القاهرة..مصر :تحذيرات أمنية مصرية من رفع الدعم نهائياً: الانفجار الشعبي مرجح!!
26.12.2021
على الرغم من إصرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وحكومته، على مسألة إلغاء الدعم للملايين من المواطنين الفقراء، وهو ما يؤكده دائماً في تصريحاته عندما يتحدث إلى الناس، إلا أن ذلك لم يحدث على أرض الواقع بشكل نهائي إلى الآن، وهو ما عزته مصادر حكومية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى تقارير تقدمها جهات سيادية في الدولة إلى الرئيس تنصحه بتأجيل ذلك القرار تجنباً لانفجار شعبي محتمل.وأوضح مصدر أمني مصري ، أن فحوى التقارير التي تُقدم إلى رئيس الجمهورية بشكل دوري، والتي تقيس الرأي العام الشعبي وترصد الظواهر التي تنشأ داخل المجتمع، عادة ما تؤكد على خطورة رفع الدعم نهائياً، وتأثيره على الملايين من المواطنين، واحتمالية أن يتسبب في غضب شعبي عارم، وهو ما يجعل الرئيس يؤجل هذا القرار.وفي السياق، قال إبراهيم العشماوي، مساعد وزير التموين، في تصريحات له أخيراً، إن وزارته لا تزال في مرحلة دراسة وسائل تخفيض الدعم، مضيفاً أنه "لحين الانتهاء من الدراسة، فالأمور ستبقى كما هي؛ لن يتم تخفيض أعداد الأفراد على بطاقة التموين القديمة، ولكن لن يتم أيضاً إصدار بطاقات جديدة".من جهته، قال أحد القيادات الحزبية السابقة، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "تصريحات السيسي تؤكد بالدليل القاطع، قدرته على اتخاذ ما يشاء من قرارات، من دون الخوف من احتمالية وجود رد فعل للشارع. فهو دائماً ما يردد أنه لن يسمح بهدم الدولة، مستخدماً أساليب كثيرة، منها التخويف المستمر من الثورة، والسياسة العنيفة والخشنة، وقضايا القمع والقتل داخل السجون باستخدام ترسانة من القوانين مثل قانون الإرهاب".لكن المتحدث نفسه لم ينف في الوقت ذاته أن تكون تصريحات الرئيس "مجرّد بالونات اختبار في انتظار التوقيت المناسب، خصوصاً في ظلّ التحذيرات التي يتلقاها من الأجهزة الأمنية والتي تنصحه بتأجيل قرار رفع الدعم".وأضاف المصدر نفسه أن "المعلومات تشير إلى أن الحكومة مصرّة على مسألة تخفيض الدعم عن رغيف الخبز"، موضحاً أن "الخطوة الأولى في هذا الإطار تمثّلت في التصريح الذي أطلقه الرئيس قبل أشهر حول الأمر والذي شكّل وقتها صدمة، ولكن بعد ذلك يتم امتصاص الصدمة ثم يُنفّذ المشروع على خطوات كما تفعل وزارة التموين".وقال السيسي، في كلمة له الأربعاء الماضي: "أنتم كمصريين هيجي عليكم وقت وتقولوا مش عارفين نعيش والحكومة مقصّرة. نقوم نغيّر ونهد الدنيا... كل اللي عندك في دماغك هد الدنيا... أيوه وأنا مسؤول عنكم بفكر في الدولة المصرية والحفاظ عليها. إيجاد أسباب نمو مناسبة وتوفير الرخاء على قد ما بنقدر، في إطار المعادلة الصعبة اللي بنتكلم فيها مع بعض".وقال المصدر، إن "حديث السيسي المستمر عن خطورة هدم الدولة وعن أنّ هدفه الوحيد هو الحفاظ عليها، يعني أن السيسي يعتبر نفسه هو الدولة، وأن أي محاولة لإزاحته عن الحكم هي محاولة لهدم الدولة من وجهة نظره".وأضاف المصدر أن "تلويح الرئيس المستمر باستخدام الجيش في مواجهة أي محاولة للثورة، يشير إلى أنه مطمئن تماماً من ناحية الجيش، لكنه يشعر بخطورة دائمة من ناحية الجماهير".وتابع المصدر نفسه أنه بالنسبة للوضع الخارجي "فهو معروف أنه مستقر بالنسبة للتعامل مع النظام المصري الذي يعتمد بدوره على معادلة ثابتة، وهي صفقات السلاح مقابل الصمت على انتهاكات حقوق الإنسان".وأشار المصدر إلى أنه "خلال 7 سنوات من حكم السيسي، استطاع أن يُحكم سيطرته على جميع مفاصل الدولة، مثل القضاء والصحافة والجيش، الأمر الذي يمكنه الآن من فرض أي سياسات من دون الخوف من ردود الفعل، ولكنه ينتظر التوقيت المناسب".واعتبر المصدر أن "السياسات التي يفرضها السيسي وحكومته لا تنحاز بأي حال من الأحوال للفقراء، بل على العكس، هي تكرس الفقر وتخدم فقط الطبقة الغنية".وأعلن السيسي، في كلمة له بمناسبة افتتاح مشروع مجمع إنتاج البنزين في محافظة أسيوط الأربعاء الماضي، حذف الملايين من المصريين من بطاقات دعم السلع التموينية، بعدما كلف الحكومة عدم إصدار بطاقات جديدة نهائياً، وقصر المستفيدين من بطاقات التموين الحالية على فردين بحد أقصى، وحذف باقي أفراد الأسرة، بحجة عدم قدرة الدولة (الحكومة) على صرف مزيد من الدعم.