بيروت..لبنان : الحماية الذاتية لمواجهة حالة الإضطراب ظاهرة تنتشر بشرق وشمال لبنان!!
04.02.2023
شرق وجنوب لبنان.. لم يجد المهندس محمد ماضي وهو صاحب محطة لتعبئة الغاز المنزلي في بلدة ميمس بجنوب لبنان سبيلا سوى التوجه لاتخاذ سلسلة إجراءات وقائية في محاولة باتت ملحة لحماية محطته ومحتوياتها من مظاهر الاضطراب السائد في العديد من المناطق اللبنانية.وقال المهندس محمد ماضي والذي بدا في حالة إرتباك وخوف على محطته والتي تقدر كلفتها بحوالي 500 الف دولار أمريكي بأنه لجأ إلى بعض التدابير الوقائية من أجل حماية مصدر رزقه.وأشار المهندس محمد ماضي إلى إنه عمل على إحاطة مبنى المحطة بسور مرتفع ركز فوقه أضواء كاشفة تعمل على نظام الطاقة الشمسية، إضافة لتجهيزه بكاميرات مراقبة في الداخل والخارج كما زود الأبواب والنوافذ بعوائق وأقفال حديدية.وقال ماضي لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كانت هذه المنشأة قد تعرضت منذ نحو شهر لعملية سرقة طالت عشرات قوارير الغاز ومولد كهربائي وسيارة بيك أب وخزانات للمحروقات والكثير من المعدات والأدوات والمحتويات التي تقدر قيمتها بحوالي 45 ألف دولار أمريكي".وأوضح أن "الفلتان المخيف الناتج عن تردي الوضع الاقتصادي دفع بالمواطنين اللبنانيين وأصحاب المصالح التوجه إلى ما يمكن تسميته بالحماية الذاتية،والتي انعكست إيجابا على عمل الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية خلال مكافحاتها وتصديها لهذه الظاهرة".وفي خضم هذا التفلت الحاصل نشطت الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية في التصدي ومواجهة وملاحقة وكشف واعتقال نسبة كبيرة من مافيات الجرائم والسرقات مما أدى إلى تراجعها بشكل ملحوظ في العام 2022.وكانت مديرية قوى الأمن الداخلي اللبنانية قد أصدرت في وقت سابق من العام الجاري تقريرا أفاد بانخفاض نسبة الجريمة في العام 2022 وتراجعها عما كانت عليه خلال عام 2021.ويجيء هذا التراجع برغم الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان والتي ترخي بثقلِها على الأوضاع المعيشية لقوى الأمن الداخلي فضلا عن تدني قيمة رواتبهم، والنّقص في أعداد الحاجات اللوجستية.من جهتها أشارت الوكالة الدولية للمعلومات في آخر نشراتها الشهرية أن شهر ديسمبر الماضي من عام 2022 شهد تحسنا في المؤشرات الأمنية في لبنان، وأوضحت أن القوى الأمنية شددت إجراءاتها وأن جهودها أثمرت الكثير من النجاحات بالتزامن مع إجراءات المواطنين الذين باتوا أكثر حذرا من خلال التوجه إلى "الحماية الذاتية"على الصعيد الفردي والعائلي وعلى مستوى الأحياء والتجمعات السكنية بشكل عام.من جهته أشار المهندس صالح العيسمي صاحب شركة الكترونيات لوكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أن مظاهر التفلت والتعديات دفعت بالكثير من اللبنانيين إلى اتخاذ ما أمكن من تدابير الحماية الألكترونية المتطورة بحيث تكثفت لدى الشركات المختصة بالحماية أعمال تركيب أجهزة الأنذار والمراقبة المتعددة والمتنوعة في المنازل والمؤسسات ومواقف السيارات والساحات العامة.وأضاف العيسمي أن بين هذه الإجراءات تركيب أضواء كاشفة تعمل على الطاقة الشمسية وكاميرات مراقبة وأجهزة تحسس وبوابات حديدية ، في حين زودت الكثير من المنازل بعصى كهربائية وعبوات تحوي مواد مخدرة.وقال إن ورشه العاملة في عدد من مناطق شرق وجنوب لبنان باتت عاجزة عن تأمين كافة الطلبات وأن الحجوزات لتركيب مثل هذه المعدات والأجهزة تمتد لعدة أشهر في حين أن كلفة تركيبها تتراوح بين 1500 و7 آلاف دولار أمريكي.وأضاف "تعمد الكثير من العائلات إلى بيع ما تحتفظ به من مقتنيات وذهب من أجل تجهيز منازلها بوسائل الحماية ليبقى همها في هذه الظروف حماية أنفسهم ومنازلهم وممتلكاتهم وأرزاقهم من غول التسيب".الشابة الثلاثينية زهراء عبيد صاحبة محل عطورات ومركز تجميل نسائي في بلدة بر الياس بشرق لبنان، قالت لـ ((شينخوا)) "أخبئ في سيارتي عصا كهربائية صغيرة وأبقيها إلى جانبي خلال عملي وتلازمني بتنقلاتي بعدما تدربت على استعمالها".أما رائد متري الذي يملك مطعما على الطريق الدولي بين مدينتي زحلة وبعلبك بشرق لبنان فقال لـ ((شينخوا)) إنه لايحبذ استعمال السلاح لمواجهة أية مخاطر بل عمد لتركيب كاميرات مراقبة موصولة إلى هاتفه ليراقب مطعمه ليلا من الخارج و الداخل.وأضاف "عملت على تزويد الكاميرات بنظام إنذار صوتي مرتبط بهاتفي يعطي إشارة عند حدوث أية حركة مهما كانت، مما يمكنني عند اللزوم من الاتصال بالقوى الأمنية".وأكد لـ ((شينخوا)) المواطن أنطون أبو عواد الذي يقطن في بلدة مرجعيون بجنوب لبنان أنه في ظل عجز الكثير من المواطنين عن تركيب أجهزة حماية لكلفتها المرتفعة فإنهم لجأوا إلى طرق أدنى كلفة ومنها تربية الكلاب وتركها حرة في باحات منازلهم .ويشار إلى أن الكثير من البلديات استعانت بحراس ليليين مزودين بدراجات نارية ،وأوكلت إليهم مهمة المراقبة كما قال لـ ((شينخوا)) رئيس بلدة حاصبيا لبيب الحمرا، الذي أشار إلى أن حراس البلدية تمكنوا خلال عدة أسابيع من كشف 12 حالة سرقة منازل ومطاعم وبساتين زيتون وصنوبر واعتقال مرتكبيها الذين سلموا مع المسروقات إلى الأجهزة الأمنية التي أحالتهم إلى القضاء المختص.ويعاني لبنان منذ العام 2019 من توترات مستمرة وسط أزمات سياسية واقتصادية ومالية وصحية ومعيشية هي الأسوأ في تاريخه وأدت لارتفاع معدل الفقر إلى 82 % مع تفاقم البطالة وتآكل المداخيل وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية وسط ارتفاع غيرمسبوق في الأسعار، إضافة إلى فرض المصارف لقيود مشددة وسقوف على سحب المودعين لأموالهم.
www.deyaralnagab.com
|