طرابلس..ليبيا : بعد أن غيّرت مسارها.. هل تعترض ليبيا طريق السفن الإسرائيلية؟!
04.01.2024
تتزايد التهديدات الأمنية قرب البحر الأحمر مع تصاعد الهجمات التي طالت السفن المتجهة إلى "إسرائيل"، حيث اضطرّ كثير من السفن المتجهة إليها لتغيير مسارها وسلوك مسارات طويلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح مروراً بالبحر الأبيض المتوسط.وازداد تعقيد المشهد مع تهديدات مساعد منسق الحرس الثوري الإيراني، محمد رضا نقدي، في 23 ديسمبر الجاري، بإغلاق البحر الأبيض المتوسط وممرات مائية أخرى، إذا استمرت الجرائم الأمريكية والإسرائيلية في غزة.وبدأت الأنظار تتجه صوب الجمهورية الليبية وسط توقعات بأن تتحرك لقطع الطريق على السفن الإسرائيلية التي تمّر أمام سواحلها، حيث أعلنت السلطات عن مواقف صارمة تندد بالعدوان على غزة والمجازر المتصاعدة وتدعو إلى نصرة سكان القطاع.وقوبلت الجرائم والمجازر الإسرائيلية في غزة بتنديد ليبي شعبي وحكومي واسع النطاق، ودعوة للعالم لاتخاذ موقف موحد لرفض العدوان.وكشف السفير الليبي لدى هولندا، زياد صالح دغيم، في 21 ديسمبر الجاري، أن بلاده وبالتعاون مع دول أخرى، تقدمت بدعوى قضائية ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية.وأكدّ مصدر ملاحي ليبي لوكالات غربية، في 15 نوفمبر الماضي، أن الموانئ الليبية رفضت استقبال السفن التي كانت قد زارت في السابق موانئ إسرائيلية، ومن بينها ناقلات النفط الخام.وأما الموقف الليبي الأبرز فجاء على لسان المندوب الليبي لاجتماع منظمة التعاون الإسلامي، النائب حسن البرغوثي، في أكتوبر الماضي، الذي أكّد جهوزية المقاتلين في ليبيا للدخول إلى قطاع غزة والقتال إلى جانب الفلسطينيين.وهدد البرغوثي بإدخال كل السلاح الموجود في ليبيا إلى غزة، مضيفاً أنه "لدينا مقاتلون ومدربون لو كان هناك آلية لفتح الحدود وندخلهم غزة.. وأنا مسؤول عن كلامي".وطالب البرلمان الليبي، في 26 أكتوبر الماضي، سفراء الدول الداعمة لـ "إسرائيل" بمغادرة البلاد "فوراً" احتجاجاً على مواقف بلدانهم المؤيدة للحرب على غزة.وتزايدت دعوات الليبيين المطالبة للحكومة باستخدام سلاح النفط للضغط على "إسرائيل"، حيث توجه أعيان ومشايخ ليبيا، في 17 أكتوبر الماضي إلى مجمع مليتة للنفط والغاز، انطلاقاً من مدينة الزاوية، لوقف عمليات تصدير الغاز إلى إيطاليا؛ احتجاجاً على موقف الدول الغربية من العدوان على غزة.من جانبه، أعلن رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في 15 أكتوبر الماضي، رفضه تهجير سكان غزة "تحت أي حجة، لما يشكله من خطر على الإنسانية والأمن القومي العربي والليبي".وعلى مدى السنوات السابقة اتهمت تل أبيب الجماعات الليبية بتهريب الأسلحة إلى غزة، ومؤخراً أطلقت ليبيا سراح 4 عناصر من حركة "حماس" كانت قد احتجزتهم بتهمة تهريب الأسلحة إلى القطاع.يذكر أن الزوارق الإسرائيلية اعترضت السفن الليبية المتجهة إلى غزة، في عامي 2008 و2010، ومنعتها من إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.ووضعت "إسرائيل" نفسها وحلفاءها في مأزق، حيث تعرّضت أكثر من سفينة مرتبطة بـ "إسرائيل" لهجمات تبنتها جماعة الحوثي في اليمن، وذلك في ردّ مباشر على العدوان الإسرائيلي على غزة.وانطلقت أولى عمليات استهداف السفن في 19 نوفمبر الماضي، عندما أعلن الحوثيون استيلاءهم على سفينة "غالاكسي ليدر" الإسرائيلية واقتيادها إلى الساحل اليمني، واحتجاز طاقمها المكوّن من 25 شخصاً.