وقال السيسي إن "الإنفاق على الدعم مثّل سبباً رئيسياً في تأخر التنمية في الدولة لعشرات السنوات، وهو أمر غير حاصل في أي دولة في العالم"، مستطرداً: "الدولة في حاجة إلى أموال الدعم لتدشين مشروعات جديدة تحقق صالح جميع المصريين".وتابع أن "مصر الدولة الوحيدة التي يتصور فيها المواطنون أن بإمكانهم الحصول على السلع والخدمات بأقل من تكلفتها وسعرها الحقيقيين، وهذا ما أدى إلى عدم نهوضها طوال السنوات الماضية، نظراً لضخامة الإنفاق على التموين، وغيره من أشكال الدعم".وقال: "لن نمنح أي شخص يتزوج بطاقة تموينية من الآن فصاعداً، لأنه طالما استطاع توفير نفقات الزواج، فهو لا يحتاج إلى دعم في ما يخص السلع التموينية". وتابع: "يعنى أختي اللي قالتلي عندي 6 ومش عارفة أعيشهم... طب أنا قولتلها أنا عندي 100 مليون وعاوز أعيشهم... الرد كان كده".وعلى الرغم من حديث السيسي الدائم عن إلغاء الدعم، إلا أنه لم يحدد موعداً لتنفيذ ذلك.وبحسب أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نسبة الفقر في مصر تصل إلى نحو 30 في المائة، وهناك 87.2 مليار جنيه (5 مليارات و552 مليون دولار) لدعم رغيف الخبر والسلع التموينية الأساسية في موازنة العام المالي 2021-2022. وبلغ عدد المستفيدين من دعم رغيف الخبز ودقيق المستودعات 71 مليون فرد.وبحسب الأرقام الرسمية، تصل تكلفة دعم رغيف الخبر إلى 44.8 مليار جنيه (الدولار يعادل نحو 16 جنيهاً) من إجمالي تكلفة دعم السلع التموينية، ويصل إجمالي الأرغفة المستحقة للمستفيدين إلى نحو 120.8 مليار رغيف في العام.وتبلغ أعداد المستفيدين من دعم السلع التموينية 63.6 مليون فرد (50 جنيهاً شهرياً لكل فرد حتى 4 أفراد مقيّدين على البطاقة، وما زاد عن ذلك 25 جنيهاً للفرد شهرياً).وتراجعت مخصصات دعم السلع التموينية في الموازنة المصرية للعام المالي 2021-2022 إلى 87.2 مليار جنيه، ودعم المواد البترولية إلى 18 ملياراً و411 مليون جنيه، ودعم التأمين الصحي والأدوية إلى 3 مليارات و721 مليون جنيه، ودعم نقل الركاب إلى مليار و795 مليون جنيه، ودعم المزارعين إلى 664 مليوناً و535 ألف جنيه، ودعم تنمية الصعيد إلى 250 مليون جنيه.يأتي ذلك في إطار خطة الحكومة الرامية إلى إلغاء مخصصات الدعم بصورة تدريجية في الموازنة العامة، استجابة منها لتعليمات صندوق النقد والمؤسسات الدولية المانحة للقروض الخارجية.وفي السياق، استغرب محللون حديث وزير المالية محمد معيط، الأربعاء الماضي، في حضور السيسي، عن أن الضرائب الجديدة لن تمس المواطن العادي، وضربوا مثلاً بأن "بعض الزيادات متعلقة بالسلع المعمرة (الدائمة)، إذ تم وضع عليها ضرائب بقيمة 2 في المائة".وأشار هؤلاء إلى أن "أي مواطن يستخدم سلعاً معمرة، مثل البوتوغاز والثلاجة والغسالة والتلفزيون، فكيف لن تمسه الضرائب الجديدة؟".وقال عدد من المحللين والمراقبين إن حديث السيسي عن منع الدعم عن ملايين المصريين، وحديث وزير المالية عن فرض ضرائب جديدة، يأتي ضمن الخطة التي وضعها صندوق النقد الدولي ليسير عليها الاقتصاد المصري.وتشترط هذه الخطة رفع الدعم كلياً عن المواطنين، وتقليل أعداد العاملين في الجهاز الإداري للدولة، وهي الشروط التي رفضتها حكومات مصرية متعاقبة منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، مروراً بحكومة الرئيس الراحل محمد مرسي، خوفاً من الغضب الشعبي.لكن حديث السيسي المتكرر عن ضرورة رفع الدعم عن المواطنين، يعكس عدم خوفه من الشعب، وإصراره على تنفيذ شروط صندوق النقد حرفياً.وكانت تظاهرات مناوئة للسيسي شهدتها محافظات مصرية عدة في سبتمبر/أيلول 2019، رفضاً لتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، قد أجبرت وزارة التموين على إعادة مليون و800 ألف مستبعد إلى بطاقات صرف السلع التموينية، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس المصري الذي طاولته فضائح (آنذاك) تتعلق ببناء قصور فخمة بمليارات الجنيهات، بينما يعاني ملايين المصريين من الفقر المدقع.
*المصدر : العربي الجديد
www.deyaralnagab.com
|