوري الحر في التنف التي قام الطيران الأمريكي باستهداف ميليشيات موالية للنظام كانت تتقدم نحو القاعدة العسكرية هناك وأكثر من مرة. وفي الوقت الذي تحدث فيه المبعوث الأمريكي الخاص لدول التحالف بريت ماكغيرك عن هزائم التنظيم، إلا أن التكهنات حول طول أو قصر المعركة أمر صعب في ظل المعركة الطويلة التي يخوضها الجيش العراقي في الموصل. واعترف ماكغيرك أن العملية في الرقة طويلة الأمد: «لم يبق لديهم سوى أحياء قليلة في الموصل وفقدوا أجزاء من الرقة ويمكن للحملة ان تتصاعد» وقال «هذه عناصر مهمة في هزيمة داعش إلا أنها ستكون جهودا على المدى البعيد».وفي الوقت الذي تتطلع فيه الولايات المتحدة لتحقيق انتصار سريع وبأقل الثمن مستخدمة «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية-من قوات حماية الشعب- إلإ أن الإدارة الأمريكية تسهم على المدى البعيد بتعقيد الصورة خاصة أنها لا تملك خطة للإنتقال السياسي وماذا ستفعل مع القوات الكردية التي تحتل مدينة ذات غالبية عربية وكيف ستتعامل مع التقدم الذي تحققه قوات النظام المدعومة من إيران وروسيا. ويرى فردريك هوف من المجلس الأطلنطي في مقال نشرته مجلة «نيوزويك» (14/6/2017) أن ما يهم في معركة الرقة هو تأمينها بدون التسبب بكارثة إنسانية. كما أكد على أهمية وجود خطة للإنتقال السياسي من حالة الدولة الفاشلة إلى الشرعية. ويعتقد أن العقبة الأولى والقاتلة للسياسة التي تحاول منع سوريا أن تكون ملاذا للجهاديين هي المؤسسة السياسية الأمريكية نفسها التي ترى أن المهمة صعبة التحقيق. ولهذا تقوم وزارة الدفاع والقيادة المركزية بالإشراف على حملة يقودها الأكراد في العمليات ضد تنظيم «الدولة» لتقليل الخسائر الأمريكية، وكل هذا لتحقيق انتصار سريع. ولن يتحقق هذا بدون خطة يمكن تنفيذها لإعادة الإستقرار بالمناطق المحررة. ولكن الإدارة ترى أن العمل مع المعارضة السورية والإنتباه للدروس التي تم تعلمها من الحملات في العراق وليبيا تدخل ضمن إطار عمليات بناء أمم، وترامب لم يأت لهذه الغاية، فشعاره الأول والأخير «أمريكا أولا». ومن هنا ألمح ماكغيرك في 19 أيار (مايو) إلى أن من سيدير المناطق المحررة ستكون جماعات وشخصيات محلية من المناطق التي سيخرج منها الجهاديون. مع أن وزير الدفاع جون ماتيس أكد أن مهمة الولايات المتحدة في سوريا تتركز على تركيع تنظيم «الدولة» فقط. إلا أنه أشار لأهمية الحل السياسي قائلا إن القوات الأمريكية لن تكون موجودة هناك لتحقيقه. ويرى هوف أن القيادة الأمريكية لم تتعلم من دروس غزو العراق عام 2003 حيث كان تحقيق النصر سهلا أما ترتيبات ما بعد سقوط النظام العراقي فهي التي فشلت وأسهمت لاحقا ببروز تنظيم «الدولة». وفي ضوء هذا التفكير فإن عدم استقرار الوضع يعني استمرار الظروف التي سمحت لولادة تنظيم «الدولة» وعودته من جديد. ولن تمنع ظروف كهذه من عودة النظام المصمم على توسيع مناطقه للرقة وبدعم روسي-إيراني. ورغم التحركات الجزئية التي قامت بها إدارة الرئيس دونالد ترامب في سوريا من ضرب قاعدة جوية للنظام بعد الهجوم الكيميائي على خان شيخون في محافظة إدلب ومنع القوات الأمريكية الخاصة في قاعدة التنف تقدم الميليشيات الموالية للأسد ضد الجماعات المدعومة من واشنطن إلا أن هذا لا يمنح الولايات المتحدة السلطة الكافية لفرض حل بعدما تخلت طويلا في ظل إدارة أوباما عن الساحة السورية وتركتها مسرحا للنشاطات الروسية والإيرانية. ومن هنا فترك مرحلة ما بعد الرقة للحظ تعني حسب هوف أمران: إما عودة النظام أو ظهور نسخة ثانية من تنظيم «الدولة».!!
www.deyaralnagab.com
|