logo
إديس أبابا..اثيوبيا : سد النهضة: مخاوف مصرية من مراوغة إثيوبية لتبديد الضغوط!!
08.02.2022

تنتاب صانع القرار المصري في الوقت الراهن مخاوف عميقة بشأن استمرار النهج الإثيوبي المراوغ في ما يخص أزمة سد النهضة، في ظلّ تصاعد الاهتمام بالأزمة من دون تقديم أديس أبابا أي رؤى واضحة المعالم بشأن استكمال مسار المفاوضات الرامية للتوصل لحل حقيقي وجاد، قبل الموعد المقرر للملء الثالث في يوليو/ تموز المقبل.ويخشى صانع القرار المصري، بحسب مصادر مطلعة على ملف الأزمة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، من أن يكون التحوّل في لهجة الخطاب الإثيوبي، والذي ظهر في الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء أبي أحمد أخيراً لمصر والسودان، مجرد محاولة جديدة للالتفاف واستهلاك مزيد من الوقت، خصوصاً أن أبي أحمد تخلص من كل الأعباء التي واجهته خلال الفترة الماضية، والتي كانت أبرزها الحرب الأهلية مع "جبهة تحرير تيغراي" بشمال البلاد.وقال مصدر دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد"، إن "الخطاب الإثيوبي الأخير، وما صحبه من تحركات في عواصم عربية مهمة لعبت دوراً في أزمة السد خلال الفترة الماضية، بدأ يثير ريبةً ومخاوف لدى القاهرة، خصوصاً في ظل أن الخطاب بالأساس ذو طابع إعلامي فقط، من دون تقديم أي خطط واضحة للتوصل لحل للأزمة".وأضاف المصدر: "تسوّق أديس أبابا خطابها الذي تظهر من خلاله نوايا بشأن التعاون مع مصر والسودان، وفي المقابل تسعى لاختراق المواقف العربية القوية التي كانت داعمة للخرطوم والقاهرة، وعلى رأسها الموقف التونسي الذي جاء داعماً بشكل قوي لدولتي المصب في مجلس الأمن".من جهته، قال مصدر رسمي آخر: "حتى الآن لم تقدم أديس أبابا أي تصور عملي يمكن البناء عليه"، وأضاف "في المقابل تبدو تحركاتها لتفويت الفرصة على مصر لاستثمار الضغط الدولي والعربي والأفريقي، الذي استطاعت القاهرة حشده أخيراً، في ضوء عرض صانع القرار في مصر للتداعيات السلبية على المنطقة برمتها حال فشل الوصول لحل مرضٍ لجميع الأطراف يجنّب المنطقة صراعاً من شأنه تقويض مصالح الجميع".وكشف المصدر عن أن "أميركا قدمت أخيراً رؤية لمصر لمفاوضات جديدة، تشارك فيها بدور فعال، وفي المقابل دعتها إلى عدم استباق الجهود بأي ردود فعل. كما طرحت الإمارات رؤية أخرى وقالت إنها مدعومة من أديس أبابا، ولكن هذا كله حدثت أمور مشابهة له في أوقات سابقة ولم تسفر عن شيء، بل على النقيض، تبعته إجراءات إثيوبية أحادية".وتابع المصدر: "وقبل ذلك، عرضت الجزائر تنشيط مبادرتها للوساطة بين مصر والسودان وإثيوبيا، كل ذلك بشكل متزامن، وتحت مظلة الإشارات الإثيوبية بالرغبة في الحديث".من جهته، قال مصدر فني مصري، لـ"العربي الجديد"، إن "المخاوف المصرية هذه المرة بشأن الملء الثالث، أعمق بكثير من جولتي الملء السابقتين، خصوصاً أنه مع الملء الثالث ستتغير أمور كثيرة على أرض الواقع، سواء على المستوى السياسي أو المستوى الفني".وأضاف المصدر أنه "على الرغم من استبعاد الحلول العسكرية تماماً، إلا أنه حتى التلويح بإمكانية استخدام أي حل ذي أبعاد عسكرية، سينتهي مفعوله تماماً بحلول يوليو المقبل وبدء موسم الفيضان، والذي سيتم معه ملء السد المعاون، السرج، وهو ما يعني أنه حتى سيناريو التصعيد العسكري أو التلويح بهذا الخيار بعيداً عن جسم سد النهضة سيكون ضربة سياسية فقط، وستكون فعاليته قد انتهت تماماً".وتسعى إثيوبيا خلال موسم الفيضان المتوقع أن يكون في يوليو المقبل، إلى أن تستكمل الكميات التي لم تتمكن من ملئها خلال الملء الثاني، والذي كان مقدراً بـ13 مليار متر مكعب، لم تملأ منها أديس أبابا سوى نحو 3.5 مليارات فقط. كما أنها تسعى للشروع في ملء الكميات التي كانت مقررة للملء الثالث، وفقاً للجداول التي كانت قد جهزتها سلفاً.وأشادت إثيوبيا أخيراً بالمساعي الجزائرية "لتنقية الأجواء وتمكين الأطراف في قضية سد النهضة من تجاوز الخلافات الراهنة"، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الجزائرية.