ثم تلت تلك العملية عدة هجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ البحرية استهدفت السفن المارّة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاماً في العالم.هذه الحوادث أجبرت كبريات شركات الشحن العالمية على تعليق رحلاتها، أو تغيير مسار سفنها، بعيداً عن البحر الأحمر وقناة السويس، لتلتف بامتداد الطرف الجنوبي لأفريقيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح.ويضيف الطريق الجديد أكثر من 13 ألف كيلومتر لمسافة سير تلك السفن، مع ازدياد زمن الرحلة مدة تتراوح بين 10 و14 يوماً، ما يؤدي إلى رفع تكاليف شحن البضائع.وبحسب تحليل نشرته منصة الشحن العالمية "فريتوس"؛ فإن تكلفة شحن البضائع إلى "إسرائيل" ارتفعت ارتفاعاً واضحاً، حيث بلغت من مختلف الموانئ الصينية أكثر من 2300 دولار للحاوية 40 قدماً بحلول 12 ديسمبر الجاري، بعد أن كانت لا تتجاوز 1975 دولاراً في نهاية نوفمبر الماضي.وقال زفي شرايبر، الرئيس التنفيذي لشركة "فريتوس"، في 18 ديسمبر الجاري، "بالنسبة للسفن المتجهة إلى إسرائيل من آسيا، فإن الطريق حول أفريقيا أطول بكثير - حوالي 7000 ميل بحري و10-14 يوماً - مقارنة بقناة السويس، وهذا الطريق يكبّد الشركات تكاليف وقود أعلى".وكشف شرايبر، أنه منذ بداية الحرب على غزة زادت معدلات رسوم النقل عبر المحيطات من الصين إلى الموانئ الإسرائيلية بنسبة تتراوح بين 46% و58%.وتفرض المسارات الجديدة على السفن المرور أمام ليبيا والعديد من الدول الأفريقية، وهذا قد يجعلها أكثر عرضة للاستهداف في حال استمرار العدوان والحصار والتجويع على غزة.ويرى المحلل العسكري والاستراتيجي، عبد الجبار العبو، أن التهديدات بفتح جبهة ثانية في البحر المتوسط ضد السفن الاسرائيلية التي بدأت تغيّر مسارها نحو مضيق جبل طارق، تواجه الكثير من التحديّات.وأوضح العبو، في حديثه مع "الخليج أونلاين"، بأن "ظروف البحر المتوسط تختلف عن الأحمر الذي يتميّز بقربه من السواحل اليمنية، بينما توجد مسافة كبيرة بين السواحل الليبية والبحر المتوسط، وهنا تظهر معضلة الحاجة إلى أسلحة أبعد مدى".ويضيف: "كما تحتاج ليبيا إلى معلومات استخباراتية حول تحرك السفن الإسرائيلية كما حدث أمام السواحل اليمينية، إذ يُعتقد أن سفن تجسس إيرانية زودت الحوثيين بمعلومات عن تحركات السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب".ولا يستبعد العبو حصول عمليات استعراضية تنفذها بعض الجماعات الليبية ضد السفن الإسرائيلية بالبحر المتوسط عن طريق الزوارق الانتحارية والطائرات المسيّرة، في رسالة إلى "إسرائيل" بضرورة وقف عدوانها على غزة.وتابع العبو: "من الممكن أن تكون هناك صواريخ مضادة للسفن من إرث حكم القذافي ما تزال متواجدة في بعض المخازن، وقد تستخدم كرسالة تحذيرية لإسرائيل بأنّ مياه البحر المتوسط هي الأخرى لن تكون آمنة".وينوّه إلى أن تركيا باعتبارها أحد أعضاء حلف الناتو، لا تجازف بالسماح لحكومة طرابلس أو الجماعات الموالية لها في ليبيا باستهداف السفن الإسرائيلية، كما تمنع القوات الموالية لحفتر المدعومة من مصر والإمارات حدوث مثل هذه العمليات.ويحذّر العبو من أن استمرار "إسرائيل" في قتل المزيد من المدنيين في قطاع غزة، قد يفتح عليها جبهات متعددة لا في ليبيا فقط، بل تمتد إلى تونس والجزائر والمغرب؛ حيث تضم تلك البلدان بعض الجماعات الإسلامية والحركات المؤيدة للقضية الفلسطينية، ولكن أشكال التحرك تتوقف على حجم الإمكانيات المتوفرة في تلك الدول.
*المصدر : "الخليج أونلاين"
www.deyaralnagab.com
|