تعز..اليمن :أرياف اليمن شبه منسية صحياً... أوضاع ميؤوس منها لأطفال وأمهات!!
04.12.2021
* كتب زكريا الكمالي..في وقت أخرج النزاع في اليمن نصف المرافق الصحية من الخدمة، وجعل البقية تعمل بنصف طاقتها، يتركز اهتمام السلطات والمنظمات الدولية على دعم القطاع الصحي داخل المدن والمجتمعات الحضرية بدرجة رئيسة، فيما تبدو الأرياف شبه منسية على صعيد تأمين مستلزمات الرعاية الطبية، رغم أنها تحتضن مئات الآلاف من السكان المعدمين، والمعرضين لأخطار أمراض وأوبئة كثيرة، وبدرجات عالية على صعيد حدّة الإصابات. وعلى مدار سنوات الحرب الست الماضية، افترست الأمراض والأوبئة أجساد أطفال البلدات الريفية في عدد من المحافظات الساحلية. وبلغت حالات سوء التغذية لديهم مستويات حرجة في مناطق المخا وموزع والوازعية وجبل حبشي ومقبنة بمحافظة تعز بسبب افتقارها إلى مرافق صحية مؤهلة. كما تعرضت الأمهات الحوامل في هذه المناطق لمضاعفات أدت غالباً إلى الوفاة، علماً أن الأمم المتحدة تقول إنّ "حوالى 20.1 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدة للحصول على الخدمات الصحية، بينهم 4.8 ملايين امرأة، فيما يعاني 400 ألف طفل سوء تغذية حاداً". ويضطر أولياء الأمور في مناطق الساحل الغربي لتعز غالباً إلى حزم أمتعتهم والتوجه إلى مرافق صحية داخل مدينة تعز، في محاولة للحصول على خدمات مقبولة. لكن معظمهم يصلون في مراحل متأخرة أو بعد فوات الأوان، كما حصل مع عبد الله الظرافي حين قرر إسعاف طفلته الرضيعة المصابة بسوء تغذية حاد عبر نقلها إلى المدينة. لكن مرافق صحية خاصة كثيرة رفضت استقبالها بحجة أن وضعها ميؤوس منه، بعدما تأخر إخضاعها لعناية طبية، وباتت في مرحلة حرجة.يقول الظرافي لـ"العربي الجديد": "طفلتي مصابة بهزال شديد وضمور في الدماغ بسبب سوء التغذية. وأنا لم أستطع نقلها مبكراً إلى المدينة نظراً لعدم توفر المال. وفي بلدتنا، لا يوجد أطباء أطفال ذوو كفاءة عالية، ولا رعاية جيدة". ويتطلب الوصول إلى أقرب مركز صحي متخصص داخل مدينة تعز قطع عشرات الكيلومترات، ودفع أجور نقل تصل إلى إلى 40 دولاراً، إضافة إلى تكاليف أخرى تتعلق بتأمين طعام ودواء ومبيت داخل المدينة إذا لزم الأمر. واللافت أنّ هذه المراكز، وعلى رأسها المستشفى السويدي للأمومة والطفولة، مزدحمة بعشرات الأطفال القادمين من بلدات ريفية بعيدة، رغم صعوبة الوصول إليها بسبب حصار جماعة الحوثيين لها.ويقول عاملون صحيون لـ"العربي الجديد": "تكتظ المستشفيات مطلع كل أسبوع بالقادمين من الأرياف. تقف عشرات الأمهات في غرفة الانتظار، ونضطر في بعض الأيام إلى العمل حتى بعد انتهاء الدوام من أجل علاج المصابين بسوء التغذية" التي لا تشكل المشكلة الصحية الوحيدة في ريف تعز، إذ تتفشى فيها أوبئة أخرى على رأسها الكوليرا.وأحصت تقارير لمنظمة الصحة العالمية أكثر من 500 إصابة بالكوليرا منذ مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي وحتى 3 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وذلك من إجمالي 2700 إصابة في البلاد.وفيما تسبب تدمير مرافق للعناية الطبية وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية، وهجرة الكوادر المحترفة وعدم دفع مرتبات العاملين، في تراجع مستوى خدمات المنظومة الصحية في اليمن، عززت منظمات دولية منها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقديم الخدمات الصحية المهمة، من خلال مبادرات مجتمعية وتنفيذ مشاريع صغيرة اهتمت بتحسين البنى التحتية الصحية في ريف اليمن تحديداً. لكن سكاناً محليين يقولون إن غالبية المشاريع التي نفذها شركاء محليون كانت وهمية. ويكشف محمد الوافي، وهو من سكان منطقة جبل حبشي غربي تعز، لـ"العربي الجديد" أن بعض المراكز الصحية التي جرى تأهيلها شهدت عمليات ترميم لم تلحظ إيصال إمدادات دائمة تلبي احتياجات مكافحتها التفشي الهائل للأوبئة وجائحة كورونا، ومشاكل سوء التغذية لدى الأطفال والأمهات".ويتهم الوافي بالتالي منظمات محلية تشارك في مشاريع المنظمات الدولية بنهب التمويل الخاص الممنوح للقطاع الصحي من خلال القيام بأعمال وهمية أو متعثرة، ما زاد تدهور الخدمات الصحية في الأرياف وبعض المدن، والذي تحذر وكالات الإغاثة الدولية من تفاقمه خلال الفترة القادمة في ظل تقلص دعم المانحين.ويفيد تقرير حديث أصدرته الأمم المتحدة أنّ "عدم تلقي الأموال المخصصة للمساعدات الصحية، سيحتم وقف دعم المستشفيات في اليمن، ما يؤدي إلى انقطاع الخدمات الصحية الأساسية لإنقاذ حياة الأطفال والأمهات وحديثي الولادة، وتعريض حياتهم ورفاههم للخطر". ويلفت التقرير إلى أنّ "نقص التمويل سيؤدي أيضاً إلى نقص معدات الحماية الشخصية لآلاف من مقدمي الرعاية الصحية، ويؤثر على الفحوص الخاصة بفيروس كورونا التي يخضع لها مئات آلاف اليمنيين، ويعطل أجهزة التبريد المستخدمة للحفاظ على صلاحية ملايين الجرعات الخاصة بأكثر من عشرة أنواع من اللقاحات المنقذة للحياة، وبينها لشلل الأطفال والحصبة".!!*المصدر: العربي الجديد
www.deyaralnagab.com
|