وأعرب نائب رئيس الوزراء، وزير خارجية إثيوبيا ديميكي ميكونين، خلال لقاء جمعه بوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على هامش اجتماعات الاتحاد الأفريقي الأسبوع الماضي، عن ثقة بلاده في قدرة الرئيس عبد المجيد تبون على "تحقيق التقارب المنشود بين الدول الثلاث المعنية بالخلاف".في مقابل ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، الخميس الماضي، إن "تونس حريصة على الجمع بين إثيوبيا والسودان ومصر لمناقشة مسألة سد النهضة الإثيوبي بشكل بناء".وأضاف في تصريحات للصحافيين، أن "تونس ستعيد تقييم موقفها المنحاز تجاه قضية سد النهضة، وتعزز المواقف المتوازنة تجاه السد داخل جامعة الدول العربية".وأوضح مفتي أن "وزير الخارجية التونسي عثمان جراندي قال ذلك خلال لقاء مع نظيره الإثيوبي دمقي مكونن، على هامش الدورة الوزارية الأربعين للاتحاد الأفريقي، وأعرب عن رغبة حكومة بلاده في لعب دور في مفاوضات بناءة بين إثيوبيا والسودان ومصر حول سد النهضة"، وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية (إينا).في الأثناء، قال دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد"، إن "غياب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن اجتماع قمة الاتحاد الأفريقي الذي عقد في أديس أبابا السبت الماضي، أفسح المجال لإثيوبيا للتحرك بحرية بين دول القارة، وعرض قضية سد النهضة بما يتوافق مع رؤيتها فقط، من دون النظر للمصالح المصرية".وأكد المصدر أن "سياسة التجاهل التي يتبناها السيسي في قضية السد، اعتماداً على محاولات أطراف ودول أخرى للتدخل في الأزمة، بما يحقق مصالح مصر، خطيرة ويمكن أن تؤدي إلى مزيد من تعقيد الموقف".وأوضح المصدر أن "الوقوف ساكنين وانتظار التدخل الأميركي، يضر بالموقف المصري، ولا سيما أن إدارة الرئيس جو بايدن تتعامل مع قضية السد بحيادية، على عكس إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي كانت شبه منحازة للموقف المصري".وتابع "كما أن التعويل على التدخلات الأفريقية في الأزمة، لن يؤدي بأي حال إلى حسم القضية لصالح مصر".وأكد المصدر أن "الحديث عن تدخل الرئيس السنغالي ماكي سال في الأزمة ليس جديداً، كما أن الحديث عن أنه سيقود وساطة للتوصل لاتفاق بعدما بحث الملف مع أبي أحمد خلال اليوم الثاني من فعاليات قمة الاتحاد الأفريقي (أول من أمس الأحد)، ليس دقيقاً".ولفت إلى أن "الوساطة في أزمة السد لها شروطها وحددها اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، في العاصمة السودانية الخرطوم عام 2015، وأهمها أن تتم الوساطة بموافقة الدول الثلاث مجتمعة، وهو أمر ترفضه إثيوبيا، لأنها تعلم جيداً أن الوساطة في القانون الدولي تعني أنها ستقبل في ما بعد بما يقرره الوسيط".وانتقد الدبلوماسي المصري ما وصفه بـ"الانسحاب المصري أمام إثيوبيا، والانسحاب من القارة الأفريقية"، معتبراً أن ذلك "تجسد بغياب السيسي عن حضور فعاليات القمة الـ35 للاتحاد الأفريقي، والتي حملت أجندتها قضايا عدة تمت مناقشتها وسط غياب القضية الأهم بالنسبة لمصر وهي المياه".وقال المصدر إن "محاولة السيسي للخروج من عزلته الدولية المفروضة عليه بسبب قضايا أخرى، على رأسها ملف حقوق الإنسان، كان يجب أن تكون عبر أفريقيا أولاً، وليس بالذهاب إلى الصين لحضور افتتاح دورة الألعاب الأولمبية، والوجود وسط ديكتاتوريين آخرين من كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان وصربيا".وأضاف المصدر أن "اهتمام الإعلام المصري المبالغ فيه بخبر اجتماع السيسي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وتناوله التطورات في ملف سد النهضة، ومحاولة تصوير ذلك بأنه صفعة لأميركا والغرب الذي يهاجم مصر باستمرار بسبب ملفها السيئ في مجال حقوق الإنسان، هي محاولة للتضليل وتشتيت الذهن عن الكارثة الوجودية التي تهدد مصر، والمتمثلة في أزمة شح المياه المترتبة على سد النهضة الإثيوبي".وأكد المصدر أن "الصين موقفها واضح بشأن سد النهضة، فكل ما يهمها هو استثماراتها هناك، ولذلك فهي لن تتدخل بشكل جذري لصالح مصر بأي حال من الأحوال".
*المصدر : العربي الجديد


www.deyaralnagab.com